التجنيد مقابل الطعام... مليشيات الحوثي تسرق براءة الأطفال وتدفع بهم كوقود للحرب

أكد أحد مسؤولي مليشيات الحوثي، نشر الأطفال المجندين في الخطوط الأمامية، في إطار تعزيز القوات خلال الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة، التي صمدت منذ أبريل، زاعمين أنهم لا يرون أي خطأ في هذه الممارسة، بحجة أن الأولاد من 10 سنوات إلى 12 عامًا يعدون رجالًا

التجنيد مقابل الطعام... مليشيات الحوثي تسرق براءة الأطفال وتدفع بهم كوقود للحرب

السياق

دليل جديد على استمرار المليشيات الحوثية في سرقة براءة الأطفال، والدفع بهم إلى أتون حرب هم وقودها، بينما إيران والانقلابيون المستفيد الأول منها.

فمن إنكار إلى اعتراف، تبدلت مواقف المليشيات بشأن تجنيد الأطفال في حرب اليمن. ورغم الاتفاق الذي وقَّعه الحوثي -قبل قرابة شهرين- مع الأمم المتحدة لوقف تجنيد الأطفال، فإن الانقلابيين مارسوا عادتهم، وكثفوا -في الفترة الأخيرة- تلك العمليات، ودفعوا بالصغار إلى الصفوف الأمامية، خلف مقاتليهم.

تلك الحقائق اعترف بها مسؤولون حوثيون لوكالة أسوشيتيد برس، مؤكدين أنهم جندوا مئات الأطفال، منهم من لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات، خلال الشهرين الماضيين.

وأكد أحد مسؤولي مليشيات الحوثي، نشر الأطفال المجندين في الخطوط الأمامية، في إطار تعزيز القوات خلال الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة، التي صمدت منذ أبريل، زاعمين أنهم لا يرون أي خطأ في هذه الممارسة، بحجة أن الأولاد من 10 سنوات إلى 12 عامًا يعدون رجالًا.

 

المخيمات الصيفية

«هؤلاء ليسوا أطفالًا»، قال أحد المسؤولين للوكالة، التي قالت إن المليشيات الحوثية تستخدم ما يسمونها «المخيمات الصيفية» لنشر أيديولوجيتهم الدينية وتجنيد الفتيان للقتال.

تقام هذه المعسكرات في المدارس والمساجد، في المنطقة التي تسيطر عليها المليشيات الحوثية، شمال ووسط البلاد والعاصمة صنعاء.

وبينما تسبب انقلاب المليشيات الحوثية، الذي دخل عامه الثامن في قتل أكثر من 150 ألف شخص، بينهم أكثر من 14500 مدني، أدى –كذلك- إلى إغراق البلاد في شبه مجاعة، بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وبحسب خبراء الأمم المتحدة، فإن قرابة 2000 طفل جندتهم مليشيات الحوثي، قُتلوا في حرب اليمن بين يناير 2020 ومايو 2021.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 10200 طفل قُتلوا أو شوهوا في الحرب، رغم أنه من غير الواضح عدد المقاتلين الذين ربما كانوا من المقاتلين.

وفي أبريل الماضي، وقَّعت المليشيات الحوثية ما وصفتها «اليونيسيف» بأنها «خطة عمل» لإنهاء هذه الممارسة، قال عنها المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن الانقلابيين التزموا بتحديد هوية الأطفال في صفوفهم والإفراج عنهم في غضون ستة أشهر.

 

تشكيلات عسكرية

مطلع يونيو الجاري، نشر القيادي الحوثي محمد البخيتي مقطع فيديو من زيارة له إلى أحد المعسكرات بمحافظة ذمار.

ويظهر المقطع العشرات من الأطفال بالزي العسكري، يقفون في تشكيل يشبه الجيش، ويعلنون ولاءهم لزعيم مليشيات الحوثي عبدالملك الحوثي.

وقال أربعة عمال إغاثة من ثلاث منظمات دولية، تعمل في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، إنهم لاحظوا تكثيف جهود الحوثيين لتجنيد الأطفال في الأسابيع الأخيرة.

وتضاءلت صفوف الحوثيين بسبب الخسائر في ساحة المعركة، خاصة خلال معركة استمرت قرابة عامين للسيطرة على مدينة مأرب المهمة.

 

التجنيد مقابل الطعام

وقال عمال الإغاثة، بشرط عدم كشف هويتهم، خوفًا على سلامتهم، إن مجموعاتهم قد تُمنع من العمل في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.

وأكد عمال الإغاثة، أن المليشيات الحوثية ضغطت على العائلات، لإرسال أطفالهم إلى المخيمات، حيث يتعلمون كيفية التعامل مع الأسلحة وزرع الألغام، مقابل الحصول على الخدمات، بما في ذلك الحصص الغذائية من المنظمات الدولية.

وقال أحد عمال الإغاثة، الذي يعمل في المناطق الشمالية النائية، إنه شاهد أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم 10 أعوام في نقاط تفتيش على طول الطريق، وبحوزتهم بنادق AK-47 معلقة على أكتافهم، مشيرًا إلى إرسال آخرين إلى الخط الأمامي، بينما عاد بعضهم مصابين جراء القتال.

وقتل الآلاف من الحوثيين في معركة السيطرة على مأرب، التي فشلت على صخرة الحكومة الشرعية، بحسب وكالة أسوشيتيد برس، التي قالت إن محاولة الانقلابيين إعادة السيطرة على المدينة توقفت أواخر عام 2021، بعد تعزيز القوات الحكومية بمقاتلين أفضل تجهيزًا.

وقال عبدالباري طاهر نقيب الصحفيين اليمنيين السابق، إن المليشيات الحوثية تستغل العادات المحلية على حساب الأطفال والمجتمع، مشيرًا إلى أن امتلاك أو حمل السلاح تقليد متجذر في اليمن، لاسيما في المجتمعات الريفية والجبلية.

ويقول البعض إن الحوثيين يشترطون أيضًا المساعدات الغذائية الأساسية للأطفال، الذين يحضرون معسكرات التدريب، بينما قال اثنان من سكان محافظة عمران، إن ممثلي الحوثيين جاءوا إلى منازلهم في مايو وطلبوا منهم إعداد أطفالهم للمخيمات نهاية العام الدراسي.

وقال السكان، وهم مزارعون، بشرط عدم كشف هويتهم خوفًا من الانتقام، إن أطفالهم الخمسة، الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و 16 عامًا، نُقلوا أواخر مايو الماضي إلى مركز تدريب في مدرسة قريبة.

وقال أحد الآباء إنه قيل له إنه إذا لم يرسل أطفاله، فلن تحصل عائلته على حصص غذائية.

وقالت لجنة خبراء الأمم المتحدة، إن المليشيات الحوثية لديها نظام لتلقين الأطفال الجنود، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية للضغط على الأسر.

ويؤخذ الأطفال أولاً إلى المراكز لمدة شهر أو أكثر من الدورات الدينية، بحسب «أسوشيتيد برس» التي قالت إن الأطفال يقال لهم هناك إنهم ينضمون إلى الجهاد ضد اليهود والمسيحيين والدول العربية التي خضعت للنفوذ الغربي.

ووجد خبراء الأمم المتحدة، أن الأطفال في سن السابعة يتعلمون تنظيف الأسلحة وكيفية تفادي الصواريخ.

كان فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، أصدر تقريرًا في يناير، سلَّط الضوء على انتهاكات ميليشيات الحوثي، وتضمن معلومات عن استغلال الحوثيين للمعسكرات الصيفية والدورات الثقافية، للحشد والتشجيع على الانضمام للقتال.

وبحسب تقرير فريق الخبراء المكون من 51 صفحة، فإن الأطفال يؤمرون بترديد شعار الحوثيين: «الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود»، مشيرًا إلى أن المليشيات الحوثية تستغل المساعدات الإنسانية، من خلال توفيرها أو منع الأسر من الحصول عليها، على أساس مشاركة الأطفال في أنشطة الحوثي.