تظاهرات وحملة اعتقالات بقطر... غضب ضد قانون انتخابات الشورى
السُّلطات القطرية، أحالت سبعة أشخاص إلى النيابة العامة، للتحقيق في اتهامات موجَّهة إليهم بنشر أخبار كاذبة، وإثارة صراعات عِرقية وقبلية.

السياق
«قانون لا يلبي الطموح وبه ثغرات» انتقادات وجدت طريقها إلى قانون انتخابات مجلس الشورى في قطر، الذي أثار جدلًا واسعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتسبَّب في خروج تظاهرات مندِّدة ورافضة لشروطه، التي وصفوها بـ«غير المنصفة».
وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، صدَّق في 29 يوليو الماضي، على سلسلة قوانين ومراسيم، تنظم إجراء أول انتخابات برلمانية في البلد الخليجي، في أكتوبر المقبل.
شروط مجحفة
إلا أن تلك القوانين، وضعت شروطًا لمَنْ يمكنه الانتخابات ومَنْ يمكنه الترشُّح، وصفها معارضوها بأنها «مجحفة»، وتحرم قطريين من ممارسة حقهم الدستوري المشروع، الذي جاء بعد 17 عامًا من وعود متتالية بإجراء انتخابات برلمانية.
القانون رقم (6) الخاص بنظام انتخاب مجلس الشورى، الذي وقَّعه أمير قطر، قسَّم القطريين إلى: قطريين أصليين يحق لهم الترشُّح والانتخاب، وقطريين مجنسين مولودين في قطر وجدهم قطري، يحق لهم الانتخاب لا الترشُّح، وقطريين مجنسين لا يحق لهم الترشُّح ولا الانتخاب.
القانون الجديد
ووفقًا للقانون الجديد «يتمتع بحق انتخاب أعضاء مجلس الشورى كل مَنْ كانت جنسيته الأصلية قطرية وأتم 18 سنة ميلادية، ويستثنى من شرط الجنسية الأصلية... كل مَنْ اكتسب الجنسية القطرية، بشرط أن يكون جده قطريًا ومن مواليد دولة قطر».
أما المرشَّحون فيتعيَّـن على المرشح أن يكون «جنسيته الأصلية قطرية، ولا يقل عمره عند قفل باب الترشُّح عن 30 سنة ميلادية».
جدل كبير
تلك الشروط، أثارت جدلًا كبيًرا على مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع بعض القطريين المنتمين إلى قبيلة آل مرة، ولا تنطبق عليهم هذه الشروط، إلى إطلاق عدد من الوسوم ونشر عدد من الفيديوهات اعتراضا عليها، مناشدين أمير البلاد، ضرورة تعديل هذه الشروط، باعتبارها تحرمهم حقهم في الانتخاب، كأي مواطنين آخرين.
إلا أن السُّلطات القطرية، أحالت سبعة أشخاص إلى النيابة العامة، للتحقيق في اتهامات موجَّهة إليهم بنشر أخبار كاذبة، وإثارة صراعات عِرقية وقبلية.
وقالت وزارة الداخلية القطرية -في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه- إنه «بعد وقوف الجهات المعنية على المحتوى المنشور في حساباتهم وارتباطه بموضوع الاتهام، تمت إحالتهم للنيابة العامة لاستكمال إجراءاتها المتبعة في هذا الخصوص».
قبيلة آل مرة
وبينما لم يذكر بيان الداخلية أسماء المتهمين، إلا أن قرارها بإيقاف المتهمين، جاء بعد انتقادات قطريين من قبيلة آل مرة الكبيرة، من أن قانون الانتخابات يحول دون مشاركتهم في التصويت، في أول انتخابات تشريعية في تاريخ البلاد.
وبحسب مراقبين، فإنه نظرًا لوضع قبيلة آل مرة، شبه البدوية في قطر، فإن قانون الانتخابات سيحول دون مشاركتهم في التصويت، لأنهم يفتقرون إلى المؤهلات اللازم توافرها من أجل اكتساب أصول قطرية.
بيان وزارة الداخلية القطرية، بشأن ضبط المتهمين السبعة، أدى إلى احتجاج العشرات من المواطنين، وبث بعضهم مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، طالبوا فيها بإطلاق سراح المعتقلين من أبنائهم.
"تويتر" ينتفض
وبينما نشر مغرِّدون مقاطع فيديو تظهر الاحتجاجات التي شاركت فيها بعض الحشود الرافضة للقانون، الذين وصفوه بـ«العنصري»، دشن آخرون هاشتاغات عبر «تويتر»، تحت وسم «#قطر_تنتفض، و#مظاهرات_قطر»، عبَّـروا فيها عن غضبهم من القانون.
المحامي القطري الشهير هزاع بن علي شريدة العذبة المري، خاطب أمير قطر في مقطع فيديو، تضمن تهديدًا صريحًا برفض شروط الانتخابات البرلمانية، المقرَّر إجراؤها في أكتوبر المقبل.
فتنة خطيرة
وطالب المحامي، أمير قطر بأن ينقذ نفسه وشعبه من فتنة خطيرة، أولها القهر والظلم والصدام بين أبناء الشعب الواحد، وآخرها تدخل المجتمع الدولي بين الحاكم وشعبه، مشيرًا إلى أن الغبن السياسي وانتقاص المواطنة من دون أساس، قد يقود إلى الفرقة، كما حدث في بعض الدول التي تطالب بتقرير المصير.
وقال هزاع موجِّهًا حديثه لأمير قطر: «أنتم مَنْ دفعتمونا لذلك، وأنتم مَنْ وضعتهم هذه القوانين غير الدستورية لترفض، وسنطالب بحقوقنا وكرامتنا في هذا الوطن، حتى لو كتب علينا الموت في سجونه (..) لا تدفعنا إلى ما تكرهه منا، ونكرهه منك، فهي منقضة للقائد وليست منقصة».
وشارك المحامي هزاع في احتجاجات سِلمية نظمتها قبيلة آل مرة، ردًا على إقصائها من الانتخابات التشريعية، ليخاطب حشد المحتجين، قائلا: إن على الحكومة إطلاق سراح المعتقلين خلال مهلة يوم واحد فقط.
القبض على المحامي البارز
إلا أن السُّلطات القطرية لم تمهل المحامي البارز ساعات، حتى ألقت القبض عليه، بعد أن برز كأحد المؤثرين، في الاحتجاجات التي نظمتها قبيلته، ضد إقصائهم من أول انتخابات تشريعية، يشهدها البلد الخليجي.
وعن لحظة اعتقاله، قال هزاع بن علي في تغريدة عبر «تويتر»: «البحث الجنائي عندي في مجلسي الآن، يطلبون ذهابي معهم، وسوف أذهب متحصّنًا بالله أولاً ثم أبناء قبيلتي آل مره والمواطنين ثم الدستور والقانون».
تجربة جديدة
من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء القطري الأسبق حمد بن جاسم بن جبر، إن بلاده تمر بتجربة «لا أريد أن أسميها ديمقراطية بل هي مشاركة شعبية»، مشيرًا إلى أنه «في كل تجربة جديدة تحصل بعض الثغرات ولكن ما هكذا تورد الإبل»، في إشارة إلى رفضه للتظاهرات التي اندلعت احتجاجًا على القانون الانتخابي.
وأوضح حمد بن جاسم، في سلسلة تغريدات عبر «تويتر»: أي موقف يقفه المواطن أو المقيم، فهذا واجب للوطن ولولي الأمر، ولا يجب على كائن من كان أن يمن بهذه المواقف على بلده أو على أميره».
«فهذه المواقف، وما دون ذلك من المطالب والمظالم، لها طريق ولها أسلوب تعودنا عليه في العائلة القطرية، ويجب ألا نخرج عن هذه العادات تحت أي ظرف»، يضيف حمد بن جاسم، مشيرًا إلى أن «العائلة القطرية تحل أمورها تحت راية الوطن وتحت راية ولي الأمر، خاصةً أن هناك لجنة تظلم، أمر بها الأمير المفدى».
أسلوب التهديد
الأميرة القطرية لؤلؤة بنت جاسم آل ثاني، قالت بدورها، في تغريدة عبر «تويتر»: «إن الأمير لم يسلِّم أمر شعبه للغير... ومعاذ الله أن يرضى قهر شعبه».
وعبَّرت الأميرة القطرية، عن رفضها لما وصفته بـ«أسلوب التهديد والوعيد المبطن وإذكاء العصبية القبيلة»، مشيرة إلى أنه كان الأجدر أن يلجأ أي شخص يريد التظلم إلى جهة التظلم التابعة للجنة الانتخابات، قبل أن يختار وضع قبيلته في مواجهة مع الدولة.