تعهد رئاسي بإفشال اختراق الأجهزة الأمنية... ماذا يحدث في تونس؟
الرئيس التونسي قيس سعيد: هناك للأسف من يريد أن يتسلل إلى هذه الأسلاك الحيوية (أجهزة الأمن)... ويريد أن يكون له موقع قدم فيها.. فليعلم منذ الآن أن محاولاته ستبوء بالفشل وستتم تسمية هؤلاء بالأسماء.

السياق
تعهد رئاسي تونسي بإفشال محاولات تسلل إلى الأجهزة الأمنية لـ«خدمة مصالح جهات معينة»، كشفت مخاطر كبيرة يتعرَّض لها البلد الإفريقي، بعد شهر ونصف الشهر من قرارات اقتلعت نظام الإخوان.
وقال الرئيس التونسي قيس سعيد، في تصريحات له على هامش الاحتفال بالذكرى 65 لإنشاء جهاز الحرس الوطني، في ثكنة العوينة بتونس العاصمة: «هناك للأسف من يريد أن يتسلل إلى هذه الأسلاك الحيوية (أجهزة الأمن)... يريد أن يكون له موقع قدم في بعض الأسلاك، فليعلم منذ الآن أن محاولاته ستبوء بالفشل وستتم تسمية هؤلاء بالأسماء».
وأثنى الرئيس سعيد على «بطولات وإنجازات» أعوان الحرس الوطني في محاربة الإرهاب والإرهابيين، مؤكدًا أن «الأمن مرفق عمومي لا مجال فيه لتكتلات أو لإدارة تخدم مصلحة جهة معينة».
خطر داخلي
وأكد الرئيس التونسي، أن الدول لا تسقط ولا تضعف، إلا اذا كان هناك خطر من الداخل، مشيرًا إلى أن «بلاده دولة ذات سيادة والسيادة فيها للشعب».
وشدد الرئيس سعيد على أن «منتسبي سلك الحرس الوطني مصدر فخر وإلهام لكل التونسيات والتونسيين»، حاثًا إياهم على أن يكونوا قدوة في كل خطوة، في الطريق التي خطها الشعب التونسي.
تصريحات الرئيس التونسي، تزامنت مع عقد المكتب التنفيذي لحركة النهضة، اجتماعًا بعد إعادة هيكلته، برئاسة راشد الغنوشي، أصدر في نهايته بيانًا، أشار فيه إلى ما وصفها بحالة «الغموض والضبابيّة»، منذ الإجراءات الاستثنائية التي اتّخذها الرئيس سعيد، الجمهورية في 25 يوليو التي مدّدها في 23 أغسطس الماضي إلى أجل غير مسمّى.
الحكم الفردي
وقال حزب حركة النهضة، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن الإجراءات الاستثنائية «تعطل أعمال السلطة التشريعية ودورها الرقابي»، محذرًا مما وصفها بـ«مخاطر الحكم الفردي المطلق، ما يزيد عمق أزمة البلاد السياسية والاقتصادية الاجتماعية والمالية، ويعطل كثيرًا المرافق والمعاملات داخل البلاد وخارجها»، على حد قول البيان.
وأكد البيان ضرورة دعم الحركة لأولوية محاربة الفساد على جميع المستويات، على قاعدة الالتزام بالإجراءات القانونية واحترام استقلالية السُّلطة القضائية، وحمايتها من محاولات التدخل فيها أو الضغط عليها، حتى تؤدي دورها في حفظ الحقوق والحريات وإقامة العدل، على أساس المساواة أمام القانون والحق في المحاكمة العادلة.
حل البرلمان
اتهامات الرئاسة التونسية، وبيان حركة النهضة،كانا ردًا لكل منهما على الآخر، وإن كان بطريقة غير مباشرة، أتيا بعد مطالبات تونسية بحل البرلمان بشكل نهائي، وتشكيل حكومة مصغرة تتولى عملية الإنقاذ الاقتصادي، لاستكمال قرارات الرئيس قيس سعيد، التي اتخذها قبل شهر ونصف الشهر.
وقال حزب التيار الشعبي، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن ما وصفه بـ«الغليان الشعبي» الذي وصل ذروته 25 يوليو، كان السند الذي ارتكزت عليه قرارات الرئيس سعيد المتمثلة في حل الحكومة وتعليق عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، بعد أن وصلت أزمة منظومة 2011 إلى حدودها القصوى ولم تعد قابلة للاستمرار.
وأشار إلى قرارات الرئيس التونسي، التي وصفها بـ«الخطوة الجبارة»، نحو إسقاط منظومة الفساد و الإرهاب والعمالة، تتطلب رؤية سياسية واضحة للتقدُّم، تقوم على حل البرلمان نهائيًا وتشكيل حكومة مصغرة تتولى عملية الإنقاذ الاقتصادي، بناءً على إجراءات سيادية، إضافة إلى تغيير النظام السياسي.
الحزب أكد ضرورة تغيير النظام السياسي، للقطع مع ما وصفها بـ«الفوضى وازدواجية السلطة»، وكذلك تغيير القانون الانتخابي في اتجاه تمكين الأغلبية الاجتماعية صاحبة المصلحة في التغيير، من الوصول إلى السُّلطة بما يحول دون أن تتمكن منظومة النهب والعمالة، من تغيير واجهتها وإعادة الكرة إلى الشعب التونسي من جديد.
المسار السليم
واعتبر، أن قرارات الرئيس قيس سعيد جاءت استجابة لإرادة الشعب، وإنقاذًا لمؤسسات الدولة لتكون جسرًا للعودة إلى «المسار السليم»، وبناء الدولة الوطنية على أسس استقلالية القرار الوطني والديمقراطية الشعبية والعدالة الاجتماعية.
ودعا إلى محاسبة المتورطين في الاغتيالات و«التسفير» والتمكين للإرهاب، وتجنُّب الانتقائية في ملفات المحاسبة تحت أي ضغوط خارجية أو داخلية، وتطبيق القانون على الجميع، مع إعادة الاعتبار للقطاع العام واستعادة دور الدولة المركزي، في التنمية والتشغيل، وبناء اقتصاد يقوم على الإنتاج والتحكم في الواردات، وإلغاء استقلالية البنك المركزي عن الدولة، ومراجعة الاتفاقيات التجارية التي تخدم قوى النهب والهيمنة الخارجية.
قرارات استثنائية
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد، أعلن قبل قرابة شهر، تجميد أعمال البرلمان شهرًا، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، وتوليه بنفسه السُّلطة التنفيذية، وإعفاء وزير الدفاع ابراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة ووزيرة الوظيفة العمومية والناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان من مهامها، وأعفى الرئيس التونسي مسؤولين آخرين في مناصب عليا بالحكومة من مهامهم.
وينتظر التونسيون بشغف إعلان اسم رئيس الحكومة الجديدة، الذي يعد أهم منصب في تونس، معلقين عليه الآمال، في انتشال بلادهم من الأزمة الاقتصادية التي أثرت عليها، ودفعتهم للانتفاض والخروج إلى الشوارع، مطالبين بإقالة رئيس الحكومة وحل البرلمان، الأمر الذي استجاب له الرئيس قيس سعيد، وأعلن القرارات التي وصفت بـ«الاستثنائية».