تونس... منعطف حركة النهضة الإخوانية

تُعَـد استقالة زياد العذارى، من كتلة الحركة في البرلمان التونسي، ضربة مؤثِّرة، لاسيما أنه من أبرز نواب النهضة في البرلمان، حيث تولى مناصب عدة، منها حقيبة التكوين المهني والتشغيل عام 2015، ثم حقيبتي الصناعة في أغسطس 2016، والتنمية والاستثمار والتعاون الدولي في سبتمبر 2017، حتى استقال من هذا المنصب، مطلع نوفمبر 2019، بعد انتخابه عضواً في البرلمان.

تونس... منعطف حركة النهضة الإخوانية
راشد الغنوشي

السياق

تشهد حركة النهضة التونسية، سلسلة من الاستقالات والانشقاقات، تجاوزت قواعدها الشعبية إلى قيادات الصف الأول، كان آخرها استقالة زياد العذاري، الأمين العام للحركة، من كتلتها النيابية، في مايو الماضي.

هذا المتغير، يطرح تساؤلات عدة أبرزها: ماذا يحدث داخل الحركة؟ وهل هذه الاستقالات بداية تفكك وانحلال أم صراع على القيادة؟ وما تأثير هذه الاستقالات في مستقبل الحركة، في الانتخابات التشريعية عام ٢٠٢٤؟

وأشار مراقبون تونسيون، إلى أن هذا الحراك الداخلي، له أسباب عدة، أبرزها: شبهات الفساد التي تحوم حول رئيسها راشد الغنوشي وحاشيته، إلى جانب ادعاءات خصومه، بتحويله الحركة إلى "تنظيم عائلي"، فضلاً عن تحفظهم على الصدام مع الرئيس التونسي قيس سعيد.

 

صراع على القيادة

في مقابلة صحفية، قالت ضحى طليق، المحللة السياسية التونسية لـ"السياق"، إن هناك خلافات وصراعات، عصفت بالحركة في الفترة الماضية، بشأن القيادة والسلطة في الحركة، حيث يشعر خصوم الغنوشي، بحالة من عدم الرضى عن نصيبهم من المكتسبات، التي حقَّقتها الحركة حتى الآن، مقارنة بالجهود التي يبذلونها، في الوقت الذي يتمتَّع المقربون من الغنوشي، بحفاوة ودعم كبيرين.

وتُعَـدُّ استقالة زياد العذارى، من كتلة الحركة في البرلمان التونسي، ضربة مؤثِّرة، لاسيما أنه من أبرز نواب النهضة في البرلمان، حيث تولى مناصب عدة، منها حقيبة التكوين المهني والتشغيل عام 2015، ثم حقيبتي الصناعة في أغسطس 2016، والتنمية والاستثمار والتعاون الدولي في سبتمبر 2017، حتى استقال من هذا المنصب، مطلع نوفمبر 2019، بعد انتخابه عضواً في البرلمان.

وأشارت المحللة التونسية، إلى أن من أبرز هذه الاستقالات أيضاً، استقالة عودة رياض الشعيبي، الذي سبق له الاستقالة ثم عاد مستشاراً لرئيس البرلمان، ومستشار راشد الغنوشي في الوقت ذاته.

ونوهت ضحى، إلى أن هناك صراعاً داخل الحركة، لكنه ليس بالصراع الذي قد يؤدي إلى تفككها، على الأقل في الوقت الراهن، وتابعت أنه ليس صراعاً أيديولوجياً، ولا على مقاربات الحركة للواقع، سواء كان محليا أو إقليميا، لكنه صراع على القيادة، فالجميع يسعون إلى حجز مناصبهم، في مرحلة ما بعد الغنوشي.

وفي ما يتعلَّق بتأثير هذه الاستقالات، في مستقبل الحركة الإخوانية، بالانتخابات التشريعية عام 2024، قالت المحللة لتونسية، إنها لا تعتقد أن يكون لها تأثير جذري، مشيرة إلى أن الحركة، من التنظيمات القادرة على المناورة، وإيهام منافسيها بأن لديها مشكلات في العلن، لكنها تعمل بشكل سري، لكسب معركتها.

وتابعت: "أما ما سيؤثِّر في الانتخابات، فهو خسارة الحركة لجزء مهم من ثقة الناخبين، بعد فشلها مع الأطراف الموالية مثل (ائتلاف الكرامة) في تحقيق ما وعدت به الناخبين خلال 10 سنوات من الحكم".

 

هيمنة الغنوشي

من جانبه، قال باسل ترجمان المحلل السياسي التونسي، في تصريحات خاصة لـ"السياق"، إن الاستقالات المتتالية التي تشهدها الحركة، جاءت نتيجة انحراف راشد الغنوشي عن أهدافها، بجانب رفضه الاستماع إلى القيادات الأخرى وانفراده بالقرار، ما تسبَّب في ضياع مكتسبات الحركة، بحسب رؤيتهم.

وأشار ترجمان، إلى أن الاستقالات طالت قيادات مؤسسة للحركة، أبرزها جبير الشهودي، وعبدالحميد الجيلاصي، اللذان يُعَدَّان من قيادات "فترة السجون"، إلى جانب مجموعة أخرى قدَّمت استقالتها، احتجاجاً على تسلُّط عائلة الغنوشي في الحركة، منهم: زياد العذاري ومحمد بن سالم وعبداللطيف المكي.

واعتبر المحلل السياسي التونسي، أن فشل الحركة الإخوانية، في عقد مؤتمرها السنوي، دليل قاطع على معاناتها داخلياً وهيكلياً، فقد تأجَّل المؤتمر السنوي، نتيجة تعنُّته ورفض تسليم قيادة الحركة.