تحشيدات مسلحة في العاصمة طرابلس... هل اقترب يوم الحسم؟

ادعت المليشيات المسلحة، التي تجوب المنطقة الغربية، أن أعدادها بالآلاف، في رسالة تحذيرية بعثت بها إلى رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا، من أي محاولة لدخول العاصمة طرابلس ستواجه بحرب ضروس.

تحشيدات مسلحة في العاصمة طرابلس... هل اقترب يوم الحسم؟

السياق

ليل طويل عاشته العاصمة الليبية طرابلس، على أصوات الحشود العسكرية للمليشيات المسلحة، التي أغلقت طرقًا وأثارت رعبًا وهلعًا بين الليبيين، وألقت بحجر في المياه الراكدة.

فعدد من المليشيات المسلحة، التي خرجت من ثلاث مدن في المنطقة الغربية: الزاوية والزنتان ومصراتة، طوَّقت العاصمة الليبية طرابلس، وأغلقت طرقًا ومناطق عدة بالسواتر الترابية.

وبحسب مصادر ليبية تحدثت إلى «السياق»، فإن أرتالًا تضم مدرعات وعشرات السيارات المسلحة، دخلت طريق مطار طرابلس وقصر بن غشير قادمة من مصراتة، مشيرًا إلى أن المليشيات أغلقت الطريق الرئيس أمام معسكر الإمداد في السواني جنوبي طرابلس بالسواتر الترابية والآليات العسكرية.

وأكدت مصادر «السياق»، أن القوات التي تجوب شوارع العاصمة طرابلس حاليًا، قوة حماية الدستور التابعة لحكومة الوحدة الوطنية المقالة، وتضم عددًا من الكتائب العسكرية من المنطقة الوسطى والغربية.

 

رسالة لباشاغا

يأتي ذلك، بينما ادعت المليشيات المسلحة، التي تجوب المنطقة الغربية، أن أعدادها بالآلاف، في رسالة تحذيرية بعثت بها إلى رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا، من أي محاولة لدخول العاصمة طرابلس ستواجه بـ"حرب ضروس".

تلك المليشيات، التي رفعت شعار «يوم الحسم اقترب»، رددت في مقاطع متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن أعدادها بالآلاف، موجهة رسالة إلى رئيس حكومة الاستقرار فتحي باشاغا، قائلة: «اللي عنده حاجة يجينا في الميدان»، في تحدٍ واضح للرجل ذي الخلفية الأمنية.

إلا أنه -بحسب مصادر ليبية- فإن تلك الحشود المسلحة جاءت بعد ساعات من اجتماع سري لرئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا، في العاصمة التونسية مع آمر المجلس العسكري الزنتان فتحي الغزيل وآمر كتيبة ثوار صبراتة عبدالله الخطابي، تمهيدًا لدخول العاصمة طرابلس.

وأوضحت المصادر، أن اللقاء الذي سُرب، الهدف منه دفع عبدالحميد الدبيبة إلى إعلان حالة النفير العام للمليشيات التابعة له، خوفًا من أي هجوم محتمل لفتحي باشاغا على العاصمة طرابلس.

 

حياد مصراتة

يأتي ذلك، بينما أعلنت مصراتة (مسقط رأس رئيسي الحكومة المقالة عبدالحميد الدبيبة والحالية فتحي باشاغا)، أنها ستقف على الحياد، مطالبة الرجلين القويين بالإبقاء على الصراع سياسياً، وتجنيب العاصمة والمنطقة الغربية أي نزاع عسكري.

وقال عدد من القادة وآمراء الكتائب المسلحة، في البيان الذي ألقاه المليشياوي محمد الحصان قائد كتيبة 166 ومختار الجحاوي آمر قوة مكافحة الإرهاب وعبدالسلام عليلش القائد بكتيبة حطين وصلاح الخباشة آمر قوة الاحتياط باللواء 53: "انطلاقًا من مبدئنا الثابت حيال الوضع الحالي على الساحة السياسية في البلاد، وتقديراً منا لخطورة الموقف، سعينا مع بعض القادة لفتح قنوات اتصال بين الأطراف، لتجنيب المنطقة الغربية والعاصمة شبح الصدام، ومحاولة الوصول لحل يبدد مخاطر زعزعة الأمن والاستقرار، وقطع الطرق أمام المتربصين بالوطن من الداخل والخارج".

وأكد البيان أنهم عقدوا اتفاقًا مع باشاغا والدبيبة، على أن يبقى الصراع سياسيًا، محملًا إياهما والبعثة الأممية مسؤولية أي قطرة دم "تسال من أبناء هذا الوطن".

 

اجتماعات تونس

يأتي بيان قادة مصراتة، بعد أيام من لقائهم فتحي باشاغا في العاصمة التونسية، في لقاء فسَّره فريق حينها، بأنه سيكون تمهيدًا لدخول طرابلس.

كان باشاغا، اجتمع الأسبوع الماضي، بكتائب مصراتة، بينهم محمد الحصان آمر غرفة العمليات بالكتيبة 166 المكلفة بتأمين النهر الصناعي، ومختار الجحاوي آمر قوة مكافحة الإرهاب، إضافة إلى عدد من القادة الميدانين لمدينة مصراتة، مصطفى الأشلم والتهامي الجطلاوي ومحمد بن عزي وأيمن غري ومحمد اغليو.

إلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن فتحي باشاغا يدفع ثمن تردده في دخول طرابلس، مشيرًا إلى أن وفد ميليشيات مصراتة، الذي التقاه في تونس كان هدفه منحه الأمان في التخلي عن مغامرته التي وصفها بـ«الطائشة» في تشكيل حكومة مناهضة لحكومة مصراته الحالية، التي تقودها عائلة الدبيبة.

 

مشاورات القاهرة

تأتي تلك التحشيدات بعد أيام من اجتماعات في العاصمة المصرية القاهرة، تستمر حتى الأربعاء المقبل، بين وفدي مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، للاتفاق على إطار دستوري لإجراء الانتخابات في ليبيا.

وبحسب مراقبين، فإن تلك التحشيدات المسلحة، قد تضرب أي توافقات تنتج عن مشاورات القاهرة، خاصة أن المليشيات المسلحة تسيطر على المنطقة الغربية، حيث المجلس الأعلى للدولة الذي يمثل جانبًا من تلك الاجتماعات.

وأوضح المراقبون، أن تلك التحشيدات، قد تكون رسالة إلى أطراف عدة، أولها وفد «الأعلى للدولة» في القاهرة، مفادها ضرورة عرقلة أي توافق يقضي بإقصاء حكومة الدبيبية، بينما كانت الرسالة الثانية موجهة خارجيًا إلى الولايات المتحدة، التي تقود حراكًا عبر سفيرها بليبيا ريتشارد نورلاند والمبعوثة الأممية الأمريكية الأصل ستيفاني ويليامز، لحل أزمة الحكومتين.