أزمة الكهرباء في السودان تتفاقم... والخرطوم تلجأ إلى إثيوبيا

السودان يفاوض إثيوبيا لشراء ألف ميغاوات من الكهرباء... فهل لذلك علاقة بسد النهضة؟

أزمة الكهرباء في السودان تتفاقم... والخرطوم تلجأ إلى إثيوبيا

السياق

رغم أزمة سد النهضة الإثيوبي، والاتهامات المتبادلة في إقليم تيغراي، تجري الحكومة السودانية والإثيوبية، مباحثات هذه الأيام، تشتري بموجبها الخرطوم ألف ميغاوت من الكهرباء، في محاولة لسد العجز المتفاقم لديها من الطاقة الكهربائية، وكجزء من استراتيجة الربط الشبكي بين دول القرن الإفريقي.

وزير الطاقة السوداني، جادين علي عبيد، كشف في تصريحات نشرتها وكالة السودان للأنباء «سونا»، عن إجراء بلاده مباحثات مع جارته إثيوبيا، لشراء ألف ميغاوات من الكهرباء.

وأوضح الوزير السوداني، أن خبراء من هيئة كهرباء إثيوبيا، زاروا الخرطوم الشهر الماضي، لإجراء الدراسة اللازمة بشأن بناء خط الطاقة الكهربائية، مؤكدًا أن الخبراء السودانيين سيزورون إثيوبيا قريباً، لاستئناف المحادثات في هذا الإطار.

 

الربط الشبكي

وأشار جادين، إلى أن طلب السودان شراء الكهرباء من إثيوبيا، يُعَدُّ جزءًا من الربط الشبكي المخطَّط له مع دول القرن الإفريقي، الذي هو أحد أركان استراتيجية الخرطوم المدعومة، بواسطة التمويل الذي منحه لها البنك الدولي.

وأكد الوزير السوداني، أن إمداد السودان بالكهرباء من مصر وإثيوبيا، مستمر منذ مدة وحتى الآن، مشيرًا إلى أن أديس أبابا تمد الخرطوم بنحو 200 ميغاوات وهو جزء أساس من الإمداد اليومي ويمثِّل 10% منه.

في المقابل، أعلن المدير التنفيذي للتخطيط في هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية، أندوالم سيي، أن هناك دولًا إفريقية عبَّـرت عن رغبتها في شراء الكهرباء من إثيوبيا، بينها السودان وكينيا وجيبوتي.

ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية عن سيي، قوله، إن خبراء من الهيئة زاروا العاصمة السودانية الخرطوم في يوليو الماضي، بينما سيصل نظراؤهم السودانيون إلى إثيوبيا، لاستئناف المحاثات قريبًا.

وأكد أندوالم سيي، أن جنوب السودان عبَّـر عن رغبته كذلك فى شراء الطاقة الكهربائية من إثيوبيا، وأن فريقا من الخبراء سوف يذهب إليه لإجراء دراسة بشأن بناء خط الطاقة الكهربائية.

 

سد النهضة

الوزير الإثيوبي، أشار إلى رغبة الدول المجاورة للاستفادة من الكهرباء التي سيولدها سد النهضة الإثيوبي، مشيرًا إلى أن الطلب الحالي للكهرباء من هذه الدول الصديقة، يوضح توقُّعاتهم العظيمة لفوائد السد.

ويعاني السودان انقطاعات للكهرباء، زادت وتيرتها الفترة الأخيرة، حتى أن ساعات فصل الخدمة وتخفيف الأحمال، أصبحت في الفترة الأخيرة تتجاوز 24 ساعة.

وفي محاولة من الطلبة السودانيين، لمواجهة انقطاع الكهرباء في العاصمة الخرطوم، استعانوا بالشموع لمراجعة دروسهم.

وعد، طالبة سودانية، قالت عن انقطاع الكهرباء لـ "رويترز": «أخشى أن تكون الكهرباء سببًا لعدم نجاحي ودخولي الجامعة وهو حلم حياتي»، بينما قالت سلمى معتصم، التي تراجع دروسها على الشموع: «الوضع الطبيعي هو انقطاع الكهرباء كل يومين».

مستشفيات السودان، التي تفتقر للموارد في ظِل مكافحتها لجائحة كورونا، لم تسلم هي الأخرى من انقطاعات الكهرباء، في الوقت الذي أقرَّ فيه مسؤولون بأن انقطاع الخدمة تسبَّب في نقص الأكسجين وحالات وفاة.

الأزمة انتقلت إلى متاجر تصليح الأجهزة الكهربائية في الخرطوم، إذ قال محمد عمر، الذي يملك أحدها، إنه لا يمكنه فتح المتجر إلا في الأيام الثلاثة التي تتوفر فيها الكهرباء خلال النهار، مضيفًا: نتعرَّض لخسائر مالية فادحة نتيجة ذلك، وأصبحت أواجه صعوبة فى دفع الإيجار وأجور العمال.

 

لا حلَّ فوريًا

وقال مسؤول حكومي سوداني، طلب عدم ذكر اسمه، في تصريحات لـ«رويترز»، إن الحكومة لا تملك حلًا فوريًا للمشكلة، لأنها ورثت اقتصادًا يعاني أزمة، بينما الاحتياطيات النقدية الأجنبية منخفضة للغاية.

وأوضح المسؤول الحكومي، أن السُّلطات السودانية لا يمكنها استيراد الوقود الكافي، ولا دفع مصاريف صيانة محطات الكهرباء وتوفير قطع الغيار لها.

 

ألف ميغاوات عجزًا

من جانبه، قال مدير عام في شركة كهرباء السودان القابضة المملوكة للحكومة، عثمان ضوء البيت، في تصريحات، إن البلاد تواجه عجزًا بألف ميغاوات في المتوسط، مشيرًا إلى ارتفاع أسعار الوقود.

وأشار إلى أن سعر الكهرباء في السودان، لا يزال أقل بكثير من تكاليف الإنتاج، ما يسهم في مشكلات تمويل إمدادات الوقود والصيانة وبناء محطات كهرباء جديدة.

وأضاف أن الغموض الذي يكتنف سد النهضة، الذي تشيده إثيوبيا على النيل الأزرق، أدى إلى اضطرار السودان للحد من إنتاج الكهرباء بالطاقة الكهرومائية، ما ساهم في العجز.

 

الطاقة المتجدِّدة

وأكد المسؤول السوداني، أن مستقبل توليد الكهرباء في السودان في مصادر الطاقة المتجدِّدة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مضيفًا أن خطة خمسية لاستخدام مصادر الطاقة المتجدِّدة، حصلت على تمويل للبدء في غضون ستة أشهر.

وأضاف أن السودان يتعاون مع شركاء من القطاع الخاص، في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وتركيا، كاشفًا عن أن مشروعات للطاقة الشمسية بدأت في مدن الفاشر والضعين ودنقلة.

يأتي ذلك بينما أظهر تقرير للبنك الدولي عام 2019، أن الكهرباء غير متوفرة إلا لثلث تعداد السكان في السودان، والبالغ قرابة 45 مليون نسمة، لكن الطلب على الكهرباء -المدعومة بشدة- يتزايد 11% سنويًا، أي أسرع من معظم الدول الإفريقية.

 

مصادر الكهرباء

ويحصل السودان على نحو نِصف إمداداته من الكهرباء، من حرق الوقود، والنِّصف الآخر من الطاقة الكهرومائية، وخفَّضت الحكومة هذا العام الدعم لمستويات استهلاك الطاقة الأعلى، في إطار إصلاحات اقتصادية، يراقبها صندوق النقد الدولي.

ووقَّع السودان -العام الماضي- اتفاقًا مع شركة جنرال إلكتريك، لتعزيز توليد الكهرباء بما يصل إلى 470 ميغاوات، بينما يسعى إلى زيادة الواردات من جارتيه مصر وإثيوبيا.