مقاتلون أمريكيون في أوكرانيا... لماذا يجازف الشخص بحياته للدفاع عن بلد آخر؟
لن أتمكن من مواصلة حياتي إذا لم أحارب..تركوا كل شيء للسفر عبر العالم، وخاطروا بحياتهم للدفاع عن بلد ليست بلدهم.

ترجمات - السياق
"تركوا كل شيء للسفر عبر العالم، وخاطروا بحياتهم للدفاع عن بلد ليست بلدهم. يقول "تاي": لن أتمكن من مواصلة حياتي إذا لم أحارب"، هكذا روى مقاتل أمريكي يشارك في الحرب ضد روسيا، لصحيفة غارديان البريطانية، تفاصيل انضمامه إلى المقاتلين الأجانب في أوكرانيا، بصحبة أربعة أمريكيين آخرين.
حارب أفغانستان
وحسب الصحيفة، يضيف المقاتل الذي عرفته باسم "تاي"، وهو أحد المحاربين القدامى في أفغانستان، أن قصة انضمامه إلى المقاتلين الأجانب في أوكرانيا، بدأت قبل نحو شهر تقريبًا، حينما كان بمنزله في دالاس، بولاية تكساس، يشاهد مقاطع فيديو عن الغزو الروسي، مشيرًا إلى أنه عندما رأى رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي يخاطب العالم قائلا: "إلى جميع أصدقاء أوكرانيا الذين يرغبون في الانضمام إلى الدفاع عنا، تعالوا... سنمنحكم الأسلحة المناسبة"، قرر الانضمام إلى صفوف المقاتلين للدفاع عن هذا البلد.
خبرة حربية طويلة
وذكرت الصحيفة الأمريكية، أن "تاي" الذي خدم مع الفرقة 82 المحمولة جوًا في ولاية غزنة شرقي أفغانستان، سبق له التعامل مع الأجواء الحربية نفسها تقريبًا، مشيرة إلى أنه خدم على العربات المدرعة، وشارك في نزع الألغام، وتصدى للكثير من المسلحين، بينما كانت وحدته تتعرض لهجوم مستمر بالعبوات الناسفة، وهو ما قد يكسبه خبرة طويلة في التعامل مع الحروب المشابهة.
نوبات صرع
وكشف المقاتل، أنه جرى تسريحه من الجيش الأمريكي بسبب تعرضه لنوبات صرع وأنه "معاق"، مشيرًا إلى أنه مع العلاج المطول، اختفت النوبات في الغالب، ومن ثمّ قرر استعادة بناء نفسه بالمشاركة في الحرب ضد الروس، خصوصًا عندما رأى صور المدنيين الأوكرانيين وهم يصنعون زجاجات المولوتوف، وأيضًا عندما رأى القوات الروسية تقصف المستشفيات المدنية.
تسهيل أمريكي للسفر
وعن قرار السفر إلى أوكرانيا، بيّن "تاي" أنه اتصل بمكتب أحد أعضاء الكونغرس، الذي وافق على تأمين جواز سفر طارئ له، بعد أن وجد منظمة غير حكومية أوكرانية تساعده في تنفيذ قراره، مشيرًا إلى أنه بدأ على الفور حزم أمتعته وحجز تذكرة سفر "ذهاب فقط".
النازيون الجدد
وعن بدء عملية اعتماد أوكرانيا على مقاتلين أجانب، أوضحت الصحيفة البريطانية، أنه بعد زحف القوات الانفصالية المتحالفة مع روسيا إلى شبه جزيرة القرم وشرقي أوكرانيا عام 2014 ، بدأ المقاتلون الأجانب يتوالون على أوكرانيا.
وأشارت "الغارديان" إلى أنه حينها كانت الحرب أضيق مما هي عليه الآن، وحصلت على اهتمام عالمي أقل، لذلك كان المتطوعون مجموعة صغيرة مدفوعة بالحماسة الأيديولوجية ومظالم ما بعد الاتحاد السوفييتي.
آزوف
وكشفت الصحيفة أنه كان بين المتطوعين بعض المتطرفين -من النازيين الجدد ومجرمي الحرب المزعومين- مشيرة إلى أن واحدة من أكثر الوحدات القتالية فعالية في أوكرانيا، وهي كتيبة آزوف، بدأت كميليشيا يمينية متطرفة ولا يزال يُعتقد أنها تحتوي على عدد من المتطرفين.
وبينت أن الوحدة، التي جرى دمجها في الجيش الأوكراني أواخر عام 2014، تشكلت للرد على ادعاء بوتين بأنه "سيزيل النازية" من أوكرانيا.
محاربو "فيسبوك"
إلى ذلك ذكرت الصحيفة البريطانية، أنه بالكاد لم يمر أسبوع واحد من الغزو، إلا وأعلنت السفارة الأوكرانية في واشنطن العاصمة أنها تلقت 3000 طلب للقتال.
لكن -تضيف الصحيفة- أن بعض هؤلاء المتطوعين كانوا يفتقرون إلى الخبرة العسكرية أو أي مهارات مفيدة مثل التدريب الطبي، لذلك فقد عُرفت المجموعة الأولى، باستخفاف، بـ "محاربي فيسبوك" والثانية بـ "نداء الواجب".
تطبيق signal
وذكرت أن المتطوعين الأكثر جدية انتقلوا إلى مجموعات أصغر باستخدام تطبيق Signal المشفر للتواصل، موضحة أنه رغم وصول عدد من المقاتلين المتطوعين إلى أوكرانيا، فإن هناك المزيد ينتظر إنهاء الإجراءات للحاق بهم.
دعم أهلي
وتبيّن "غارديان" أنه رغم معارضة بعض ذوي وأهالي المتطوعين لهذه الخطوة، فإنهم أعلنوا دعمهم لها بعد أن بدا واضحًا أنه لا يمكن ثنيهم عن ذلك، مشيرة إلى أن البعض كانوا يخططون للذهاب أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، ثم يعودون إلى أزواجهم وأطفالهم ووظائفهم في الولايات المتحدة، بينما قرر آخرون الاستمرار في الحرب حتى نهايتها.
ونقلت عن أحد المتطوعين، وعرفته باسم (أليكس)، قوله: "من السهل إضفاء الطابع الرومانسي على الحرب، أو اعتبارها مغامرة كبيرة أو مجنونة".
مجنون ولست غبيًا
وكشف أنه اتخذ قراره بالتطوع، بعد اتفاقه مع عدد من أصدقائه الذين تحمسوا في البداية، ثم تراجعوا في النهاية، إلا هو، تمسك برأيه مهما كانت العواقب.
أما "سكوت وهو متطوع آخر، فقال لـ "غارديان": "لن أذهب إلى أي مكان من دون الدروع الواقية، قد أكون مجنونًا، لكنني لست غبيًا".
الحرب السورية
وأوضحت "غارديان" أن فكرة التطوع للقتال في بلد آخر، بدأت أثناء الحرب الأهلية الأسبانية، مشيرة إلى أن ما يقدر بنحو 2800 متطوع غادروا من الولايات المتحدة، لمحاربة الفاشية في الحرب الأهلية الإسبانية.
عدد وفياتهم
وبينت أنه رغم صعوبة الحصول على أرقام دقيقة، يُعتقد أن نحو 800 لقوا مصرعهم، مشيرة إلى أن الأمر تكرر إبان الحرب الباردة، بينما كان الأكثر لفتًا للانتباه ما حدث في سوريا، حيث ذهب متطوعون غربيون إلى هناك للانضمام إلى الأكراد الذين يقاتلون "تنظيم داعش".
الحرب العادلة!
ونقلت الصحيفة البريطانية عن جندي سابق في مشاة البحرية الأمريكية، انضم مؤخرًا للتطوع في أوكرانيا، قوله: بخلاف الحرب الأهلية الإسبانية، أو سوريا، فإن الأمور في أوكرانيا تسير بلا "أيديولوجية ولاسياسة"، فقط رجال لا يريدون تفويت فرصة خوض حرب عادلة.
وختمت "غارديان" تقريرها: حرصًا منها على تدويل قضيتها، رحبت أوكرانيا بالمتطوعين، إلا أنها تحاول الآن انتقاء ذوي الخبرة للاستفادة القصوى من وجودهم.
هل لهم جدوى ميدانية؟
وأضافت: رغم أن بعض الخبراء شككوا في الفائدة العملية للمتطوعين الذين لا يستطيعون التحدث باللغة المحلية ، أو قد يكونون سببًا في إطالة أمد الصراع، فإن المتطوعين كان لهم رأي آخر، إذ قالوا للصحيفة البريطانية: "إذا كان بإمكاننا مساعدة أوكراني، فإن الأمر يستحق ذلك ولو على حساب دمائهم".
وبالعودة إلى "تاي وسكوت وإليكس"، بينت الصحيفة، أنهم في مقدمة الصفوف الآن، مشيرة إلى أنه رغم مخاوف البعض من أن يكون هؤلاء المتطوعون مجرد "وقود للمدافع"، فإن هناك رأيًا آخر يؤكد أن أوكرانيا تدعم القيمة الدعائية للمتطوعين الأجانب، لكنها تفضل إبقاءهم في الخلف.