مقامرة في باكستان.. عمران خان يراهن على العلاقات مع طالبان

قبل وقت طويل من توقيع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، اتفاق الانسحاب مع طالبان، كان خان يدفع لإجراء محادثات سلام، إذ انتقد -مراراً وتكراراً- الحرب الأمريكية على الإرهاب، وتدخلها في أفغانستان منذ عام 2001

مقامرة في باكستان.. عمران خان يراهن على العلاقات مع طالبان

ترجمات - السياق

رأت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، أن سيطرة حركة طالبان على أفغانستان، قد تصب في مصلحة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، قائلة: طالما لقيت انتقادات نجم الكريكيت السابق للغزو الأمريكي لأفغانستان، واستخدامه الرسائل المعادية للولايات المتحدة، جمهوراً يتجاوز الإسلاميين المتشددين في بلاده.

وأضافت الصحيفة -في تقرير- أنه قبل وقت طويل من توقيع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، اتفاق الانسحاب مع طالبان، كان خان يدفع لإجراء محادثات سلام، إذ انتقد -مراراً وتكراراً- الحرب الأمريكية على الإرهاب، وتدخلها في أفغانستان منذ عام 2001، قائلاً في مقابلات لا حصر لها: إن "هذا التدخل كان من أكبر الأخطاء الفادحة لباكستان، إذ أنه أودى بحياة أكثر من 70 ألف باكستاني، مقارنة بأقل من 2500 جندي أمريكي لقوا حتفهم".

 

تأييد طالبان

أشارت الصحيفة، إلى أنه رغم أن موقف خان المؤيد لطالبان، أدى لتعرُّضه للسخرية من المراقبين الذين يصفون مواقفه بأنها "جوفاء وغير كاملة"، فإن خطابه الداعم لطالبان، يحظى بتعاطف واسع في باكستان، إذ أظهر استطلاع أجرته مؤسسة جالوب، أن 55% من الباكستانيين كانوا "سعداء" باستيلاء الإسلاميين على السُّلطة في أفغانستان.

وتابعت: "استيلاء طالبان على السُّلطة، والانسحاب المخزي للولايات المتحدة من أفغانستان، جعلا مواقف خان تبدو صائبة بالنسبة لسكان إسلام أباد، كما أن دعواته الأخيرة، للانخراط مع طالبان ودعمها منذ توليها السُّلطة، يتردد صداها في البلاد، التي أثارت فيها الحرب الأمريكية على الإرهاب، حالة من الاستياء والعداء".

ولفتت الصحيفة، إلى أنه بسبب علاقاته بطالبان، إضافة إلى تعامل الحكومة مع جائحة كورونا، تعد معدلات الوفيات والاضطرابات الاقتصادية، أقل بكثير مقارنة بخصمها اللدود الهند، إذ تقول استطلاعات الرأي: إن خان يسير الآن على المسار الصحيح، ليصبح أول رئيس وزراء لباكستان يكمل ولاية كاملة، منذ ذو الفقار علي بوتو في السبعينيات من القرن الماضي.

 

فوضوي للغاية

بالنظر لوضع المعارضة الرئيسة في البلاد، الذي وصفته الصحيفة بأنه "فوضوي للغاية"، نتيجة الصراع على السُّلطة، وكذلك لعلاقة خان بالجيش التي أصبحت أقوى من أي وقت مضى، إذ أنه يمنح الجيش حرية إملاء السياسات الخارجية للدولة، مع ضمان تحييد خصومه، فإنه يحظى بشعبية كبيرة لم يحظ بها من قبل، إذ أظهر أحدث استطلاع أجرته "جالوب" أنه حصل على نسبة تأييد تبلغ 48%، وهي أعلى نسبة له منذ توليه السلطة عام 2018، كما يعتقد 70% من الباكستانيين، أنه سيكمل فترة ولايته التي استمرت خمس سنوات قبل الانتخابات المقررة عام 2023.

ورأت "فاينانشال تايمز" أن خان يواجه الكثير من التحديات، إذ أنه لم يفِ بوعده ببناء دولة إسلامية مزدهرة، كما أن معدل التضخم يزيد على 8% مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهناك تهديدات بصعود الإرهاب، مع سيطرة طالبان على كابل، لكن المطلعين على الحكومة، يقولون إن قدرة خان على التعامل مع مشكلات البلاد، مثل قراره بعدم فرض إغلاق قاسٍ بسبب كورونا، وبذلك تجنيب الفقراء كارثة اقتصادية أكبر، جعلته يحظى بتأييد كثيرين.

 

ملاذ آمن

ووفقًا لـ "فاينانشال تايمز"، فإن الخطر الأكبر لحكومة خان، هو إذا أتت مقامرتها على طالبان بنتائج عكسية، أو أن تصعد طالبان باكستان والجماعات الأخرى هجماتها، ما يهدد بإعادة البلاد إلى الأيام المظلمة، التي كانت تكافح فيها لاحتواء التمرد الإرهابي.

ونقلت الصحيفة، عن الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة ألبانيا في الولايات المتحدة، كريستوفر كلاري، قوله: "سنرى ما إذا كان نظام طالبان الجديد في كابل، لديه القدرة أو الرغبة في حرمان حركة طالبان الباكستانية، من الملاذ الآمن في أفغانستان، لكن يبدو أنه من المرجَّح أن ينمو التهديد الإرهابي لحركة طالبان الباكستانية في باكستان، بشكل كبير".

ووفقاً للصحيفة، بينما يقود خان البلاد، في الفترة التي تعقب خروج الولايات المتحدة من أفغانستان، من خلال إعادة تشكيل النظام الجيوسياسي لمنطقة جنوب آسيا بشكل جذري، يبدو أن باكستان تسعى لإعادة تأسيس نفسها، كجسر استراتيجي في المنطقة للقوى العظمى في العالم، لكن السؤال الآن هو: هل تؤتي مناورتها الاستراتيجية لدعم طالبان ثمارها، أم أنها ستطلق العنان لموجة جديدة مدمِّرة من الإرهاب؟