تمهيدا لحظرها.. أوروبا تضرب شبكات تمويل الإخوان
سلّطت وسائل إعلام ألمانية، الضوء على هذه الشبكة، التي تأسست عام 1996 باسم Europe Trust، بعد استحواذها على عقار في العاصمة برلين بـ 4 ملايين يورو.

السياق
استمرارًا لسياسة تضييق الخناق على جماعة الإخوان وتجفيف منابع تمويلها، رصدت ألمانيا بؤرة تطرف جديدة، بتمويل من فرع تنظيم الجماعة في لندن.
مراقبون رأوا أن هذه الشبكة الإخوانية الممولة من جبهة لندن، تأتي ضمن محاولات التنظيم لتوفير ملاذات آمنة لتمويله، بعد التضييق عليه في أوروبا وتركيا.
ولم يستبعد المراقبون أيضاً أن تكون هناك "وشاية" من جبهة محمود حسين في إسطنبول للسلطات الأمنية بألمانيا، في إطار الصراع الداخلي مع جبهة إبراهيم منير، للحد من قدراتها المالية.
على صعيد متصل، يرى متخصصون في الحركات الإرهابية، أن الإخوان تسير على خطى مليشيات حزب الله، التي تعتمد على تشكيل شبكات معقدة لضمان تمويلها، عبر عقارات وبنوك ومكاتب صرافة، لتبييض أموال التجارة غير المشروعة للمليشيا وتحديًدا في أمريكا اللاتينية.
الغطاء الخيري
وسلَّطت وسائل إعلام ألمانية، الضوء على هذه الشبكة، التي تأسست عام 1996 باسم "Europe Trust"، بعد استحواذها على عقار في العاصمة برلين بـ 4 ملايين يورو.
وتعد هذه الشبكة فرعًا للمؤسسة الأم في بريطانيا، وتعمل تحت غطاء الأنشطة الخيرية والتنموية في قارة أوروبا.
كانت صحيفة تايمز البريطانية قالت عام 2015، إن "Europe Trust" تمتلك أصولًا عقارية تزيد قيمتها على 8.5 مليون جنيه استرليني، وترسل إيرادات ريعها إلى شبكة التنظيمات غير الرسمية المرتبطة بجماعة الإخوان، في جميع أنحاء أوروبا.
المفارقة أنها منظمة خيرية وتعمل في مجال العقارات، حيث تمتلك- بحسب الصحيفة البريطانية- ما يزيد على 45 عقارًا في مدينة ليدز وحدها.
تحركات برلمانية
حسام حسن، الباحث في جامعة فيينا يقول لـ"السياق"، إن أوروبا بدت عازمة على حظر الإخوان، لكن تدريجيا، عبر إقرار حزمة من التشريعات، التي تقيد حركاتها اجتماعيًا واقتصاديًا.
ودلل الباحث على ذلك بتحركات البرلمان الأوروبي، لضبط تمويل جماعة الإخوان في القارة العجوز، عبر مؤسسات أوروبية، كان آخرها تمويل حملة "نستطيع".
التحركات التي جاءت عبر طلب إحاطة، كشفت عن تمويل الاتحاد الأوروبي نفسه، عبر برنامج الحقوق والمساواة، لهذه الحملة، التي تحض على الكراهية في مواقع التواصل الاجتماعي.
واعتبر حسام حسن، أن هذه الخطوة تأتي في سياق التحرك الجماعي الأوروبي، لتضييق الخناق على الإخوان، بعد التأكد من ارتباطها بالجماعات الإرهابية المسلحة، وتحديدًا تنظيم داعش.
فبعد منتدى فيينا الأخير، وتشكيل تحالف بين باريس وفيينا والدنمارك وبلجيكا لهذا الغرض، بدا أن هناك تحركًا أوروبيًا لتوسعته ليشمل دولًا أخرى مثل ألمانيا، ما يضع نهاية للتنظيم الإرهابي العابر للحدود في أوروبا.
حصار الإخوان
مصادر ربطت لـ"السياق" بين التحركات الأوروبية لتضييق الخناق على جماعة الإخوان في أوروبا، والصراع المحتدم بين جبهتي اسطنبول بقيادة محمود حسين، ولندن بقيادة إبراهيم منير.
ولفتت إلى أن الخصومة بين الجانبين، يمكن أن تصل إلى حد الوشاية بمصادر التمويل السرية للجماعة الإرهابية في أوروبا، لضرب جبهة إبراهيم منير التي تستند إلى قدراتها المالية، وتحاول تركيع جبهة اسطنبول من خلالها.
ويقول محمود شعبان، الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي لـ"السياق"، إن تنظيم الإخوان يمر بفترة عصيبة، في ظل التحولات الاستراتيجية غير المسبوقة التي تشهدها القوى الإقليمية.
وأكد شعبان أن تنظيم الإخوان يسعى لتأمين مسارات تمويله، لاستمراره مع الضربات المتلاحقة التي يتلقاها إقليميًا ودوليًا، خصوصًا أنه "يجيد لعبة تغيير الولاءات والرعاة بسرعة كبيرة.
ويشير الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، إلى أن التنظيم يريد أن يقفز على المرحلة السياسية الإقليمية الجديدة، ويسوق نفسه لأفراده بقدرته على تحقيق براجماتية سياسية، ومن ثم حلحلة بعض الملفات، لكنه في الوقت نفسه يعاني ازدواجية القرار، مع وجود تيارين متنازعين.
ويؤكد شعبان أن التحولات الإقليمية، بكل تعقيداتها، وتكلفة الدول الحاضنة للتنظيم، ستؤثران في تمويله، ما دفعه إلى التحرك نحو بناء شبكات مالية معقدة، يمكن أن تساعد في بقائه، خصوصًا من تشرد أعضائه في الخارج، وملاحقهم بتهم الكراهية والإرهاب.