روسيا تلجأ إلى الخطة ب لحسم غزو أوكرانيا.. ما علاقتها بحرب الشيشان؟
كبار المسؤولين الأمريكيين رأوا دلائل على أن الكرملين يتحول إلى استراتيجية جديدة، بعد أن فشلت الجهود الروسية في تحقيق أهدافها، إثر المقاومة الشرسة من القوات الأوكرانية.

السياق
بعد قرابة 25 يومًا من اندلاعها، وإثر فشل القوات الروسية في تحقيق نصر سريع على أوكرانيا، بدأت روسيا التحول لاستراتيجية جديدة لتأمين أهداف إقليمية رئيسة، لإجبار الحكومة الأوكرانية على قبول الحياد بين روسيا والغرب.
وقالت «وول ستريت جورنال»، في تقرير، إن كبار المسؤولين الأمريكيين رأوا دلائل على أن الكرملين يتحول إلى استراتيجية جديدة، بعد أن فشلت الجهود الروسية في تحقيق أهدافها، إثر المقاومة الشرسة من القوات الأوكرانية.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها فسروا الأهداف الأولية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالاستيلاء على كييف في غضون أيام، واستبدال نظام موالٍ لروسيا بحكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
إلا أن شيئًا من ذلك لم يحدث، بسبب المقاومة الأوكرانية التي دفعت بوتين إلى تعديل تكتيكاته، بحسب مسؤول أمريكي كبير قال إن الخطة الجديدة للرئيس الروسي، تتمثل في إجبار كييف على قبول المطالبات الروسية بمناطق أوكرانيا الجنوبية والشرقية.
وأوضح المسؤول الأمريكي، في تصريحات لـ«وول ستريت جورنال»، أنه بعد الاستيلاء على شبه جزيرة القرم ومناطق دونباس عام 2014، تسعى روسيا إلى تأمين جسر بري بين غرب روسيا وشبه جزيرة القرم، وتوسيع السيطرة الروسية على منطقة دونباس.
أهداف "الخطة ب"
وأشار إلى أن بوتين سيواصل ضغطه العسكري، بما في ذلك قصف المدن الأوكرانية، مشيرًا إلى أنه سيقود الرئيس الأوكراني زيلينسكي للتخلي عن آماله بالانضمام إلى الغرب، والموافقة على وضع محايد ومطالب روسية أخرى.
وقال مسؤولون أمريكيون إنه في حال رفض أوكرانيا للمطالب الروسية، من المتوقع أن يحاول بوتين الحفاظ على الأراضي التي استولت عليها قواته والقتال عليها، بينما قال مسؤول أمريكي آخر: «بناءً على تقييماتنا عسكريًا، يبدو أنه يعود إلى تكتيكات الحصار».
وقالت «وول ستريت جورنال»: بالنسبة لمواطني أوكرانيا المحاصَرين، فإن الاستراتيجية المتغيرة تعني أسابيع -وربما شهورًا- من الهجمات من الجيش الروسي «الضعيف» في كثير من الأحيان، الذي يلجأ لإطلاق الصواريخ والمدفعية من مسافة بعيدة.
وأشارت إلى أن التحول في السياسة الروسية بالحرب الأوكرانية، يأتي للضغط على حكومة زيلينسكي، للتخلي عن الأراضي والتنازل عن الترتيبات الأمنية، بينما سمى أحد المسؤولين الأمريكيين هذا التحول «الخطة ب».
وحذر مسؤولون أمريكيون، من أن بوتين قد يوسع أهدافه الحربية، إذا بدأ جيشه تحقيق المزيد من النجاح ضد القوات الأوكرانية، مشيرين إلى أنه لا يزال وضع العاصمة سؤالًا مفتوحًا؛ فنظراً للمقاومة الأوكرانية القوية، من غير الواضح ما إذا كان الجيش الروسي قادرًا على حشد عدد كافٍ من القوات لتطويق كييف، والاستيلاء على العاصمة الأوكرانية.
وتقول «وول ستريت جورنال»: تفسير استراتيجية بوتين ليس نتيجة تقييم رسمي، لكنه وجهة نظر بعض المسؤولين الأمريكيين، الذين لديهم إمكانية الوصول إلى معلومات سرية، والذين لا يتوقعون نجاح الاستراتيجية، مشيرة إلى أن بعض المحللين يلاحظون صعوبة تقييم أهداف وغايات بوتين، ويحذرون من قراءة الكثير من تطورات ساحة المعركة.
من جابنه، قال دانييل فرايد، المسؤول الكبير السابق في وزارة الخارجية، الذي عمل سفيراً للولايات المتحدة في بولندا: «هدف بوتين لم يتغير على الإطلاق(..) ما تغير هو تكتيكاته»، مشيرًا إلى أن «قطع رأس الحكومة الأوكرانية السريع لم ينجح(..) الآن يريد فقط سحقهم لأنهم يقاومون».
"الخطة ب" والشيشان
تواجه القوات الروسية تحديات هائلة، بما في ذلك الخدمات اللوجستية المعيبة، وتقلص المعروض من الذخائر الموجهة بدقة وتزايد الخسائر، وفقًا لحسابات الولايات المتحدة.
ففي ماريوبول ومدن أخرى، عادت القوات الروسية إلى بعض أساليب الحصار التي استخدموها في غروزني عامي 1999 و2000 أثناء الحرب الشيشانية الثانية، عندما تولى بوتين السلطة رئيسًا للوزراء ثم رئيساً.
ففي الشيشان، سعت القوات الروسية للسيطرة على مدينة رئيسة في إقليم روسي أصغر من نيوجيرسي، وهو ما تواجهه في أوكرانيا، بعد أن فشلت في السيطرة على مدن عدة في بلد يبلغ عدد سكانه 44 مليون نسمة، قبل أن يفر نحو 3.4 مليون من أوكرانيا، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وقالت «وول ستريت جورنال»: بعد أسابيع من القتال العنيف، توغلت القوات الروسية في شوارع مدينة ماريوبول الساحلية، وهو هدف استراتيجي مهم لموسكو، في الوقت الذي تسعى فيه إلى إنشاء ممر من شبه جزيرة القرم إلى غربي روسيا، مشيرة إلى أن السيطرة على المدينة ستمنح الروس انتصارًا في ساحة المعركة، رغم تكلفته الباهظة.
وهو ما أكده وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن لشبكة «سي بي إس نيوز»، قائلًا: «لقد رأينا استهدافًا متعمدًا لمدن وبلدات ومدنيين في الأسابيع الماضية(..) إنه يتخذ هذه الأنواع من الخطوات لأن حملته معطلة».
توافق صعب
وبعد الجولات الأولية من المفاوضات، لا تزال أوكرانيا وروسيا متباعدتين في القضايا الرئيسة، بما في ذلك مطالب الكرملين بأن تعترف حكومة زيلينسكي بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، وتتخلى رسميًا عن السيطرة على منطقة دونباس، وتتخلى عن تطلعاتها طويلة المدى للاندماج في الغرب، بما في ذلك هدفها بالانضمام -نهاية المطاف- إلى منظمة حلف شمال الأطلسي.
من جانبه، قال جون هيربست السفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا، في تصريحات لـ«وول ستريت جورنال»: الجيش الروسي غير تكتيكاته في ساحة المعركة، لكنه قال إنه لا يوجد ما يشير إلى أن بوتين قد تراجع عن مطالبه القصوى.
وأوضح هيربست أن الهدف الرئيس لبوتين في الموافقة على المحادثات مع أوكرانيا، كان تشجيع الغرب على تقديم تنازلات مع انطباع للجمهور الروسي بأنه منفتح على الدبلوماسية، مشيرًا إلى أن المحادثات لا يقودها من الجانب الروسي مسؤول رفيع المستوى.
وتابع الدبلوماسي الأمريكي: «أعتقد أنه بدأ المفاوضات على مستوى أقل بكثير؛ لأنه أدرك أن الأمور لا تسير على ما يرام في ساحة المعركة(..) لا يزال يحاول كسب الحرب في ساحة المعركة، لكنه لم يؤيد بأي حال أي شيء آخر غير قائمته المرجعية المتطرفة».
ثناء وانتقادات
ويتوجه الرئيس بايدن إلى بروكسل لحضور قمة الناتو الخميس، وسيشارك أيضًا في اجتماع المجلس الأوروبي، في رحلة تتزامن مع ثناء وانتقادات له في الداخل لتعامله مع الأزمة.
ويواصل بعض المشرعين دفع خطة، من شأنها تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة من طراز MiG-29 سوفيتية الصنع، وهي فكرة رفضها بايدن ومستشاروه.
وسعى زيلينسكي إلى ممارسة الضغط على بايدن والقادة في البلدان الأخرى، لإنشاء منطقة حظر طيران لحماية بلاده من الهجمات الجوية، بينما رفضت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي هذا الاقتراح، وتتحرك لإرسال المزيد من أنظمة الدفاع الجوي إلى أوكرانيا، حتى يتمكن الأوكرانيون من الدفاع بشكل أفضل عن مجالهم الجوي بأنفسهم.
والأسبوع الماضي، قال بايدن إن الولايات المتحدة سترسل 800 مليون دولار إضافية، مساعدة أمنية إلى أوكرانيا، بما في ذلك أنظمة ستينغر المضادة للطائرات، لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن مجالها الجوي، وصواريخ جافلين المضادة للدبابات.