ألمانيا تحصِّن نفسها ضد إرهاب الإخوان وداعش
القرار الألماني، جاء ضمن سلسلة قرارات أوروبية أخرى، تستهدف تنظيم الإخوان الإرهابي، التي كان منها فرض رقابة أوروبية شديدة على تحركات أعضاء الجماعة.

السياق
بعد ساعات من إصدار النمسا قانوناً لمكافحة الإرهاب والتطرف، يستهدف جهود الدولة لحظر أنشطة التنظيمات الإرهابية وملاحقة مموِّليها، أصدرت ألمانيا الخميس، قانوناً اتحادياً جديداً، يحظر استخدام الرموز والشعارات، التي تنتمي إلى تنظيمات متشدِّدة بينها الإخوان.
القرار الألماني، جاء ضمن سلسلة قرارات أوروبية أخرى، تستهدف تنظيم الإخوان الإرهابي، التي كان منها فرض رقابة أوروبية شديدة على تحركات أعضاء الجماعة.
حرص ألماني
في محاولة منها لتحصين مواطنيها، من خطر الأفكار المتطرفة، حظرت ألمانيا استخدام رموز التنظيمات الإرهابية الآتية: "داعش، والإخوان، وتنظيم القاعدة، والذئاب الرمادية التركية، وحزب العمال الكردستاني، وحركة حماس، والجناح العسكري لميليشيات حزب الله اللبناني، وجماعة الأستاشه الصربية".
وطبقاً للقانون الجديد، يحظر عرض أو حمل أو توزيع شعارات هذه الجماعات في الأماكن العامة، بما في ذلك وسائل الاتصال الإلكترونية.
وفي حال انتهك أي شخص عمداً هذا القانون، فإنه يرتكب مخالفة إدارية تصل غرامتها إلى 4000 يورو، أو يعاقب بالسجن مدة تصل إلى شهر واحد، كما أن أي شخص عوقب بالفعل بموجب هذا الحكم، يعاقب في حال تكرار ذلك، بغرامة تصل إلى 10000 يورو، أو بالسجن مدة تصل إلى 6 أسابيع.
وذكر الحكومة الألمانية مراراً أنها "لن تسمح بجعل أراضيها ملاذاً آمناً للجماعات المحظورة والمتطرفة، خاصة الإخوان".
كما شدَّدت على أنها لن تسمح للتنظيم، بممارسة أي نشاط يمكن تصنيفه بأنه "غير مشروع"، أو يسهم في نشر الفكر المتطرف ويحرض على العنف.
أرجع مراقبون القرار الألماني والتشدُّد في تطبيقه، إلى تقارير أمنية واستخباراتية، حذَّرت من خطورة انتشار تنظيم الإخوان داخل البلاد، وعلاقة ذلك بزيادة وتيرة العنف والتطرف.
يشار إلى أنه جرى تأسيس أول فرع للتنظيم، في مدينة ميونيخ الألمانية عام 1960، تحت سيطرة سعيد رمضان، صهر مؤسس التنظيم حسن البنا، إذ أنشأ رمضان مركز ميونيخ الإسلامي، الذي وضع الأسس لتوسُّع التنظيم في القارة الأوروبية.
النمسا والإرهاب
القرار الألماني، جاء بعد ساعات من إقرار النمسا، قانوناً لمكافحة الإرهاب والتطرف، يستهدف تعزيز جهود الدولة، لحظر أنشطة التنظيمات الإرهابية وملاحقة مموِّليها.
وتتيح التشريعات الجديدة في النمسا، تغليظ العقوبات على البيئات الحاضنة للمتطرفين، وتسهل عملية مراقبتهم، وكذلك مراقبة خطاب الكراهية والتشدد الديني، واستغلال الإنترنت في هذه الأغراض.
وقال وزير الداخلية النمساوي، كارل نيهمر، إن البرلمان وافق على الإلزام بوضع السوار الإلكتروني في الكاحل، في حال الإفراج المشروط عن المدانين بالإرهاب، كما يتضمَّن أيضًا الاعتراف بالجريمة الجنائية ذات الدوافع الدينية.
وكانت الحكومة النمساوية، قد أطلقت ما تسمى "خريطة الإسلام في النمسا".
هذه الخريطة، التي نشرها الموقع الرسمي للحكومة النمساوية، يكشف عن بيانات المنشآت الإسلامية، من مساجد وجمعيات ومؤسسات تعليمية وغيرها، يبلغ عددها 623، وتخدم نحو 800 ألف مسلم، يمثِّلون 8% من سكان النمسا.
الخريطة اعتبرها مسلمو النمسا، أحد أشكال "التصنيف الأيديولوجي"، بينما يرى خبراء أنها تنطوي على مخاطر جمة، خصوصاً في ما يتعلَّق بوضع المسلمين في البلاد موضع الشبهات، فضلاً عن انتهاك خصوصية بياناتهم.
الموقف الفرنسي
بدورها اتخذت فرنسا، قراراً بضرورة تتبُّع الإعانات التي تصل لقيادات المساجد، بعد تورِّط أحدهم في صرف بعض هذه الإعانات بطرق مشبوهة إرهابيًا.
واتخذت الحكومة الفرنسية هذه الإجراءات، بوصفها مقدِّمة لقرارات أوسع، لكبح استقلال المساجد والمنظمات الدينية الأخرى، في جميع أنحاء البلاد.
وقدَّم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشروع قانون إلى البرلمان، يسمى قانون "تعزيز احترام مبادئ الجمهورية"، الذي من شأنه مساعدة الحكومة في التمكُّن من إغلاق دور العبادة بشكل دائم وحل المنظمات الدينية، من دون أمر المحكمة، إذا وجدت أن أيًا من أعضائها يحرِّض على العنف أو الكراهية.
وإضافة إلى ذلك، سيسمح مشروع القانون، بإغلاق مؤقت لأي جماعة دينية، تنشر أفكارًا تحرِّض على الكراهية أو العنف.
بينما يتعيَّـن على المنظمات الدينية، الحصول على تصاريح حكومية كل خمس سنوات لمواصلة العمل، وتصديق حساباتها سنويًا إذا تلقت تمويلًا أجنبيًا.
وتضغط الحكومة الفرنسية على مسؤولي المساجد لتوقيع "ميثاق مبادئ" يشهد على امتثالهم لقيم الجمهورية الفرنسية العلمانية، إلا أن بعض هؤلاء القادة تردَّدوا في التوقيع، قائلين إن الوثيقة تحدِّد نطاق الممارسة الدينية بشكل ضيق للغاية، ما يجعل منظماتهم مستهدفة من الحكومة.
وتُعَدُّ فرنسا من أكثر الدول الأوروبية، التي عانت تهديد الإرهاب. وقد وقع 269 ضحية لهجمات مرتبطة بالأصولية الإسلامية في فرنسا منذ عام 2012.
آخر قضية صدمت البلاد، وقعت قبل أشهر، إذ تم قطع رأس المعلم صموئيل باتي بوحشية، على يد شاب من أصل شيشاني.
في أعقاب هذا الحدث العنيف، أصدرت فرنسا قانونًا لمكافحة "الانفصالية الإسلامية"، وأوائل عام 2021، أغلقت السُّلطات الفرنسية عشرات المساجد المتهمة بالترويج للتطرف.
تهديد بريطانيا
التهديد الإخواني، لم يقف عند فرنسا وألمانيا والنمسا، وإنما وصل إلى بريطانيا أيضًا، إذ أفاد المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب والاستخبارات، بأن جماعة الإخوان تشكِّـل تهديدًا على المملكة المتحدة بشكل خاص، وأوروبا عمومًا.
وشدد مدير المؤسسة، جاسم محمد، على ضرورة "اليقظة والاهتمام المستمر من أجهزة الأمن والاستخبارات".
وحذَّر جاسم محمد، من التأثير المحتمل للتنظيم في المملكة المتحدة، مسلِّطًا الضوء على الزيادة الملحوظة في شكوك التطرف في البلاد، كما حذَّر من أنشطة تتم في المراكز الدينية أو المساجد بهدف "تشكيل مجتمعات موازية وعزلة تتعارض مع النظام الديمقراطي".