مع دعم الغرب لأوكرانيا بالأسلحة... هل يلجأ بوتين إلى السلاح النووي؟

الصراع في أوكرانيا، سرَّع وتيرة الصراع المكتوم بين الولايات المتحدة وروسيا، إذ إنه خلال الحرب الباردة، كان الرؤساء الأمريكيون حريصين على عدم تحويل الخلافات إلى صدام مباشر، بينما الآن ذهب البعض للمطالبة باغتيال بوتين نفسه

مع دعم الغرب لأوكرانيا بالأسلحة... هل يلجأ بوتين إلى السلاح النووي؟

ترجمات - السياق

 

مع اقتراب العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا من الشهر الثاني، وتعثّر الخطط التي كان قد وضعها الكرملين لحسمها بسرعة، يزداد القلق في الأوساط الغربية، من احتمال لجوء موسكو إلى استخدام الأسلحة النووية، الذي أوحى به فلاديمير بوتين بداية المعارك.

وفي محاولة لشرح ما إذا كان بالفعل سيستخدم الرئيس الروسي الأسلحة النووية في أوكرانيا أم لا، استعادت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، نبوءة جورج كينان، أحد أهم مُخططي السياسات الخارجية الأمريكية، أواخر الأربعينيات والخمسينيات، بأن توسيع حلف شمال الأطلسي «الناتو» شرقًا سيكون خطيئة مأساوية، مشيرة إلى أن الأمر قد يكون اقترب.

وأوضحت المجلة -في تقرير- أنه مع دخول الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا في مواجهة متوترة بشأن أوكرانيا، اكتسبت أفكار كينان -الذي عُدَّ مهندس الحرب الباردة بدعوته لاحتواء الاتحاد السوفييتي- أهمية جديدة.

وذكرت أن غزو بوتين لأوكرانيا، أثار نقاشًا جديدًا عن هدف الولايات المتحدة في الخارج، متساءلة: هل يجب أن تعمل واشنطن كشرطي عالمي، كما قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي في خطابه أمام الكونجرس؟ وهل يؤدي تجاوز الحدود إلى الكارثة العالمية التي خشاها كينان خلال الحرب الباردة؟ في إشارة إلى الوصول لحرب عالمية ثالثة، لكن هذه المرة "نووية".

 

تحذيرات ومخاوف

وحذر خبراء من لجوء بوتين إلى السلاح النووي، بدعاوى أنه يريد الانتصار بأي ثمن، خصوصًا أنه لم يحقق أيًا من أهدافه من الحرب خلال شهرين متتاليين.

ومؤخرًا، جدد مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وليام بيرنز التحذير من أن ما سماها (انتكاسات) بوتين العسكرية، قد تدفعه إلى استخدام سلاح نووي تكتيكي أو منخفض القوة.

بدوره، قال المحلل في مركز تشاتهام هاوس البريطاني للأبحاث ماتيو بوليغ: "هناك خطر حقيقي، لأن بوتين بحاجة ماسة إلى تحقيق انتصارات عسكرية لاستثمارها سياسيًا"، مشيرًا إلى أن اللجوء إلى السلاح النووي ربما يكون غير مرجح لكنه ليس مستحيلًا.

وبالعودة إلى مصالح الولايات المتحدة الخارجية، ذكرت "ناشيونال إنترست" أنه في حال استمرار الرئيس السابق دونالد ترامب في منصبه فترة ثانية، ربما كان كما أشار مستشاره السابق للأمن القومي، جون بولتون، قد انسحب من "الناتو" أو أعلن -على الأقل- أن المادة الخامسة، التي تضمن دفاعًا مشتركًا، أصبحت غير صالحة وغير مفيدة.

إلا أنه بمجرد أن تولى جو بايدن منصبه، تعهد بإعادة علاقات الولايات المتحدة بحلف الناتو، والتزم باتفاقات الدوحة بين ترامب وطالبان، وخرج من أفغانستان في أغسطس، الأمر الذي أثار استياء نخبة السياسة الخارجية في واشنطن، بينما في المقابل كان يتصرف بمنأى عن الحليف الأوروبي.

 

قلب الأمور

ورأت "ناشيونال إنترست" أن قرار بوتين بغزو أوكرانيا، قلب أهداف السياسة الخارجية الأمريكية والأوروبية رأسًا على عقب، إذ إنه في الوقت الذي كانت فيه جمهورية ألمانيا الاتحادية متقاعسة عن تغيير سياستها العسكرية، ها هي تقرر الالتزام بإنفاق أكثر من 100 مليار دولار إضافي على الدفاع العام المقبل، بينما تفكر فنلندا والسويد في الانضمام إلى حلف الناتو، وتخلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن حديثه عن أن الناتو "ميت دماغيًا".

وأشارت إلى أنه لو نجحت خطة بوتين بشأن الحرب الخاطفة، لكان من الممكن أن يكون قد قسَّم الغرب، إلا أن تعثره في تحقيق هدفه، (قلب الطاولة) وأعاد لم شمل الحلفاء الغربيين، خصوصًا "الناتو".

وأوضحت أن الصراع في أوكرانيا، سرَّع وتيرة الصراع المكتوم بين الولايات المتحدة وروسيا، إذ إنه خلال الحرب الباردة، كان الرؤساء الأمريكيون حريصين على عدم تحويل الخلافات إلى صدام مباشر، بينما الآن ذهب البعض للمطالبة باغتيال بوتين نفسه، كما قال السيناتور ليندسي جراهام، على قناة فوكس نيوز أوائل مارس.

وخلاف ما يحدث الآن، من ارتفاع الأصوات التي تطالب بالصدام بين واشنطن وموسكو، وهو ما قد تتخلله حرب نووية، بينت "ناشيونال إنترست" أنه خلال الحرب الباردة، حرصت الولايات المتحدة وروسيا على تجنُّب تجاوز الخطوط الحمراء لكل منهما، مشددة على أن كل جانب كان حريصًا على ضمان عدم مهاجمة الآخر بشكل مباشر.

واستشهدت بتحليق الطيارين الروس بطائرات ضد القوات الأمريكية في الحرب الكورية، لكن طائراتهم لم تحمل علامة سوفييتية، بينما حرص الرؤساء الأمريكيون على عدم التدخل في ألمانيا الشرقية عام 1953، وفي المجر عام 1956، وفي تشيكوسلوفاكيا عام 1968.

أما الآن، فإن الصقور الليبراليين والمحافظين الجدد يدفعون بايدن نحو الصدام مع روسيا مباشرة، عن طريق مطالبتهم الصريحة بضرورة فرض منطقة حظر طيران في أوكرانيا.

ويتحجج هؤلاء الصقور بأن روسيا لن تصعد ردًا على ذلك، مشددة على أنه ربما لو اتخذ بايدن هذا القرار فإن خطر المواجهة النووية سيكون أمرًا لا لبس فيه.

 

السيف النووي

نقلت المجلة عن السناتور ريك سكوت، قوله: "يحتاج الرئيس بايدن إلى اتخاذ قرار اليوم، إما منح أوكرانيا إمكانية الوصول إلى الطائرات وأنظمة الدفاع المضادة للطائرات التي تحتاجها للدفاع عن نفسها، وإما فرض منطقة حظر طيران لإغلاق الأجواء الأوكرانية أمام الهجمات الروسية".

ورأت المجلة أن منطقة حظر الطيران هذه، قد تمثل مقامرة خطيرة ربما تؤدي إلى حرب مباشرة مع روسيا، كما حذر بايدن نفسه.

وذكرت "ناشيونال إنترست" أن بوتين وضع في وقت مبكر من الحرب على أوكرانيا، القوات النووية الروسية في حال تأهب، ما يعني أن الخطر قائم.

واستشهدت ببيان لوكالة الاستخبارات الدفاعية جاء فيه أنه "نظرًا لأن هذه الحرب وعواقبها تضعف ببطء القوة التقليدية الروسية، من المرجح أن تعتمد روسيا بشكل متزايد على رادعها النووي، لإعطاء إشارة للغرب وإظهار قوتها لجمهورها الداخلي والخارجي".

ورأت "ناشيونال إنترست" أنه مع تعثر المجهود الحربي الروسي لإخضاع أوكرانيا وتدفق مزيد من الأسلحة، أصبح بوتين أكثر استعدادًا للتلويح بالسيف النووي، مشيرة إلى أن هذا هو بالتحديد التطور الذي طارد جورج كينان خلال الحرب الباردة -الوصول لحرب نووية- ومن ثمّ ينبغي أن يطارد رجال الدولة الغربيين المعاصرين أيضًا.