الغنوشي يعترف بتأثير الاستقالات في النهضة... وبيان تونسي يوضح هدف الإجراءات الاستثنائية

تصريحات الغنوشي، نسفت مصداقيتها جميلة الكسيكسي، أحد قياديي حركة النهضة المستقيلين، عضو مجلس النواب، التي قالت إن الاستقالات من الحركة ترتكز على الحوكمة والدفع من أجل الإصلاح المؤسسي داخل الحركة وخيارات القيادة السياسية، التي لم ترضِ الكثير من القواعد والقيادات داخل الحركة.

الغنوشي يعترف بتأثير الاستقالات في النهضة... وبيان تونسي يوضح هدف الإجراءات الاستثنائية
الغنوشي

السياق

استقالة أكثر من 131 قياديًا من حزب النهضة التونسي، الذي يرأسه الإخواني راشد الغنوشي، دفعت الأخير للأسف إلى الاعتراف بالأزمة التي يعيشها تنظيم الإخوان في تونس، بينما أفصحت وزارة الخارجية التونسية عن أسباب الإجراءات الاستثنائية، التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، أواخر يوليو المنصرم.

رئيس حركة النهضة، رئيس البرلمان المجمد راشد الغنوشي، اعترف بتأثير الاستقالات التي ضربت صفوف الحركة، معبِّـرًا عن أسفه لهذه الاستقالات التي «لا شك أنها تؤثر في الحركة وفي تماسكها».

وقال الغنوشي: إن المستقيلين استثمرت فيهم الحركة سنوات، مشيرًا إلى أن مَنْ وصفهم بـ«المناضلين» الذين كانوا ضمن هياكل النهضة وقيادتها، سارعوا إلى إعلان الاستقالة «رغم أنه كان بالإمكان الحوار والبحث عن الحلول الوسطى»، على حد قوله.

اعتراف إخواني

وبينما اعترف بتأثير تلك الاستقالات في الحركة، أكد الغنوشي أنها ستدفع «النهضة» إلى تطوير مؤسساتها، لتكون فضاءات حوار ودمج لكل التوجُّهات داخل الحركة، مراهنًا على التجديد في الفِكر والسياسة والخطاب، وإفساح المجال للقيادات الشابة للحركة.

ورغم أن آمال وطموحات الغنوشي عبَّـر عنها علنًا، فإن شباب النهضة، طالما عبَّـروا عن شكواهم من الانفراد بالصوت الواحد داخل الحركة، ورفض التجديد بين صفوفها، بسبب تعنُّت رئيسها، ما أدى إلى تدهور الأوضاع، بالشكل الذي دفع الرئيس التونسي قيس سعيد إلى اتخاذ هذه الإجراءات التي وُصفت بـ«الاستثنائية».

وعبَّـر الغنوشي عن اعتقاده، بأن إيقاف الرئيس التونسي للمنح والامتيازات المسندة لرئيس البرلمان ونوابه، يعد تجريدًا لصفتهم النيابية وتمهيدًا لحل البرلمان بشكل نهائي، داعيًا إياه إلى التراجع عن هذا الإجراء، الذي وصفه بـ«غير القانوني» و«غير الدستوري»، مطالبًا بفتح باب الحوار والتشاركية في صياغة مشهد جديد، أفضل في جميع المجالات.

تحدٍّ لقرارات الرئيس

وفي تحدٍّ لقرارات الرئيس سعيد، جدَّد رئيس النهضة، تمكسه بصفته النيابية على رأس المؤسسة التشريعية التونسية، مؤكدًا أنه «لا يمكن أن ينزع عني هذه الصفة إلا النواب أنفسهم، أو بقرار إرادي مني تقديرًا لمصلحة وطنية».

وردًا على تحميل كثير من القيادات السياسية مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع داخل البرلمان، باعتباره أحد عوامل التوتر والاحتقان داخله، زعم الغنوشي، أن هناك أجندة مرسومة من بعض الجهات لإسقاط التجربة الديمقراطية في تونس، وهو ادعاء طالما ردده تنظيم الإخوان في تونس.

ولوَّح رئيس حركة النهضة، برعاية وتنظيم تظاهرات لرفض قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، قائلًا: «نتتفاعل بمسؤولية مع الأنشطة والفعاليات الهادفة إلى حماية التجربة الديمقراطية، وإيقاف التدهور بالشراكة مع أوسع طيف وطني».

نسف المصداقية

تصريحات الغنوشي، نسفت مصداقيتها جميلة الكسيكسي، أحد قياديي حركة النهضة المستقيلين، عضو مجلس النواب، التي قالت إن الاستقالات من الحركة «ترتكز على الحوكمة والدفع من أجل الإصلاح المؤسسي داخل الحركة وخيارات القيادة السياسية، التي لم ترضِ الكثير من القواعد والقيادات داخل الحركة».

وتوقَّعت القيادية السابقة في حركة النهضة، أن ترتفع أعداد الاستقالات داخل حركة النهضة خلال الأيام المقبلة، مشيرة إلى أن هذه ليست المرة الأولى، التي تحدث فيها استقالات، لكن الفرق أنها هذه المرة ضمت قيادات، وجاءت بشكل جماعي، على عكس ما حدث في مرات سابقة.

وعن عزم المستقيلين، الذين ارتفع عددهم إلى 131 قياديًا -بعد إعلان 18 عضوًا جديدًا استقالتهم- تأسيس حزب جديد، قالت الكسيكسي إنها فكرة مؤجلة في الوقت الحالي، فالأولوية للمستقيلين حاليًا، معالجة الوضع السياسي في تونس.

الاستقالات الجديدة التي أعلنت، في بيان مشترك وقع عليه الأعضاء المستقيلون، بينهم قياديون ووزراء ونواب سابقون في الحركة، تتزامن مع بيان لوزير خارجية تونس عثمان الجرندي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد.

الإجراءات الاستثنائية

وأوضح وزير الخارجية التونسي، أن بناء القدرة على الثبات بالأمل، يكون أيضًا بالتأسيس لديمقراطية حقيقية وسليمة، وهو ما شرعت فيه تونس، من خلال اتخاذ الرئيس قيس سعيّد، لقرارات وإجراءات «استثنائية» لتصحيح المسار الديمقراطي، بما يستجيب لإرادة الشعب التونسي وَحْدَهُ وتطلعاتِه المشروعة إلى نظام ضامن لسيادته وحقوقه وحرياته وكرامته. 

وأشار الجرندي، إلى أن «الديمقراطية في تونس خيار لا رجعة فيه ولا تراجع عنه»، مؤكدًا أن حقوق الإنسان والحريات العامة والفردية مضمونة ومصانة، ضمن مؤسسات قائمة على سيادة القانون ومبادئ الحكم الرشيد.

وزير خارجية تونس، أضاف في كلمته -التي نسفت تصريحات وادعاءات رئيس حركة النهضة- أن «بناءَ دولةٍ مستقرة حاضنةٍ لجميعِ مواطنيها على قدم المساواة، هو الشرطُ الأساسيُّ لإرساء السِّلم الاجتماعي وتحقيقِ التنمية المستدامة واحترام حقوق الإنسان، وهو ما يؤهلها أيضًا للاضطلاع بدورها على الصعيد الدولي، في تحقيق السِّلم والأمن الدوليين، وبناء الاستدامة واحترام القيم الكونية المشتركة لحقوق الإنسان وإنفاذها».

وتعهد الجرندي، بمواصلة تونس دورها «المؤثر» في محيطها المباشر والإقليمي، من خلال تقديم الدعم والمساندة لليبيين لاستكمال المسار السياسي.

تشكيل الحكومة

يأتي ذلك، بينما ينتظر التونسيون، أن يعلن الرئيس قيس سعيد، التشكيلة الحكومية واسم رئيس الحكومة، بحسب وسائل إعلام محلية، أكدت أنها سترى النور في خطاب رسمي.

وبينما توقَّعت وسائل الإعلام التونسية، أن يكون وزير الداخلية في حكومة المشيشي السابقة توفيق شرف الدين، أبرز المرشحين لرئاسة الحكومة، أشارت إلى أن الشكل الجديد للحكومة، قد يعتمد على طريقة الأقطاب، كالقطب الاقتصادي والمالي.

من جهة أخرى، دعت حركة «تونس إلى الأمام» في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إلى ضرورة تحديد سقف زمني للوضع الاستثنائي والإجراءات المعلنة.

وأكد الحركة في بيانها، ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة، تنطلق في معالجة الملفات ذات الأولوية، سواء تعلق الأمر بالأزمات المالية، أو بفض الإشكالات الاجتماعية العالقة، والبت في ملفات الإرهاب والفساد بأنواعه، في إطار عمل مؤسساتي ممنهج، بعيدًا عن الانتقائية والإجراءات الظرفية.

حل البرلمان

كما دعت إلى حل البرلمان، وتشكيل حكومة مصغرة، تنكب على معالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية، وفق برنامج يعتمد إجراءات حينيّة مرئية وأخرى متوسطة المدى، وتسرع بالحسم في قضايا الفساد المالي والإداري والسياسي وملفات الإرهاب، باعتماد المحاكمات العادلة بعيدًا عن منطق التشفّي.

وطالبت باستصدار مرسوم من أجل تنظيم مؤقت للسُّلطات، وتعديل فصول دستور 2014، بما يضمن نظامًا جمهوريًا ديمقراطيًا اجتماعيًا، يُؤسّس للاستقرار السياسي.

تمديد القرارت الاستثنائية

كان الرئيس التونسي قيس سعيد، أعلن في 25 يوليو الماضي، تجميد أعمال البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه وتوليه بنفسه السُّلطة التنفيذية، وإعفاء وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي، ووزيرة العدل بالنيابة ووزيرة الوظيفة العمومية، والناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان من مهامها، كما أعفى الرئيس التونسي مسؤولين آخرين في مناصب عليا بالحكومة من مهامهم.

إلا أنه أصدر في 22 سبتمبر الجاري، أمرًا رئاسيًا يتعلق بتمديد التدابير الاستثنائية الجاري العمل بها في تونس، منذ 25 يوليو الماضي.

وأعلنت الرئاسة التونسية، أن الرئيس سعيد سيتولى رئاسة السُّلطتين التشريعية والتنفيذية، وقرر إلغاء الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين.