هل يستطيع الصومال التخلص من إرهاب حركة الشباب في 2023؟

يقول الباحث الصومالي في شؤون القرن الإفريقي نعمان حسن، إن الصومال وكينيا وجيبوتي وإثيوبيا، التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية، بدأت تتعاون، لدحر تلك التنظيمات.

هل يستطيع الصومال التخلص من إرهاب حركة الشباب في 2023؟

السياق

من شراكات أمنية مع الجيران، مرورًا بعمليات عسكرية مستمرة، إلى تعهدات باجتثاث آفة الإرهاب، خطوات حثيثة يخطوها الصومال نحو التخلص من حركة الشباب وإرثها «الإرهابي» الذي أدمى أوصال البلد الإفريقي.

تلك الخطوات الصومالية المتزامنة، تأتي ضمن استراتيجية وضعها الرئيس حسن شيخ محمود، في مايو من العام الماضي، آتت أكلها في الحد من قدرة «الشباب» على المضي قدمًا في عملياتها الإرهابية، ومكنت الجيش الصومالي من استعادة بعض المدن والقرى التي كانت تسيطر عليها الحركة «الإرهابية».

وعلى هذا الطريق، كانت العاصمة الصومالية مقصدًا للعديد من المسؤولين الأفارقة، كان آخرهم الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلي، ووزير الدفاع الكيني آدم بري دعالي، اللذان حلا على البلد الإفريقي ضيفين، في زيارتين منفصلتين الأسبوع الماضي، كانت الحرب على الإرهاب محورهما الرئيس.

تلك الحرب التي وضعتها الصومال على قائمة أولوياتها عام 2023، أملًا بإعادة الاستقرار والأمن الغائبين، إلى البلد الذي أدمته العمليات «الإرهابية»، دفعت مقديشو إلى جيرانها، ما جعل حركة الشباب تواجه أزمة وجود إقليمية، تتجاوز أزمتها الداخلية، خاصة بعد الهزائم التي مُنيت بها على يد القوات الصومالية.

وما إن بدأ الجيش الصومالي يتقدم ميدانيًا، بروح معنوية تعانق عنان السماء، حتى أثيرت تساؤلات عن ملاذات حركة الشباب للتعامل مع الوضع الجديد، خاصة مع تجاوز نيروبي ومقديشو خلافاتهما، وما إذا كان هذا الوضع الجديد سيؤثر بشكل ما في الصراع بين تنظيمي القاعدة وداعش في إفريقيا.

 

شراكات أمنية

إلى ذلك، قال الباحث الصومالي في شؤون القرن الإفريقي نعمان حسن، إن الصومال وكينيا وجيبوتي وإثيوبيا، التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية، بدأت تتعاون، لدحر تلك التنظيمات.

بينما قال مدير مركز هرجيسا للدراسات والبحوث بالصومال محمود محمد حسن، في تصريحات لـ«السياق»، إن تقدم الحكومة الصومالية والجيش الصومالي في مكافحة حركة الشباب، له تأثيرات قوية وكبيرة في كينيا، سعيًا لإنهاء وجود الحركة على الأرض، ما يؤدي إلى تخفيف الضغط على كينيا، واضطرار حركة الشباب إلى التركيز في محاربة القوات العسكرية الصومالية.

ورأى مدير مركز هرجيسا أن التضييق على حركة الشباب، في المجال الحيوي الصومالي، ضمن حدود الصومال والمناطق المحيطة، في الشمال الشرقي بكينيا وشرقي إثيوبيا، سيؤدي بالحركة إلى محاولة الانتقال لمناطق أخرى.

وقال إن وقوف القبائل في مواجهة الحركة، يجعلها مستهدفة في كل مكان ضمن الإقليم الصومالي، سواء جنوب ووسط الصومال التابع للعاصمة مقديشو، أم في إقليمي الصومال الغربي والصومال في إثيوبيا، أو في الإقليم الصومالي في كينيا.

وأشار إلى أن التطورات الحالية تدفع بحركة الشباب إلى التحرك من منطقة القرن الإفريقي إلى منطقة البحيرات العظمى أو منطقة الساحل والصحراء.

إلا أن الكاتب اليمني المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عاصم الصبري، توقع في تصريحات لـ«السياق»، أن تتجه حركة الشباب الصومالية للاستفادة من «الأخطاء» التي ترتكبها القوات الكينية الموجودة في الصومال، لبدء عملة دعائية تحريضية ضد نيروبي.

وعبَّـر عن اعتقاده بأن حركة الشباب ستنفذ -خلال الأسابيع المقبلة- عمليات أكثر دموية، لمحاولة إحداث إرباك في العمليات العسكرية التي تستهدفها في العديد من المناطق الصومالية، خاصة أنها تخسر كل يوم المناطق المتاخمة لمقديشو.

 

الخلاف بين كينيا والصومال

وعما إذا كان الخلاف بين كينيا والصومال سيؤثر في دحر الإرهاب، قال الباحث الصومالي في شؤون القرن الإفريقي نعمان حسن، إن الخلافات بين نيروبي ومقديشو لن تعرقل الحرب على الإرهاب، مشيرًا إلى أنه رغم أن خلافات كانت نشبت بين البلدين قبل اختيار الرئيس الحالي، فإنهما كانا يتعاونان في الملف الأمني ضد الإرهاب.

وأشار إلى أن أن هناك توافقًا في الرؤى بين البلدين في هذا الملف، متوقعًا أن تكون الأصول الصومالية لوزير الدفاع الكيني لعبت دورًا مهمًا في بلورته.

وقال محمود محمد حسن، مدير مركز هرجيسا للدراسات والبحوث بالصومال، في تصريحات لـ«السياق»، إن كينيا تتعرض لضغوط شديدة من حركة الشباب خاصة في الإقليم الصومالي، الذي يبدأ من شمال شرقي كينيا وصولًا إلى منطقة لانو ومنباثة، وكلها كانت مجالًا حيويًا لحركة الشباب، ومركزًا لتنفيذ عملياتها التي تستهدف المدنيين والقوى العسكرية، مشيرًا إلى أنها تسببت -في مراحل كثيرة- بعرقلة العملية التعليمية، من خلال الهجوم على الجامعات والمدارس.

وأشار مدير مركز هرجيسا للدراسات والبحوث بالصومال، إلى أن إعلان حركة شباب الإرهابية -قبل فترة- سعيها إلى استهداف الأنشطة الاقتصادية الصينية في القرن الإفريقي، كان له دور في التعجيل بزيارة وزير دفاع كينيا إلى الصومال، أملًا أن يسهم التعاون الأمني، في حماية الاستثمارات الصينية بنيروبي.

بينما يرى الكاتب اليمني المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عاصم الصبري، في تصريحات لـ«السياق»، أن زيارة وزير الدفاع الكيني تأتي بعد سيطرة الحكومة الصومالية والقوات العشائرية على مناطق نفوذ حركة الشباب، لاستثمار هذا الانتصار، والتسريع في العملية العسكرية بإقليم جوبالاند، وتأمين الحدود بشكل أكبر بين الصومال وكينيا.

 

صراع "الشباب" و"داعش"

الباحث الصومالي في شؤون القرن الإفريقي نعمان حسن، قال إن الصراعات بين حركة الشباب وداعش، محدودة حتى الآن، لأن التنظيم يركز على المناطق الساحلية وليست له قواعد داخل الصومال.

بينما قال مدير مركز هرجيسا للدراسات والبحوث بالصومال محمود حسن، إن تنظيم داعش كان منشقًا عن حركة الشباب لخلافات مالية، مشيرًا إلى أنه ليس له دور عسكري فاعل على الأرض، في القرن الإفريقي والصومال، وإنما يقدم دعمًا لوجستيًا، سواء في موزمبيق أو أوغندا والكونغو.

لكنه يرى أن العلاقات بين داعش وحركة الشباب قد تتحول من الصراع إلى التنسيق، في غسل الأموال ونقل البضائع والأسلحة، إلا أنها لن تصل إلى الاندماج والتفاعل العسكري.

وشدد على أن الحركات الإرهابية «براجماتية» ومرنة جدًا، مشيرًا إلى أن ظروف الواقع تفرض نهاية سريعة لحركة الشباب على الأرض، لاستهداف قواتها وتصفيتها بشكل مادي.

أما الكاتب اليمني المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عاصم الصبري، فقال إن تضييق الخناق على "الشباب"، لن يؤثر في الصراع بينها وبين «داعش»، لأن الخلاف بينهما عقائدي، وكلاهما يرى نفسه المؤهل لقيادة المسلمين في القتال ضد الكفار، حسب وصفهم.