ويلات السجون.. إيران تعاني وباء التعذيب

وجدت منظمة العفو الدولية أن السلطات الإيرانية، برفضها الاعتراف بعمليات القتل والكشف عن مصير الضحايا وأماكن رفاتهم، تواصل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

ويلات السجون.. إيران تعاني وباء التعذيب

ترجمات - السياق

سلَّطت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، الضوء على عمليات التعذيب والتصفية الجسدية، داخل سجون إيران، مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك سريعًا لكسر حلقة عنف الدولة.

وقالت "واشنطن بوست"، إن الأمن والمخابرات في إيران يرتكبون التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، ضد الرجال والنساء والأطفال خلف القضبان، بشكل منهجي وسط إفلات من العقاب.

وروت، سلسلة من الجرائم التي ارتكبت خلال الفترة الأخيرة، ومنها مقتل رجل يدعى شاهين ناصري (49 عاماً) في السجن في ظروف مريبة.

 

قصص التعذيب

توفي في سبتمبر الماضي ناصري في السّجن في ظروف مريبة، بعد أن أدلى بشهادة عن تعذيب المصارع نافيد أفكاري، المتظاهر البارز، الذي اعتُقل ظلماً على يد عملاء الدّولة، وحُكم عليه بالإعدام بعد محاكمة بالغة الجور، في سبتمبر 2020، وفقًا لـ "واشنطن بوست".

وذكرت أن هذا الحادث ليس معزولاً،. إذ إنه في أغسطس الماضي، أظهرت لقطات سربت من سجن إيفين بطهران، مشاهد مروّعة للتّعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة السّيّئة.

ومن جانبهم، وصف المسؤولون الإيرانيّون، الانتهاكات بأنها أعمال قام بها حرّاس سجون مارقون.

غير أن منظمة العفو الدولية وغيرها من جماعات حقوق الإنسان، أوضحت مراراً وتكراراً أن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانيّة، جزء لا يتجزأ من نظام العدالة الجنائية الإيراني، وليس استثناءً، ويجب على المجتمع الدولي التحرك الآن لكسر حلقة عنف الدولة.

وكشفت منظمة العفو الدولية الشهر الماضي، عن فشل السلطات الإيرانيّة في توفير المُساءَلة عن حالات الوفاة المريبة في الحجز لما لا يقل عن 72 رجلاً وامرأة في العقد الماضي، رغم التقارير الموثوقة التي تُشير إلى أن السبب هو التعذيب، أو الاستخدام المميت للقوة، أو غير ذلك من أشكال عنف المسؤولين.

ووفقًا لـ "واشنطن بوست" فقد شكل الشّباب نسبة كبيرة من الضحايا، مشيرة إلى أنه منذ نشر نتائج منظمة العفو الدّوليّة في 15 سبتمبر، تلقت المنظمة تقارير عن أربع حالات وفاة أخرى مريبة في الحجز.

 

تورط النيابة والقضاة

وبحسب "واشنطن بوست" أكدت النتائج التي توصلت إليها منظمة العفو الدولية، أن سلطات النيابة العامة، ومسؤولي السجون، والأمن والمخابرات في إيران، يرتكبون التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة ضد الرجال والنساء والأطفال خلف القضبان.

وكشفت نتائج المنظمة أيضًا أن القضاة متورطون في هذه الانتهاكات، من خلال رفض مزاعم التعذيب، وعدم الأمر بإجراء تحقيقات مستقلة، وإصدار أحكام بالإدانة على أساس "الاعترافات" المأخوذة تحت التعذيب.

وقالت "واشنطن بوست" إن ما سمته وباء التعذيب في إيران استمر من خلال ثقافة الإفلات من العقاب التي مكنت المسؤولين، المشتبه بشكل معقول في مسؤوليتهم عن جرائم بموجب القانون الدولي وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، من تجنب العدالة، بل والوصول إلى مناصب رفيعة.

واستشهدت الصحيفة، بصعود القاضي السابق، إبراهيم رئيسي، الذي تورط بشكل موثق في جرائم ضد الإنسانية، إلى منصب الرئاسة، معتبرة أن هذا الصعود يقدم تذكيرًا كئيبًا آخر بهذا الوضع الرهيب داخل إيران.

 

لجنة الموت

وثق تقرير منظمة العفو الدولية عام 2018 كيف عمل رئيسي عضواً في "لجنة الموت" التي أخفت قسراً وأعدمت آلاف المعارضين السياسيين خارج نطاق القانون، في سجني إيفين وجوهاردشت بالقرب من طهران، بين أواخر يوليو وأوائل سبتمبر 1988، وألقت جثثهم في مقابر فردية وجماعية لا تحمل أية علامات، بحسب "واشنطن بوست".

وأشارت إلى أنه خلال الأعوام التي تلت ذلك، وجدت منظمة العفو الدولية أن السلطات الإيرانية، برفضها الاعتراف بعمليات القتل والكشف عن مصير الضحايا وأماكن رفاتهم، تواصل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أنه في مارس 2019، عُين رئيسي رئيساً للقضاء، ومنذ ذلك الحين حتى توليه الرئاسة، أشرف على اعتقالات واحتجاز تعسفي لآلاف المتظاهرين السلميين والمعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وأفراد الأقليات العرقية والدينية المضطهدة، في إشارة إلى الأقلية السنية في البلاد.

وكشفت أنه أثناء تولي رئيسي (رئاسة القضاء)، منحت المؤسسة القضائية حصانة شاملة للمسؤولين الحكوميين وقوات الأمن، المسؤولة عن قتل مئات الرجال والنساء والأطفال خلال الاحتجاجات التي عمت البلاد في نوفمبر 2019، مشيرة إلى أن مسؤولي الدولة اعتقلوا آلاف المتظاهرين والمارة، وتعرض ما لا يقل عن المئات منهم للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.

ونقلت الصحيفة عن منظمة العفو الدولية، تأكيدها مجددًا ضرورة التحقيق مع رئيسي، لتورطه في جرائم سابقة ومستمرة ضد الإنسانية، معتبرة أن جرائم التعذيب والإفلات من العقاب، سمة سائدة وأساسية للحكم في إيران.

 

قرار دولي

وذكرت "واشنطن بوست" أنه طُلب من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة التصويت في نوفمبر الماضي، على قرار يتعلق بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في إيران، مشيرة إلى أنه يجب على الدول أن تغتنم هذه الفرصة، لاتخاذ موقف ضد الاستخدام المنهجي للتعذيب والأزمة الكامنة وراء الإفلات من العقاب في إيران، بما في ذلك الترويج للقرار ودعمه.

وشددت الصحيفة، على أن أهمية هذا الأمر، تكمن في أنه لا سبيل للعدالة من خلال القنوات المحلية في إيران، بينما يتطلع ضحايا الجرائم الخطيرة التي ارتكبتها السلطات الإيرانية إلى المجتمع الدولي، لاتخاذ إجراءات هادفة لضمان حقوقهم.

وأشارت إلى أن هذا هو السبب في أن منظمة العفو الدولية تحث الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على دعم إنشاء آلية محايدة، لجمع وتحليل وتوحيد وحفظ الأدلة على أخطر الجرائم المرتكبة في إيران، لتسهيل الإجراءات الجنائية العادلة والمستقلة في المستقبل.

وتقول "واشنطن بوست": "كانت هذه الإجراءات الملموسة حاسمة عام 1988 كما هي اليوم. وإذا لم يتصرف قادة العالم بشكل عاجل، فإنهم يخاطرون بمزيد من الإذعان للأنماط الرّاسخة للتعذيب والإفلات من العقاب في إيران".