بعد اعتراف بوتين بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك.. هل الحرب وشيكة؟

حسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، نقلًا عن مسؤولين أوكرانيين، فإن قرار بوتين ستلحقه مطالبة القادة الانفصاليين، بطلب المساعدة العسكرية من روسيا، ما يسهل الطريق أمام هجوم عسكري روسي

بعد اعتراف بوتين بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك.. هل الحرب وشيكة؟
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

السياق

الأوضاع في البقعة السوفيتية السابقة تدخل منعطفًا حرجًا جديدًا، وبينما تلوح نذر الحرب في الأفق، قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اعتراف بلاده باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في أوكرانيا، دونيتسك ولوغانسك، وطالب "مجلس الدوما" بالاعتراف الفوري بهذا القرار، ودعم الجمهوريتين اللتين تنتميان إلى أوكرانيا، بموجب القانون الدولي.

وألحق بوتين اعترافه، بإصدار مرسوم أمر بموجبه القوات المسلحة الروسية، بأن تتولى مهام حفظ السلام على أراضي الجمهوريتين الشعبيتين "لوغانسك ودونيتسك"، لكن لم يتبين الموعد لحدد لانتشار الجنود الروس في الجيبين الانفصاليين، كذلك حجم القوات والعتاد، إضافة إلى ذلك أمر بوتين وزارة الخارجية بإقامة علاقات دبلوماسية مع لوغانسك ودونتيسك.

إجراءات غير قانونية

دونيتسك ولوغانسك، اللذان يسميا إقليم دونباس، سُحبا من السيادة الأوكرانية بفعل انفصاليين موالين لروسيا، بدعم قوى من موسكو بعد حرب عام 2014 إذ سيطروا على المباني الحكومية وأعلنوا "جمهوريات قومية" جديدة، واعترف بوتين الاثنين بهما كجمهوريات مستقلة، ويعيش فيهما 3.8 مليون شخص يتحدثون الروسية، وكثيرون منهم يحملون الجنسية الروسية.

بينما دعا وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا، إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بشأن ما وصفها بـ"الإجراءات غير القانونية" لروسيا.

هذا الاعتراف الروسي، فسرته صحيفة الغارديان، بأنه مزيد من تصاعد مخاوف قيام حرب شاملة في المنطقة.

وحسب الصحيفة البريطانية، فإن هذا القرار يسوغ لروسيا نشر قوات عسكرية في الإقليمين الانفصاليين، بذلك فإن القوات الروسية سوف تكون داخل الأراضي الأوكرانية، وليست على الحدود كما هو الحال الآن 

مينسك2

وأكدت "الغارديان" أن اعتراف روسيا بتلك المناطق الانفصالية الأوكرانية، يسرع من اشتعال حرب صريحة بين روسيا وأوكرانيا، ومعها تمزق اتفاقية مينسك2، التي وقِّعت عام 2015 بعد التدخل الروسي في القرم، وهي التي تحافظ على الحد الأدنى من السلم بين البلدين، رغم أنها لم تُفعَّل بالشكل القويم طوال سبع سنوات من إقراراها.

وذكرت الصحيفة البريطانية أن لروسيا تاريخًا مقلقًا من اعترافها بالمناطق الانفصالية مع جيرانها السوفيت السابقين، فقبل 14 عامًا اعترفت باستقلال "أبخازيا" و"أوسيتيا الجنوبية"، وهما منطقتان انفصاليتان في جورجيا، بعد حرب عام 2008 وبذلك تم القضاء على رغبة جورجيا في الانضمام إلى حلف الناتو.

مبرر روسيا لغزو أوكرانيا

وحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، نقلًا عن مسؤولين أوكرانيين، فإن قرار بوتين ستلحقه مطالبة القادة الانفصاليين، بطلب المساعدة العسكرية من روسيا، ما يسهل الطريق أمام هجوم عسكري روسي، إذ إن أراضي الإقليمين الانفصاليين دونيتسك ولوغانسك، تمتد إلى ما وراء الأراضي التي يسيطرون عليها وتصل إلى داخل سيطرة الجيش الأوكراني.

وبعد اعتراف بوتين، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام أجنبية، مشاهد تظهر احتفالات ليلية عارمة لسكان دونيتسك ولوغانسك، مبتهجين بهذه الخطوة الروسية.

تحذيرات أمريكية

كانت الولايات المتحدة الأمريكية، قد حذرت موسكو الأسبوع الماضي، من الاعتراف باستقلال المناطق الانفصالية من أوكرانيا، وهددت القوى الغربية والأوروبية، بأنها سوف تفرض عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا، حال اعترافها بتلك المناطق، بينما لم تُفرض أي عقوبات حتى كتابة هذه السطور، وصرح مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأن العقوبات ضد روسيا ستقر اليوم.

اتصال أمريكي أوكراني

وأعلن البيت الأبيض أن واشنطن ستفرض عقوبات، على أي أفراد أو كيانات، تتعامل مع المنطقتين الانفصاليتين شرقي أوكرانيا، بينما اتصل الرئيس الأمريكي جو بايدن بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لإدانة قرار روسيا قائلًا إن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على روسيا.

وقال وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، إن هذا الاعتراف سوف "يلحق المزيد من الأضرار بسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، ويمثل خرقًا للقانون الدولي"، وعدَّ قرار بوتين رفضًا لالتزامات روسيا باتفاقيات مينسك، وهجومًا واضحًا على سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها.

وصدر بيان عن البيت الأبيض، ورد فيه أن بايدن أجرى مكالمات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتز، لمناقشة كيفية تنسيق ردهم.

العقوبات الأوروبية

من أمريكا إلى لندن، إذ أكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أن اعتراف روسيا باستقلال دونيتسك ولوهانسك، يعد انتهاكا لوحدة أراضي أوكرانيا، وتنصلًا روسيًا من عملية واتفاقيات مينسك،

وأبعد من ذلك شدد جونسون على أن بلاده تبحث إرسال مزيد من "الدعم الدفاعي" لأوكرانيا.

وقالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، إن بلادها والاتحاد الأوروبي اتفقا على التنسيق "لفرض عقوبات سريعة على موسكو ومساعدة كييف"، كما أدان قصر الإليزيه اعتراف موسكو بالانفصاليين الأوكرانيين، وطلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، لبحث الأزمة الأوكرانية.

وفي ألمانيا قالت وزيرة خارجيتها أنالينا بيربوك، إن قرار روسيا "يمثل خرقًا صارخًا للقانون الدولي، وضربة قوية للجهود الدبلوماسية، لتسوية سلمية وحل سياسي للصراع الحالي"، ودعت موسكو للتراجع عن قرارها، والعودة إلى حل النزاع بالطرق الدبلوماسية.

الصين تعرب عن موقفها

ومن بكين قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، إن التطور الحالي للوضع في أوكرانيا، مرتبط بشكل وثيق بالتأخير في تطبيق اتفاقات مينسك، جاء ذلك في اتصال هاتفي بنظيره الأمريكي أنتوني بلينكن.

وذكرت وزارة الخارجية الصينية أن وانغ يي، أكد لبلينكن أن موقف بلاده بشأن القضية الأوكرانية ثابت.
وقالت في بيان: "إن بكين تدعو مرة أخرى جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس، وإدراك أهمية تنفيذ مبدأ عدم قابلية الأمن للتجزئة، ونزع فتيل التوتر وحل الخلافات من خلال الحوار والمفاوضات" وأكدت وجوب احترام المخاوف الأمنية المشروعة لأي دولة، ومراعاة المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة.

الأمن مسؤولية روسيا

من جانبه أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن روسيا تضمن أمن دونيتسك ولوهانسك، جاء ذلك في مقابلة له مع قناة روسيا 24 أكد فيها أن "معاهدة الصداقة والتعاون الموقعة بين روسيا وهاتين الدولتين الجديدتين، نحن نضمن فيها أمنهما، أعتقد أن الجميع يفهمون ذلك".

وحسب وكالة سبوتنيك الإخبارية الروسية، فإن برلماني ما سمتهما "جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك"، أقرا قانونين بشأن التصديق على معاهدة الصداقة والتعاون المتبادل مع روسيا.

ونقلت عن مراسلها هناك أن "برلمان جمهورية لوغانسك" صوَّت بأغلبية خلال الجلسة غير العادية للبرلمان، وبلغ عدد النواب الذين صوتوا 46 نائبًا.

وذكرت "سبوتنيك" أن الوضع مطابق في "برلمان جمهورية دونيتسك" إذ أقر قانونًا مشابهًا، حيث صوَّت 87 عضوًا لصالح اعتماد القرار.

وتنشر روسيا -منذ أسابيع- عشرات آلاف الجنود على حدود أوكرانيا، بينما يؤكد الغرب أن هدف موسكو هو غزو جارتها وإطاحة النظام السياسي الموالي لها هناك.

وأجرت مناورات عسكرية نووية وبرية وجوية وبحرية ضخمة، أشرف عليها الرئيس فلاديمير بوتين، وفيها أطلقت العديد من الصواريخ البالستية العابرة للقارات وصواريخ كروز.