واشنطن بوست: اشتباكات بيروت تعيد إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية
شهدت العاصمة اللبنانية، واحدة من أعنف المواجهات الأمنية منذ سنوات، في تصعيد خطير يُنذر بإدخال البلاد في أزمة جديدة، بعد أكثر من شهر فقط على تشكيل حكومة، يفترض أن تركز نشاطها على وضع خطة، لإخراج البلاد من دوامة الانهيار الاقتصادي.

ترجمات - السياق
قالت صحيفة واشنطن بوست، إن الاشتباكات المسلحة التي شهدتها بيروت الخميس، تعيد إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية التي شهدتها لبنان، مشيرة إلى أن استمرار هذه الاشتباكات، يهدد بإعادة الدولة التي وصفتها بـ"الهشة بالفعل" إلى العنف بين الفصائل.
وأشارت "واشنطن بوست"، في تقرير، إلى أن "حزب الله" وحليفته "حركة أمل"، وكلاهما من الشيعة، قالا إن أنصارهما "واجهوا عدواناً مسلحاً من مجموعات من حزب القوات اللبنانية"، وهو الاتهام الذي نفاه الأخير ووصفه بأنه لا أساس له من الصحة، وقال إن "الاشتباكات نابعة من استفزازات حزب الله".
وشهدت العاصمة اللبنانية، واحدة من أعنف المواجهات الأمنية منذ سنوات، في تصعيد خطير يُنذر بإدخال البلاد في أزمة جديدة، بعد أكثر من شهر فقط على تشكيل حكومة، يفترض أن تركز نشاطها على وضع خطة، لإخراج البلاد من دوامة الانهيار الاقتصادي، المستمر منذ أكثر من عامين.
تحولت المنطقة المنطقة المحيطة بقصر العدل، حيث مكتب المحقق العدلي طارق بيطار، إلى ساحة حرب شهدت إطلاق رصاص كثيف وقذائف ثقيلة وانتشار قناصة على أسطح أبنية، رغم وجود وحدات الجيش وتنفيذها انتشارا سريعاً في المنطقة.
وأسفرت الاشتباكات، التي لم تتضح ملابساتها حتى الآن، عن مقتل ستة أشخاص، بينهم امرأة، لديها خمسة أبناء وبنات، أصيبت بطلق ناري في رأسها أثناء وجودها في منزلها، وإصابة 32 بجروح.
قشة قمصت ظهر البعير
وقالت "واشنطن بوست": "مع دخول البلاد في أزمة اقتصادية، ومعاناتها من نظام سياسي غير كفء، فإن الصدام بشأن التحقيق الجاري في انفجار مرفأ بيروت العام الماضي، قد يكون القشة التي قصمت ظهر البعير".
ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسي اللبناني في معهد الدوحة للدراسات، باسل صلوخ، قوله: "رغم أنه من المقرر إجراء الانتخابات العام المقبل، فإن الأحزاب السياسية الطائفية، لا تهتم بتهدئة التوترات، لكنها تستمر في حشد مؤيديها"، وأضاف: "بدلاً من تحملهم للمسؤولية وإجراء الإصلاحات، فإنهم يجرون البلاد إلى ألعاب طائفية، يعرفون كيف يلعبونها بشكل جيد، إذ إنهم يستخدمون الاشتباكات لحشد الجماهير، في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية".
وقالت الصحيفة، إن المشهد السياسي في لبنان يتسم بوجود اتفاق مثير للجدل، على تقاسم السلطة بين الطوائف العديدة، التي دفعت عملية صُنع القرار نحو طريق مسدود، في الوقت الذي يتدهور فيه الاقتصاد والبنية التحتية الأساسية للبلاد.
ساحة حرب
أما صحيفة نيويورك تايمز، فحذرت من أن الاشتباكات الدامية في بيروت، قد تؤدي لتصعيد المخاوف من حدوث خلل كبير في البلاد، قائلة إن هذه الاشتباكات، زادت الصدمات التي يتعرَّض لها هذا البلد الصغير، الذي يعد خليطاً من الطوائف، التي سقطت في هاوية من الأزمات السياسية والاقتصادية المدمِّرة.
وأضافت الصحيفة، في تقرير، أن الاشتباكات المسلحة بين الميليشيات الطائفية، حوَلت أحياء بيروت إلى ساحة حرب مميتة، ما أثار مخاوف من أن يملأ العنف الفراغ الذي خلفه الانهيار الوشيك للدولة اللبنانية.
ورأت الصحيفة أن اشتباكات الخميس، كانت من أسوأ أعمال العنف منذ سنوات الاضطراب في بيروت، ما أدى إلى تفاقم الشعور بعدم الاستقرار في هذا البلد الصغير، الذي يعاني أزمات سياسية واقتصادية مدمِّرة، كما أنها تدعو إلى استحضار ذكريات الحرب الأهلية، التي انتهت منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وتابعت: "منذ خريف 2019، تراجعت قيمة العملة اللبنانية بأكثر من 90%، ما أضر بالاقتصاد ودفع اللبنانيين من الطبقة المتوسطة نحو الفقر، إذ يقول البنك الدولي إن الانهيار الاقتصادي في بيروت، قد يكون من أسوأ ثلاثة انهيارات اقتصادية في العالم، منذ منتصف القرن التاسع عشر".
ووفقاً للصحيفة، فإن النقص الخطير في الوقود، تسبب في معاناة جميع اللبنانيين، باستثناء الطبقة الثرية، من انقطاع التيار الكهربائي الذي طال أمده والطوابير الطويلة في محطات الوقود، كما عانت القطاعات المصرفية والطبية والتعليمية -التي كان يتباهى بها في السابق- خسائر فادحة، بعد فرار المحترفين في هذه الأماكن إلى الخارج، للبحث عن سبل للعيش.
وأكدت الصحيفة، أن العنف بين الجماعات الدينية، يمثل خطورة شديدة بشكل خاص في لبنان، الذي يضم 18 طائفة، بما في ذلك المسلمين السُّنة والشيعة، ومختلف الطوائف المسيحية وغيرها، لافتة إلى أن الصراعات بين هذه الطوائف والميليشيات، تحدد سياسات البلاد، كما أنها غالباً ما تمتد إلى أعمال عنف، كانت أكثرها كارثية خلال الحرب الأهلية، التي انتهت عام 1990.