الفصل العنصري للقاح.. الدول الغنية تعاقب إفريقيا في معركة كورونا
اللامساواة في توزيع اللقاحات، وحظر السفر الصارم، واتخاذ القرارات المنغلقة، تؤثر في البلدان الإفريقية أكثر من غيرها، خصوصًا بعد ظهور أوميكرون في دولة جنوب إفريقيا

ترجمات - السياق
قالت مسؤولة إفريقية، إنه في ظل السباق بين متحورات فيروس كورونا واللقاحات، يمكن أن يكون ظهور متحور أوميكرون، اللحظة الحاسمة لهذا الوباء، إما بالسيطرة عليه، وإما خروجه عن السيطرة، مشيرة إلى أنه يشن حربًا لا هوادة فيها على الجميع، إذ يضرب الأجساد والاقتصادات والمجتمعات، ومن ثم جاء الوقت ليتحد العالم أجمع في مواجهته.
وكشفت أيواد ألكيجا، الرئيسة المشاركة للتحالف الإفريقي لتوصيل اللقاحات، المنسقة السابقة لشؤون المساعدات الإنسانية في نيجيريا، في مقال بـ "فايننشال تايمز"، عن تباين شديد في توزيع اللقاحات على قارات العالم، مشيرة إلى أن اللامساواة في توزيع اللقاحات، وحظر السفر الصارم، واتخاذ القرارات المنغلقة، تؤثر في البلدان الإفريقية أكثر من غيرها، خصوصًا بعد ظهور أوميكرون في دولة جنوب إفريقيا.
واستشهدت ألكيجا، بتصريحات الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا، التي اتهم فيها الدول الغنية بـ "فصل عنصري للقاح" من خلال اكتناز اللقاحات والكمامات التي لم تكن بحاجة إليها، وإعطاء الدول الفقيرة فقط "فتات من مائدتها".
حرب فاصلة
وترى ألكيجا أنه لكسب الحرب على الفيروس، يجب أن "نقاتل على جميع الجبهات، من خلال التشخيص والعلاج واللقاحات"، موضحة أنه كما تم تشكيل التعددية، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، يتطلب كورونا تفكيك طرق التفكير القديمة، ووضع منظور جديد للمستقبل.
وشددت الرئيسة المشاركة للتحالف الإفريقي، على أن مهمة الاتحاد العالمي في مواجهة الفيروس ملحة، مضيفة: "إذا لم نبدأ الآن، سنضطر إلى محاربة هذا الفيروس بما يتجاوز أوميكرون إلى متحور جديد قد يكون أوميج".
وأشارت إلى أن الحديث عن انخفاض معدلات التطعيم في إفريقيا، بسبب التردد وليس توافر اللقاح، فكرة خاطئة وساذجة.
يشار إلى أنه تم تلقيح أقل من ثمانية بالمئة فقط في إفريقيا، من إجمالي عدد السكان البالغ 1.3 مليار نسمة.
الآثار الأوسع
وعادت ألكيجا لتحذر المجتمع الدولي، من أن العالم يشهد بالفعل الآثار الأوسع للفيروس في كل مكان، إذ تباطأ النمو الاقتصادي العالمي والتجارة، ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الفائدة، فضلًا عن أن أسعار السلع الأساسية متقلبة، إضافة إلى أن عدم اليقين بشأن الاقتصاد، يسهم في أزمات الديون.
ورأت أنه بينما تستطيع الدول المتقدمة توفير شبكات أمان، فإن البلدان منخفضة الدخل، لا يمكنها توفير الحد الأدنى لمواطنيها.
وأشارت إلى أن بلدان مثل أوغندا وموزمبيق، تعاني ارتفاع معدلات الفقر وعدم المساواة، حيث قضى الفيروس على مكاسب التنمية خلال السنوات العشرين الماضية، مبينة أن التباين بين الدول الغنية والفقيرة آخذ في الازدياد، وسيستمر إذا استمرت موجات العدوى الجديدة، وتجدد حظر السفر، مؤكدة أن تراجع الثقة يعيق الانتعاش.
وأوضحت الرئيسة المشاركة للتحالف الإفريقي، في تحليلها، أن النساء والفتيات يتحملن العبء الأكبر من المشكلات، مشيرة إلى أنه في جميع أنحاء إفريقيا، تتسرب الفتيات من المدرسة، ما يؤدي إلى توسيع فجوة التعليم، بينما زاد الزواج المبكر في نيجيريا، وهناك ارتفاع في العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في جنوب إفريقيا، مضيفة: "كل ذلك يؤكد أهمية تعزيز الإدماج الدولي من أجل التعافي".
كارثة ديموغرافية
وحذرت ألكيجا، مما سمتها (كارثة ديموغرافية) قد تضرب إفريقيا قريبًا، إذا لم يتم تحصين الدول الفقيرة جيدًا، مشيرة إلى أن التأثير الأكبر للفيروس وتوابعه يتضح في الشباب والمتعلمين في القارة السمراء، ما قد يترك أثرًا بعيد المدى على قوة هذه البلدان، اقتصاديًا وعلميًا.
وشددت على أن العواقب المترتبة على تصرف بلدان شمالي الكرة الأرضية "بأنانية" من أجل مصالحها الوطنية فقط، ستكون وخيمة على الجميع، مشيرة إلى أن القرارات القائمة على السياسة بدلاً من العلم، مثل حظر السفر وتخزين اللقاحات، أدت إلى عزل البلدان الأقل امتيازًا بطرق غير ضرورية ومتحيزة، مبينة أن ما يزيد خطورة هذه القرارات أنها تتخذ في غياب بيانات شاملة عن أوميكرون.
ولمنع الانزلاق إلى الوراء نحو مزيد من الفقر وعدم الاستقرار الاقتصادي في إفريقيا، أكدت ألكيجا، أن العالم بحاجة ملحة وسريعة إلى بناء مؤسسات عالمية، يمكنها دعم تلك البلدان في جنوب الكرة الأرضية، التي تخلفت عن الركب.
وأضافت: "تحتاج المنظمات الدولية الكبرى، مثل مجموعة العشرين، إلى قدر أكبر من الشمولية في صُنع القرار، إذ يجب دعوة المزيد من الأشخاص إلى الطاولة، لمناقشة من يمكنه السفر ومن يمنع منه، ومن يتم تطعيمه في أي جدول زمني ، وفي النهاية من يعيش ومن يموت".
وتابعت: "يمكننا بدء توزيع اللقاحات بشكل أكثر فعالية في العالم، ومشاركة تكنولوجيا الإنتاج وتنفيذ إعفاءات الملكية الفكرية للسماح بالتصنيع المحلي، إذ يجب على الفور رفع قيود السفر غير المتكافئة، التي تؤثر بشكل غير متناسب في البلدان الإفريقية".
وأوضحت أن مثل هذه الإجراءات ستعمل على الحد من عدم المساواة، وتعزيز الانتعاش الجماعي، مضيفة: "لقد حان الوقت لقادة العالم، للتصرف بمسؤولية طال انتظارها".