مصر تفرض ضرائب على صناع محتوى الإنترنت.. ما السبب؟

إذا تراوحت إيرادات الشخص بين 500 ألف جنيه ومليون جنيه فلن تزيد قيمة الضريبة على 5 آلاف جنيه، بينما تصل نسبة الضريبة 0.5% لمن يحقق إيرادات تقدر بين مليون ومليوني جنيه.

مصر تفرض ضرائب على صناع محتوى الإنترنت.. ما السبب؟
يوتيوب -تيك توك

 السياق

أثار قرار الحكومة المصرية، بفرض ضرائب على صُنّاع المحتوى على شبكة الإنترنت، الذين تتخطى إيراداتهم من النشاط 500 ألف جنيه (نحو 32 ألف دولار) سنويًا، جدلًا في وسائل التواصل الاجتماعي، وسط تساؤلات عن سبب فرض ضريبة قيمة مضافة على صُنّاع المحتوى.

وطلبت مصلحة الضرائب المصرية، من صُنّاع المحتوى "اليوتيوبرز- البلوغرز"، فتح ملفات ضريبية بمأمورية القيمة المضافة المختصة، متى بلغت إيراداتهم 500 ألف جنيه، خلال 12 شهرًا من تاريخ مزاولة النشاط.

يشار إلى أن صُنّاع المحتوى على الإنترنت في مصر، مثل المدوِّنين والمستخدمين المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، لا يخضعون لإطار رسمي ينظم أنشطتهم.

ويستخدم الإنترنت في مصر، البلد العربي الأكثر سكانًا بعدد يفوق 100 مليون نسمة، نحو 60 مليون شخص، بحسب أحدث أرقام لوزارة الاتصالات المصرية.

وتخطط وزارة المالية المصرية، لتحصيل ضرائب تبلغ قرابة تريليون جنيه (983 مليار جنيه ما يعادل 62.811 مليار دولار)، حسب بيانات الوزارة لموازنة العام المالي 2021-2022، مقابل 830.8 مليار جنيه (528 مليون دولار) متوقَّعة للعام الحالي بزيادة نحو 18.3%.

بالمقابل، تواصلت الحكومة المصرية مع الشركات الدولية، مثل "فيسبوك" و"يوتيوب" لمساعدتها في معرفة الذين ينطبق عليهم قرار فرض الضرائب.

العدالة الضريبية

من جانبه، دعا رئيس مصلحة الضرائب المصرية، وكيل وزارة المالية رضا عبد القادر صُنّاع المحتوى عبر الإنترنت، إلى التسجيل لدى الهيئة.

وأوضح في بيان، أنه يتعين على صُنّاع المحتوى التوجُّه إلى مكتب الهيئة، الذي يقع نشاطهم فيه، لفتح ملف ضريبي للتسجيل لدى المأمورية المختصة بضريبة الدخل، وكذلك للتسجيل في مأمورية ضريبة القيمة المضافة، عندما تصل إيراداتهم إلى 500 ألف جنيه، في غضون 12 شهرًا من بدء عملهم.

وأشار إلى الدور الذي تلعبه التجارة الإلكترونية في مصلحة الضرائب، في إدراج ومتابعة وتسجيل الشركات، التي تمارس النشاط التجاري عبر المواقع الإلكترونية.

وأضاف عبد القادر، أن التجارة الإلكترونية شكل محدث من التسويق والمبيعات، في تكنولوجيا الاتصالات الجديدة، وقد توسَّع الاعتماد عليها بشكل غير مسبوق عالمياً، بسبب جائحة كورونا.

عدد المدونين

من جانبه، قال الدكتور السيد صقر، المشرف على وحدة التجارة الإلكترونية في مصلحة الضرائب: إن صُنّاع المحتوى عبر الإنترنت، الذين يستفيدون من آرائهم، يخضعون للضرائب.

وخلال مقابلة هاتفية مع برنامج "على مسؤوليتي" قال صقر: لم يتم احتساب عدد المدونين ومستخدمي اليوتيوب.

وأضاف: "بدأنا مد أيدينا بطريقة ودية، والانضمام إلى الاقتصاد الرسمي، والانضمام إلى النظام الضريبي".

واستطرد صقر أن الصفحات الشخصية ستخضع أيضًا للضريبة "طالما أن هناك سلعًا مروجة ومتابعين، وهناك نسبة من المشاهدات تحقق أرباحًا يتم تحصيلها من الشركات عبر الإنترنت".

وأوضح أن هناك ثلاثة أنواع من الشركات، التي تمارس نشاط التجارة الإلكترونية: أولاً، تستخدم الشركات التجارة الإلكترونية كإحدى وسائل البيع أو التوزيع المختلفة. ثانياً، تعتمد الشركات على الوسائل الإلكترونية في بيع وتوزيع منتجاتها وخدماتها. ثالثًا، تستخدم الشركات المنصات الرقمية، للترويج لمنتجات الشركات الأخرى للعملاء.

مشيرا إلى خضوع جميع الشركات، التي تمارس أنشطة تجارية أو غير تجارية (مهن حرة) لضريبة الدخل وفقًا للقانون 91 لعام 2005.

طريقة التطبيق

وعن طريقة التطبيق، صرح مدير إدارة الممولين بهيئة الضرائب، محسن الجيار، في مداخلة تلفزيونية، بأنه يحق للمدون أو التاجر الإلكتروني، الاختيار بين القانون الصادر 2005 وقانون سنة 2020 .

وأضاف أن احتساب الضرائب سيبدأ من مطلع يناير حتى 31 ديسمبر 2021، وفق رقم الأعمال الخاص بكل فرد.

ولن تتجاوز قيمة الضريبة المستحقة ألف جنيه، لمن تبلغ إيراداته 250 ألف جنيه سنويًا.

أما إذا تراوحت إيرادات الشخص بين 500 ألف جنيه ومليون جنيه فلن تزيد قيمة الضريبة على 5 آلاف جنيه، بينما تصل نسبة الضريبة 0.5% لمن يحقق إيرادات تقدر بين مليون ومليوني جنيه.

وأوضحت إذاعة بي بي سي البريطانية، في تقرير، أنه بين الفينة والأخرى، تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حملات إعلانية ومبادرات حكومية، تشجع الذين يقتصر نشاطهم التجاري على الفضاء الإلكتروني، على الإفصاح عن مداخيلهم، وإصدار فواتير ضريبية، حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون.

ويعاقب القانون المصري، كل مَنْ يتورَّط في قضية التهرب الضريبي، بالسجن من ثلاث إلى خمس سنوات.

ويدرج القانون كل مَنْ يمارس عملًا تجارًيا من دون ترخيص أو حيازة فاتورة ضريبية، ضمن الاقتصاد غير الرسمي، الذي تقوم الحكومة بضبطه.

وأفادت وسائل إعلامية، بأن مصلحة الضرائب المصرية، حصرت ما بين 300 و400 حساب قناة على منصة يوتيوب، تمهيدًا لإخضاع أصحابها لقانون الضرائب.

تعليقات

وتعد مصر، أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، إذ يتجاوز عدد سكانها 100 مليون نسمة، وصلت إلى معدل انتشار للإنترنت بنسبة 60 في المئة، وفقًا للأرقام الرسمية.

وأثار القرار ردود فِعل لافتة، على وسائل التواصل الاجتماعي، وكتب شخص على "تويتر": "بائعو الخضار الفقراء يخضعون للضرائب، لذا يمكننا أيضًا فرض ضرائب على الأغنياء"، لكن آخر قال إن القرار الأخير سيدفع صُنّاع المحتوى خارج البلاد.

وكتب أحد المستخدمين على "تويتر: "إذا كانت الحكومة تريد فرض ضرائب على مستخدمي يوتيوب، فعليها على الأقل أن تقدِّم لنا إنترنت أفضل، وتتخلص من حزم الجيجابايت المحدودة".

من جانبه، حاول محمد الجيار، مسؤول في مصلحة الضرائب، تهدئة ردود الفِعل، وقال خلال لقاء بالتلفزيون: "كل من يحقق ربحًا في مصر يجب أن يخضع لضريبة عادلة، مهما كان مجال عمله".

لكن ذلك لم يمنع المذيع التلفزيوني الشهير عمرو أديب من التشكيك في ممارسة زيادة الإيرادات، وتساءل: "كم عدد المدونين الموجودين حقًا؟".

وقال أديب: "وزير المالية يعلم جيدًا أن هناك ملايين الناس لا يدفعون نصيبهم العادل من الضرائب... إنهم يتهربون منها".