حقبة جديدة في العلاقات بين الإمارات وتركيا.. اتفاقيات تؤسس لشراكة مستدامة

زيارة أردوغان للإمارات... تقارب البلدين مفتاح السلام والاستقرار في المنطقة

حقبة جديدة في العلاقات بين الإمارات وتركيا.. اتفاقيات تؤسس لشراكة مستدامة

السياق

حقبة جديدة في العلاقات الإماراتية التركية، بدأت تتلمس خطاها في ذكراها الخمسين، وسط جهود حثيثة من البلدين، لتكون الخمسين عامًا المقبلة مثلًا يحتذى في شراكة أبوظبي وأنقرة التجارية والاقتصادية.

فزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الإمارات، التي بدأها الاثنين، وتستمر يومين، هي الأولى له منذ قرابة 10 سنوات، في غضون أجواء إيجابية للتقارب بين البلدين، وسط رؤية إماراتية لجعل التعاون والتكامل، في المجالات الاقتصادية والتنموية، أداة رئيسة لإدارة القضايا المختلفة.

زيارة وجدت الكثير من الاستقبال الحافل الرسمي والشعبي، بدا واضحًا باستقبال ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرئيس أردوغان في المطار، وإضاءة برج خليفة في مدينة دبي بعلم تركيا، إلى جانب تحليق طائرات نفاثة من سلاح الجو الإماراتي، ترحيبًا بالضيف التركي، وانتشار الأعلام التركية على جنبات بعض الطرق الرئيسة في أبوظبي.

ذلك الاستقبال الحافل، كان أحد الشواهد على أن الفترة المقبلة بين البلدين، ستشهد ازدهارًا في العلاقات، توجت مساء أمس الاثنين، بتوقيع 13 اتفاقية في مجالات الصناعات الدفاعية والصحة، وتغير المناخ والصناعة والتكنولوجيا، والثقافة والزراعة والتجارة.

 

13 اتفاقية

وتضمنت الاتفاقيات والمذكرات، التي شهدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ورجب طيب أردوغان الرئيس التركي، في قصر الوطن بأبوظبي: «مذكرة تفاهم في مجالات الصحة والعلوم الطبية، ومذكرة تفاهم في مجال الصناعات والتقنيات المتقدمة، ومذكرة تفاهم بشأن العمل المناخي، ومذكرة تفاهم في المجال الثقافي، وبيانًا مشتركًا لبدء اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة».

كما تضمنت مذكرة تفاهم في المجالات الزراعية، وفي النقل البري والبحري في مجال الشباب، وبشأن إدارة الأزمات والكوارث وفي مجال الأرصاد الجوية، وبروتوكول تعاون في مجال الإعلام، وخطاب نوايا بشأن التعاون في الصناعات الدفاعية، وبروتوكول تعاون بين الأرشيف والمكتبة الوطنية في الإمارات وتركيا.

وبعد توقيع الاتفاقيات بين البلدين، بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي والرئيس التركي، التعاون والعمل المشترك بين دولة الإمارات وتركيا، في مختلف المجالات التي تخدم مصالحهما المتبادلة، إضافة إلى القضايا والتطورات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين.

واستعرض الزعيمان، فرص التعاون المتاحة في البلدين، خاصة في المجالات الاستثمارية والاقتصادية والتنموية، إلى جانب الزراعة والأمن الغذائي والصحة والتكنولوجيا والابتكار ومشاريع الفضاء والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، التي لها أولوية كبيرة في الأجندة التنموية الإماراتية، وغيرها من القطاعات التي يرتكز عليها تحقيق التنمية المستدامة والتقدم في البلدين.

 

قضايا المنطقة

وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية «وام»، فإن الجانبين تبادلا وجهات النظر في عدد من القضايا والتطورات، التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، مؤكدين توافق رؤى البلدين بشأن أهمية دعم الجهود والحلول السلمية، الرامية إلى تعزيز الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، والتي تشكل ركائز أساسية للتعاون والتنمية والتقدم نحو المستقبل الذي تتطلع إليه شعوبها ودولها.

وأعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن شكره لموقف تركيا، بإدانة الهجمات الإرهابية الحوثية على مواقع مدنية في الإمارات، وتضامنها مع الدولة في مواجهة هذه الاعتداءات الإجرامية، مشيرًا إلى أن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعها البلدان، خلال زيارته الأخير ة إلى تركيا، وضعت أسسًا لانطلاقة جديدة وكبيرة للشراكة الاقتصادية والتجارية بين البلدين.

وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن تعزيز الشراكات التنموية لمصلحة شعوب المنطقة، يتطلب علاقات تعاون بين دولِها خاصةً في ظل المشتركات العديدة بين الجانبين العربي والتركي، وما يتوفر لهذه العلاقة من فرص نمو وتعاون وازدهار، بما يخدم مصالح الجميع.

وأعرب عن ترحيب بلاده بكل خطوة على طريق التعاون والتفاهم والسلام في المنطق،ة انطلاقًا من نهجها القائم على تعزيز التعاون والتعايش المشترك، الذي يصب في مصلحة التنمية والازدهار والاستقرار، مشيرًا إلى أن أبوظبي حريصة على التعاون مع تركيا، لمواجهة التحديات المشتركة التي تشهدها المنطقة، عبر الحوار والتفاهم والتشاور والحلول الدبلوماسية.

 

مفتاح السلام

من جانبه، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أهمية الاتفاقيات التي وقعها البلدان في تعزيز العلاقات الثنائية، والتي شملت مجالات مختلفة، منها الاستثمار والنقل والصناعة إلى جانب التقنيات المتقدمة والصناعات الدفاعية والصحة والزراعة، إضافة إلى الثقافة والشباب والإعلام.

وأشار إلى أن التقارب بين تركيا والإمارات، مفتاح السلام والاستقرار والتعاون والتنمية في المنطقة، مؤكدًا أن أمن منطقة الخليج واستقرارها وازدهارها جزء لا يتجزأ من أمن تركيا واستقرارها.

وأكد الرئيس رجب طيب أردوغان، أن التعاون الاقتصادي يعد محركاً للعلاقة بين البلدين، وأن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، التي سيبدأ البلدان مفاوضاتها تعطي دفعًا جديدًا لمضاعفة حجم التبادل التجاري بين الإمارات وتركيا، مشيرًا إلى أهمية إنشاء صندوق تكنولوجيا مشترك بين البلدين، وتوسيع التعاون في مجال الطاقة ليشمل تقنيات الطاقة المتجددة والنظيفة، إلى جانب الاستثمارات المشتركة في إنتاج الرقائق.

من جانبه، قال وزير الاقتصاد الإماراتي إن بلاده تسعى إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع تركيا، مضيفاً أن أبوظبي الشريك التجاري الأول لأنقرة في المنطقة العربية.

وأشار الوزير الإماراتي، إلى أن تبادل الزيارات بين القيادات العليا في البلدين، مؤشر واضح على النتائج المهمة، التي يمكن أن نتوقعها نتيجة شراكة البلدين خلال المرحلة المقبلة.

 

10 اتفاقيات

وأوضح أن الإمارات من أكبر 15 مستثمراً في تركيا، مشيرًا إلى أن إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر بلغ 15 مليار دولار أمريكي، اعتبارًا من عام 2020، كاشفًا أن زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي إلى تركيا في نوفمبر الماضي، جرى خلالها توقيع 10 اتفاقيات في مجالات الطاقة والتمويل والتجارة.

وأشار عبدالله بن طوق المري، إلى أن بلاده أنشأت صندوقًا بـ 10 مليارات دولار، لدعم الاستثمارات الاستراتيجية في مجالي الطاقة والصحة في تركيا، مؤكدًا أن الصناعة الدفاعية تعد من أكثر الصناعات تنافسية في دولة الإمارات، وقد أثبتت الشركات الإماراتية تفوقها في المنطقة بهذا المجال الحيوي.

وأشار إلى أن القيمة الإجمالية للتجارة غير النفطية بين الإمارات وتركيا، بلغت 13.7 مليار دولار أمريكي عام 2021، بزيادة قدرها 54% على 2020، وزيادة بنسبة 86% على 2019.

 

انعكاسات إيجابية

بدوره، قال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، إن بلاده ترى أن التعاون والتكامل في المجالات الاقتصادية والتنموية، وما له من انعكاسات إيجابية على دول وشعوب المنطقة، يعد أداة رئيسة لإدارة القضايا المختلفة بحكمة، وبشكل ينزع عن المنطقة التصعيد المتواصل، وتأثيراته السلبية في تطور ونهضة العالم العربي والشرق الأوسط.

وأشار إلى أن الاستقبال الحافل للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العاصمة أبوظبي يعد إحدى ثمار العمل الجاد للإمارات، في سبيل تعزيز أجندة الاستقرار والازدهار.

وأكد أن توجه أبوظبي واضح المعالم «ومقاربتنا تتجلى في تعظيم القواسم المشتركة، وتوطيد علاقات التعاون الاقتصادي والاستثماري والتكنولوجي في المنطقة».