كيف أصبحت الإمارات قوة فضائية كبرى؟

يمكن لبرنامج الفضاء الإماراتي، مع قدرته على التأثير بشكل إيجابي في اقتصاد البلاد وثقافتها، أن يكون نموذجاً للدول الأخرى

كيف أصبحت الإمارات قوة فضائية كبرى؟

ترجمات – السياق

قال الكاتب مارك ويتينغتون، إن هناك حديثًا قديمًا، بين دوائر السياسة الخارجية، مفاده أنه بينما تعمل مملكة السماء على الصواب، فإن ممالك الأرض تعمل على النفط، لكن بسبب المخاوف من تغيُّـر المناخ وطفرة التكسير الهيدروليكي في الولايات المتحدة، واكتشاف رواسب النفط والغاز قبالة سواحل إسرائيل، لم يعد الواقع القديم ساريًا.

وأضاف الكاتب، في مقال بموقع "ذا هيل" الأمريكي: الواقع الجديد هو أن ممالك الأرض تعمل بتقنية عالية، لكن قلة من الدول تحركت بسرعة للتكيف، مثل الإمارات التي أطلقت، في جزء من التحول إلى التكنولوجيا المتقدِّمة، برنامجها الفضائي، لتصبح في غضون سنوات قليلة، قوة فضائية.

وأشار إلى أن الإمارات تنتهج استراتيجية، تشمل تطوير قدراتها الفضائية، والبحث عن شركاء دوليين، وتجاريين لمهماتها الفضائية، وتعمل على تطوير قطاع الفضاء التجاري أيضًا، في استراتيجية شكلت نجاحًا كبيرًا.

 

مسبار الأمل

وذكر الكاتب -وهو مؤلف للعديد من دراسات استكشاف الفضاء- أن الإمارات طورت "مسبار الأمل" محليًا، وتم تجميعه بمختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء في جامعة كولورادو، وأطلقته من صاروخ ياباني.

وتابع، أن مركز محمد بن راشد للفضاء، أصدر مؤخرًا كنزًا من البيانات، التي حصل عليها من المسبار، يمكن للجميع أن يستخدمها، مشيرًا إلى أن هذه البيانات تُظهر من أمور أخرى، كيف تتفاعل غازات الغلاف الجوي في المريخ، مع بعضها ومع الإشعاع الشمسي.

وأوضح ويتينغتون، أن الإمارات تنوي إطلاق مهمة إلى حزام الكويكبات الرئيسي عام 2028، عبر مركبة راشد القمرية، التي سيتم نقلها إلى سطح القمر على مركبة هبوط يابانية.

وكشف الكاتب، أن المسبار الذي لم يطلق عليه اسم، سيؤمن مناورات بمساعدة الجاذبية على كوكب الزهرة والأرض، ليصل إلى الحزام الرئيس بين مداري المريخ والمشتري عام 2030، وسيطير بسبعة كويكبات، قبل أن يهبط على آخر عام 2033، مشيرًا إلى أن مختبر جامعة كولورادو "بولدر" للفيزياء الجوية، سيكون شريكاً علمياً في المهمة.

ووقَّعت الإمارات وإسرائيل اتفاقية تعهدتا بموجبها بالتعاون، بين مشاريع أخرى، في مهمة القمر "بيريشيت2" ما يعزِّز العلاقات بين البلدين، اللذين أصبحا حليفين تجارياً ودفاعياً، بعد الاتفاق الإبراهيمي.

 

رواد ثقافة الفضاء

 

وأوضح ويتينغتون، أن الإمارات تمتلك رواد فضاء، منهم هزاع المنصوري وسلطان النيادي ونورا المطروشي ومحمد الملا، مؤكداً أن برنامج الفضاء الإماراتي جعلها قوة في استكشاف الفضاء.

وأشار إلى أن المنصوري سبق أن سافر في مهمة مدتها أسبوع إلى محطة الفضاء الدولية، متجهاً إلى المختبر المداري في مركبة سويوز الروسية، بينما نورا المطروشي أول رائدة فضاء عربية، أعربت عن رغبتها في أن يتم تضمينها في مهمة أرتميس المستقبلية إلى القمر.

وإلى جانب نمو التكنولوجيا، نقلت ذا هيل، عن صحيفة ناشيونال نيوز التي تصدر من العاصمة الإماراتية أبوظبي، تأكيدها أن برنامج الفضاء الإماراتي رسخ "ثقافة الفضاء" في الدولة الخليجية التي تجلت في نمو التصوير الفلكي والفنون البصرية الأخرى.

ويقول ويتينغتون: يمكن لبرنامج الفضاء الإماراتي، مع قدرته على التأثير بشكل إيجابي في اقتصاد البلاد وثقافتها، أن يكون نموذجاً للدول الأخرى، مشيرًا إلى أن وكالة ناسا والقطاع التجاري الفضائي الجديد أثبتا -بما لا يدع أي مجال للشك- تأثيرهما الإيجابي في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

التاريخ الإسلامي

تستمد دولة الإمارات العربية المتحدة توجُّهها لتطوير التكنولوجيا والتعليم، من التاريخ المبكر للعالم الإسلامي، عندما كانت المنطقة مركزاً للعلوم والرياضيات والطب، بحسب الكاتب.

وشدد على أنه يجب عدم إغفال، أن العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في الدولة الخليجية، كانت مفيدة للمرأة، فإلى جانب نورا المطروشي أول رائدة فضاء عربية، رُقيت سارة الأميري مؤخًرًا لتصبح أول وزيرة دولة للتكنولوجبا المتقدِّمة في الإمارات ورئيسة لوكالة الفضاء.

كانت الإمارات من أول الدول التي وقَّعت اتفاقيات أرتميس، تحالف الدول التي تعهدت بالتعاون في حركة البشرية إلى القمر والمريخ وما وراءهما، وبذلك ستكون هذه الدولة الخليجية قوة في استكشاف الفضاء.

يذكر أن أرتيمس، برنامج رحلات فضائية لوكالة ناسا، وشركات الطيران الفضائي التجارية الأمريكية، والشركاء الدوليين، مثل وكالة الفضاء الأوروبية ESA، يهدف إلى الهبوط بـ "أول امرأة" على منطقة القطب الجنوبي للقمر عام 2024.