تطمينات باشاغا وإصرار الدبيبة.. هل تستطيع الضمانات المحلية والأممية إخراج ليبيا من النفق المظلم؟
عن الموقف الدولي من حكومته، قال باشاغا، إنه تلقى اتصالات من دول شقيقة وصديقة -لم يسمها- أكدت حرصها على سيادة الدولة الليبية، متوجهًا بالشكر للمجتمع الدولي على جهوده طوال 10 سنوات، وللبعثة الأممية على حرصها الوصول إلى تسوية سلمية للأزمة الليبية

السياق
تعهدات واعترافات وتطمينات، في كلمة رئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا لمواطنيه، داعيًا الليبيين لدعمه، في مهمة تشكيل الحكومة التي ستقود الفترة الانتقالية، حتى إجراء الانتخابات المقبلة.
وقال رئيس الحكومة المكلف، في كلمة إلى الشعب الليبي، إنه بدأ مشاورات مع جميع الأطراف، مشيرًا إلى أن لديه مشاورات مع مجلسي النواب والأعلى للدولة، والمجتمع المدني والمثقفين، إضافة إلى الشباب الذين سيعتمد عليهم في تشكيلها.
وأشار إلى أن «الحكومة ستترجم المعنى الحقيقي للمشاركة السياسية الفعالة، وبمشاركة جميع الليبيين شرقًا وغربًا وجنوبًا مع ضمان معيار الكفاءة والقدرة(..) فأيدينا ممدودة للجميع».
وتعهد باشاغا بتقديم الحكومة الليبية، التي ستكون حكومة كفاءات في أقصر فترة زمنية ممكنة وفي الزمن المحدد، آملا أن تحظى بثقة النواب، لتبدأ عملية التسليم والتسلُّم التي أكد أنها ستكون بالطرق السلمية.
لا للحروب
وبينما غازل باشاغا، سلفه عبدالحميد الدبيبة، قائلًا، إن رئيس الحكومة المنتهية ولايتها ينادي دومًا بـ «لا للحروب»، أكد أنه على ثقة بأن الأخير يؤمن بالتداول السلمي للسلطة، مشيرًا إلى أنه لا داعي للقلق.
وعن الموقف الدولي من حكومته، قال باشاغا، إنه تلقى اتصالات من دول شقيقة وصديقة -لم يسمها- أكدت حرصها على سيادة الدولة الليبية، متوجهًا بالشكر للمجتمع الدولي على جهوده طوال 10 سنوات، وللبعثة الأممية على حرصها الوصول إلى تسوية سلمية للأزمة الليبية.
وعن الانتخابات التي أرجئت، أكد رئيس الحكومة المكلف، أهمية إجراء الاستحقاق الدستوري في مواعيده المحددة، مجددًا إعلانه وتعهده بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأشار إلى أنه تواصل مع المجلس الرئاسي الليبي والقيادات العسكرية والأمنية في ليبيا «ووجد منهم تجاوبًا، في انطلاق عهد جديد ليست فيه فتنة(..) القادم أفضل، وسنطوي جراحنا للأبد، وسنحيا بسلام إلى غد مزدهر».
كلمات رئيس الحكومة المكلف، منحت آمالًا عريضة لفترة انتقالية لن تشوبها صدامات مسلحة، وبتسليم سلس للسلطة، وهو ما يخالف موقف رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، الذي ما زال -حتى اللحظة- يرفض تسليم السلطة، معتبرًا حكومته هي الشرعية.
إصرار الدبيبة
إلى ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة المنتهية ولايتها محمد حمودة، إن اختصاص مجلس النواب حُدّد -وفق خارطة الطريق- فقط بمنح الثقة للتشكيلة الوزارية، المقدمة من رئيس الحكومة المكلف من ملتقي الحوار السياسي، وليس بتحديد ولاية الرئيس، مشيرًا إلى أن ما جاء في المادة الثانية من قرار المجلس يعبر عن رأي رئيس مجلس النواب وليس الأعضاء، فنص التصويت لم يشمل هذا القيد الزمني، وهو مثبت في تسجيلات جلسة تصويت منح الثقة.
وأكد متحدث حكومة الدبيبة، أن إجراء سحب الثقة من التشكيل الحكومي، مقيد بالاتفاق السياسي بموافقة مجلس الدولة وتصويت 120 نائبًا من البرلمان، وهذا ما لم يحدث، لذلك تتمتع الحكومة الآن بالشرعية القانونية محليًا ودوليًا، ومستمرة حتى التسليم لحكومة منتخبة.
أما تسمية وتكليف رئيس الحكومة، فقال متحدث الحكومة، إنه منذ التعديل السابع للإعلان الدستوري سنة 2014 وهذا الاختصاص لرئاسة الدولة حصرًا، ضمن 9 اختصاصات محددة بالإعلان الدستوري، مشيرًا إلى أن المجلس الرئاسي يعبر عن رئاسة الدولة، منذ التعديل الحادي عشر للإعلان الدستوري.
وأكد أن حكومة الوحدة الوطنية ستعمل على ضرورة إزالة العوائق القانونية والدستورية، التي حالت دون إجراء الانتخابات في موعدها المحدد بالاتفاق السياسي في جنيف، والعمل على إجراء الانتخابات في أجل أقصاه يونيو المقبل، وهو الحل الوحيد الذي يضمن إعادة الأمانة إلى أهلها، وهو الشعب الليبي ولا أحد سواه.
تصريحات متحدث الحكومة، أكدها عبدالحميد الدبيبة، في اجتماع مجلس الوزراء اليوم، مشيرًا إلى أنه كلف وزارة العدل بتشكيل فريق قانوني مستقل لصياغة قانون الانتخابات، وأن قطار الاستحقاق الدستوري انطلق، ولن يعود إلى الوراء.
تصريحات باشاغا تتضارب مع تلك التي صرح بها متحدث الحكومة الليبية، التي تأتي بعد لقاءين منفصلين للمبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز مع باشاغا والدبيبة.
تدخلات أممية
وقالت المبعوثة الأممية، إنها التقت مساء الأحد، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، لبحث آخر التطورات والتصويت الذي أجراه مجلس النواب، لاعتماد تعديل دستوري وتعيين رئيس وزراء جديد.
وأكدت المبعوثة الأممية، أن اللقاء استعرض العملية الجارية، وجددت خلاله تأكيد أهمية أن تعمل جميع الأطراف الفاعلة والمؤسسات ضمن الإطار السياسي وأن تحافظ، قبل كل شيء، على الهدوء على الأرض، من أجل وحدة ليبيا واستقرارها، على أن تظل الأمم المتحدة ملتزمة بإعلاء صوت 2.8 مليون ليبي سجلوا للتصويت.
وفي لقاء ثان مع رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا، قالت ويليامز، إنها أكدت له، ضرورة المضي قدماً بطريقة شفافة وتوافقية من دون إقصاء.
ضمانات أممية
وشددتُ المبعوثة الأممية على ضرورة الحفاظ على الاستقرار في طرابلس وفي جميع أنحاء البلاد، مؤكدة أنه يجب مواصلة التركيز على إجراء انتخابات وطنية حرة ونزيهة وشاملة، في أقرب وقت ممكن.
وتشير تصريحات المبعوثة الأممية مع الرجلين، إلى أن الأمم المتحدة بدأت الاعتراف بباشاغا رئيسًا للحكومة الليبية، بضمانات عدة بينها عدم إقصاء أي من الأطراف في التشكيلة الحكومية المقبلة، وهو ما تعهد به الأخير.
إلا أن البيان الذي أصدرته حكومة الدبيبة، بعد لقاء الأخير مع المبعوثة الأممية، الذي تجاهل الإشارة إلى تسليم السلطة، يكشف نوايا رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، باحتمال لجوئه للتصعيد، خاصة بعد تواتر معلومات عن شرائه بعض المليشيات المسلحة للتصعيد في العاصمة طرابلس، خلال الفترة المقبلة، وهو ما يضع رهانات وتحديات على باشاغا، قد تكون الفيصل في توليه زمام الأمور.