صالح وحفتر والدبيبة... ماذا يفعل فرقاء ليبيا في القاهرة؟

صالح وحفتر والدبيبة... كواليس زيارة فرقاء ليبيا إلى القاهرة

صالح وحفتر والدبيبة... ماذا يفعل فرقاء ليبيا في القاهرة؟

السياق

مئة يوم حاسمة، تفرق ليبيا عن أهم استحقاق دستوري في السنوات العشر الماضية، إلا أن ثمة عراقيل حالية ومستقبلية، في طريق البلد الإفريقي، نحو الوصول إلى غايته المنشودة وتوحيد مؤسساته، ولم شمل مواطنيه.

تلك العراقيل، تحاول دول إقليمية ودولية سبر أغوارها، وتذليل الطريق لعبورها، إلا أن المليشيات المسلحة والمرتزقة، الذين أصبحوا كـ«مسمار جحا»، ينكأون جراح الليبيين، ويهدِّدون مصير البلد الذي يحاول لملمة شتاته.

وفي مسعى من دول الجوار الليبي لحلحلة الأزمة، استضافت الجزائر أواخر الشهر الماضي، اجتماعًا لمحاولة وضع ليبيا على طريق الانتخابات "الشائك"، إلا أن ثمة تطورات، هددت العملية السياسية الجارية، آخرها أزمة سحب الثقة من الحكومة، التي وصلت محطتها الأخيرة في انتظار القرار الفصل من مجلس النواب.

 

مصر تتدخل

هذه التطورات، دفعت الجارة مصر إلى التدخل، لإنقاذ المسار الدستوري الذي تبنته ووضعت أسسه قبل عام ونِصف العام، بإعلان القاهرة الذي كان أساسًا للحل في ليبيا، لذا استضافت اجتماعًا ثنائيًا بين القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ليلحق بالركب اليوم الأربعاء رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة.

وعن تلك اللقاءات، قالت الرئاسة المصرية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنها تناولت بحث آخر التطورات على الساحة الليبية، في ضوء خصوصية العلاقات «المتميزة» التي تربط مصر بليبيا وشعبها، والسياسة المصرية الراسخة، باعتبار استقرار ليبيا -على المستويين السياسي والأمني- جزءاً من استقرار مصر.

وقال المتحدِّث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن السيسي رحب بالقادة الليبيين، مثمناً «حرصهما الدائم على إنفاذ إرادة الشعب الليبي وصون مصالحه الوطنية، بهدف استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، إلى جانب الحفاظ على سيادة ووحدة الدولة الليبية».

وأكد الرئيس المصري، مواصلة بلاده جهودها، للتنسيق مع الليبيين خلال الفترة المقبلة، بما يسهم في ضمان وحدة وتماسك الموسسات الوطنية الليبية، وصولاً إلى إجراء الاستحقاق الانتخابي المهم برلمانياً ورئاسياً، المنتظر نهاية العام الجاري، فضلاً عن منع التدخلات الخارجية، التي تهدف إلى تنفيذ أجنداتها الخاصة على حساب الشعب الليبي، وكذا إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية.

 

دعم ليبيا

من جانبهما، أعرب المسؤولان الليبيان عن «تقديرهما للدور المصري، وجهود القاهرة في دعم ومساندة ليبيا منذ اندلاع الأزمة حتى الآن، في إطار العلاقات الممتدة والأخوية التي تربط البلدين والشعبين»، معربين عن «تقديرهما للرئيس السيسي والشعب المصري، للوقوف إلى جانب الليبيين في إدارة المرحلة الانتقالية، ومساندتهم في المسؤولية الملقاة على عاتقهم، خاصةً عن طريق المساهمة في توحيد الجيش الوطني الليبي، فضلاً عن الدور الحيوي لنقل التجربة المصرية التنموية إلى ليبيا، والاستفادة من خبرة وإمكانات الشركات المصرية العريقة في هذا الصدد».

وبحسب البيان المصري، فإن القادة الليبيين أكدوا اتساق مواقفهما مع المنظور المصري، لإدارة المرحلة الانتقالية الليبية، خاصةً ما يتعلَّق بضرورة ضمان عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل نهاية العام الجاري، بالتوازي مع تعزيز المسار الأمني، من خلال إلزام الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة من الأراضي الليبية، حتى تتمكن المؤسسات الأمنية الليبية من الاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تعزيز جهود استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا.

وأضاف المتحدِّث الرئاسي، أن اللقاء شهد استعراض آفاق التعاون والتنسيق بين البلدين، خلال الفترة المقبلة على كل المستويات.

 

دعم الانتخابات

وعن تلك الزيارة، قال المحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»: إن زيارة المشير خليفة حفتر والمستشار صالح، هدفها واضح هو دعم الانتخابات، والضغط في اتجاه إخراج المرتزقة من ليبيا.

وأوضح الأوجلي، أن القاهرة لها ثقل كبير في الملف الليبي، فالانفراجة السياسية في الأزمة الليبية، كانت بدءًا من إعلان القاهرة، مشيرًا إلى أن العاصمة المصرية ستلعب دورًا في تقريب وِجهات النظر في الملفات العالقة، لا سيما إذا وضعنا في الحسبان، المحادثات المصرية التركية.

وأكد المحلل السياسي الليبي، أن الرئيس المصري السيسي سيكون له «دور مهم جدًا في أي تحركات مستقبلية، لا سيما في ما يتعلق بإخراج القوات التركية من البلاد».

وأشار إلى أن ليبيا، التي تفصلها قرابة مئة يوم فقط، عن موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تعالت الأصوات فيها لسحب الثقة من حكومة الدبيبة، التي لا تولي ملف الانتخابات أية أهمية، ما استلزم تدخل الجانب المصري لفهم ما يدور في كواليس الحكومة ومحاولة رأب الصدع، وتجنُّب انحراف المسار السياسي الليبي، لاسيما أن هذه المرحلة تحتاج إلى تكاتف الجهود، للعبور بالبلاد إلى بر الأمان.

 

حلحلة الأزمة

وعن إمكانية أن تؤدي اللقاءات إلى حلحلة الأزمة، قال الأوجلي، إن الأمر مرتبط بمدى استجابة الحكومة للحلول المطروحة، إلا أن الوضع على الأرض، يشير إلى أن الأطراف المعرقلة للعملية السياسية، المتمثِّلة في تنظيم الإخوان الإرهابي والمليشيات المنتشرة غربي البلاد، والمسيطرة على المشهد في العاصمة وحكومة الدبيبة التي صنعت من نفسها طرفا في الصراع، لا تسعى لإنجاز الانتخابات، الأمر الذي سيقف حائلًا أمام التوصل إلى حل نهائي للأزمة.

وأشار إلى أن الدبيبة سيحاول إنقاذ نفسه وحكومته، من ورقة سحب الثقة التي ستكون الحل الأمثل، في حال تعنته وإصراره على موقفه، مؤكدًا أن ورقة الضغط الدولي ستكون حاسمة في إنهاء الصراعات والضغط لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر.

 

سحب الثقة

وحدَّد البرلمان الليبي، الاثنين المقبل، موعدًا لحسم إمكانية سحب الثقة من الحكومة، بعد جلستين في أسبوعين متتاليين، شهدت الأولى عرضًا لرد الحكومة على تساؤلات النواب، بينما شهدت الأخرى، عرضًا لآراء مجلس النواب، عن ردود الحكومة، التي لم تلق قبولًا لدى كثيرين منهم، طالبوا بسحب الثقة من الدبيبة وحكومته، أو بعض وزرائه في أقل تقدير.

تأتي تلك التطورات، بعد أيام من حسم البرلمان الليبي، قانون الانتخابات الرئاسية وإرساله إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، والبعثة الأممية، إلا أن تلك الخطوة عارضها ما يعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة» الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان في ليبيا، ملوِّحًا بخيارات أخرى، في التعامل مع البرلمان الليبي.

 

5 دول غربية تدعم وتحذر

إلا أن 5 دول غربية، عبَّـرت عن قلقها من الأزمة السياسية الحالية، وتخوفاتها من أن تؤدي إلى تأجيل الانتخابات المرتقبة، فدعت فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في ليبيا -في بيان مشترك- جميع الجهات الفاعلة إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة في 24 ديسمبر 2021.

وقال البيان الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه: إن إجراء هذه الانتخابات، على النحو المحدَّد في خارطة الطريق، خطوة أساسية في تحقيق المزيد من الاستقرار وتوحيد ليبيا، مؤكدًا ضرورة توفير التمويل الكافي لمفوضية الانتخابات والاستعدادات الأمنية المختلفة، واحترام نتائج ذلك الاستحقاق الدستوري.