انفجارات متتالية وعراك في القصر الرئاسي.. هل انقلب قادة طالبان على بعضهم؟

انفجارات متتالية وإطلاق نار ولكمات في القصر الرئاسي... هل ضربت الانقسامات قادة طالبان؟

انفجارات متتالية وعراك في القصر الرئاسي.. هل انقلب قادة طالبان على بعضهم؟

السياق

انفجارات متتالية، جاءت بعد تقارير عن اشتباكات وإطلاق نار في القصر الرئاسي، في حوادث تعزِّز الشكوك في الانقسامات التي ضربت حركة طالبان، بعد أيام من إحكام قبضتها على أفغانستان.

تلك الحوادث المتتالية، كشفت تربُّص فصائل طالبان ببعضها، ورغبة كل فريق في الانفراد بالحُكم، والسيطرة على مقاليد الأمور، في البلد الذي تضربه أزمات اقتصادية طاحنة.

ففي سلسلة من الهجمات الدامية، التي وقعت مساء السبت، في العاصمة الأفغانية كابل وأخرى شرقي البلاد، قُتل 3 أشخاص، وأصيب أكثر من 18 شخصًا.

شهود عيان قالوا لوكالة أسوشيتيد بريس، إن سلسلة من ثلاثة انفجارات، استهدفت سيارات لحركة طالبان في عاصمة ولاية ننغرهار شرقي أفغانستان، مخلِّفة ثلاثة قتلى على الأقل و20 جريحًا.

وبينما لم يعلن أحد على الفور مسؤوليته، عن الهجوم الذي وقع  في مدينة جلال أباد، قال مسؤولون في الشرطة إن قنبلة لاصقة انفجرت السبت في العاصمة كابل، ما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص، لم يتضح إذا كانوا من حركة طالبان المسلَّحة أم لا.

 

استهداف طالبان

والتقطت وسائل إعلام محلية، مقاطع فيديو تصوِّر آثار انفجار قنبلة لاصقة في كابل، بينما انطلقت سلسلة من ثلاث متفجرات في أنحاء البلاد، استهدفت سيارات طالبان في عاصمة إقليم ننكرهار شرقي أفغانستان.

وأدت الحوادث الثلاثة في مدينة جلال أباد، عاصمة إقليم ننجرهار الشرقي، إلى مقتل شخصين وإصابة 19 شخصًا في ثلاثة انفجارات، استهدفت سيارات طالبان التي كانت تسير على طول الطرق في منطقة الشرطة.

ولم تعلِّق سلطات طالبان في ننكرهار على النبأ حتى الآن، في حين قالت مصادر غير رسمية، إن الانفجارات نجمت عن عبوات ناسفة لاصقة، بينما لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن التفجيرات حتى الآن.

من جانبه، قال مصدر في قوات الأمن بكابل لوكالة نوفوستي الروسية، إن دوي انفجارين سُمع في العاصمة الأفغانية، وأسفر أحدهما عن ضحايا، مشيرًا إلى أن الانفجار الأول وقع في منطقة داشتي برشي، وخلَّف قتلى وإصابات، أما الانفجار الآخر فوقع في منطقة عرفاني هارجوتي.

وقالت وكالة أنباء خاما برس: إن مسؤولين صحيين في مستشفى المحافظة في مدينة جلال آباد، قالوا إن الجرحى نُقلوا إلى المستشفى، بينهم اثنان توفيا نتيجة إصابات خطيرة.

وبحسب مسؤولي الصحة المحليين، فإن ثلاثة من الضحايا كانوا من المدنيين، والباقي من مقاتلي طالبان.

وهذه أول سلسلة تفجيرات في إقليم ننجرهار الشرقي منذ سيطرة طالبان، بينما  قالت «خاما برس» إنه لم يعلن أحد مسؤوليته عن الانفجارات حتى الآن.

 

انقسامات تضرب طالبان

الانفجارات المتوالية في عدد من مناطق أفغانستان، التي دائمًا ما تفتخر التنظيمات الإرهابية بإعلان مسؤوليتها عنها، لم يتبنها أحد، ما يدل على أن مسلحين من حركة طالبان أو المناصرين لفصائل منها هم الذين قاموا بها، في إطار الانقسامات التي وجدت طريقها إلى قادة الحركة.

تأتي تلك الانفجارات، بعد أيام، من انتشار معلومات تفيد باندلاع خلافات كبيرة بين قادة طالبان على تشكيلة الحكومة، وصل صداها إلى إطلاق النار وتبادل اللكمات في القصر الرئاسي بكابل.

 

تهميش القادة

وقالت وكالة بلومبرغ، إن عبدالغني برادر، الذي كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يأملون أن يكون صوتاً معتدلاً داخل حكومة طالبان، همَّشته الحركة المسلَّحة، بعد أن حاول البعض إسكاته، وسط تبادل دراماتيكي للرصاص في القصر الرئاسي.

وأوضحت «بلومبرغ»، أن برادر الذي قاد محادثات السلام مع أمريكا، تعرَّض لاعتداءات جسدية من القيادي في شبكة حقاني، خليل الرحمن حقاني، خلال محادثات تشكيل الحكومة، قبل أيام.

وأشار التقرير، إلى أن برادار، الذي وصفه بـ«الرجل الثاني في الحركة»، دفع باتجاه تشكيل حكومة شاملة، تضم قادة من غير حركة طالبان وأقليات عِرقية، كي تكون أكثر قبولاً لبقية العالم.

 

عراك في القصر الرئاسي

وأوضحت «بلومبرغ»، أن خليل رحماني، انتفض من على كرسيه، خلال اجتماع تشكيل الحكومة، وبدأ يلكم برادر، إلا أن  الحراس الشخصيين بدأوا العراك وفتحوا النار على بعضهم، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد منهم.

ولم يصب برادر بأذى، إلا أنه غادر العاصمة منذ ذلك الحين وتوجه إلى قندهار، قاعدة الحركة، للتحدُّث مع هيبة الله أخوندزاده، الزعيم الروحي لطالبان، بحسب الوكالة.

التقارير التي انتشرت كالنار في الهشيم، نفاها أعضاء في طالبان، كما ظهر برادر عبر التلفزيون الحكومي، ليؤكد عدم صحتها، قائلًا في خطاب مقتضب: «أنا بخير وبصحة جيدة(..) الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام عن خلافات داخلية، غير صحيحة».

ورغم نفي الحركة المسلَّحة، ومحاولة برادار تصدير صورة أن الأمور تسير في وضعها الطبيعي، فإن الرجل الثاني في الحركة، لم يكن حاضراً في 12 سبتمبر، عند استقبال وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، كما غاب عن أول اجتماع لمجلس الوزراء لحركة طالبان الأسبوع الجاري، ما يعزِّز الشكوك في الانقسامات التي تمزِّق الحركة المسلَّحة.

إلا أن بلال كريمي، المتحدِّث باسم حركة طالبان، قال في اتصال هاتفي مع «بلومبرغ»، إن برادر «لم يتهمَّش على الإطلاق»، وتوقَّع عودته قريباً، مؤكدًا أنه لا خلافات بين القادة.

وبحسب «بلومبرغ»، فإن العلاقة بين فصيل حقاني وبعض قادة طالبان، طالما كانت متوترة، على مدى السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن الضغط الخارجي وعدم اعتراف المجتمع الدولي بحكومة طالبان الجديدة، لوجود حقاني المعاقَب دوليًا ضمنها، عمَّق الخلافات في الكواليس.

وكانت «طالبان» أعلنت في 7 سبتمبر حكومتها الجديدة، التي تسلَّم فيها أفراد عائلة حقاني 4 حقائب، بتولي سراج الدين حقاني، زعيم شبكة حقاني، أحد أبرز المطلوبين لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، منصب وزير الداخلية بالإنابة، في حين عُـيِّـن برادر أحد نائبي رئيس الوزراء.

 

مَنْ الوزراء الجدد؟

عيَّنت حركة طالبان، في المنصب الرئيس لوزير الداخلية سراج الدين حقاني، المدرج على قائمة المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي مع مكافأة قدرها 5 ملايين دولار ثمنًا لرأسه، بينما يعتقد أنه لا يزال يحتجز رهينة أمريكية واحدة على الأقل.

وبحسب «أسوشيتيد برس»، فإن واشنطن تعُدُّ شبكة حقاني، التي أسسها والده، إرهابية، ومسؤولة عن العديد من الهجمات المميتة وعمليات الخطف، ومن أخطر الفصائل التي قاتلت القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي خلال الـ20 عامًا الماضية.

كان مكتب التحقيقات الفيدرالي، أعلن عبر موقعه الإلكتروني، مكافأة قدرها 5 ملايين دولار، لمَنْ يدلي بمعلومات تفيد بمكان حقاني، المطلوب للاستجواب على ذمة قضية تتعلَّق بهجوم وقع في يناير 2008 بالعاصمة الأفغانية كابل، أسفر عن مقتل 6 أشخاص، بينهم أمريكي.

وبحسب الوكالة الأمريكية، فإن حقاني متورِّط بهجمات استهدفت القوات الأمريكية وقوات التحالف في أفغانستان، إضافة لاتهامه بالتخطيط لمحاولة اغتيال الرئيس الأفغاني السابق، حامد كرازي عام 2008.

واتهمت شبكة حقاني، التي تعرف بقربها من تنظيم القاعدة وتنفيذ عمليات انتحارية عدة، باغتيال مسؤولين أفغان بارزين، واحتجاز غربيين رهائن، قبل الإفراج عنهم مقابل فدية، أو سجناء مثل الجندي الأمريكي بو برغدال، الذي أطلق سراحه عام 2014 مقابل 5 معتقلين أفغان من سجن جوانتانامو.

ويعرف عن مقاتلي حقاني، استقلاليتهم ومهاراتهم القتالية وتجارتهم المربحة، فهم مسؤولون عن عمليات طالبان في المناطق الجبلية شرقي أفغانستان، أما أنس الشقيق الأصغر لسراج الدين، فقد أمضى عقوبة بالسجن، وأجرى مؤخرًا محادثات مع كرزاي، ونائب الرئيس السابق عبدالله عبدالله، في أعقاب سقوط كابل.

 

رئيس الحكومة

ترأس رئيس الوزراء المؤقت الملا حسن أخوند حكومة طالبان في كابل، خلال السنوات الأخيرة من حُكمها، وسيكون الملا عبدالغني بردار، الذي قاد المحادثات مع الولايات المتحدة، ووقَّع الاتفاق الذي أدى إلى الانسحاب، أحد نائبي أخوند.

وعُــيِّــن عبدالسلام حنفي، وهو أوزبكي، نائباً ثانياً لحسن أخوند، وهو عضو قديم في حركة طالبان ، ومن غير المرجَّح أن يلبي مطالب الشمول وتمثيل الأقليات.