دعوات إخوانية لمقاطعة انتخابات ليبيا... هل تنجح؟

لم يكن الشاطر وحده، صاحب تلك الدعوات، بل إن النائب الثاني لرئيس ما يعرف بمجلس الدولة الإخواني عمر بوشاح، كان أحد الأبواق التي اتهمت مجلس النواب، بعدم إشراكهم في إصدار قانون الانتخابات الرئاسية، محذرًا من تأجيل الانتخابات، إذا لم يلتزم البرلمان باستحقاقاته، متجاهلًا دور مجلسه الذي لا يتعدى كونه استشاريًا، وليس له حق في إصدار أو المشاركة في قانون الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية.

دعوات إخوانية لمقاطعة انتخابات ليبيا... هل تنجح؟
مواطنون ليبيون

السياق

دعوات إخوانية تردد صداها في أجواء ليبيا، تدعو وتحذر الليبيين، من التوجه إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة، التي تُعلق عليها الآمال في انتشال البلد الإفريقي من عشرية الصراعات التي مزقت أوصاله.

الدعوات الإخوانية، تزامنت مع تطورات وُصفت بـ«الخطيرة» في ليبيا، دفعت 46 عضوًا بملتقى الحوار السياسي الليبي، إلى إطلاق دعوة عاجلة لرئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا يان كوبيش، لعقد جلسة لملتقى الحوار لمناقشتها.

تلك التطورات، كان أبطالها تنظيم الإخوان المسلمين، الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة، لعرقلة الاستحقاق الدستوري في ليبيا، فانبرى لإرهاب الليبيين من الانتخابات، وإطلاق شائعات ومزاعم، لضرب مصداقية العملية الانتخابية، التي يفصل الليبيون عنها نحو 95 يومًا.

نكهة أجنبية

أحد هؤلاء، كان عضو ما يعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة» الإخواني عبدالرحمن الشاطر، الذي زعم أن الانتخابات الرئاسية، المحدد لها 24 ديسمبر المقبل، ستكون «بنكهة أجنبية»، عازيًا ذلك إلى تأكيد معظم سفراء الدول العربية والأجنبية، ضرورة إجرائها في موعدها.

وأضاف الإخواني الشاطر، في تغريدة عبر «تويتر»، ساخرًا: «أتصور أحيانًا أنه أول ما تفتح مراكز التصويت في ليبيا يوم 12/24 لاختيار رئيس للدولة، سيكون أول المصوتين وزراء خارجية بعض الدول وسفرائها، لتصريحاتهم اليومية بضرورة إجرائها في الموعد المحدد»، مشيرًا إلى أن «الليبيين قد يحضر بعضهم وأكيد سيغيب أغلبهم».

وكحيلة الإخوان المتجددة للهروب من الانتخابات، دعا الشاطر إلى الاستفتاء على الدستور أولًا، قائلًا: «الاستفتاء حق للشعب لا يمكن مصادرته»، في دعوة طالما كررها التنظيم، محاولًا كسب بعض الوقت، لإعادة تنظيم صفوفه، خوفًا من أن يلفظه الليبيون، كما حدث في المغرب وتونس.

لم يكن الشاطر وحده، صاحب تلك الدعوات، بل إن النائب الثاني لرئيس ما يعرف بـ«مجلس الدولة» الإخواني عمر بوشاح، كان أحد الأبواق التي اتهمت مجلس النواب، بعدم إشراكهم في إصدار قانون الانتخابات الرئاسية، محذرًا من تأجيل الانتخابات، إذا لم يلتزم البرلمان باستحقاقاته، متجاهلًا دور مجلسه الذي لا يتعدى كونه استشاريًا، وليس له حق في إصدار أو المشاركة في قانون الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية.

ولوَّح بالبدائل، قائلًا: «لا نريد الحديث عن أي بدائل، وإذا حدث أي تأجيل، أتمنى ألا يكون بعيدًا عن الموعد المحدد، محاولة فرض المعادلة الصفرية لم تتوقف، وهناك أطراف حاولت إقصاء خصومها عسكريًا وسياسيًا وفشلت ولن تنجح».

تأجيل الانتخابات

عضو المجلس الاستشاري، القيادية في جماعة الإخوان ماجدة الفلاح، كانت أحد الذين دعوا لتأجيل الانتخابات، قائلة إن قوانين الانتخاب والقاعدة الدستورية لن تحل المشكلة، فـ«ليبيا تحتاج لتسوية سياسية ترضى عنها جميع الأطراف، حتى يقبل الجميع بنتائج الانتخابات في 24 ديسمبر».

ماجدة الفلاح، زعمت في تصريحات صحفية، أن إصدار البرلمان الليبي قانون الانتخابات الرئاسية «بعثرة للأوراق وزيادة إرباك المشهد، فبدلًا من أن يكون هناك إنجاز بسرعة يوصلنا لـ 24 ديسمبر، نناقش قانون انتخاب الرئيس، والمجلس أخرج مشروعًا بالقاعدة الدستورية وانتخاب مجلس النواب وانتخاب الرئيس».

مؤامرة على الانتخابات

التحذيرات الإخوانية، تزامنت مع بريد إلكتروني من جهة مجهولة، وصل إلى بعثات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، كشف عن مؤامرة للتنظيم، تستهدف تأجيل الانتخابات الرئاسية ومنع مَنْ وصفهم بـ«الشخصيات الجدلية».

الرسالة تضمنت ما وصفتها بـ«المؤامرة» على العملية الديمقراطية والشعب الليبي، مشيرة إلى قرب إعلان المجلس الرئاسي مرحلة انتقالية جديدة، تشمل تجميد البرلمان وتأجيل الانتخابات، حتى كتابة دستور جديد ومن ثم إجراء الانتخابات، بشروط إقصائية لبعض الشخصيات، لصالح أخرى مجهولة.

إلا أن تلك الدعوات التحذيرية، وما وُصفت بـ«المؤامرة» على الانتخابات المقبلة وأحداثًا أخرى، استدعت نداءً عاجلًا من 46 عضوًا في ملتقى الحوار الليبي (يمثِّلون الأغلبية) إلى المبعوث الأممي يان كوبيش، لعقد جلسة لملتقى الحوار الليبي، لمناقشة التطورات الخطيرة التي تمر بها العملية السياسية في ليبيا.

تطورات خطيرة

وقال الأعضاء الـ46، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن «تطورات خطيرة متسارعة تهدد وحدة البلاد واستقرارها وأمنها، وقد تعيق تحقيق الاستقرار والسلام وتخل بالمسار الديمقراطي، الذي يتحقق خلال إجراء الانتخابات في آجالها المحددة».

وتابع الأعضاء الـ46 الموقِّعون على البيان: «نجدد الدعوة الموجهة إليكم، بطلب عقد جلسة طارئة لملتقى الحوار السياسي الليبي، للوقوف على المسؤوليات المناطة به، تجاه ما يعيق تنفيذ خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية، ولاقتراح المعالجات المناسبة لما يعترض تطبيقها، والتي تهدد بانهيار العملية السياسية والمسار بأكمله، الذي نبهنا منه مرارًا وتكرارًا».

وأكد أعضاء الملتقى عزمهم إنقاذ خارطة الطريق، داعين لانعقاد الملتقى داخل ليبيا أو خارجها، مطالبين المبعوث الأممي بتحمُّل المسؤوليات الملقاة على عاتق البعثة بموجب قرارات مجلس الأمن، لإنهاء ما بدأه الملتقى وصولًا لتحقيق الاستقرار والسلام المنشود، عبر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها.

ورغم تلك الدعوة، اعتبر مراقبون أن عقد الملتقى في هذا التوقيت، لن يجدي نفعًا في العملية السياسية الليبية، خاصة أن الانقسامات تضرب أعضاءه، مشيرين إلى أنه فشل في الجلسات التي عُقدت، ولم يستطع التوصل إلى القاعدة الدستورية، ما دفع مجلس النواب إلى إصدار قانون الانتخابات الرئاسية.