صيف حارق... الصين تعاني تأثير الكوارث الطبيعية في المواطنين والأراضي الزراعية
أكدت وكالة الأرصاد الجوية الصينية، أن هناك زيادة في فترات الجفاف التي تشهدها الصين، متوقعة ارتفاع درجات الحرارة وعدم هطول أمطار ثلاثة أيام أخرى على الأقل

ترجمات – السياق
سلطت شبكة بلومبرغ الأمريكية، الضوء على تأثير مختلف الكوارث الطبيعية في المحاصيل بالصين، مُشيرة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة لفصل الصيف هذا العام، هو الأسوأ منذ ستة عقود، حيث فقدان مئات الأشجار جنوبي غرب الصين وزيادة خسائر المزارع، فضلًا عن تقلص نهر اليانغتسي.
ولتأكيد الخسائر الفادحة التي تعرض لها القطاع الزراعي في الصين جراء الكوارث الطبيعية، أوضحت الشبكة الأمريكية، أن مئات من أشجار البرسيمون (الكاكا) التي يجب أن تكون محملة بالفاكهة الصفراء تذبل في صوبة مواطن يدعى "غان بينغ دونغ" جنوبي غرب البلاد، ما يزيد الخسائر الزراعية المتزايدة في الصيف الحارق، الذي يعد الأكثر جفافًا في البلاد منذ ستة عقود.
وأفادت بأن مزرعة غان بينغ الواقعة جنوب مدينة تشونغتشينغ الصناعية فقدت نصف محصولها النباتي في حرارة تصل إلى 41 درجة مئوية (106 فهرنهايت) وجفاف أدى إلى تقلص نهر اليانغتسي العملاق، وأدى إلى ذبول المحاصيل وسط الصين.
الفراولة والباذنجان أيضًا في مزرعة "غان بينغ" لم يكن حالهما أفضل من (الكاكا)، إذ نضب خزان مياه بجانب مزرعته، ما اضطره إلى ضخ المياه الجوفية، إلا أن ذلك لم يسعفه وفسد المخزون جراء الحرارة والجفاف الشديدين.
وعما جرى لزراعته، قال غان بينغ للشبكة الأمريكية: "درجات الحرارة المرتفعة هذا العام مُزعجة للغاية، وتسببت في خسائر غير معتادة في المحاصيل".
جفاف غير معتاد
من جهتها، أكدت وكالة الأرصاد الجوية الصينية، أن هناك زيادة في فترات الجفاف التي تشهدها الصين، متوقعة ارتفاع درجات الحرارة وعدم هطول أمطار ثلاثة أيام أخرى على الأقل، مُضيفة أن السلطات المحلية أمرت باستخدام مصادر المياه المتاحة لتزويد الأسر والماشية.
وقالت في بيان: ظروف الجفاف عبر رقعة من الصين تمتد من الشرق المكتظ بالسكان عبر المحافظات الزراعية في الوسط إلى شرقي منطقة التبت "زادت بشكل كبير".
وتفيد توقعات الأرصاد الجوية الصينية، بارتفاع درجات الحرارة، وعدم هطول أمطار ثلاثة أيام أخرى على الأقل من محافظتي جيانغسو وآنهوي شمال غرب شنغهاي، عبر محافظتي تشونغتشينغ وسيتشوان إلى شرقي التبت.
وقالت وكالة الأرصاد في بيانها: السلطات المحلية أصدرت أوامر "بضرورة استخدام مصادر المياه المتاحة" لإمداد الأسر والماشية، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
واستعرض التقرير أبرز أمثلة المقاطعات الصينية التي تعاني سوء حالة الطقس، فعلى سبيل المثال، فقدت مزرعة تقع جنوب مدينة تشونغتشينغ، نصف محصولها، حيث بلغت الحرارة 41 درجة مئوية، وصرحت السلطات في تشونغتشينغ بأن ما يقدر بمليون مواطن في المناطق الريفية سيواجهون نقصًا في مياه الشرب.
وحسب الشبكة الأمريكية، كان التأثير الأكبر في محافظة سيتشوان، حيث تم إغلاق المصانع، وطُلب من المكاتب ومراكز التسوق إيقاف تشغيل مكيفات الهواء، بعد أن انخفض منسوب الخزانات التي تولد الطاقة الكهرومائية إلى نصف مستوياتها الطبيعية.
وأشارت إلى أن المحافظة التي يبلغ عدد سكانها 94 مليون نسمة تحصل على 80% من احتياجاتها من الكهرباء من السدود التي تولد الطاقة الكهرومائية.
أمام ذلك، أغلقت المصانع التي تصنع شرائح المعالجات للهواتف الذكية ومكونات السيارات والألواح الشمسية، وغيرها من السلع الصناعية ستة أيام على الأقل حتى السبت الماضي.
ونقلت الشبكة الأمريكية عن بعض المراقبين قولهم: الإنتاج سينخفض، بينما يقول آخرون إن إمدادات العملاء لن تتأثر.
تحديات حكومية
وتُضاف عمليات الإغلاق إلى التحديات التي تواجه الحزب الشيوعي الحاكم، حيث يستعد الرئيس شي جين بينغ، أقوى زعيم في البلاد منذ عقود، لمحاولة كسر التقاليد ومنح نفسه ولاية ثالثة مدتها خمس سنوات كزعيم في اجتماع في أكتوبر أو نوفمبر.
وقد ضعف النمو في إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة في يوليو الماضي، ما أدى إلى تراجع معدل التعافي الاقتصادي في الصين، بعد إغلاق شنغهاي والمراكز الصناعية الأخرى أواخر مارس لمكافحة تفشي كورونا.
بينما نما الاقتصاد بنسبة 2.5% فقط في النصف الأول من عام 2022، أي أقل من نصف المستهدف السنوي الرسمي البالغ 5.5%.
وحسب "بلومبرغ" تعمل المرافق التي تديرها الدولة على نقل الطاقة إلى سيتشوان من المحافظات الأخرى، واستخدمت السلطات سيارات الإطفاء لإيصال المياه إلى قريتين جافتين بالقرب من تشونغتشينغ.
وقالت حكومة المحافظة، في بيان: 220 ألف شخص في محافظة هوبي شرقي تشونغتشينغ يحتاجون إلى مياه الشرب، بينما تضرر 6.9 مليون هكتار (17 مليون فدان) من المحاصيل، وأعلنت حالة الطوارئ بسبب الجفاف وأصدرت مساعدات في حالات الكوارث.
وحسبما أفادت لجنة الكوارث بالمقاطعة، فقدت سيتشوان 47 ألف هكتار (116 ألف فدان) من المحاصيل، كما تضرر 433 ألف هكتار (1.1 مليون فدان)، مُحذرة من أن 819 ألف مواطن يواجهون نقصًا في مياه الشرب.
وقالت السلطات في تشونغتشينغ إن ما يُقدر بنحو مليون شخص في المناطق الريفية سيواجهون نقصًا في مياه الشرب، حسبما أفادت صحيفة شنغهاي الإخبارية.
وقال غان بينغ، المزارع في جنوب تشونغتشينغ، إنه فقد ثلث نباتات الكاكا الخاص به.
ووفقًا لـ غان بينغ، فإنه "عادةً ما يحصد المزارعون في المنطقة الأرز أواخر أغسطس أو سبتمبر، لكنهم يخططون للانتهاء قبل أسبوعين على الأقل من موت النباتات".
يُشار إلى أن خزان المنطقة بجوار مزرعة غان فارغ تقريبًا، تاركًا بركة محاطة بأرض متصدعة، وبعد أن جفت قنوات الإمداد، حدث تسرب وتسارع التبخر جراء ارتفاع درجات الحرارة، ما اضطر غان للجوء إلى المياه الجوفية للري.
ويقول غان: "إذا كانت درجات الحرارة المرتفعة تأتي كل عام، يتعين علينا إيجاد حل، مثل بناء الشباك أو الري اليومي أو تركيب نظام رش لتقليل الفاقد".
في الوقت نفسه، عانت مناطق أخرى فيضانات قاتلة.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الصينية (شينخوا) نقلاً عن السلطات المحلية، بأن الفيضانات في محافظة تشينغهاي الشمالية الغربية قتلت 23 شخصًا على الأقل، وخلفت ثمانية في عداد المفقودين.
وأوضحت الشبكة أن الانهيارات الأرضية وفيضان الأنهار ضربا -الخميس- ست قرى في محافظة داتونغ في تشينغهاى، ما أجبر نحو 1500 شخص على ترك منازلهم.
وأبرزت "بلومبرغ" أن الاقتصاد الصيني نما بنسبة 2.5% فقط في النصف الأول من 2022، أي أقل من نصف الهدف السنوي الرسمي البالغ 5.5%، مُنبهًا إلى أنّ ضعف النمو ومبيعات التجزئة في يوليو 2022، أدى إلى تراجع الانتعاش الاقتصادي في الصين، خصوصًا بعد إغلاق شنغهاي ومناطق أخرى، أواخر مارس 2022 لمكافحة تفشي كورونا.
ووفقًا لـ "CNBC"، فإن درجات الحرارة المرتفعة في الصين من المرجح أن تستمر شهرين أو ثلاثة، ومن المحتمل أن تكون لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد، وستؤثر في الصناعات الكبيرة كثيفة الاستهلاك للطاقة، وفي سلاسل التوريد العالمية.
كما أدت درجة الحرارة المرتفعة خلال يوليو 2022 لخسائر اقتصادية بـ2.73 مليار يوان (400 مليون دولار) ما أثر في 5.5 مليون مواطن.
وعليه، خلص التقرير إلى ضرورة إيجاد حل مثل الري اليومي أو تركيب نظام رش لتقليل الفاقد، في ظل استمرار درجات الحرارة المرتفعة.