وصلت من إثيوبيا... أسلحة روسية تحفظت عليها الخرطوم وأديس أبابا
قالت الخطوط الإثيوبية، إن المرسل إليه، الذي لم تكشف هويته، رفع دعوى قضائية على شركة الطيران أمام محكمة سودانية، مطالبًا فيها الشركة بتسليم البنادق، ودفع تعويض 250 ألف دولار

السياق
أزمة جديدة بين السودان وإثيوبيا، قد توتر العلاقات الملتهبة بين البلدين، بعد إعلان الخرطوم ضبط شحنة أسلحة، عبر طائرة قادمة من العاصمة أديس أبابا.
وقالت لجنة إزالة التمكين السودانية، في تصريحات نشرتها وكالة السودان للأنباء، إن السُّلطات المحلية تمكنت من ضبط شحنة أسلحة بمطار الخرطوم الدولي، عبر طائرة قادمة من أديس أبابا، مشيرة إلى أن الشحنة المضبوطة تشمل 72 صندوقًا تحتوي على بنادق آلية مزوَّدة بمناظير ليلية.
من جانبه، قال عضو اللجنة وجدي صالح، إن جزءًا من الشحنة تسرَّب من المطار إلى جهة غير معروفة، مشيرًا إلى أن مصدر الشحنة روسيا، حيث وصلت لإثيوبيا منذ مايو 2019، إبان الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني.
تحريات سودانية
وبينما رجَّح صالح، أن يكون الأمن الشعبي -الأمن الخاص بنظام البشير- هو المستفيد من هذه الشحنة، قال إن السُّلطات الأمنية تتحفَّظ على الضبطية، وشرعت في إجراء التحريات اللازمة، على أن يتم إعلان التفاصيل عقب اكتمال التحقيقات.
وعن كواليس ضبط الشحنة، قالت لجنة التفكيك وإزالة التمكين، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنها أبلغت السُّلطات المعنية، بمعلومات تفيد بأن شحنة أسلحة قادمة من أديس أبابا، عبر الخطوط الإثيوبية في طريقها إلى مطار الخرطوم، مؤكدة حجزها من قِبَلِ سُلطات الجمارك.
وأوضحت اللجنة، أن الأسلحة وصلت إثيوبيا، قادمة من العاصمة الروسية موسكو في مايو 2019، إلا أن السلطات الإثيوبية احتجزتها هناك طوال العامين الماضيين، وسمحت بشحنها للخرطوم على طائرة ركاب مدنية، من دون إنذار.
وقالت اللجنة إن هناك شكوكًا في استخدام الشحنة في جرائم ضد الدولة، وإعاقة التحول الديموقراطي، والحيلولة دون الانتقال للدولة المدنية، مشيرة إلى ارتباط وصول الأسلحة بحالة الانفلات التي تشهدها البلاد.
أديس أبابا ترد
من جانبها، ردت الخطوط الجوية الإثيوبية على البيان السوداني، مؤكدة أن «الأسلحة المذكورة بنادق صيد وكانت ضمن شحنة قانونية».
وأضافت الخطوط الجوية الإثيوبية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، أن البنادق احتجزت فترة طويلة في العاصمة أديس أبابا للتحقُّق منها.
وقالت الخطوط الإثيوبية، إن المرسل إليه، الذي لم تكشف هويته، رفع دعوى قضائية على شركة الطيران أمام محكمة سودانية، مطالبًا فيها الشركة بتسليم البنادق، ودفع تعويض 250 ألف دولار.
وزعمت الخطوط الإثيوبية، أن لديها جميع الوثائق التي تثبت شرعية الشحنة، بما في ذلك رسائل من وزارة الخارجية السودانية.
الحلقة الأحدث
حادث شحنة الأسلحة، أحدث حلقات الاتهامات المبتادلة بين إثيوبيا والسودان، التي تأتي بعد أيام، من كشف أديس أبابا محاولة لقادمين من الخرطوم، تعطيل عملية بناء سد النهضة، وهو ما رفضته الأخيرة معلنة احتجاجها على تلك التصريحات.
وقال منسِّق قطاع العمليات، لفرقة العمل المشتركة في منطقة متكل بإقليم بني شنجول جومز الإثيوبي، العقيد سيف إنجي، في تصريحات صحفية، إن قواته تصدت مساء الجمعة، لمجموعة وصفها بـ«المرتزقة الإرهابية» حاولت دخول أديس أبابا من السودان عبر الحدود.
واتهم المسؤول الإثيوبي، في تصريحات لإذاعة «فانا» الإثيوبية، الجبهة الشعبية لتحرير إقليم تيغراي، بتجنيد المجموعة المرتزقة المكونة من 130 عضواً لتعطيل عملية بناء سد النهضة الإثيوبي، مؤكدًا القضاء على 50 من أعضاء المجموعة، وإصابة 70 آخرين بجروح خطيرة.
وأكد العقيد إنجي، مصادرة ألغام مضادة للمركبات، وأنواع مختلفة من المتفجرات، في أيدي الجماعة التابعة للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، مشيرًا إلى أن القوات المسلحة لبلاده تتابع وتراقب المناطق الحدودية لحماية سد النهضة، وحماية المنطقة من أي تهديد داخلي وخارجي، يستهدف سيادة البلاد.
الخرطوم ترفض
التصريحات الإثيوبية، رفضتها الخرطوم، على لسان المستشار الإعلامي للقائد العام للجيش السوداني، العميد الطاهر أبو هاجة، الذي أكد أن «الاتهامات الإثيوبية بتخريب السودان لسد النهضة، لا أساس لها من الصحة».
ووصف المسؤول السوداني التصريحات الإثيوبية، بأنها تعبِّـر عن الواقع الذي وصفه بـ«الصعب» الذي يعيشه النظام الإثيوبي، بسبب انتهاكاته المستمرة لحقوق شعبه، داعيًا قيادة إثيوبيا إلى «حل صراعاتها بعيداً عن إقحام السودان فيها»، مشيرًا إلى أن «السودان لا يتدخل فى القضايا الداخلية للجارة إثيوبيا».
وفي أغسطس المنصرم، أدت الاتهامات بين البلدين، إلى استدعاء الخرطوم سفيره لدى أديس أبابا للتشاور، في أزمة ألقت بظلالها السلبية على منطقة القرن الإفريقي.
وقالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، حينها إنها رصدت التصريحات التى صدرت مؤخرًا عن مسؤولين إثيوبيين كبار، برفض مساعدة السودان في إنهاء النزاع الدموي المحتدم فى إقليم تيغري، بدواعي عدم حياده واحتلاله لأراضٍ إثيوبية.
تجاوز الحقائق
وقالت الوزارة، إن اهتمام السودان بحل نزاع إقليم تيغراي، جزء من التزامه بالسلام والاستقرار الإقليمي، وتعبير عن حرصه على استتباب الاوضاع في إثيوبيا، وللتضامن في ما تواجهه من تحديات، مشيرة إلى أن مبادرة رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، في إطار رئاسته للإيقاد، تهدف إلى تشجيع الأطراف الإثيوبية على التوصل لوقف شامل لإطلاق النار، والدخول في عملية حوار سياسي شامل، للحفاظ على وحدة إثيوبيا واستقرارها.
إثيوبيا ترفض
وكانت السكرتيرة الصحفية لمكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، بيلين سيوم، أكدت رفض بلادها توسط السودان لحل أزمة إقيلم تيغراي، لأنه طرف «ليس ذا مصداقية»، على حد قولها.
وقالت سيوم، إن «العلاقة مع السودان في هذه المرحلة شائكة، لأن مستوى الثقة مع بعض القادة تآكل بالفعل، خاصة بعد دخول قوات الجيش السوداني أراضي إثيوبية في نوفمبر الماضي»، بحسب قولها.
وأشارت إلى أن «الثقة أساس أي مفاوضات وأي وساطة أيضًا، وهي أمر غير متوافر حاليًا، وبحاجة إلى معالجة شاملة، قبل أن يصبح السودان طرفًا ذا مصداقية، في تسهيل أي وساطات بين الجبهة الإرهابية والحكومة الفيدرالية».
إقليم تيغراي
ويعيش إقليم تيغراي منذ نوفمبر 2020، على وقع معارك دامية بين القوات الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، ما أسفر عن مقتل وإصابة أسر الآلاف، وتهجير عشرات الآلاف من الأشخاص، نحو مناطق حدودية بالسودان.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أكد في تقرير، الجمعة، أن الحصار الفعلي المفروض على المساعدات لإقليم تيغراي شمال إثيوبيا يدفع ملايين السكان إلى شفا المجاعة، محذِّرًا من كارثة تلوح في الأفق.
ودعا المكتب جميع الأطراف، في الحرب الدائرة منذ عشرة أشهر في تيغراي، إلى السماح بدخول المساعدات للإقليم، مشيرًا إلى أن 5.2 مليون أي 90% من سكانه يحتاجون لمساعدات إنسانية عاجلة، بينما يواجه 400 ألف بينهم شبح المجاعة.
ودعا المكتب الحكومة الإثيوبية، إلى السماح بحرية تحرك العاملين، ونقل المساعدات داخل البلاد، عن طريق "رفع العوائق البيروقراطية" وغيرها من العقبات.