مبادرة أممية جديدة بشأن ليبيا.. كيف تفاعلت معها الأطراف المعنية؟

ما إن انتهت المبعوثة الأممية من إعلان مبادرتها، حتى هرول المجلس الأعلى للدولة، الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان في ليبيا، لإعلان موافقته عليها، مشيرًا إلى أنها استجابة واضحة لمطالبه.

مبادرة أممية جديدة بشأن ليبيا.. كيف تفاعلت معها الأطراف المعنية؟

السياق 

بعد يومين من أداء الحكومة الليبية الجديدة اليمين الدستورية، ووسط عراقيل من المليشيات المسلحة والحكومة السابقة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، تدخلت الأمم المتحدة بمبادرة جديدة، في محاولة لنزع فتيل الأزمة، التي تهدد وحدة البلد الإفريقي.

وتضمنت المبادرة الأممية، التي كشفت ملامحها المبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز، تشكيل لجنة مشتركة، تضم في عضويتها ستة ممثلين عن كل من مجلسي النواب والأعلى للدولة، لوضع قاعدة دستورية توافقية، تجرى على أساسها الانتخابات الليبية.

وقالت ويليامز، عبر «تويتر»، إنها أرسلت رسائل إلى رئاسة مجلسي النواب والأعلى للدولة، لدعوتهما إلى تسمية ستة ممثلين عن كل منهما، لتشكيل لجنة مشتركة، لوضع قاعدة دستورية توافقية.

وبينما أكدت أنها تنتظر الرد «السريع» من المجلسين على هذه الدعوة، شددت على أن اللجنة المشتركة -حال تشكيلها- ستبدأ اجتماعاتها 15 مارس الجاري، لمدة أسبوعين تحت رعاية الأمم المتحدة.

 

تصعيد وتخويف

وأشارت ويليامز، إلى مسؤولية المؤسسات الليبية في إبداء حسن النية بالعمل معًا بشكل بنّاء، للمضي نحو الانتخابات من أجل 2.8 مليون ليبي، سجلوا للتصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مؤكدة أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار، والامتناع عن أعمال التصعيد والتخويف والخطف والاستفزاز والعنف.

وقالت المبعوثة الأممية، إن حل الأزمة الليبية ليس في تشكيل إدارات متنافسة ومراحل انتقالية، بل باتفاق الليبيين على طريقة توافقية، تمنح الأولوية للحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها.

وما إن انتهت المبعوثة الأممية من إعلان مبادرتها، حتى هرول المجلس الأعلى للدولة، الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان في ليبيا، لإعلان موافقته عليها، مشيرًا إلى أنها «استجابة واضحة لمطالبنا».

وأوضح المجلس الإخواني، أنه سيكون في الموعد، تعبيرًا عن إرادة الليبيين في الذهاب للانتخابات، مشيرًا إلى أن دور البعثة سيكون فقط، رعاية عمل اللجنتين من دون التدخل فيهما.

بدوره، قال نائب رئيس المجلس الرئاسي عبدالله اللافي، إنه يرحب بمقترح المبعوثة الأممية، بدعوة المجلسين لتشكيل لجنة مشتركة، لوضع القاعدة الدستورية بشكل توافقي، تفتح الطريق نحو إعداد البلاد لإنجاز مطلب أكثر من مليونين ونصف المليون ليبي، سجلوا للتصويت في الانتخابات التي أرجئت.

 

تحذير ودعوة رئاسية

وأهاب اللافي، بالمجلسين بضرورة التعامل مع هذا المقترح بـ«الجدية الكافية» والمسؤولية المناطة بهما، حفاظًا على وحدة الوطن وسلامته، محذرًا من أن المجلس الرئاسي لن يسمح بالانجرار إلى الفوضى والاقتتال.

وأكد المسؤول الليبي ضرورة عمل الجميع لدعم الاستقرار، وعدم تقويض المكتسبات السياسية والأمنية التي تحققت، مشيرًا إلى أن

الخلافات السياسية يجب حلها ضمن الإطار السلمي، بعيدًا عن التأجيج، الذي قد يضر بما تحقق من توافق، ويعرقل إجراء الانتخابات.

وبينما قوبلت المبادرة الأممية بـ«الصمت» من قِبل مجلس النواب الليبي -حتى اللحظة- أكد برلمانيون -بينهم عضو مجلس النواب عيسى العريبي- رفض مقترح المبعوثة الأممية، مشيرين إلى أنه يؤدي لانقسام ليبيا.

 

نفق مظلم

وحمَّل البرلماني الليبي، المبعوثة الأممية، ما وصفه بـ«العبث» أو الدخول في «نفق مظلم» والوقوف أمام الاتفاق الليبي الذي نتج عن لجنتي مجلسي النواب والدولة، مشيرًا إلى أن هناك لجنة خارطة طريق ليبية، أنجزت التعديل الدستوري الذي أقره البرلمان، والقاضي بإجراء الانتخابات وفق جدول زمني واضح بعد 14 شهرًا.

بدوره، قال إبراهيم الدباشي، سفير ليبيا الأسبق لدى مجلس الأمن، إن المبعوثة الأممية ستيفاني وليامز تبدو «منزعجة» من تشكيل حكومة ليبية بإرادة ليبية خالصة، مشيرًا إلى أن الأخيرة «ترفض الجلوس في المقعد الخلفي، مصرة على الاستمرار في التحكم بالمقود، بدعوتها لمجلسي النواب والدولة، لتشكيل لجنة تعمل تحت قيادتها، للتوافق على قاعدة دستورية».

 

تأجيج الخلافات

«رغم معرفتها أن التوافق بين المجلسين غير ممكن، فإنها تسعى لتأجيج الخلافات من جديد وإجهاض بوادر الاستقرار»، بحسب الدباشي الذي أكد أن توافق أغلبية مجلسي النواب والدولة على الحكومة الليبية الجديدة، قد يكون عودة للوعي الوطني والعمل المشترك، ويمنع الانقياد للأجندات الأجنبية.

وبينما تفاوتت ردود الأفعال المحلية على المبادرة بين الترحيب والترهيب، كان للاتحاد الأوروبي رأي داعم للمقترح الأممي، وداعيًا جميع الجهات السياسية الفاعلة في ليبيا إلى ضرورة التجاوب معه.

 

تعميق الانقسام

وقال الاتحاد الأوروبي، في بيان، إنه يضم صوته إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في دعوته جميع الجهات السياسية الفاعلة في ليبيا، إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات من شأنها تعميق الانقسامات وتقويض الاستقرار، الذي تحقق بصعوبة منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بجنيف في أكتوبر 2020.

كما دعا الاتحاد الأوربي، جميع الأطراف إلى استئناف العملية السياسية، التي يقودها ويملك زمامها الليبيون تحت رعاية الأمم المتحدة، مشددًا على ضرورة تحقيق تطلعات أكثر من 2.8 مليون ليبي، سجلوا أسماءهم للتصويت لاختيار قادته،م من خلال انتخابات ذات مصداقية وشفافة وشاملة للجميع .

وطالب الاتحاد الأوروبي، الليبيين الذين يتقلّدون مراكز مكلفة بمسؤوليات، بضرورة الامتناع عن العنف وضبط النفس.