الحرب الروسية الأوكرانية.. هل تكون بوابة داعش لمهاجمة أوروبا؟

لم يعد باب دخول أوكرانيا موصدًا؛ بل إن الأخيرة شرعت أبوابها لكن من يريد الدفاع عنها، من دون تفرقة بين جنسيات ولا انتماءات، في خطوة قد تكون حصان طروادة لتغلغل تنظيم داعش داخل أوروبا، وبناء قاعدة تنطلق منها عملياته «الإرهابية» في المستقبل.

الحرب الروسية الأوكرانية.. هل تكون بوابة داعش لمهاجمة أوروبا؟

السياق

أكثر من 10 أيام من الأزمة الأوكرانية ولم تضع الحرب أوزارها؛ وسط حشد دولي لمواجهة روسيا اقتصاديًا، ودفاع «شرس» من القوات المحلية والمدنيين، لعدم وقوع بلادهم فريسة لموسكو.

إلا أن تلك الصورة المتناقضة بين القوات الروسية، التي تحاول «غزو» أوكرانيا، والدفاع المحلي، تكشف مخاطر كبيرة، قد تؤثر في بلدان الاتحاد الأوروبي، من دون استثناء.

تلك المخاطر لم تتجسد فقط في السيطرة الروسية على أوكرانيا، التي قد تجعل لعابها يسيل نحو «غزو» بلدان أوروبية إذا نجحت في مهتمها الأولى؛ بل إن «الخطر الأكبر»، بات قريبًا من القارة العجوز، بعد إعلان الرئيس فولوديمير زيلينسكي، فتح باب التطوع للأجانب، للمشاركة في المعارك إلى جانب قوات بلاده.

وكشفت الخطوة الأوكرانية، عن مخاطر تقف على أبواب القارة العجوز، خاصة أن احتمال تسلل تنظيم داعش الإرهابي إلى البلد الأوراسي، لم يعد بعيد المنال.

 

حصان طروادة

لم يعد باب دخول أوكرانيا موصدًا؛ بل إن الأخيرة شرعت أبوابها لكن من يريد الدفاع عنها، من دون تفرقة بين جنسيات ولا انتماءات، في خطوة قد تكون «حصان طروادة» لتغلغل تنظيم داعش داخل أوروبا، وبناء قاعدة تنطلق منها عملياته «الإرهابية» في المستقبل.

تلك المخاوف لم تكن مجرد تحذيرات، بل إن الواقع يدعمها، خاصة أن هناك تقديرات أمنية أوروبية وغربية، كشفت أن 40 ألف أجنبي انضموا إلى تنظيم داعش، بينهم ما يزيد على 7 آلاف من أوروبا الشرقية، وما يقرب من 6 آلاف من أوروبا الغربية، إلى جانب المئات من أمريكا وأستراليا ونيوزيلندا.

وهو ما أكدته المفوضية الأوروبية، في إحصائية صادرة عنها عام 2021، أشارت فيها إلى أن 30% من الإرهابيين بالتنظيم من أوروبا الغربية، عادت إلى بلادها، بينما قتل نحو 10% منهم خلال الحرب.

ذلك الواقع الذي قد يحول أوكرانيا إلى إمارة جديدة لـ«داعش» في قلب أوروبا، إذا لبى التنظيم النداء، وانبرى للقتال تحت الراية الأوكرانية، عبر مراقبون عن مخاوفهم منه، محذرين من أن القارة العجوز قد تشهد هجمات دامية في الوقت الحالي، أو بعد انتهاء العمليات العسكرية في أوكرانيا.

 

ملاذ آمن

إلى ذلك، قال الباحث في جامعة فيينا حسام حسن، في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم داعش الإرهابي يملك عددًا من الخلايا النائمة والقيادات الرفيعة التي تعيش في أوكرانيا، تدير عمليات التنظيم في مناطق متفرقة، وسط ندرة المعلومات عن هويتها وتحركاتها.

واستدل الباحث في جامعة فيينا، على تصريحات بواقعة القبض على قيصر توكوستشفيلي، نائب وزير الحرب في داعش عمر الشيشاني، في العاصمة كييف قبل عامين، مشيرًا إلى أن قيادات «داعش» خاصة المتحدرين من دول الاتحاد السوفييتي السابقة، يتخذون من أوكرانيا ملاذًا آمنًا للخلايا النائمة.

وأوضح حسام حسن، أن تقديرات أوروبية، أشارت إلى أن ما يتراوح بين 50 وبضع مئات من «داعش» المتحدرين من جمهوريات سوفيتية سابقة، خاصة الشيشان وجورجيا، شكلوا خلايا نائمة في الأراضي الأوكرانية، تحت هويات مزيفة، ويتخذون من المناطق التي تشهد صراعًا مع الانفصاليين شرقي البلاد منذ 2014 موطنًا لهم.

 

تحذير... وحسم غائب

وبينما أشار إلى تفكيك السلطات الأوكرانية 3 خلايا لـ«داعش» في كييف، آخر عامين فقط، أكد أن «داعش» يملك وجودًا في أوكرانيا يمكنه من تسهيل دخول مسلحين جدد تحت بند المتطوعين في القتال ضد روسيا.

وحذر من أنه حال استمرار الحرب من دون حسم، سيكون الوضع ملائمًا للتنظيم، لإدخال أكبر عدد من مسلحيه من الشيشان وجورجيا وغيرها من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة، تحت هويات مزيفة.

إلا أن هؤلاء لن يكونوا وحدهم، بحسب الباحث في جامعة فيينا، الذي قال إن تدفق اللاجئين على الحدود الغربية لأوكرانيا مع دول الاتحاد الأوروبي، يسهل عملية تسلل خلايا «داعش» النائمة إلى غرب أوروبا، ما يجعل من الفوضى في أوكرانيا بوابة لـ«هجمات دموية» تستهدف مناطق عدة في أوروبا، وهو ما يتماشى مع تزايد نشاط التنظيم الإرهابي مؤخرًا في سوريا والعراق.

 

بصمات الإخوان

رؤية حسام حسن، اتفق معها باسل ترجمان الخبير التونسي في شؤون الجماعات الإرهابية، إلا أنه أشار إلى أن تنظيم الإخوان الإرهابي والجماعات «المتطرفة» التي تتعاون معه، والتي انضم بعضها إلى تنظيمي القاعدة وداعش، ينتظرون الضوء الأخضر من القيادة المشرفة على التنظيم الدولي.

وأوضح ترجمان، في تصريحات لـ«السياق»، أن جماعات الإسلام السياسي، التي تشكل تهديدًا للأمن والاستقرار الدوليين، ستُستخدم خلال المرحلة المقبلة، لنقل «داعش» إلى أوكرانيا، في مواجهة روسيا.

إلا أنه أكد أن هذه المواجهة، ستعتمد على اختلاق الأزمات في المحيط الجيواستراتيجي لروسيا، كاشفًا أن دولًا عدة بدأت تدعو مواطنيها وعددًا من حاملي جنسياتها إلى الالتحاق بأوكرانيا للتصدي للهجوم الروسي.

 

رسائل طمأنة

في مقابل رؤيتي ترجمان وحسن، قال الخبير الأردني في شؤون الجماعات المتطرفة مروان شحادة، إن تنظيم داعش غير قادر على تهديد أوروبا، لتراجع فعاليته وقوته، سواء في سوريا أم العراق أم في مناطق أخرى، بسبب الحصار الأمني والهزائم العسكرية التي مُني بها.

وأشار إلى أن حركة لجوء ونزوح الأوكرانيين إلى أوروبا تختلف عن المنطقة العربية، متوقعًا صعوبة تغلغل التنظيم الإرهابي تحت هذا الستار إلى القارة العجوز.

ورغم أنه حذر من «الذئاب المنفردة» التي تحمل فكر التنظيم التكفيري، وتنفذ عمليات، فإنه قال إن تلك العمليات لا ترقى إلى مستوى تهديد دولة.

واستبعد الخبير الأردني في شؤون الجماعات المتطرفة، تشكيل بؤرة للفكر المتشدد في أوكرانيا أو روسيا، بسبب الأزمة الأوكرانية.