انتهت المهمة... ماذا بعد الانسحاب الأمريكي من العراق؟

رغم إعلان العراق الانتصار على تنظيم داعش في ديسمبر 2017، لا تزال فلول التنظيم تشن هجمات ضد قوات الأمن والمدنيين، بينما قتلت في الأسابيع الأخيرة العديد من المقاتلين الأكراد شمالي العراق.

انتهت المهمة... ماذا بعد الانسحاب الأمريكي من العراق؟

السياق

«انتهت المهمة»، كلمتان أطلقهما مسؤول عراقي، كانتا إيذانًا بانتهاء مهمة قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا، في العراق، في وقت مازال يواجه فيه البلد الآسيوي فلول تنظيم داعش الإرهابي، التي قتلت العديد من العراقيين في الأسابيع الأخيرة.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، عبر «تويتر»: «أنهينا جولة الحوار الأخيرة مع التحالف الدولي التي بدأناها العام الماضي، لنعلن رسميًا انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف وانسحابها من العراق»، مشيرًا إلى أن العلاقة بالتحالف الدولي ستستمر في مجال التدريب والاستشارة والتمكين.

وتابع المسؤول العراقي: «بحلول ذكرى النصر على داعش الإرهابي، نبارك لشعبنا هذا اليوم التاريخي، ونجدد فخرنا بقواتنا المسلحة بجميع صنوفها ورجال الحشد الشعبي والبيشمركة، لقد كانوا بحق يدًا واحدة ترجمت وحدة الشعب بوجه عصابات الظلام، وظفرت بالنصر وحررت مدننا العزيزة».

 

انتهت المهمة

من جانبها، أصدرت قيادة العمليات المشتركة، بياناً بشأن إنهاء الدور القتالي لقوات التحالف في العراق، مؤكدة أن القوات القتالية للتحالف الدولي ستغادر العراق، قبل نهاية هذا الشهر.

وفي البيان الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه، نفت قيادة العمليات المشتركة، ما صدر من بعض وسائل الإعلام بخصوص بقاء هذه القوات، مؤكدة الاتفاق بين العراق والولايات المتحدة، وفق متبنيات الحوار الاستراتيجي، ومخرجات اجتماعات الفرق الفنية مؤخراً على نقل أفراد التحالف ذوي الدور القتالي خارج العراق، وإعلان إنهاء المهام القتالية.

وأكدت أن «أفراد التحالف سيكونون في العراق لتقديم الدعم والمشورة والتمكين للقوات الأمنية العراق»، مشيرة إلى «مغادرة معظم هذه القوات بالفعل، وإجلاء الباقين خلال الأيام المقبلة، بينما ستحل مجموعة من المستشارين محل القوات السابقة، لدعم القوات الأمنية».

البيان العراقي، أكد ما صدر عن مخرجات الجولة الأخيرة من الحوار الاستراتيجي، بأن وجود وعمل المستشارين سيكون حصـراً وفق السيادة العراقية والقوانين والأعراف الدولية.

 

انتشار داعش

وبحسب «فرانس 24»، في نسختها الإنجليزية، فإنه رغم إعلان العراق الانتصار على تنظيم داعش في ديسمبر 2017، لا تزال فلول التنظيم تشن هجمات ضد قوات الأمن والمدنيين، بينما قتلت في الأسابيع الأخيرة العديد من المقاتلين الأكراد شمالي العراق.

وأكدت أن واشنطن لا تخطط لترك العراق تحت نفوذ عدوها اللدود طهران، التي تخوض معها مواجهة بشأن البرنامج النووي الإيراني.

فيما نقلت وكالة رويترز، في تقرير ، عن مسؤولين أمنيين ودبلوماسيين غربيين قولهم، إن ذلك لن يحدث فرقًا كبيرًا في عدد القوات المتمركزة في البلاد، نظرًا لأن هذه القوات كانت مشاركة محدودة في أي عمليات قتالية خلال العامين الماضيين.

أمر مضلل

ويقول مسؤولون أمنيون ودبلوماسيون غربيون، إن وصف هذا التحول بأنه انسحاب، كما وصفته الحكومة العراقية في بعض الأحيان، أمر مضلل، لأنه لا يغير الكثير من حيث عدد القوات المتمركزة في العراق.

فالولايات المتحدة تحتفظ بنحو 2500 جندي في العراق منذ عام 2020، بينما يقول المسؤولون الغربيون إن دور هذه القوات تدريبي واستشاري لبعض الوقت.

من جانبه، قال قائد التحالف الميجر جنرال جون دبليو برينان الابن في بيان: «بينما نكمل دورنا القتالي، سنبقى هنا لتقديم المشورة والمساعدة وتمكين قوات الأمن العراقية بناءً على دعوة من جمهورية العراق، وقال القائد العسكري العراقي الفريق الركن عبدالأمير الشمري، إن القوات العراقية مستعدة للتعامل مع تهديد «داعش».

وتعرَّضت الحكومة العراقية لضغوط من الجماعات السياسية المؤيدة لإيران ذات الأجنحة المسلحة، التي طالبت جميع القوات الأمريكية بمغادرة البلاد.

 

تغيير في الرسائل

ويعد الحشد الشعبي، وهو تحالف لمجموعات عراقية شبه عسكرية مدمجة الآن في القوات النظامية، لاعبًا سياسيًا مؤثرًا وحليفًا لطهران، شديد الضراوة بشأن رحيل القوات الأمريكية.

فعلى شبكات التواصل الاجتماعي، أصدرت مجموعات مقربة من الفصائل الموالية لإيران تهديدات، مذكرة واشنطن بموعد نهائي في 31 ديسمبر حددته لانسحاب أمريكي.

واستهدفت عشرات الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة، القوات والمصالح الأمريكية في العراق في الأشهر الأخيرة، بينما لم تلق لم الولايات المتحدة باللوم على الفصائل الموالية لإيران في هذه الهجمات.

من جانبه، قال المحلل نيكولاس هيراس، من معهد نيولاينز بواشنطن، إن الولايات المتحدة «تواصل القيام بالدور العسكري نفسه في العراق كما كان، مع التغيير الرئيس الذي يتمثل في الرسائل الخاصة بهذا الدور».

 

بيئة مشحونة

وتابع المحلل، في تصريحات لـ«فرانس 24»، في نسختها الإنجليزية: «ببساطة، إن البيئة السياسية والأمنية في العراق مشحونة للغاية، لدرجة أن فريق بايدن يريد من أمريكا، أن تظل بعيدة عن الأضواء وتتجنب الأزمات، خاصة مع إيران».

وشدد نيكولاس على أن «البيت الأبيض يدرك جيدًا أنه إذا هزت الولايات المتحدة القارب كثيرًا في العراق، فإن الميليشيات المدعومة من إيران ستهاجم القوات الأمريكية، الأمر الذي قد يفسد الرأي العام الأمريكي بشأن البقاء في المحادثات النووية مع إيران».

الانسحاب الأمريكي من العراق، في ظل التهديدات التي يواجهها البلد الآسيوي، ألقت بظلال مخيفة على مستقبل البلد، وما إذا كان قادرًا على مجابهة التحديات الأمنية وحده، وأشار -في حدث عفوي- إلى الدور الأمريكي السابق في أفغانستان، وما مثله الانسحاب من فوضى عارمة.

وبدأ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة مهمته عام 2014 لهزيمة تنظيم داعش، بعد أن سيطر المتشددون على مناطق شاسعة من العراق وسوريا المجاورة.

ومنذ الهزيمة العسكرية للتنظيم عام 2017، لم يتمكن مقاتلو داعش من السيطرة على الأراضي، لكنهم يخوضون تمردًا منخفض المستوى، يقتل بانتظام الجنود والمدنيين العراقيين، في المناطق الجبلية والصحراوية النائية.

 

عشرات الهجمات

وتعرَّض التحالف أيضًا لعشرات الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة، من فصائل شيعية مدعومة من إيران، ساعدت في هزيمة تنظيم داعش المتطرف، التي تقول إنه لم يعد هناك أي مبرر لوجود القوات الغربية في العراق.

ووقع الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، اتفاقية في يوليو لإنهاء المهمة القتالية الأمريكية في العراق رسميًا نهاية عام 2021.

وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في يوليو الماضي، تغيير المهمة لنحو 2500 جندي أمريكي، يتمركزون في الدولة التي مزقتها الحرب بحلول نهاية العام، عندما استضاف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.

وذكر تقرير للأمم المتحدة، أن تنظيم داعش يحتفظ بنحو 10 آلاف مقاتل في العراق وسوريا، وينفذ تمردًا مستمرًا على جانبي الحدود.

ويصر التحالف على أنه موجود في العراق، بناءً على دعوة من الحكومة، وأن قواته تتمركز في ثلاث قواعد عراقية، تديرها القوات العراقية.