كيف يمكن للغرب مساعدة أوكرانيا؟

المزايا العسكرية التي تعطي السيطرة للقوات الروسية مقابل القوات الأوكرانية، ستتضاءل مع تحول العدو الذي تقاتله من جيش نظامي إلى مقاومة لا مركزية متحركة، حيث ستواجه بعدها مضايقات قد تقوِّض الانضباط العسكري للقوات الروسية.

كيف يمكن للغرب مساعدة أوكرانيا؟

ترجمات - السياق

سلَّطت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، الضوء على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مؤكدة أن هذه الأزمة تعد الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، مُحملة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مسؤولية الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب الأوكراني حاليًا.

وأشارت إلى ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخرًا، من أن الرئيس الروسي يحاول هزيمة دولة ديمقراطية ذات سيادة، وإخضاع سكانها البالغ عددهم 43 مليون نسمة للحكم الاستبدادي، على غير رغبة كل الدول تقريبًا، وربما جزء كبير من شعبه.

وذكرت أن الرئيس الأمريكي عبّر عن المسؤولية التي يتحملها بوتين بقرار الغزو، في قوله: "روسيا وحدها المسؤولة عن الموت والدمار اللذين سيحدثهما هذا الهجوم، ومن ثمّ سترد الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها بطريقة موحدة".

 

تصعيد غير كافٍ

وأوضحت "فورين أفيرز" أنه عقب تصريحات بايدن، اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الأوروبيون بعض الإجراءات الحاسمة ضد الجانب الروسي؛ على رأسها وقف التصديق على مشروع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم2" الذي يمتد بين روسيا وألمانيا، كما مُنعت البنوك الروسية الكبيرة من الوصول إلى التمويل الغربي، مشيرة إلى أنه "مع تفاقم التصعيد فإن هذه الإجراءات لم تعد كافية".

وأشارت إلى أن العقوبات لم تتوقف عند هذا الحد، بل أعلن البيت الأبيض، بالتنسيق مع المفوضية الأوروبية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة وكندا، أن الولايات المتحدة تدعم استبعاد بنوك روسية من نظام سويفت البنكي الذي يربط آلاف المؤسسات المصرفية في العالم.

وفي هذا الإطار، شددت المجلة الأمريكية، على أنه لاحتواء موسكو حقًا ومنعها من مهاجمة الدول الأوروبية الأخرى، يتعين على واشنطن، وحلفائها الغربيين مضاعفة العقوبات المشددة على "موسكو" بما يكفل إبطاء التحرك الروسي ومساعدة الأوكرانيين في المقاومة، وردع الكرملين عن أي تهديدات أخرى في المستقبل القريب، مؤكدة ضرورة أن تستهدف هذه العقوبات قطاع الطاقة الروسي، وكبار المسؤولين الحكوميين، وأعضاء البرلمان، مع العمل على شن هجمات إلكترونية ضد الجيش الروسي، من دون الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة.

وفي سياق متصل، لفتت "فورين أفيرز" الانتباه إلى أنه ضمن الإجراءات التي يجب على الغرب اتخاذها، تجميد ومصادرة أي حساب يخص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واتخاذ الحكومات الغربية لخطوات مماثلة ضد وزير الخارجية سيرجي لافروف.

وأضافت: "فضلًا عن اتخاذ قرار حاسم بشأن طرد روسيا من نظام سويفت المصرفي، ومنع البنك المركزي الروسي من الوصول إلى الأسواق المالية الغربية، يتعين أيضًا على الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا طرد السفراء الروس، وإغلاق القنصليات الروسية، إضافة إلى إغلاق المنافذ الدعائية التي تسيطر عليها موسكو، على غرار وكالتي روسيا اليوم وسبوتنيك".

وبالفعل في استجابة سريعة لمطالب المجلة الأمريكية، حظر الاتحاد الأوروبي وسيلتي الإعلام الروسيتين، روسيا اليوم وسبوتنيك، وفقًا لما ذكره كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.

 

مساعدة أوكرانيا

وبعد أن دعت "فورين أفيرز" إلى ضرورة معاقبة روسيا وبوتين، وضعت طرقًا عدة لمساعدة أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، مشددة على أنه يجب على الغرب تكثيف المساعدات العسكرية لمساعدة الشعب الأوكراني، من خلال توفير الخوذات والسترات الواقية من الرصاص، علاوة على مد الحكومة الأوكرانية بمعدات عسكرية، على غرار الصواريخ المضادة للطائرات، إضافة إلى تعطيل الاتصالات العسكرية الروسية.

وأوضحت أن على إدارة بايدن التراجع عن قرارها، بعدم إخراج الأمريكيين المحاصرين في أوكرانيا، الذين يريدون المساعدة، مشيرة إلى أن الجيش الأمريكي يعرف كيفية القيام بذلك من دون المخاطرة بمواجهة جنوده ضد الجنود الروس.

وعن أهداف بوتين من الحرب ودوافعه النهائية منها، أوضحت المجلة أن دوافع بوتين للحرب، قد تصبح أكثر وضوحًا خلال الأيام المقبلة، وأضافت: "لكن إذا كانت دوافعه تهدف لإعادة رسم الحدود أو حتى إسقاط الحكومة الحالية، فإنها ستواجه جماعات تمرد لا مفر منها، وسيكون من الصعب السيطرة عليها".

وأشارت إلى أن المزايا العسكرية التي تعطي السيطرة للقوات الروسية مقابل القوات الأوكرانية، ستتضاءل مع تحول العدو الذي تقاتله من جيش نظامي، إلى «مقاومة لا مركزية متحركة»، حيث ستواجه بعدها مضايقات قد تقوِّض الانضباط العسكري للقوات الروسية.

وبينّت المجلة الأمريكية، أن هذه المقاومة سترافقها حملات تأثير تتضمن صورًا مروعة للمجازر والقتلى العسكريين والمدنيين، بما يؤجج المشاعر المناهضة للحرب في روسيا، وحتى في المناطق التي قد يكون سكانها أكثر ميلاً لقبول الحكم الروسي في أوكرانيا.

وختامًا، تطرقت المجلة الأمريكية إلى ضرورة تعزيز التعاون الغربي لإطلاق حملة إعلامية واسعة النطاق، تستهدف إحاطة الشعب الروسي بالحقائق، لمواجهة المعلومات المضللة، موضحة أن تلك الحملات من شأنها تشجيع الشعب الروسي على تنظيم التظاهرات المتضامنة مع الشعب الأوكراني، ما يُشكل ضغطًا على النظام الروسي.

وأضافت: "يمكن أن تساعد هذه الحملة أيضًا الغربيين الذين اقتنعوا بدعاية الكرملين، في فهم أن الحرب ليست بسبب توسيع الناتو ، أو أحلام أوكرانيا الغربية، وإنما يتعلق الأمر بطموحات بوتين الإمبريالية وعدوانه الغاشم، وعليه أن يدفع ثمناً باهظاً"، مشددة على أنه "إذا لم يعاقَب بوتين، فلن يتوقف عند كييف".