هل تؤثر المخالفات في معركة ماسك القانونية مع تويتر؟
خبراء: كشف مخالفات تويتر لن يفيد إيلون ماسك

ترجمات -السياق
استبعد خبراء تقنيون -تحدثوا لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية- أن تؤثر المخالفات بحق "تويتر"، التي كشف عنها بعض المبلغين وآخرهم الرئيس السابق لقطاع الأمن السيبراني في الموقع "بيتر زاتكو"، في معركة الملياردير الأمريكي إيلون ماسك القانونية لإنهاء صفقة الاستحواذ البالغة 44 مليار دولار.
ووفقًا للخبراء، فرغم أن شهادة بيتر زاتكو أمام لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي، كانت مؤلمة لمجموعة وسائل التواصل الاجتماعي فإنها لم تكشف معلومات مادية جديدة تفيد ماسك.
ويعتزم ماسك استغلال، ليس فقط مزاعم زاتكو للفوز بقضيته، ولكن أيضًا حقيقة أن المدير التنفيذي السابق في "تويتر" حصل على تسوية للخروج من صفقة الاستحواذ البالغة 44 مليار دولار التي أبرمها مع الشبكة الاجتماعية.
يأتي ذلك، بعد أن قرر مساهمو "تويتر" تجاهل الحجج التي قدمها إيلون ماسك خلال الفترة الماضية، للانسحاب من صفقة شراء الموقع، إذ صوَّت المساهمون بالموافقة على العرض المقدم من ماسك، والصفقة المقدرة بـ 44 مليار دولار، مع 54.20 دولار للسهم الواحد.
عيوب كبيرة
وبينت "فايننشال تايمز" أن "زاتكو" -الشاهد الرئيس في قضية المشكلات الأمنية المتعلقة بشركة تويتر- أدلى بشهادته أمام اللجنة القضائية لمجلس الشيوخ الأمريكي، حيث ظهر لمناقشة اتهاماته للشركة.
وقال رئيس الأمن السابق في "تويتر": إن الشركة لا تفي بالمتطلبات الأمنية المترتبة عليها، وقد ضللت السوق ومجلس إدارتها بشكل متكرر عن حالة أدائها.
ورأى أن منصة التواصل الاجتماعي الشهيرة تُشكل تهديدًا على الخصوصية لمستخدميها البالغ عددهم 238 مليونًا، كما تُمثل تهديدًا للوكالات الحكومية والمسؤولين، ما يُشكل مصدر قلق للأمن القومي.
واتهم قيادة "تويتر" بأنهم منحوا الأولوية "للأرباح على الأمن" ، وتعزيز "ثقافة" الإبلاغ عن النتائج الجيدة والإيجابية فقط".
كان زاتكو قد كشف -الشهر الماضي- عن الفساد في الشركة، حيث ادعى أنها لم تكن مهتمة بمعالجة المشكلات، بل كان اهتمامها أكثر بالسوق والرأي العام، ما أدى إلى هفوات كبرى في إجراءاتها وأنظمتها.
ورغم هذه التصريحات فإن الخبراء قالوا للصحيفة البريطانية، إن هذه المزاعم -التي جاءت بعد تصويت المساهمين الثلاثاء الماضي لصالح الاستحواذ قبل محاكمة أكتوبر- من غير المرجح أن يكون لها تأثير في القضية.
وقال أنات ألون بيك، أستاذ القانون المساعد في جامعة كيس ويسترن ريزيرف الأمريكية: "من المؤكد أن تواجه أي شركة وسائط اجتماعية مشكلات تتعلق بالخصوصية".
ولكن لكي يؤثر ذلك في المحاكمة -حسب ألون بيك- يجب أن يصل إلى حد التأثير المادي العكسي أو الاحتيال، وهو معيار عالٍ للغاية، مضيفًا: "لست متأكدًا من أن الأمر سيصل إلى ذلك المستوى، ما لم يخرج المزيد من الانتهاكات الصارخة من التحقيق".
ويرى "ألون بيك"، أن توقيت هذه التسريبات "مذهل" بالنسبة إلى قضية تويتر - ماسك، رغم أنه ليس من الواضح كيف سيوظف فريق ماسك القانوني هذه التسريبات لصالحهم في القضية، مشيرًا إلى أنه "لكي يتم إعفاء ماسك من الشرط الجزائي للانسحاب من الصفقة، وهو مليار دولار أمريكي، لا بد من حصول المحكمة على إثبات قاطع بوجود ما يعرف قانونًا بـ(الأثر السلبي الملموس)، وهو بند يتطلب حدوث أمر من شأنه أن يقوِّض قيمة ومنفعة صفقة الاستحواذ".
اتهامات
وحسب "فايننشال تايمز" وجَّه زاتكو، أمام اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، اتهامين كبيرين للمشرِّعين المتعاطفين إلى حد كبير، الأول: أن آلاف الموظفين في الشركة يتمتعون بوصول مُطلق إلى رزم من بيانات المستخدم الحساسة، ما يثير مخاوف خطيرة بشأن الخصوصية، كما زعم أن "تويتر" كافح لمراقبة كيفية استخدام الموظفين لتلك البيانات، ما جعلها عُرضة لتسلل جواسيس أجانب.
وقال زاتكو إن مكتب التحقيقات الفدرالي أبلغ الشركة بوجود عميل استخبارات صيني واحد على الأقل يعمل في كشوف المرتبات داخل "تويتر".
وأضاف أيضًا أنه عندما أثار مخاوف مع مسؤول تنفيذي آخر بشأن وجود وكيل أجنبي في الشركة، أجاب الشخص: "حسنًا، نظرًا لأن لدينا بالفعل واحدًا، فما الذي يهم إذا كان لدينا المزيد؟".
وحسب الصحيفة، فإنه إضافة إلى السماح بالتسلل عن غير قصد، قال زاتكو أيضًا إن الهند نجحت في الضغط على تويتر للسماح لعملاء الحكومة الهندية بالعمل داخل الشركة.
كما ألقى زاتكو اللوم بشكل مباشر على قيادة "تويتر"، وقال: "هذا يبدأ من القمة"، مضيفًا أنه يعتقد أن الرئيس التنفيذي باراغ أغراوال كان على دراية بتلك القضايا.
يذكر أن زاتكو له تاريخ طويل في الأمن السيبراني، إذ إنه كان قد أدلى بشهادته أمام مجلس الشيوخ عام 1998 بشأن أمن الإنترنت.
وهو ما أكده ديفيد كينيدي، الرئيس التنفيذي لشركة تروستيدسك الاستشارية للأمن السيبراني والمتسلل السابق في وكالة الأمن القومي، الذي وصف زاتكو بأنه يتمتع بسمعة "لا يعلى عليها" في عالم الأمن السيبراني.
ولكن -حسب الصحيفة- في أعقاب جلسة الاستماع، انتقل العديد من كبار الموظفين السابقين في "تويتر" إلى المنصة للشكوى من أن زاتكو لم يكلف نفسه عناء التواصل معهم خلال ولايته، ونفى ادعاءاته.
وقال موقع تويتر -الذي طرد زاتكو في يناير بسبب الأداء الضعيف قبل أن يدفع له مكافأة نهاية الخدمة البالغة 7.75 مليون دولار- إن مزاعمه "مليئة بالتناقضات وعدم الدقة".
استغلال ماسك
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن ماسك قفز بالفعل على المزاعم التي قدمها زاتكو في شكواه الأولية للمخبرين، لتعزيز محاولاته للتراجع عن الصفقة، إذ طلب إضافتهم إلى القضية، إلى جانب حجته بأن الشركة أساءت تمثيل عدد الروبوتات على نظامها الأساسي، وهي مشكلة لم يتم تناولها أثناء جلسة الاستماع.
وبينّت أن محاميه يجادلون أيضًا بأن حزمة تعويضات نهاية الخدمة التي قدمها زاتكو بـ 7.75 مليون دولار تُشكل أساسًا جديدًا لإنهاء اتفاقية الاندماج، لأنها "كانت خارج سياق العمل المعتاد" ولم يوقعها ماسك.
لكن الخبراء -الذين تحدثوا لللصحيفة- أشاروا إلى أن زاتكو لم يقدم على ما يبدو أدلة ملموسة خلال جلسة الاستماع، لإثبات أن قيادة "تويتر" كانت احتيالية عن عمد.
وقالت جاسمين إنبرج، المحللة في "إنسايدر إنتليجنس": "شهادة زاتكو لم تقدم الكثير من المعلومات الجديدة".
وأضافت: "لم يكن هناك أي ذكر تقريبًا للروبوتات، لكن هذا لا يعني أن ماسك لن يستخدم اتهام زاتكو بأن (تويتر) لم يكن مهتمًا بإزالة الروبوتات في محاولة لتعزيز حجته للابتعاد عن الصفقة".
وتابعت: "ربما يتنفس (تويتر) الصعداء الآن، إذ إن زاتكو لا يقدم دليلًا قاطعًا على أن الموقع يحرف أرقام المستخدمين عن قصد".
واستطردت: "من الصعب أن نتخيل أن هذا سيكون مسمارًا حقيقيًا في تابوت تويتر"، مشيرة إلى أن السيناريو المحتمل أنه سيكون قادرًا على استخدام بعض هذه المعلومات للتفاوض على صفقة.
في الحالتين -حسب الصحيفة- تمثل هذه المزاعم الأزمة الأخيرة لأغراوال، الذي رفض حضور جلسة الاستماع، على أساس أنها قد تعرض التقاضي المستمر مع ماسك للخطر، ما أثار غضب بعض أعضاء مجلس الشيوخ.
وقال السناتور تشارلز جراسلي: "إن عمل هذه اللجنة وحماية الأمريكيين من النفوذ الأجنبي أكثر أهمية من التقاضي المدني على تويتر في ولاية ديلاوير"، موضحًا أنه يتعين على أغراوال التنحي إذا كانت المزاعم دقيقة.
وخلصت الصحيفة، إلى أنه بصرف النظر عن قضية ماسك، فإن جلسة الاستماع لها آثار أوسع على الشركة، وقطاع وسائل التواصل الاجتماعي، وتنشيط نقاش تنظيم الخصوصية والأمن.
ففي شهادته، قال زاتكو إن "تويتر" ضلل لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية "FTC" بشأن التدابير الأمنية للشركة، كجزء من اتفاقية عام 2011، وزعم أيضًا أن "تويتر" به عيوب أمنية خطيرة تؤثر في المنصة، وأن أحد الموظفين يعمل نيابةً عن الحكومات الأجنبية.
وردًا على ذلك، اقترح السناتور ريتشارد بلومنثال أن هناك حاجة إلى وكالة جديدة، لفرض قضايا الخصوصية والأمن القومي، بينما دعا أعضاء آخرون في مجلس الشيوخ إلى مزيد من التنظيم.