وسط تحذيرات الأزهر.. ماذا وراء تهديد داعش لمسيحيي العالم؟

توقع الأزهر الشريف، احتمالية شن داعش هجمات إرهابية ضد الكنائس حول العالم ليستغل توافد المسيحيين عليها للاحتفال بأعيادهم.

وسط تحذيرات الأزهر.. ماذا وراء تهديد داعش لمسيحيي العالم؟

السياق

رغم انحسار تنظيم داعش عالميًا، بعد الضربات العنيفة التي تعرَّض لها، فإن التنظيم لا يزال يشكل تهديدًا للأمن والاستقرار العالميين، عبر تهديداته التي يبثها عبر منصاته الإلكترونية، كان آخرها تهديده بتحويل أعياد مسيحيي العالم إلى "جنائز".

وظل التنظيم الإرهابي يصدر تهديدات سنويًا، بالتزامن مع احتفالات أعياد الميلاد، إذ توعد هذا العام بتنفيذ عمليات إرهابية ضد المسيحيين ودور عبادتهم (الكنائس)، محرِّضًا في رسالته، التي تحمل العديد من الدلالات، المسلمين بعدم التعامل مع المسيحيين.

"الخطاب الناعم"، بحسب وصف المراقبين، يشير إلى ثمة أزمة يعيشها التنظيم على مستوى "التجنيد"، لا سيما مع الإجراءات الإلكترونية التي اتخذتها الدول الأوروبية وبعض شركات المواقع الاجتماعية، لمحاصرة خطاب الكراهية والتحريض.

بدوره حذر الأزهر الشريف، من استهداف تنظيم داعش لمسيحيي العالم، إذ وضع التنظيم، بابا الفاتيكان هدفًا رئيسًا له خلال الفترة المقبلة، بحسب مرصد الأزهر لمكافحة التطرف.

وأشار المرصد إلى أن التنظيم انتهج استراتيجية التهديد، معتمدًا على وجوده الإلكتروني وذئابه المنفردة، ممن يؤيدون أيديولوجيته، وتوقع احتمالية شن داعش هجمات إرهابية ضد الكنائس حول العالم ليستغل توافد المسيحيين عليها للاحتفال بأعيادهم.

 

أزمة تجنيد

الدكتور خالد عباس، الخبير بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف والإرهاب قال لـ "السياق"، إن داعش يواجه أزمة كبرى في ما يتعلق بالتجنيد، ولفت إلى أن أنه يسعى إلى اعتماد "خطاب ناعم"، لجذب مزيد من الشباب غير الموالي له كمرحلة أولى، ثم يبدأ مرحلة إعادة تهيئة أفكارهم، واستخدامهم كـ"ذئاب منفردة".

عباس شدد في تصريحاته لـ"السياق"، على أن السلطات في أوروبا انتبهت إلى تكتيكات التنظيم الإرهابي في التجنيد، وعملت على فصل السجناء المدنيين من المهاجرين بعيدًا عن مسلحيه، وهو ما أفقده أرضًا خصبة كان يعتمد عليها في توسيع دائرة وجوده في أوروبا تحديدًا، وهو ما بدا واضحًا في مرور مناسبة أعياد الميلاد في الغرب (لدى الكاثوليك والبروتستنات) من دون مشكلات أمنية.

مراقبون أكدوا أيضًا، أن سياسات الدول الغربية تجاه اللاجئين من منطقة الشرق الأوسط، عبر إعادتهم إلى بلدانهم، أو ترحيلهم إلى دول بالمنطقة، أسهمت في تجفيف منابع التجنيد لدى التنظيم الإرهابي، وبذلك باتت الأمور، بجانب الإجراءات الأمنية، مستقرة رغم عدم انتهاء خطر داعش الإرهابي.

 

استراتيجية الفشل

مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، علَّق على ما نشره "داعش" بافتتاحية مجلته الأسبوعية، قائلًا إن التنظيم الإرهابي انتهج "استراتيجية التهديد"، التي تعبِّـر عن "حالة إفلاس" يعانيها بعد الضربات العسكرية التي أوقعت عددًا كبيرًا من مسلحيه.

مروان شحادة، الخبير الأردني في شؤون الجماعات المتطرفة قال لـ"السياق" إن "رؤية داعش إلى غير المسلمين بأنهم كفار أصليون، وينظر إلى المسلمين غير الموالين للتنظيم ولديهم معارضة لمشروعهم السياسي والخلافة والعمل ضمن نظامه وغيرها من الأعمال، باعتبارهم مرتدين وكان يفتى بالقتل بالشبهة والظن بأن هذا الشخص مرتد".

وتابع الخبير الأردني في شؤون الجماعات المتطرفة، أن" داعش يرى المسيحيين بشكل عام، ليسوا مرتدين وإنما كفار لأنهم يصمتون عن الجرائم التي ترتكبها الدول الغربية، التي دخلت في التحالف الغربي لمحاربة التنظيم الإرهابي، الذي سماه التحالف الصليبي".

وهو ما يفسر -بحسب شحادة- اعتبار "المدنيين والعسكريين من المسيحيين أو المسلمين غير الموالين سواء"، بمعنى "أنه يعدهم أعداء ويجب استهدافهم، لذلك نجد أن التنظيم خلال السنوات الست أو السبع الماضية، استهدف محطات القطارات والمطارات ومدنيين داخل المجتمعات الغربية".

 

محاولة لإعادة ثقة

فاضل أبو رغيف، الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، يقول لـ"السياق": "تنظيم داعش يحاول أن يعمم تجربته خارج حدود سوريا والعراق، بدغدغة مشاعر المسلمين غير المنتمين له عضويًا أو فكريًا".

ولفت إلى أن التنظيم يسعى إلى استغلال ضحايا الفقر، كتكتيك قديم للتجنيد، وهو ما "نجح فيه جزئيًا في جنوب إفريقيا، وبعض ضواحي فرنسا"، إذ "استغل الجانب الديني في غسل الأدمغة، وهي عملية متدرجة تبدأ بلفت الانتباه، ثم الاستقطاب فإعادة تهيئة الأفكار ثم التوظيف".

ولفت أبو رغيف، في تصريحات لـ"السياق"، إلى أن داعش يحاول من خلال هذا التكتيك، تنفيذ بعض العمليات الصغيرة كمحاولة لإعادة الثقة في صفوفه، ورفع الروح المعنوية لأتباعه، الذين نفروا منه وتشعبوا عنه".

ويرى الخبير الأمني العراقي، أن "هذه التهديدات ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة بل يجب أن تؤخذ على محمل الجد".

واستدل على ذلك بعمليات إرهابية صغيرة، نفذها التنظيم في فرنسا وألمانيا وأمريكا وبريطانيا وفي دول أوروبية كثيرة، ساعدت في استمراره حتى الآن، مطالبًا بانتباه أجهزة الأمن لهذه الرسائل، والاستفادة من المعلومات الأمنية والاستخباراتية في الاهتداء إلى أماكنهم ونواياهم، واستهدافهم من المنبع.