هل أحكم ترامب سيطرته على الجمهوريين؟

ينكر قرابة ثلاثة أرباع الناخبين الجمهوريين أن جو بايدن هو الرئيس الشرعي المنتخب للولايات المتحدة

هل أحكم ترامب سيطرته على الجمهوريين؟
دونالد ترامب

ترجمات - السياق 

"ينكر قرابة ثلاثة أرباع الناخبين الجمهوريين أن جو بايدن هو الرئيس الشرعي المنتخب للولايات المتحدة"، بهذه المقدمة تحدثت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، عن تأثير الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في الحزب الجمهوري، وتوقعات مستقبله السياسي قبل انتخابات التجديد النصفي المقررة نوفمبر المقبل.

واستشهدت الصحيفة، بالأوضاع قبل نحو تسعة أشهر، "عندما شك البعض بتأثير ترامب في الجمهوريين الأمريكيين، في ظِل فوز غلين يونغكين بمنصب حاكم ولاية فرجينيا، في ما عُدَّ حينها نموذجًا يحتذى بين المحافظين غير الشعبويين".

ووصفت هذه الشكوك بالساذجة، إذ سطع مؤخرًا نجم المرشحين الذين يؤيدهم ترامب في الانتخابات التمهيدية لانتخابات التجديد النصفي، أما أولئك الذين يتخذون موقفًا ضده، ليسوا كذلك.

انتقام

ورأت "فايننشال تايمز" أن هزيمة النائبة الجمهورية، ليز تشيني -وهي من أبرز منتقدي ترامب- الشهر الجاري، كانت ثأرًا لدورها في التحقيقات الجارية باقتحام مبنى الكونغرس الأمريكي العام الماضي.

كانت تشيني سارت في خط معادٍ لترامب في وقت مبكر، وأعلنت رفضها لخطه الشعبوي ولكثير من سياساته، وبرزت في الكونغرس واحدةً من أبرز الأصوات الناقدة له. وشاركت في رئاسة لجنة الكونغرس التي تحقق في أحداث اقتحام مبنى الكابيتول، ودور الرئيس السابق فيها. كما أنها صوتت في مجلس النواب لصالح إجراءات عزله، ما جعله يضعها ضمن «الأعداء» الذين قرر العمل على إطاحتهم من الكونغرس بتأييد المرشحين المنافسين لهم من داخل الحزب الجمهوري.

وألقى ترامب بكل ثقله وراء المحامية هارييت هاجمان المؤيدة له ولمزاعمه بشأن "سرقة" الرئاسة منه، التي نافست تشيني في الانتخابات لاختيار المرشح الجمهوري في وايومنغ، ولم يُخفِ فرحته بهزيمة عدوته مغردًا: «الآن، يمكنها أخيرًا أن تسقط في غياهب النسيان السياسي».

وذكرت الصحيفة أن "نحو ثلاثة أرباع الناخبين الجمهوريين ينكرون أن بايدن الرئيس الشرعي المنتخب للولايات المتحدة"، مشيرة إلى أن ما سمتها (هذه الكذبة الكبيرة) يشارك فيها بعض الذين يشغلون مناصب في البيروقراطية الانتخابية في ولاية أريزونا وغيرها من الولايات المهمة، لذا فإن ترامب سيعتمد على خداعهم إذا ترشح مرة أخرى عام 2024.

وترى الصحيفة البريطانية، أن تراجع الحزب الجمهوري يُعد مسألة وجودية للولايات المتحدة، إذ إن نظام الحزبين لن يتحمل تحول أحدهما إلى الشراسة، مشيرة إلى أنه "حتى المؤسسات غير السياسية، مثل جهاز تطبيق القانون الفيدرالي، وإدارة الإيرادات الداخلية، يتعين عليها أن تبذل قصارى جهودها، للحفاظ على شرعيتها لدى اليمين الشعبوي".

تكلفة انتخابية

ورغم ذلك، فإن "فايننشال تايمز" ترى أنه قد تكون هناك تكلفة انتخابية بالنسبة للجمهوريين، إذ لا يوجد سبب للاعتقاد بأن الناخب الهامشي ميال إلى ترامب بدرجة تتجاوز عام  2018 حينما خسر الحزب الجمهوري الكونغرس أو 2020 حينما خسر البيت الأبيض، مضيفة: "لقد كانت تلك الشعبوية دائمًا محدودة الشعبية حتى قبل أحداث 6 يناير 2020".

وأشارت إلى أن هذه الأحداث -اقتحام الكونغرس- غيرت الكثير من المفاهيم، ومن ثمّ فإنه بعيدًا عن (الشعبوية) قد لا يهتم الآخرون -أعضاء الحزب الجمهوري المهمشون- بما يفعله ترامب وأنصاره.

وأضافت: "صحيح أن الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، لا يحظى بشعبية، بيد أن مستوى الرضا عن أدائه استقر إلى حد ما خلال الصيف، والأهم من ذلك أن استطلاعات الرأي تظهر تقدم الديمقراطيين على الجمهوريين في اقتراع عام للكونغرس".

وحسب الصحيفة، تشير بعض الانتخابات التمهيدية والانتخابات الخاصة في جميع أنحاء الولايات، إلى أن الحزب يتقدم إلى حيث "ينبغي" أن يكون، مع تزايد الآمال بأن يبقى مجلس الشيوخ في يد الديمقراطيين على الأقل.

يذكر أنه في الثامن من نوفمبر المقبل، تشهد الولايات المتحدة الأمريكية، انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، وفيها يُعاد انتخاب أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435 عضوًا، مقابل ثلث أعضاء مجلس الشيوخ، أي 35 مقعدًا من أصل 100، كما تشمل الانتخابات الاقتراع على مناصب 39 حاكم ولاية.

موقف غريب

وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أنه رغم (تزايد آمال الديمقراطيين) مع اقتراب انتخابات نوفمبر، بات المرشحون المؤيدون لترامب أكثر بروزًا مقارنةً بأي وقت مضى.

وبينّت أنه "عادةً ما تشهد الانتخابات النصفية معاقبة الحزب الحاكم على أي تجاوز سياسي -مثل الإضراب القضائي على حق الإجهاض الذي أيده معظم الأمريكيين "رو ضد وايد"- لذا يجد الجمهوريون أنفسهم في موقف غريب، إذ إن السياسة الأكثر تشددًا -خلال العامين الماضيين- اتخذها حزب معارض".

وأوضحت الصحيفة أن هزيمة بايدن في الانتخابات كانت مطروحة عام 2020، وانتهى به الأمر بفوز متواضع وسيطرة غير مؤثرة في مجلس الشيوخ، لذا ينبغي للديمقراطيين ألا يتوقعوا عدم مسؤولية من خصومهم، مشددة على أن الاحتمال بسيطرة الجمهوريين على مجلس النواب بعد نوفمبر لا يزال قائمًا، رغم تزامن ذلك مع إجراء جلسات الاستماع بشأن اقتحام مبنى الكونغرس.

ورأت أنه رغم ذلك، من المحتمل أن يفوز ترامب بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة عام 2024، وبذلك تنضم عملية مداهمة مكتب التحقيقات الفيدرالي لمقر إقامته في فلوريدا إلى ما يسميها "سرقة" الانتخابات باعتبارها شكوى تحريضية، مضيفة: "هذا هو حزب ترامب الآن، تمامًا كما كان أثناء توليه مهام منصبه".

لكن المعركة ضد ترامب لن تكون بهذه السهولة، فالرجل أثبت قبضته على الحزب الجمهوري، وقدرته على الإفلات من كل الملاحقات، وتحويلها لمصلحته ولتعبئة أنصاره، على الأقل حتى الآن.

وحسب الصحيفة، تسير الأمور لمصلحته وضد خصومه، إذا نجح أنصاره في معركة الانتخابات النصفية للكونغرس في نوفمبر، وقلبوا الطاولة على الديمقراطيين بانتزاع السيطرة على الكونغرس منهم، فإن ذلك سيمكنه من إنهاء التحقيقات ضده في مجلس النواب، والضغط لوقف الملاحقات الأخرى التي تهدده، سواء بشأن ملابسات اقتحام الكونغرس، أم حتى بشأن شركاته وشؤونه الضريبية.

الخطوة الأخيرة -حسب "فايننشال تايمز"- ستكون إعلانه الترشح عام 2024 واضعًا أمريكا والعالم أمام امتحان جديد، مع رجل غاضب يريد تصفية الحسابات مع كثيرين، ومع تيار شعبوي متنامٍ يتحدى الممارسات والمؤسسات السياسية القائمة.