العراق... الجمود يضرب المشهد السياسي والمساومات تفرض نفسها

المحلل السياسي العراقي علي الكاتب، قال للسياق إن توقيت قرار المحكمة الاتحادية العراقية باستبعاد مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، لا يخلو من ضغط سياسي، مشيراً إلى أن القضاء دخل على خط الأزمة الدائرة بشأن تشكيل الأضلاع الثلاثة للدولة.

العراق... الجمود يضرب المشهد السياسي والمساومات تفرض نفسها

السياق

ما بين تعطيل مؤقت للبرلمان العراقي المنتخب، وإعادته مرة أخرى بحكم المحكمة الاتحادية، وتعقيد انتخاب رئيس الجمهورية واستمرار برهم صالح في مهامه مؤقتًا، يأتي المسار المتخبط لتشكيل الحكومة الجديدة، ليكمل ثلاثية الجمود في العملية السياسية بالعراق.

فقد تدخلت المحكمة الاتحادية العراقية على الخط، استجابة للعديد من الطعون، بدءًا من تعطيل هيئة رئاسة البرلمان، ثم إعادتها مرة أخرى، وهو ما تسبب في انتهاء المدة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، ما تسبب في إعادة فتح باب الترشح.

كما أقصت المحكمة الاتحادية هوشيار زيباري من الترشح لمنصب الرئيس، بسبب تورطه في إهدار مال عام خلال توليه وزارة الخارجية، والجدل بشأن دستورية إعادة فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية، وأخيرًا غموض محادثات تشكيل الحكومة الجديدة، لا سيما بعد تصعيد القوى الموالية لإيران أمنيًا.

خبراء عراقيون مراقبون، أكدوا لـ"السياق" جمود الوضع السياسي، خصوصًا مع إقرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق، باستمرار أداء برهم صالح مهامه لحين انتخاب رئيس جديد، مشيرين إلى أن "المساومات السياسية" المخرج الرئيس لهذه الأزمة، وهو ما يعني إيجاد دور للقوى السياسية، التي خسرت انتخابات أكتوبر المقبلة.

 

تسكين للصراع

المحلل السياسي العراقي علي الكاتب، ربط في حديثه لـ"السياق"، بين استبعاد هوشيار زيباري والمساومات السياسية الراهنة في المشهد السياسي.

وقال إن توقيت حكم الاستبعاد بحق مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، لا يخلو من ضغط سياسي، لافتًا إلى أن "القضاء دخل على خط الأزمة الدائرة بشأن تشكيل الأضلاع الثلاثة للدولة".

بيد أنه عاد وأكد أن دخول المحكمة الاتحادية في العملية السياسية تبرير منها لتسكين الصراع والسيطرة على تداعياته، خشية الدفع بالبلاد نحو الانزلاق والمجهول.

ولفت إلى أن المشهد السياسي في العراق، وما أفرزه من وقائع وتقاطع في مسارات الوفاق والاتفاق عقب إعلان نتائج الانتخابات، يشير إلى أن الحكومة المقبلة إذا "كتب لها الظهور"، ستكون مشوهة، بحسب وصفه.

ونوه إلى أن "السيناريو العراقي لعام 2022، لا يختلف كثيراً عما كان عليه في الدورات الخمس التي استبقت مراحل تشكيل الحكومة، إلا أن الاختلاف في صعود لاعبين جدد واندثار آخرين، ظلوا حتى الأمس القريب يحظون بالتأثير والتقرير".

 

تعقيدات سياسية

من جانبه، ربط الخبير المصري في الشؤون العربية محمد ربيع الديهي في حديثه لـ"السياق"، بين تأجيل انتخابات الرئاسة والتمديد للرئيس المنتهية ولايته برهم صالح، بتعقيدات المشهد السياسي.

ووصف الديهي ما يدور في العراق بـ"الفوضى"، التي تتجلى في عدم قدرة البرلمان على تشكيل حكومة منذ انتخابه في أكتوبر 2021، والإخفاقات المتتالية للبرلمان العراقي.

ونوه أيضاً إلى عدم رضا قوى سياسية ذات ثقل في البرلمان عن المسار الراهن، سواء فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، أم انتخاب رئيس الجمهورية، وهو ما بدا واضحًا في خلال الجلسات الخاصة بهذه المسألة.

وهو ما يؤشر -بحسب الديهي- إلى عدم توافق النواب على هوشيار زيباري المتهم في قضايا فساد، والخلاف الحاد بين المحكمة الاتحادية العليا والبرلمان بشأن أسماء المرشحين لمنصب رئيس البلاد.

مؤكداً أن ثمة صفقة سياسية للدفع بوجوه جديدة للشارع العراقي، وكذلك إيجاد حلول للأزمات التي يعيشها، وهو ما يعطل حتى الآن تشكيل الحكومة.

 

الصراع الكردي

الخبير الاستراتيجي العراقي محمد أرسلان، يؤكد لـ"السياق"، أن حالة الجمود ترتبط في جانب منها بما سماه "الصراع الكردي".

ويذكر أرسلات بأن المتعارف عليه أن حصة رئاسة العراق كانت من نصيب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي كان يتزعمه الراحل جلال الطالباني.

ولكن منذ الرئاسة السابقة، بحسب أرسلان، ظهرت نية لدى الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه مسعود البارزاني، للاستحواذ على هذا المنصب، ولكن إصرار الاتحاد على هذه المنصب تم تمريره نوعاً ما للأكراد.

الآن وبعد الانتخابات الأخيرة، يؤكد الخبير العراقي أن الحزب الديمقراطي الكردستاني أعاد مرة أخرى نيته للاستحواذ على هذا المنصب، وحتى الآن هناك حالة عدم استقرار، وكذلك تراشق كلامي بين الطرفين (الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني)، في وقت يصر كل طرف على هذا المنصب.

واعتبر أرسلان أن كل هذه النزاعات السلطوية، إن كانت على تشكيل الحكومة أو منصب الرئاسة، تتأثر بشكل مباشر بالتجاذبات الإقليمية والدولية والصراعات الداخلية في الوقت نفسه.