ماسك وتويتر.. صفقة أظهرت صعوبة الهروب من العرض
كشفت صحيفة فايننشال تايمز، عن السبب الرئيس وراء صعوبة خروج رجل الأعمال والملياردير الأمريكي إيلون ماسك، من صفقة شراء تويتر.

ترجمات - السياق
كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، عن السبب الرئيس وراء صعوبة خروج رجل الأعمال والملياردير الأمريكي إيلون ماسك، من صفقة شراء "تويتر"، واضطراره للاستمرار فيها مؤخرًا، بعد أن عدل مؤسس ورئيس شركة تسلا للسيارات الكهربائية عن رأيه من جديد، وقرر استئناف خطوات شراء موقع التغريدات القصيرة في صفقة قيمتها 44 مليار دولار.
وبيّنت أن حكم محكمة أمريكية بشأن شركة الأدوية العامة "أكورن"، وضع حدًا عاليًا لأي مزايد يسعى للانسحاب من عرض الاستحواذ، وهو ما فهم منه ماسك أنه في حالة التراجع عن صفقة تويتر سيطبق عليه ذات الحكم.
كانت إحدى محاكم ولاية ديلاوير الأمريكية، أصدرت حكمًا لصالح شركة فريزينيوس الألمانية التي سبق وعرضت الاستحواذ على شركة الأدوية المنافسة "أكورن" بقيمة 4.3 مليارات دولار في عام 2018، إذ أصدر قاضٍ حُكمًا لصالح "فريزينيوس" بالرجوع عن الصفقة، وذلك بعدما تبيّن أن التنفيذيين في "أكورن" أخفوا مجموعة من المشكلات التي تلقي بظلال الشك على صحة البيانات التي تدعم الموافقة على بعض الأدوية وربحية عملياتها.
وحسب الصحيفة البريطانية، تمنح الاتفاقية المسؤولين في "تويتر" ما يُسمى بحقوق الأداء المحددة، والتي تعني أنه إذا تبيّن للقاضي أن شكاوى ماسك بشأن بيانات الروبوتات لا ترقى إلى مستوى "التأثير السلبي المادي للشركة"، فيمكن للمنصة مطالبة القاضي بإجبار ماسك على إتمام الاستحواذ، مقابل 54.20 دولارًا للسهم الواحد نقدًا.
وهو ما أكده روبرت بروفسك، رئيس قسم الاندماج والاستحواذ في شركة "جونز داي" للمحاماة، قائلا: إن قرار ماسك بتوقيع الصفقة دون بذل العناية الواجبة قد يكون عاملًا ضده.
وأشارت إلى أن قرار المحكمة بشأن "أكورن" جاء بعد عامين من الاتفاق على شرائها من قِبل فريزينيوس، مشيرة إلى أنها المرة الأولى والأخيرة في تاريخ الولايات المتحدة التي يُسمح فيها للمشتري بإنهاء اتفاقية اندماج بسبب ما يسمى "التأثير السلبي المادي".
استغلال ماسك
وأوضحت فايننشال تايمز، أن محامي ماسك حاولوا استغلال الحكم بشأن "أكورن"، للتهرب من إتمام صفقة تويتر، طوال الأشهر الأخيرة الماضية، بدعوى "التأثير السلبي المادي"، إلا أنَّ الملياردير الأمريكي تراجع فجأة الأسبوع الماضي، مبديًا رغبته في إكمال عملية الاستحواذ بالشروط الأصلية.
يذكر أنه بموجب صفقة تويتر، يلتزم المسؤولون التنفيذيون في المنصة بتزويد ماسك على الفور بـ"جميع المعلومات المتعلقة بأعمال وممتلكات وموظفي الشركة والشركات التابعة، وفق طلب على نحو معقول".
ولكن، بينما يؤكد ماسك أن الإدارة لم تفِ بهذه الواجبات فيما يتعلق بتفاصيل الحسابات العشوائية وحسابات الروبوتات، قالت تويتر: إنها سلمت بيانات واسعة عن قاعدة مستخدميها.
وأوضح المسؤولون التنفيذيون بتويتر، أن الشركة تقوم يدويًا بمراجعة آلاف الحسابات بشكل ربع سنوي لتحديد نسبة 5% من الحسابات العشوائية، وتشير تقديراتهم إلى أن العدد الفعلي أقل بكثير من الحد الذي تم الكشف عنه في الإيداعات.
وتستخدم الشركة البيانات الداخلية، مثل فحص أرقام الهواتف أو عناوين بروتوكول الإنترنت، ومجموعة الأحرف الفريدة المرتبطة بجهاز كمبيوتر أو أي جهاز آخر، للمساعدة في تحديد ما إذا كان الحساب تديره يد بشرية.
وقالت الصحيفة: "يبدو أن ماسك كان مترددًا بشأن الصفقة، حيث شكك رئيس شركة تيسلا في تويتر بشأن الحسابات المزيفة المزعومة، وانتهاكات الأوامر الحكومية، وإيداع الأوراق المالية المزيفة".
لكن -حسب فايننشال تايمز- أظهرت قضية أكورن مدى صعوبة انسحاب ماسك أو أي شركة مستحوذة في ظروف مماثلة، مشددة على أن الدرس الرئيس المستفاد من قرار ولاية ديلاوير هو ليس فقط فحص تدهور شركة البيع ولكن أيضًا كيف يتصرف المشتري في عملية محاولة إغلاق الصفقة أولًا ثم إنهاؤها.
وبيّنت أن مثل هذا السلوك أمر بالغ الأهمية لأن المشتري الذي يسعى إلى إنهاء الصفقة، عليه أولًا ألا يخرق التزاماته.
وأشارت إلى أنَّ القاضي في قضية أكرون وفريزينيوس، رأى أن الأخيرة أدت دورها بعناية، بعدم الإخلال بالتزاماتها الخاصة، ومن ثمّ أيّد إنهاء الصفقة، وهو أمر -حسب الصحيفة البريطانية- قد لا يتمكن ماسك من مطابقته.
وحسب الصحيفة، تشمل تصرفات ماسك غير المنتظمة منذ توقيع صفقة تويتر في أبريل الماضي، توجيه تهم إلى إدارة الشركة في تغريداته، فضلًا عن محاولة الإغلاق البطيء، مشيرة إلى أنه وفقًا للنصوص والتغريدات التي تم الكشف عنها، فإن هذه الاتهامات لن تفيده في أي محاكمة.
فيما قال موقع تويتر في بيان الأسبوع الماضي: إن شاهدًا في الإفادة شهد الخميس الماضي بأن ماسك لم يبدأ بشكل كامل عملية السحب، لتمويل الديون الملتزم بها حتى مع إصراره قبل أيام على أنه يريد الآن إغلاق القضية وشراء تويتر.
اختلافات جوهرية
وأوضحت فايننشال تايمز، أن هناك اختلافات جوهرية بين المعارك القضائية القائمة على تويتر وأكورن، مشيرة إلى أنه بعد إعلان فريزينيوس وأكورن عن صفقتهما، تلقت الشركة الألمانية مراسلات مجهولة المصدر، تُبلغ عن مخالفات ومشكلات ضخمة في تكامل البيانات في منشآت التصنيع التابعة لشركة أكورن.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد -حسب الصحيفة- وإنما أيضًا أبدت فريزينيوس قلقها بعدما أخطأت أكورن بشدة في توقعاتها للإيرادات والأرباح.
وأشارت الصحيفة إلى أنّه فيما يتعلق بمشاكل التصنيع، كشف تحقيق مطول لاحق أجرته فريزينيوس عن إشارات حمراء كافية- بما في ذلك تقديم بيانات خاطئة إلى إدارة الغذاء والدواء- لتحفيزها على إنهاء الصفقة.
ووفقًا للحكم، شهد أحد المستشارين في المحاكمة بأن "إخفاقات سلامة البيانات في أكورن كانت واضحة وأساسية جدًا لدرجة أنه لم يتوقع وجودها في أي شركة أخرى مازالت ناشئة".
وبيّنت الصحيفة، أن تكلفة معالجة المشاكل- 900 مليون دولار أو خُمس قيمة الصفقة- كانت كبيرة بما يكفي لدرجة أن القاضي سمح لشركة فريزينيوس بفسخ التعاقد، حتى عندما جادلت "أكورن" بأن الشركة الألمانية قبلت مخاطر حدوث مشاكل تشغيلية.
وكما هو الحال في أكورن، ظهر مُبلغ عن المخالفات على تويتر بعد أن وقع ماسك صفقته، إذ زعم رئيس الأمن السابق في الشركة، بيتر زاتكو، أن تويتر لم يمتثل للمراسيم الحكومية بشأن أمن البيانات.
وهنا، حاول محامو ماسك استغلال ما سموه "أوجه التشابه" مع قضية أكورن، وطالبوا في شكواهم التي قدموها للمحكمة بضرورة التحقيق في هذه الادعاءات وغيرها في شكوى زاتكو للتحقق من دقة الإقرارات.
وارتفع سعر سهم "تويتر" بشكل كبير منذ محاولة ماسك لإنهاء الصفقة في يوليو الماضي، وهو مؤشر جيّد على جودة شكاواه، لكن من المحتمل أيضًا أن تكون تصرفاته الغريبة جزءًا من الحسابات المعقدة التي ستضر ماسك أمام المحكمة.
ومع هذه التطورات، منح قاضي محكمة ديلاوير، مهلة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك حتى الثامن والعشرين من أكتوبر الجاري لإتمام صفقة الاستحواذ على تويتر من أجل تلافي استمرار الدعوى القضائية.
وكان ماسك قد طلب مؤخرًا من شركة تويتر إنهاء الدعوى القضائية ضده بعد إعلان نيته تنفيذ صفقة شراء منصة التواصل الاجتماعي بنفس الشروط السابقة، لكن تويتر رفضت هذا الطلب.
وكان محامو ماسك قد طالبوا محكمة ديلاوير بإنهاء الدعوى القضائية التي كان من المقرر بدايتها في السابع عشر من أكتوبر، حيث إن تدابير تمويل الصفقة قد تتم بحلول الثامن والعشرين من الشهر الجاري.
ورفعت "تويتر" دعوى قضائية ضد ماسك في يوليو الماضي لإجباره على تنفيذ عرض الاستحواذ بقيمة 44 مليار دولار، بعد إعلان الأخير نيته الانسحاب من الصفقة بسبب خلافات حول عدد الحسابات المزيفة.
لكن الملياردير الأمريكي أعلن بشكل مفاجئ خلال الأسبوع الجاري نيته تنفيذ صفقة شراء تويتر بالسعر المتفق عليه سابقًا.
وحسب الصحيفة، يتمحور المنطق الذي يتبعه ماسك حول حسابات المستخدمين الآلية المعروفة باسم الروبوتات وكيفية تعامل تويتر معها، فهو يزعم أنَّ منصة التواصل الاجتماعي تعج بالروبوتات المزعجة، مُفندًا مزاعم تويتر التي تقول إنَّ هذه الروبوتات لا تشكل سوى أقل من 5% من إجمالي عدد المستخدمين.
وقال ماسك في إفصاح إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية -الجمعة الماضية-: إن عدم تسليم تويتر لتفاصيل محددة بشأن عدد الروبوتات بشكل صحيح يرقى إلى ما يُعرف باسم "التأثير السلبي المادي للشركة".
وأمام ذلك، يتعيّن على القاضي أن يقرر ما إذا كان هذا الزعم قد حدث بالفعل، وما إذا كان يبرر إلغاء ماسك للصفقة.