فورين بوليسي: إيران على بعد أسابيع من إنتاج سلاح نووي

وفقًا لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وخبراء آخرين، فإن إيران الآن أقرب إلى تصنيع قنبلة نووية، مما كانت عليه في أي وقت مضى، إذ يعتقد بعض الخبراء أن طهران قد تكون على بُعد شهر واحد فقط، من امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية، أو اليورانيوم المستخدم في صُنع الأسلحة النووية، لصُنع قنبلة واحدة.

فورين بوليسي: إيران على بعد أسابيع من إنتاج سلاح نووي

ترجمات – السياق

قالت مجلة فورين بوليسي الأميركية، إن إيران على بعد شهر من الوصول إلى سلاح نووي، في ظل تراجع نفوذ أمريكا، بعد انسحابها الفوضوي من أفغانستان، مشيرة إلى أن تراخي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد يدفع الشرق الأوسط إلى سباق تسلح نووي جديد.

وأشارت المجلة الأمريكية، في تقرير، إلى ظهور وزير الخارجية الإيراني الجديد، حسين أمير عبداللهيان، لأول مرة على المسرح الدولي الأسبوع الماضي، وتصريحاته في الأمم المتحدة، التي أثارت انتباه المراقبين، بسبب ثقته المفرطة إلى درجة الغرور.

وقال عبد اللهيان: إن طهران مستعدة للعودة إلى محادثات خطة العمل المشتركة الشاملة في فيينا مع دول" الأربعة زائد واحد"، التي قد تُستأنف في وقت لاحق من هذا الشهر.

وأشارت مصادر أميركية ودولية، إلى الاعتقاد الناشئ لحكومته، بأنها عازمة على جعل إيران "دولة نووية" تحت غطاء استمرار المحادثات مع الغرب.

وقالت إدارة بايدن، إنها لا تزال تأمل العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 مع طهران، لكن في السر يخشى كبار المسؤولين الأمريكيين أن تتحرك إيران إلى "الخطة ب"، وهي تأجيل المفاوضات، بينما تستعد للاختراق السريع لإنتاج سلاح نووي.

وبحسب المجلة الأمريكية، تأتي هذه النتيجة الرهيبة، بعد انسحاب الرئيس الأمريكي جو بايدن على عجل من أفغانستان، واستيلاء طالبان على السلطة هناك، الأمر الذي أضر بشدة بمصداقية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

 

انتهاء الخوف

ونقلت "فورين بوليسي" عن دينيس روس، وهو دبلوماسي أمريكي متخصص في شؤون الشرق الأوسط ومستشار في معهد واشنطن، قوله: "من الواضح أن الإيرانيين لم يعودوا خائفين منا بعد الآن، وهذا في حد ذاته يعني أننا لا نمتلك حقًا مستوى الردع الذي نحتاجه، سواء في القضية النووية أو في المنطقة".

ووصف روس وآخرون ذلك، بأنه انعكاس مثير للسخرية لحملة الضغط الدولي على إيران، التي سادت قبل انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015.

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أنه بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، وافقت طهران على الحد من تخصيب اليورانيوم، والخضوع لعمليات التفتيش التابعة للأمم المتحدة، مقابل تخفيف العقوبات.

وأضاف روس: "لقد تبنت إيران الآن نوعًا من نهج الضغط الأقصى على الولايات المتحدة"، وقال متحدثًا عن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي: "إنه يتبنى نهجًا ترامبيًا تجاهنا، مع توقُّع بأننا سنتنازل"، في إشارة إلى سياسة الصوت العالي، التي كان يتبعها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

 

قنبلة نووية قريبة

ووفقًا لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وخبراء آخرين، فإن إيران الآن أقرب إلى تصنيع قنبلة نووية، مما كانت عليه في أي وقت مضى، إذ يعتقد بعض الخبراء أن طهران قد تكون على بُعد شهر واحد فقط، من امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية، أو اليورانيوم المستخدم في صُنع الأسلحة النووية، لصُنع قنبلة واحدة.

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أنه سواء كانت طهران ستصل إلى النقطة التي تنتج فيها سلاحًا نوويًا بشكل علني أم لا، فإن القلق الأكبر هو أنها -مثل اليابان إلى حد ما- ستمتلك المعرفة الفنية واليورانيوم المخصب، لبناء قنبلة واحدة بسرعة كبيرة.

وأوضحت أنه حتى هذه النتيجة، من شأنها تغيير ميزان القوى في المنطقة العربية بشكل كبير، مشددة على أنه رغم التصريحات المنتظمة للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بأن إيران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، فإن العديد من الخبراء يعتقدون أن وضع (العتبة النووية) هو أقل ما يقبله خامنئي حاليًا.

وقال رويل مارك جيريخت، وهو ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وخبير في شؤون إيران، إن: "الوصول لصُنع قنبلة نووية سيكون جزءًا من إرث خامنئي".

وأضاف: "بعد أفغانستان ليس من المعقول حقًا تخيُّل بايدن يستخدم القوة العسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني، لكن ربما الإسرائيليون يفعلون".

 

قلق إسرائيلي

في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت أن "برنامج إيران النووي وصل إلى لحظة فاصلة، وكذلك تسامحنا وصل للحظة فاصلة، فالكلمات لا تمنع أجهزة الطرد المركزي من الدوران".

وردًا على ذلك، قال عاموس هاريل، كاتب عمود في الأمن القومي بصحيفة هآرتس الإسرائيلية: "الإسرائيليون قلقون بشدة من أنهم لا يتلقون أكثر من مجرد كلمات تطمين من واشنطن، مشيرًا إلى أنه من الواضح للإسرائيليين، أن أولويات أمريكا الآن هي الصين، وكورونا والمناخ.

وأضاف هاريل لـ "فورين بوليسي": رغم الخطاب القاسي لنتنياهو، فإنه لم يجهز الجيش الإسرائيلي لشن هجوم على إيران، موضحًا أنه نتيجة لذلك، يناقش خبراء الأمن الإسرائيليون بسرعة الخيارات الجديدة، بما في ذلك جهود التخريب الإضافية، مثل اغتيال علماء نوويين إيرانيين.

من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، وزير الدفاع إيهود باراك، في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية: على إسرائيل أن تأخذ في الحسبان، الواقع الاستراتيجي المتمثل في أن إيران قد تكون دولة نووية.

وقال بهنام بن طالبلو محلل بحوث متعلقة بإيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة فكرية ذات توجه يميني: "إن العامل الأكبر الذي يقوي العمود الفقري لإيران، أن النظام يعتقد أنه لم ينج فقط من الضغط الأقصى، وظل على قيد الحياة بعد انتهاء حقبة ترامب، لكن مثل هذه العقوبات والضغوط السياسية المعوقة، لن تعود في أي وقت قريب".

 

تعنُّت إيراني

 

ورغم التصريحات الإيرانية، التي تبين نيتهم بدء المحادثات النووية، فإن العديد من الدبلوماسيين المرتبطين بالمحادثات قالوا إنهم يعتقدون أن إيران تسعى إلى إرجاء المحادثات، بينما تقترب من نقطة الانطلاق، وهي الحصول على ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصُنع قنبلة نووية.

وأوضحت "فورين بوليسي" أنه عندما سُئل مسؤول أمريكي كبير عما إذا كان لدى واشنطن خطة بديلة، إذا فشلت محادثات فيينا، قال: "إن الخطة ب، التي نشعر بالقلق بشأنها، هي تلك التي قد تفكر فيها إيران، حيث تريد مواصلة برنامجها النووي."

من جانبهم، قال عدد من مراقبي الشرق الأوسط لـ "فورين بوليسي": إن الأمل الوحيد الآن، قد يكون أن تتبنى الولايات المتحدة والدول الغربية قرارًا، بتوجيه اللوم لإيران في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والسعي لإحالة تحدي إيران لخطة العمل الشاملة المشتركة، إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلا أنهم أشاروا إلى أن الإجماع الغربي بدأ يتلاشى، مع غضب فرنسا من واشنطن، بشأن دورها في خرق اتفاق نووي مع أستراليا، وانشغال ألمانيا بمعركة القيادة على خليفة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

واختتمت "فورين بوليسي" تقريرها بالقول: إن ثقة إيران الجديدة تتعزَّز أيضًا من خلال الشعور بأن الدول الكبرى الأخرى، التي انضمت ذات مرة إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تتلاشى، مشيرة إلى أن ذلك ينطبق بشكل خاص على الصين، التي أشارت إلى استعدادها للقيام بأعمال تجارية مع طهران مجددًا، بعد أن استأنفت مشتريات النفط من إيران، كما استأنفت طهران إرسال الوقود إلى حلفائها في حزب الله في لبنان عبر سوريا، التي مزَّقتها الحرب.

وقال علي واعظ، من مجموعة الأزمات الدولية: "الإيرانيون واثقون بأن الوقت في صالحهم، وقد بلغ النفوذ الأمريكي ذروته، ومن ثم عندما تستأنف المحادثات، سيأتون إليهم وهم يعتقدون أن الغرب لن يكون لديه بديل، لقبول مطالبهم بشأن رفع العقوبات".