بعد فصل 900 موظف بمكالمة.. ما مصير شركة العقارات ومديرها؟

ما قصة المكالمة، التي تسببت في فصل 900 موظف دفعة واحدة؟ وماذا حل بالشركة ورئيسها التنفيذي؟ ولماذا لم تتراجع الشركة عن القرار رغم انتقادها رئيسها التنفيذي؟

بعد فصل 900 موظف بمكالمة.. ما مصير شركة العقارات ومديرها؟
فيشال جارج

السياق

«إذا كنت تجري هذه المكالمة، فأنت جزء من المجموعة غير المحظوظة التي يتم تسريحها»، كلمات كانت جزءًا من الرسالة التي أرسلها فيشال جارج، الرئيس التنفيذي لشركة بيتر، إلى 900 موظف، اتخذ قرارًا لفصلهم من الشركة التي يعملون فيها.

ورغم أن المسؤول الأول في الشركة قال إن قراره له أسباب بينها السوق والكفاءة والأداء والإنتاجية، فإن هجومًا حادًا على الشركة، دفع الأخيرة إلى مهاجمة رئيسها التنفيذي، قائلة إنه تسبب في العديد من الأزمات القانونية، وحالات تضارب المصالح ومشكلات تتعلق بالحوكمة، قبل أن تعطيه إجازة بدءًا من الجمعة.

لكن ما قصة المكالمة، التي تسببت في فصل 900 موظف دفعة واحدة؟ وماذا حل بالشركة ورئيسها التنفيذي؟ ولماذا لم تتراجع الشركة عن القرار رغم انتقادها رئيسها التنفيذي؟ وهل قرار الشركة مؤشر لاتخاذ شركات أخرى قرارات مشابهة لتلك التي اتخذها جارج؟

إليك الإجابات

نص المكالمة

تلقى 900 موظف مكالمة جماعية عبر موقع Zoom من الرئيس التنفيذي للشركة، كان نصها:

«مرحبًا بالجميع، شكرًا لانضمامكم، لقد أتيت إليكم بأخبار ليست جيدة، لقد تغير السوق، كما تعلمون، وعلينا أن نتحرك معه من أجل البقاء، حتى نتمكن من الاستمرار في الازدهار وتقديم خدماتنا».

وتابع رئيس الشركة، مخاطبًا موظفيه: «هذه ليست أخبارًا سترغب في سماعها، لكن في النهاية كان قراري وأردت أن تسمعه مني، لقد كان قرارًا صعبًا حقًا، فهذه المرة الثانية في مسيرتي المهنية، التي أفعل ذلك، ولا أريد أن أفعله، فآخر مرة فعلت ذلك بكيت، إلا أنني أتمنى هذه المرة أن أكون أقوى».

وأكد جارج: «لكننا نسرح نحو 15% من الشركة لأسباب عدة: السوق والكفاءة والأداء والإنتاجية (..) إذا كنت تجري هذه المكالمة، فأنت جزء من المجموعة غير المحظوظة التي يتم تسريحها، تم إنهاء عملك هنا».

 

انتقادات حادة

مكالمة عرَّضت رئيس الشركة الأمريكية والمؤسسة التي يرأسها لانتقادات حادة، من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين وصفوها بـ«الباردة، والقاسية، والخطوة المروعة»، خاصة في الفترة التي تسبق أعياد الميلاد.

ورغم أن جارج برر قراره، بأن أداء الموظفين وإنتاجيتهم وتغيرات السوق تكمن وراء الطرد الجماعي، لما قال إنه يمثل 15% من القوى العاملة في الشركة الأمريكية، فإنه لم يذكر 750 مليون دولار (565 مليون جنيه استرليني) تلقتها Better.com من شركة Softbank اليابانية المستثمر الرئيسي فيها، الأسبوع الماضي.

من جانبه، قال المدير المالي لشركة Better.com، كيفين رايان، في تصريحات لـ«بي بي سي»، بالإنجليزية: «الاضطرار إلى تسريح العمال أمر مؤلم، خاصة في هذا الوقت من العام»، مشيرًا إلى أن «وجود ميزانية عمومية حصينة وقوة عاملة مخفضة ومركزة»، ضروري لمواجهة سوق ملكية المنازل المتطورة بشكل جذري.

وكشف موقع Business Insider أنه بعد قرار طرد 900 موظف، عقد جارج اجتماعاً مع العمال المتبقين، قال لهم فيه: «اليوم، نعترف بأننا وظّفنا موظفين غير مناسبين وظفناهم أكثر من اللازم، وفشلنا في فعلنا ذلك (..) لقد فشلت، لم أتعرض للانضباط خلال الـ 18 شهرًا الماضية».

 

رئيس جديد

من جانبها، وصفت المستشارة العامة لشركة التكنولوجيا المالية، بولا توفين، أحداث الأسبوع الماضي بأنها «مؤسفة للغاية»، قائلة إن مجلس الإدارة كلف طرفًا ثالثًا بإجراء تقييم للقيادة والثقافة في الشركة، مشيرة إلى أن المدير المالي للشركة، كيفين رايان، سيحل محل جارج كرئيس تنفيذي مؤقت.

وأوضحت توفين: «يتعين علينا الكثير من العمل، ونأمل أن يتمكن الجميع من التركيز على عملائنا ودعم بعضنا، لمواصلة بناء شركة رائعة نفخر بها جميعًا».

ورغم بيان مستشارة الشركة، التي قالت فيها إنها ستجري تقييمًا، إلا أنها لم تتطرق إلى قرار فصل 900 موظف، ولم تكشف مستقبلهم، أو نية مجلس الإدارة إعادتهم.

يأتي ذلك بينما انتقدت آن فرانك، الرئيسة التنفيذية لمعهد الإدارة المعتمد في المملكة المتحدة، الطريقة التي طُرد بها الموظفون، قائلة لبرنامج «توداي» على قناة «بي بي سي»، إن «المديرين السيئين سيطردون الناس بشكل سيئ، سواء بشكل فعلي أم شخصي»، مؤكدة أن «الطريقة القاسية التي تم بها هذا الإجراء، تم تضخيمها من خلال حقيقة أنه تم إجراؤها بهذا النوع من الأسلوب الافتراضي القاسي».

 

طرح الأسهم

كانت شركة Better.com، التي تهدف إلى استخدام التكنولوجيا لجعل عملية شراء المنازل أسرع وأكثر كفاءة، قالت إنها تخطط لطرح أسهمها في سوق الأوراق المالية، بينما من المرجح أن تثمن الصفقة بين 6.9 مليار دولار (5.2 مليار جنيه إسترليني) و 7.7 مليار دولار.

إلا أن فرانك حذرت من أن الطريقة التي طرد بها جارج موظفيه، يمكن أن يكون لها تأثير في أعمال Better.com المستقبلية، قائلة: «هذا عمل يواجه العملاء، فهم يحاولون تزويد الناس برهون عقارية (..) أنا متأكدة من أن العديد من العملاء أو العملاء المحتملين يتساءلون: إذا عاملوا موظفيهم بهذه الطريقة، كيف يعاملون عملاءهم؟».

وبعد قرار الفصل، قالت مجلة Fortune إن رئيس الشركة جارج كان مؤلفًا لمدونة مكتوبة مجهولة المصدر، اتهم فيها الموظفين المطرودين في شركته بـ«السرقة» من زملائهم وعملائهم، من خلال كونهم غير منتجين ويعملون ساعتين فقط في اليوم.

وتعرَّض أسلوب إدارة جارج لانتقادات، بعد رسالة بريد إلكتروني أرسلها إلى الموظفين حصلت عليها مجلة فوربس العام الماضي.

وفي رسالة البريد الإلكتروني، قال جارج: «أنت بطيء جدًا (..) أنتم مجموعة من الدلافين القبيحة... لذا توقفوا عن ذلك، توقفوا عن ذلك، توقفوا الآن... إنكم تحاصرونني».

 

الطريقة الصحيحة

وتقول راشيل سوف، كبيرة مستشاري السياسات بشأن علاقات الموظفين في معهد تشارترد للأفراد والتنمية: «يتعين على المؤسسات تخفيض الوظائف في بعض الأحيان، إنها حقيقة صعبة، لكن الطريقة التي يتعاملون بها مع الأمر والإنسانية التي يتعاملون معها، يمكن أن يكون لها تأثير جوهري في كيفية تعامل الناس مع تلك الأخبار الصادمة».

وقالت سوف، إن الموقف الذي يواجه موظفي Better.com في الولايات المتحدة لن يحدث في المملكة المتحدة، فمن الناحية القانونية، يتعين على أصحاب العمل في المملكة المتحدة الدخول في فترة تشاور مع العمال لا تقل عن 30 يومًا، أو 45 يومًا إذا تم الاستغناء عن أكثر من 100 شخص.

وأشارت إلى أنه خلال تلك الفترة «يجب إعطاء الناس الصياغة الصحيحة، والتخفيف من حدتها، والتحذير، والاستعداد للأخبار وشرح أسباب ذلك»، على حد قولها.

ويتعين على أرباب العمل في المملكة المتحدة أيضًا، البحث عن أدوار بديلة للعمال، كما يحتاج صاحب العمل إلى إخبار الناس بأنهم استنفدوا كل بديل ممكن، وهذا هو آخر شيء يريدون القيام به، فالأمر يتعلق بالقدرة على المغادرة بكرامة واحترام، بحسب كبيرة مستشاري السياسات بشأن علاقات الموظفين في معهد تشارترد للأفراد والتنمية.