أفغانستان... محاولات هروب جماعي للمواطنين وواشنطن توقف الإجلاء
مشاهد مفزعة لآلاف الأفغان يتعلَّقون بطائرات عسكرية... وواشنطن توقف الإجلاء

السياق
إنزال العلم الأفغاني، آلاف يركضون على مدرج مطار كابل الدولي، بينما تحاول طائرة عسكرية أمريكية الإقلاع، أشخاص يتساقطون من الطائرة بعد أن تعلَّقوا بها، عربات مسلَّحة تتجوَّل هنا وهناك... مشاهد لم تكن لقريحة أفضل المخرجين السينمائيين، أن تجود بها، أو أن تتوقَّعها.
إلا أنها حدثت على أرض الواقع، في بلد سقط في براثن حركة طالبان المسلَّحة، منهية في ليلة واحدة، قرابة 20 عامًا من وجود قوات التحالف في أفغانستان، بعد أن انهارت حكومة البلد الآسيوي وفر الرئيس الأفغاني أشرف غني.
الآلاف يركضون
ووثَّق موقع تولو نيوز الإخباري الأفغاني، عبر صفحته الرسمية في «تويتر»، مقاطع فيديو لآلاف من الأفغانيين، يركضون على مدرج مطار كابل الدولي، بينما تحاول طائرة عسكرية أمريكية الإقلاع.
وبحسب المقطع، الذي نشره الموقع الأفغاني، فإن مئات من الأفغانيين كانوا على أرض مطار كابل الدولي، أمام ووراء الطائرة التي كانت تحاول الإقلاع، بينما كان هناك بعض المواطنين يتعلَّقون بأجزاء منها، في محاولة على ما يبدو للفرار من «الجحيم» الذي ينتظرهم، بعد سيطرة حركة طالبان المسلَّحة على البلاد.
وفي مقطع آخر بثه الموقع الإخباري، فإن أفغانيين كانوا يتساقطون من الطائرة التي أقلعت، من مطار كابل الدولي، مشيرًا إلى أنهم لقوا حتفهم، فور اصطدامهم بأرضية المدرج.
طرق خالية وعربات مسلَّحة
وفي مقطع ثالث، وثق موقع تولو نيوز الإخباري، حركة المواطنين في عدد من المدن الأفغانية، بعد سيطرة حركة طالبان، إلا أن المقطع أظهر طرقًا خالية، وأخرى تتجول فيها عربات مسلَّحة للحركة، بينما كشف مقطع رابع إنزال العلم الأفغاني من منشآت حكومية محلية، واستبداله بعلم الحركة.
يأتي ذلك بينما نقل الموقع المحلي، عن مصادره قولها، إن 18 رحلة ركاب من كابل، هبطت في طاجيكستان، بينما هبطت 28 أخرى في مدينة ترميز بأوزبكستان، مشيرة إلى أن معظم الركاب كانوا من موظفي المطار، الذين استقبلهم في طاجيكستان السفير الأفغاني ظاهر أغبار.
إيقاف الإجلاء
من جانبه، قال مسؤول في وزرارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن الولايات المتحدة أوقفت مؤقتًا، جميع رحلات الإجلاء من كابل، بانتظار إخلاء المطار من الحشود الضخمة، التي تجمعت فيه، وتسبَّبت في فوضى عارمة.
وتقول طالبان، إنها تصوِّت على كيفية إنشاء نظام أفغانستان المستقبلي، واسم وهيكل النظام في الدوحة، ومن المقرَّر أن توضح موقفها، في المستقبل القريب جدًا.
وقال مسؤول كبير في «طالبان» لموقع تولو نيوز الأفغاني، إن قيادتهم تجري مشاورات حاليًا في الدوحة، وهي على اتصال بالمجتمع الدولي والأحزاب السياسية داخل أفغانستان.
من ناحية أخرى، يقول الملا عبدالغني بردار، النائب السياسي لطالبان، إن الوقت قد حان لاختبار طالبان، وإن عليهم إثبات قدرتهم على إدارة النظام، مشيرًا إلى أنه: «حان الوقت الآن لاختبارنا، لأن لدينا الآن كيفية ضمان سلامة الناس».
انتشار طالبان
في غضون ذلك، انتشر مسلَّحون من حركة طالبان في تولو نيوز، للبحث عن أسلحة حكومية، وطالبوا بتسليم الأسلحة الحكومية إلى حراس الشبكة.
وقال أحمد فريد، أحد سكان كابل، في تصريحات للموقع الأفغاني: «يجب أن تكون هناك حكومة، يكون فيها لكل الناس نصيب، ويكون هناك سلام».
وأضاف فضل ربيع، وهو من سكان كابل: «لابدمن جلب الأمن إلى أفغانستان، حيث سئم الناس الحرب والدمار».
وتتحدَّث «طالبان» عن مشاورات مع المجتمع الدولي والساسة الأفغان، لتشكيل حكومة إسلامية شاملة، بحسب أمير خان متقي، رئيس هيئة الإرشاد والدعوة لطالبان، الذي قال إن نظام المستقبل مرتبط بمَنْ يحكمون أفغانستان الآن.
مواقف غربية
تلك التطورات تأتي بينما تدرس الحكومات موقفها من السلطة الجديدة في أفغانستان، بعد سيطرة حركة طالبان على العاصمة كابل، وانهيار الحكومة الأفغانية.
وأعربت الصين -على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية- هوا تشون ينغ، عن استعداد بلادها لتطوير علاقات ودية بحركة طالبان، مؤكدة أن بكين احترمت حق الشعب الأفغاني في تقرير مصيره.
إلا أن المسؤول بوزارة الخارجية الروسية، زامير كابولوف، قال -في تصريحات لإذاعة «صدى موسكو»- إن روسيا ستقرِّر ما إذا كانت ستعترف بالسلطات الأفغانية الجديدة، بناءً على سلوكياتها وفي ضوء اللقاء الذي يفترض أن يجمع سفيرها لدى كابل بقادة من حركة طالبان غدًا الثلاثاء.
وأكد المسؤول الروسي، أن سفير موسكو على اتصال بقيادة طالبان، وسيجتمع غداً بالمنسِّق الأمني للحركة.
وكان زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور ميتش ماكونيل، حمَّل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مسؤولية ما وصفه بـ«الفشل المخزي للقيادة الأمريكية» في أفغانستان، وسط التطورات المتلاحقة على الأرض.
الرئيس يغادر
وغادر الرئيس الأفغاني أشرف غني بلاده الأحد، إلى كابل، بحسب مسؤول كبير بوزارة الداخلية الأفغانية، بينما رفض مكتب الرئيس التعليق لوكالة رويترز، لأسباب أمنية.
وقالت وكالة نوفوستي الروسية: تم تشكيل مجلس جديد في أفغانستان، سيتولى إدارة البلاد، بعد مغادرة الرئيس أشرف غني، وسيسلِّم السُّلطة إلى حركة طالبان.
مجلس جديد
وأكدت الوكالة -نقلًا عن مصدر وصفته بـ«المطلع» قوله، إن المجلس الجديد يضم الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، ورئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية الأفغانية عبدالله عبدالله.
يأتي ذلك بينما قالت حركة طالبان، إنها أمرت مقاتليها بدخول العاصمة كابل، التي كانت تحاصرها، لمنع عمليات النهب، بعد مغادرة الشرطة المحلية مواقعها.
وأكد المتحدِّث باسم الحركة، سهيل شاهين، ضرورة تسليم العاصمة كابل والسُّلطة إلى إمارة أفغانستان الإسلامية، قائلًا: «ستكون لدينا حكومة إسلامية أفغانية شاملة في المستقبل».
وأوضح متحدِّث «طالبان»، في تصريحات لـ«بي بي سي»، أنه سيكون هناك انتقال سِلمي للسُّلطة في أفغانستان، مشيرًا إلى أن الحركة لا تنوي القيام بأعمال انتقامية، وأنها ترغب في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة.