هزيمة مدوية... حركة النهضة تفشل في حشد أنصارها ضد قرارات قيس سعيد
رفع المتظاهرون شعارات ضد قرارات الرئيس سعيد، مطالبين بعودة عمل البرلمان، في المقابل رفع متظاهرون آخرون شعارات داعمة للإجراءات التي اتخذها الرئيس.

السياق
حلقة جديدة من سيناريوهات الإخفاق، تتعرَّض لها حركة النهضة في تونس بعد فشل أنصارها، أمس السبت، في التظاهر ضد قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد.
تحت شعار "مواطنون ضد الانقلاب" دشن عدد من شباب حركة النهضة والأحزاب الموالية لها، هاشتاجًا على منصات التواصل الاجتماعي، للحشد أمام المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة، من أجل ما سموه "اعتراضًا على الانقلاب".
فشل النهضة
جاء تدشين تلك الدعوات، عقب تداول مقطع فيديو للرئيس التونسي السابق، الحليف لحزب حركة النهضة المنصف المرزوقي، الذي استخدم كلمة انقلاب، لوصف القرارات الاستثنائية التي اتخذها سعيد في ٢٥ يوليو الماضي وما تبعها من حديث عن تعديل الدستور.
وبينما عَـدَّ مراقبون، فشل النهضة في حشد أنصارها، مؤشرًا على دعم الشارع التونسي لقرارات سعيد، فإن الاستجابة للدعوة بالتظاهر، التي كان يتوقَّع أنصار النهضة أن تكون مليونية، جاءت محدودة للغاية، وانقسمت بين مندد وداعم، بينما استغل أنصار النهضة الصور للترويج إلى دعوتهم للتظاهر، من دون الإشارة إلى مئات الداعمين للإجراءات الرئاسية.
ورفع المتظاهرون شعارات ضد قرارات الرئيس سعيد، مطالبين بعودة عمل البرلمان، في المقابل رفع متظاهرون آخرون شعارات داعمة للإجراءات التي اتخذها الرئيس.
إرباك المشهد
"تحاول أحزاب: حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة، وكل من قطع عليهم رئيس الجمهورية التونسي مكاسب السلطة والحُكم، الضغط بشتى الطرق لإرباك المشهد الراهن" هكذا تحدَّث المحلل السياسي التونسي محمد ذويب لـ"السياق".
وقال ذويب: "بعد فشل دعوات حركة النهضة، في مناشدة الخارج التدخل في تونس، ها هي تحاول تحريك الشارع ضد قرارات الرئيس".
ويفسِّر المحلل السياسي التونسي، عدم ظهور حركة النهضة بشكل مباشر، في الدعوة للتظاهر ضد قرارات الرئيس التونسي، بقوله إنها "مهدَّدة اليوم بتطبيق مخرجات تقرير دائرة المحاسبات والمحاسبة، عبر فتح الملفات الثقيلة كالتسفير والاغتيالات السياسية وابتزاز رجال الأعمال، وتخشى الظهور بمظهر مواجهة الرئيس، لكنها تقف وراء من يحشدون للنزول للشارع، وهم مجموعة من المدونين الموالين لها، وبعض الجمعيات والمنظمات والاحزاب الصديقة لفرع الإخوان في تونس".
ويقلل ذويب من حجم تلك الدعوات قائلاً: "مهما كان حجم دعوات الحشد، فلن يؤثر في مسار الإصلاح بتونس، وقرارات الرئيس التي من المنتظر أن يعلنها الأيام المقبلة، المتعلِّقة بتشكيل حكومة وحل البرلمان، وإجراء استفتاء لتغيير النظام السياسي، والدعوة لانتخابات مبكرة وفتح الملفات القضائية الكبيرة".
العملاء والخونة
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد، وعد بأن يتم تشكيل الحكومة الجديدة في أقرب الآجال، متحدثًا عن إمكان إدخال تعديلات على الدستور، وهو ما رفضته حركة النهضة والاتحاد العام للشغل.
وقال الرئيس التونسي، في مقطع مصور بثته الرئاسة على الإنترنت قبل أيام، إنه لن يعقد صفقات مع من وصفهم بالـ"خونة" في إشارة إلى حركة النهضة، التي أكدت بدورها في بيان رسمي أنه "لا حل للخروج من الأزمة المعقَّدة إلا بحوار وطني شامل، وتكريس مبدأ التشاركية في بناء مشهد يحقِّق الاستقرار السياسي، والمناخ المساعد في إنجاز الإصلاحات الكبيرة، بما يفتح أفقًا سياسيًا، ويعيد السلطة إلى الشعب صاحب السيادة".
وقال سعيد: "لن أتعامل مع العملاء والخونة، ومن يدفعون الأموال للإساءة لبلادهم، لن أتحاور معهم"، مؤكدًا أن التدابير الاستثنائية، التي اتخذها قبل نحو شهرين، لا تمتّ إلى الانقلاب بصلة كما يتّهمه بذلك خصومه، وأضاف: "مرة أخرى أريد أن أقول لجميع أولئك الذين بدأوا يتحدَّثون هذه الأيام عن انقلاب، كيف يمكن الحديث عن انقلاب بناءً على الدستور؟ بناءً على الفصل 80 من الدستور الذي يخوّل رئيس البلاد اتخاذ هذه التدابير، عندما يكون هناك خطر داهم على الدولة، واليوم الخطر جاثم على الدولة التونسية؟".
وفي 25 يوليو الماضي، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، عددًا من القرارات الاستثنائية، مستخدمًا صلاحياته بحسب الفصل 80 من الدستور، تضمنت أهم تلك القرارات تجميد أعمال البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، وتوليه بنفسه السُّلطة التنفيذية، وإعفاء وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة، ووزيرة الوظيفة العمومية والناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان من مهامها، كما أعفى الرئيس التونسي مسؤولين آخرين في مناصب عليا بالحكومة من مهامهم.