فيضانات باكستان الكارثية.. موت وتشريد الآلاف في ظل أزمة اقتصادية طاحنة

المخاوف من الفيضانات حول ضفاف النهر دفعت نحو 180 ألف شخص في منطقة تشارسادا إلى الفرار من منازلهم

فيضانات باكستان الكارثية.. موت وتشريد الآلاف في ظل أزمة اقتصادية طاحنة

السياق

طرق تحوَّلت إلى أنهار، وآمال باتت سرابًا، وبيوت باتت أنقاض، بعد أن عصفت بها الفيضانات المدمرة... واقع مرير وجد الباكستانيون أنفسهم فيه، كبدهم فاتورة باهظة، جراء الدمار الذي حل بجميع أنحاء البلاد.

فعلى وقع الفيضانات القاتلة، فر عشرات الآلاف من منازلهم إلى الطرق السريعة مع ماشيتهم شمالي باكستان، بعد أن دمر نهر -ارتفع منسوبه بسرعة- جسرًا رئيسًا، في البلد الذي عانى فيضانات قاتلة.

ففي إقليم خيبر بختون خوا الشمالي، تسببت الفيضانات في ارتفاع منسوب مياه نهر كابل، ما أدى إلى جرف جسر كبير خلال الليل، وقطع الطرق في بعض المناطق.

وبحسب وكالة رويترز، فإن مسؤولي التصدي للكوارث قالوا إن المخاوف من الفيضانات حول ضفاف النهر دفعت نحو 180 ألف شخص في منطقة تشارسادا إلى الفرار من منازلهم، بينما قالت سلطات إدارة الكوارث إن عدد قتلى الفيضانات في أفغانستان ارتفع إلى قرابة ألف شخص منذ يونيو، وتضرر ملايين الأشخاص، كما نزح الآلاف.

وأدت الفيضانات إلى نفوق آلاف من رؤوس الماشية، وتدمير نحو 1.7 مليون شجرة فاكهة، ما أثار مخاوف من كيفية إطعام العائلات نفسها في الأشهر الباردة، بينما تواجه البلاد أزمة اقتصادية، بحسب «رويترز».

وفي مؤتمر صحفي، طالب شرف الدين مسلم، نائب مدير وزارة الكوارث الأفغانية، المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي والمنظمات والمؤسسات الأخرى ذات الصلة بمساعدة إسلام أباد، مشيرًا إلى أن أكثر من مليون أسرة بحاجة إلى المساعدة.

تضرر شامل

من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف -في تصريحات صحفية السبت- تضرر بلاده من الفيضانات المفاجئة، بسبب الأمطار الموسمية المستمرة، مؤكدًا أن باكستان عازمة على حل المشكلات بجهود جماعية.

وبحسب وكالة أسوشتيد برس، فإن رئيس الوزراء إن الأمطار الغزيرة تسببت في خسائر بشرية، وألحقت أضرارًا بالطرق والبنية التحتية عبر خيبر بختونخوا والبنجاب والسند وبلوشستان.

وتسبب موسم الرياح الموسمية، الذي بدأ في وقت مبكر عن المعتاد هذا العام، في أمطار غزيرة بباكستان، بينما بذل عمال الإنقاذ جهودًا مضنية لإجلاء آلاف الذين تقطعت بهم السبل من المناطق المتضررة من الفيضانات.

من المقرر أن يزور رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف –الأحد- قرية حاجي الله دينو التي تضررت من الفيضانات، الواقعة في منطقة جعفر آباد بإقليم بالوشستان.

وسيطلع الأمين العام لهيئة إدارة الكوارث في الإقليم ومديرها العام، رئيس الوزراء على عمليات الإغاثة ووضع الفيضانات وأعمال إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة، بحسب وسائل إعلام محلية، أكدت أن رئيس الوزراء سيلقي نظرة بالطائرة على المناطق الأخرى التي تضررت من الفيضانات في حفيظ آباد، وجابي خان، وقديربور، وشيكاربور.

جبر المتضررين

وفي محاولة من الحكومة لجبر المتضررين، أعلن رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، تخصيص 38 مليار روبية لمساعدة كل أسرة تضررت من الفيضانات بـ25 ألف روبية.

وقال رئيس الوزراء الذي كان يتحدث إلى المتضررين من الفيضانات إنه أعلن منحة بـ 15 مليار روبية لولاية السند، بينما بدأ توزيع الإعانات الغذائية على الأسر في ولاية السند بعد بلوشستان تحت رعاية برنامج بينظير لدعم الدخل، مشيرًا إلى أن الولايات الأخرى ستتلقى إعانات كهذه.

ولم تكد تنتهي الجولة الأولى من الفيضانات، حتى بات إقليم السند جنوبي باكستان يتحضر لفيضانات جديدة مع خروج الأنهار من مجاريها.

وبحسب «فرانس 24»، فإن نهر السند الذي يعبر في ثاني المناطق الأكثر تعدادًا للسكان بباكستان، يغذي عشرات المجاري المائية الجبلية شمالًا، التي فاض الكثير منها إثر تساقطات قياسية وذوبان الأنهر الجليدية.

سُبع الباكستانيين

ونقلت «فرانس 24»، عن عزيز سومرو المشرف على السد الذي يضبط المياه المتدفقة من النهر بالقرب من سوكور، قوله: «نهر السند شديد الفيضان راهنًا».

وبحسب مسؤولين، فإن الأمطار الموسمية شملت هذه السنة أكثر من 33 مليون شخص، أي واحد من كل سبعة في باكستان، متسببة في أضرار جسيمة بقرابة مليون مسكن.

وقالت الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث في باكستان، إن فيضانات هذه السنة توازي تلك التي وقعت عام 2010، وهي الأسوأ على الإطلاق، عندما لقي أكثر من ألفي شخص حتفهم، وغمرت المياه نحو خُمس البلد.

وأعلنت الحكومة حالة الطوارئ وحشدت الجيش، لمواجهة ما وصفتها وزيرة التغيُّر المناخي شيري رحمن بـ«الكارثة».

تأتي هذه الفيضانات وسط مرحلة صعبة في باكستان، إثر تدهور الاقتصاد وإطاحة رئيس الوزراء عمران خان، بمذكرة حجب ثقة في أبريل الماضي، ورغم أن العاصمة إسلام أباد ومدينة راولبندي الكبرى المجاورة لها نجتا من هذه الكارثة، فإنهما ترزحان تحت وطأة تداعياتها.

التغيُّـر المناخي

وتحتل باكستان المرتبة الثامنة على قائمة مؤشّر الخطر المناخي العالمي، الذي تعدّه مجموعة «جرمان ووتش» غير الحكومية للبلدان الأكثر هشاشة، في ظلّ الظواهر المناخية القصوى الناجمة عن التغيُّـر المناخي.

ويتفاقم الوضع بفعل الفساد وسوء التخطيط وانتهاك القواعد المحلية، ما أدى إلى تشييد آلاف المباني في مناطق عرضة للفيضانات الموسمية.

ويوضح مسؤولو باكستان أن التغيُّـر المناخي -الناجم عن الأنشطة البشرية- خلف الفيضانات، مشيرين إلى أن باكستان تتحمل -على نحو غير منصف- تداعيات ممارسات بيئية غير مسؤولة في مناطق أخرى من العالم.

مساعدات دولية

وتستعد تركيا لإرسال طائرة مساعدات إلى الباكستانيين المتضررين من الفيضانات، بحسب وزارة الخارجية التي قالت في بيان: «تملكنا الحزن الشديد بسبب كوارث الفيضانات العنيفة، التي ما زالت مستمرة وشديدة، في الأيام القليلة الماضية بباكستان، وحصدت أرواح العديد من الأشقاء والشقيقات الباكستانيين وسببت أضرارا فادحة».

وأضاف البيان: «بدأت تركيا الاستعدادات لإرسال المساعدات اللازمة للأشقاء والشقيقات الباكستانيين المتضررين من كوارث الفيضانات».