قيود طالبان الجديدة تدفع النساء إلى الشوارع

أظهرت مقاطع فيديو، نشرتها وسائل إعلام محلية، عشرات النساء، يتظاهرن أمام وزارة شؤون المرأة في العاصمة الأفغانية كابل، التي ألغتها حركة طالبان.

قيود طالبان الجديدة تدفع النساء إلى الشوارع

السياق

قيود جديدة فرضتها حركة طالبان المسلَّحة على النساء في أفغانستان، في مخالفة واضحة للتعهدات التي تتنصل منها يومًا بعد الآخر، ما دفع أفغانيات إلى الخروج في تظاهرات، رافعات شعار المعارضة، غير عابئات بأي إجراءات قد تتخذها الحركة تجاههن.

وأظهرت مقاطع فيديو، نشرتها وسائل إعلام محلية، عشرات النساء، يتظاهرن أمام وزارة شؤون المرأة في العاصمة الأفغانية كابل، التي ألغتها حركة طالبان، وهن يرددن: «حقوق المرأة وحقوق الإنسان».

وبحسب وكالة أسوشتيد برس، فإن حركة طالبان استبدلت وزارة «لنشر الفضيلة ومنع الرذيلة» بوزارة شؤون المرأة، وكلفتها بتطبيق الشريعة الإسلامية.

 

بقاء النساء بمنازلهن

من جانبه، قال العمدة المؤقت لعاصمة أفغانستان: طُلب من الموظفات في حكومة مدينة كابل البقاء في المنزل، مع السماح بالعمل فقط لأولئك الذين لا يمكن للرجال القيام بأعمالهن، ما أثار حفيظة النساء.

ونظمت أكثر من اثنتي عشرة امرأة احتجاجًا خارج وزارة شؤون المرأة، ورفعن لافتات تدعو إلى مشاركة المرأة في الحياة العامة، كُتب على إحداها: «المجتمع الذي لا تنشط فيه النساء مجتمع ميت».

واستمر الاحتجاج 10 دقائق، إلا أنه بعد مواجهة لفظية قصيرة مع رجل، ركبت النساء السيارات وغادرن، بحسب الوكالة، التي قالت إن نحو 30 امرأة، كثيرات منهن شابات، عقدن في أماكن أخرى، مؤتمرًا صحفيًا في قبو منزل بعيد في أحد أحياء كابل.

وقالت مرزية أحمدي، الناشطة الحقوقية، الموظفة الحكومية التي أُجبرت على الجلوس في المنزل، إنها ستطالب طالبان بإعادة فتح الأماكن العامة للنساء، مضيفة: «هذا حقنا(..) نريد التحدُّث إليهم، نريد أن نقول لهم إننا نتمتع بالحقوق التي يتمتعون بها».

 

مغادرة أفغانستان

وفيما قالت معظم المشاركات، إنهن سيحاولن مغادرة البلاد إذا سنحت لهن الفرصة، عقد عمدة كابل المؤقت حمد الله ناموني، أول مؤتمر صحفي له منذ تعيينه من طالبان، قائلًا: إنه قبل استيلاء طالبان على السُّلطة الشهر الماضي، كانت النساء أقل بقليل من ثلث ما يقرب من 3000 موظف في المدينة، وقد عملن في جميع الأقسام.

وأشار مسؤول «طالبان» إلى أن أن الموظفات أُمرن بالبقاء في المنزل في انتظار قرار آخر، مؤكدًا أنه تم اتخاذ إجراء استثناءات اللاتي لا يمكن للرجال أداء أعمالهن، بما في ذلك بعض أقسام التصميم والهندسة وقابلات المراحيض العامة للنساء.

 

قيود جديدة

وطُلب من الموظفات في حكومة مدينة كابل، البقاء في المنزل، حسبما قال رئيس بلدية العاصمة الأفغانية المؤقت، موضحًا القيود الأخيرة المفروضة على النساء من حُكام طالبان الجدد.

وأشار ناموني، إلى أن الحكومة الجديدة بدأت إزالة الحواجز الأمنية في كابل، تلك المدينة التي تعرَّضت لقصف متكرر وهجمات إطلاق نار عبر السنين، مشيرًا إلى أن مثل هذه الحواجز -التي أقيمت بالقرب من الوزارات والسفارات والمنازل الخاصة للسياسيين وأمراء الحرب- كانت شائعة في كابل.

وقال العمدة: إن المواطنين العاديين سيتحمَّلون تكلفة إزالة الحواجز، وبينما قال إنه تمت إزالة معظم الحواجز، أشار الصحفيون الذين كانوا يتجولون في المدينة، إلى أن الحواجز خارج معظم المنشآت الحكومية والسفارات تُركت في مكانها.

 

تفسير متشدد

ويعد قرار منع معظم العاملات في المدينة، من العودة إلى وظائفهن، علامة أخرى على أن حركة طالبان، التي اجتاحت كابل الشهر الماضي، تفرض تفسيرها المتشدد للإسلام رغم الوعود الأولية، بأنها ستكون متسامحة وشاملة، ما أعاد إلى الأذهان سياساتها السابقة في التسعينيات، التي منعت فيها حركة طالبان الفتيات والنساء من المدارس والوظائف والحياة العامة.

وفي الأيام الأخيرة، أصدرت حكومة طالبان الجديدة قرارات عدة، تقضي على حقوق الفتيات والنساء، وأخبرت طالبات المدارس الإعدادية والثانوية بأنهن لا يمكنهن العودة إلى المدرسة في الوقت الحالي، بينما استأنف الأولاد في تلك الصفوف دراستهم نهاية هذا الأسبوع.

وتم إبلاغ طالبات الجامعة، بأن الدراسة ستتم في أماكن تفصل بين الجنسين من الآن فصاعدًا، وأنه يجب عليهن الالتزام بقواعد اللباس الإسلامية الصارمة، على عكس الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة المخلوعة من طالبان، التي كانت الدراسة الجامعية فيها مختلطة، في الغالب.

 

التحدي الأصعب

من جهة أخرى، قالت وكالة أسوشيتيد برس، إن التحدي الأصعب، الذي يواجهه حُكام طالبان الجدد، هو الانكماش الاقتصادي المتسارع، مشيرة إلى أنه حتى قبل استيلاء طالبان على السُّلطة، كانت أفغانستان تعاني مشكلات كبيرة، بما في ذلك الفقر على نطاق واسع، والجفاف والاعتماد على المساعدات الخارجية.

وفي علامة على اليأس المتزايد، انتشرت أسواق الشوارع في كابل، حيث يبيع السكان ممتلكاتهم، وبينما يأمل بعض البائعين الأفغان مغادرة البلاد، يضطر البعض الآخر إلى تقديم متعلقاتهم الضئيلة، على أمل الحصول على المال مقابل الوجبة التالية.

وقال زاهد إسماعيل خان، أحد سكان كابل، الذي كان يراقب النشاط في أحد الأسواق المرتجلة: «شعبنا بحاجة إلى المساعدة، يحتاجون إلى وظائف، يحتاجون إلى مساعدة فورية، إنهم لا يبيعون متعلقاتهم المنزلية للاختيار هنا».

وقال: «بالنسبة للذين يقضون فترة قصيرة، قد يحاولون إيجاد طريقة للعيش، لكن لن يكون لديهم خيار آخر للجوء إلى التسول على المدى الطويل».