عملية الإسماعيلية كشفت الكثير عن التنظيم... هل اصطاد كمين الصالحين داعش؟

يقول باحث متخصص في حركات الإرهاب، إن الهدف من العملية إحداث دعاية إعلامية وتوصيل رسالة بأن التنظيم ما زال قائمًا.

عملية الإسماعيلية كشفت الكثير عن التنظيم... هل اصطاد كمين الصالحين داعش؟

السياق

بـ«ذئابه المنفردة» حاول تنظيم داعش الإرهابي تنفيذ أول عملية له خارج شبه جزيرة سيناء المصرية منذ نحو ثلاث سنوات، ما أودى بحياة ثلاثة شرطيين مصريين وإصابة قرابة 12 مدنيًا.

إلا أن تكتيك العملية «الخاطفة» التي يبدو أن التنظيم الإرهابي بذل الكثير للإعداد لها، كشفت أن «داعش»، أقرب إلى مرحلة الضعف أكثر من أي وقت مضى، على وقع الضربات الأمنية المتلاحقة التي أفقدته توازنه في شبه جزيرة سيناء المصرية، ما دفعه إلى الاعتماد على «عمليات الجهاد منخفض التكاليف»، التي تعد أقرب إلى ما يعرف بـ«حرب الشوارع».

وبينما حاول «داعش» في بيان التبني الذي نشرته وكالة «أعماق» التابعة له، الترويج لعدد أكبر من الضحايا، بخلاف الواقع، لإثبات أن التنظيم ما زال قائمًا، ولديه حيوية في التحرك تجاه الأهداف التي يسعي إلى تحقيقها، إلا أن تلك الرسالة يبدو أنها أصمت آذان التنظيم الإرهابي، بعد قتل منفذ الهجوم، وشن القوات الأمنية حملة مكثفة لضبط باقي الخلية التي نفذته.

وبحسب مصادر أمنية وطبية، فإن ثلاثة من رجال الشرطة قُتلوا وأصيب أربعة بينهم ضابط شرطة، في حادث كمين الصالحين، الذي استهدفه تنظيم داعش، الجمعة، في مدينة الإسماعيلية شمال شرق العاصمة المصرية.

وتقول المصادر الأمنية إن سيارتين اقتربتا من الحاجز الأمني في حي السلام السكني، ونزل منهما شخصان يحمل كل منهما سلاحًا آليًا وأطلقا النار باتجاه الأمن، مشيرة إلى أن الشرطة ردت على المهاجمين فقُتل أحدهما وأصيب الآخر الذي لاذ مع ذلك بالفرار.

أهداف عملية كمين الصالحين

يقول الباحث في شؤون الحركات الإرهابية عمرو فاروق، في تصريحات لـ«السياق»، إن عملية كمين الصالحين، التي تبناها «داعش»، تأتي في إطار نقل العمليات من مثلث الشيخ زويد ورفح بالعريش إلى غرب وشرق قناة السويس، إلا أنها كشفت أن التنظيم الإرهابي ما زال ضعيفًا.

ويقول فاروق، إن الهدف منها إحداث دعاية إعلامية وتوصيل رسالة بأن التنظيم ما زال قائمًا، ولديه حيوية في التحرك تجاه الأهداف التي يسعي إلي تحقيقها.

وأشار إلى أن تلك العملية تأتي في إطار «البيعات» الجديدة لتنظيم داعش، وتولية أمير جديد للتنظيم يدعى أبو الحسين القرشي، مؤكدًا أنه من المعروف أنه بعد أي بيعة جديدة تكون هناك مجموعة من العمليات ربما تكون سريعة خاطفة، لكن الهدف منها إيصال رسالة لأعضائه بأن التنظيم قائم.

وبحسب الباحث في شؤون الحركات الإرهابية، فإن نقل العمليات من قلب شمال سيناء، مثلث الشيخ زويد ورفح والعريش إلى مناطق على جانبي قناة السويس غربًا وشرقًا، محاولة من التنظيم للتأثير في موسم السياحة الحالي باعتباره من أنجح المواسم السياحية منذ سنوات، خاصة في ظل أزمة الطاقة الموجودة في أوروبا واتجاه عدد كبير جدًا من السياح الأجانب إلى مصر.

هدف آخر يسعى التنظيم الإرهابي إلى تحقيقه من تلك العملية، يتمثل بالتأثير في الجانب الاستثماري للمنطقة الصناعية لقناة السويس، ومحاولة زعزعة الاقتصاد المصري وإرباك الأجهزة الأمنية، بحسب فاروق.

الباحث في شؤون الجماعات الأصولية والإرهابية أحمد سلطان، يقول في تصريحات لـ«السياق»، إن هذا الهجوم هدفه «دعائي» في المقام الأول، مشيرًا إلى أنه يأتي استجابة لدعوات قيادة داعش المركزية بنقل المعركة بعيدًا عن شبه جزيرة سيناء.

ويقول سلطان إن التنظيم يهدف من وراء هذا التحرك إلى تخفيف الضغط على أعضائه المحاصرين في شبه جزيرة سيناء وشمال سيناء تحديدًا، وإحراز أي نصر يثبت وجوده به، بعد الهزائم والانتكاسات التي تلقاها خلال الفترة الماضية وخسارته لمجموعة من كبار قادته.

هل تعد العملية دليلًا على عودة داعش؟

وأوضح الباحث في شؤون الحركات الإرهابية عمرو فاروق، أن هذه العملية ليست دليلًا على قوة «داعش» أو أنه في مرحلة تموضع داخل مصر، مشيرًا إلى أنه لا يمكن التعامل معها كدليل على «ضعف» الأجهزة الأمنية، خاصة أن هذه العمليات تطلق عليها «عمليات الجهاد منخفض التكاليف»، التي تكون مباغتة وأقرب إلى ما يعرف بـ«حرب الشوارع»، وهو تكتيك تتبعه التنظيمات الإرهابية في مرحلة الضعف وليس القوة.

الباحث في شؤون الحركات الإرهابية، قال إن التنظيمات الإرهابية في مرحلة الضعف، تحاول تحقيق مجموعة من الأهداف بعملية مباغتة تحقق له مكاسب كثيرة.

وعن الدلالة المكانية، قال الباحث في شؤون الحركات الإرهابية، إنها تأتي في إطار محاولة التنظيم الاقتراب من المناطق المؤثرة وذات الكثافة السكانية، حتى يكون تحركه مؤثرًا.

ويقول الباحث في شؤون الجماعات الأصولية والإرهابية أحمد سلطان، إن التنظيم في وضع صعب للغاية، لأن العديد من أعضائه انشقوا عنه واستسلموا للأجهزة الأمنية مع أسرهم، بينما الباقون محاصرون في مناطق نشاطه التقليدية في رفح والشيخ زويد، مؤكدًا أن «داعش»، يسعى لنقل المعركة بين مناطق بئر العبد والقنطرة شرق والإسماعيلية.

ويقول سلطان، إنه كانت هناك محاولات لهجمات أخرى، لكن أجهضتها القوات المسلحة وقوات الأمن المصرية.

هل كان الهجوم مفاجئًا؟

رؤية جديدة يطرحها الباحث في شؤون الجماعات الأصولية والإرهابية أحمد سلطان، في تصريحات لـ«السياق»، مشيرًا إلى أن هجوم الإسماعيلية ليس مفاجئًا، مدللًا على رؤيته بقوله، إن تنظيم داعش في سيناء أو ما تسمى «ولاية سيناء»، يحاول نقل عملياته الإرهابية إلى محافظة الإسماعيلية منذ فترة، بعد تسرب بعض أعضائه وخلاياه إلى منطقة القنطرة شرق.

وأكد الباحث في شؤون الجماعات الأصولية والإرهابية، أن الهجوم فاجأ فقط الرأي العام، وليس المراقبين، مستدلًا على رؤيته، بالاستتنفار الأمني الذي نفذته الشرطة منذ فترة استعدادًا لهجمات شبيهة، ما اتضح في سرعة الرد على المجموعة الإرهابية المهاجمة والتعامل معها.

وشدد على أن التنظيم لديه مجموعات قليلة في أطراف شمال سيناء، ولا يتوقع أنه يستطيع تعويض خسائره، خاصة في ظل الحصار الخانق الذي فرضه الجيش المصري وعملية تجفيف منابع الإرهاب، التي خاضها خلال السنوات الماضية.