التزام أوروبي وتنصل إيراني.. تعثر محادثات فيينا وسط سخط غربي

قال دبلوماسي أوروبي مطلع على مفاوضات فيينا، إن الفريق التفاوضي الإيراني الجديد قدَّم مقترحاً مبالغاً فيه لإلغاء العقوبات المفروضة على طهران.

التزام أوروبي وتنصل إيراني.. تعثر محادثات فيينا وسط سخط غربي

ترجمات - السياق

التزام أوروبي قوبل بتنصل إيراني، كان سببًا في تعثر المحادثات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي الدولي مع طهران في فيينا، بينما عبَّـر دبلوماسيون أوروبيون عن خيبة أملهم وقلقهم.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز، عن المفاوضين الغربيين الذين يحاولون إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، إن الحكومة الجديدة الأكثر تشددًا في إيران، تقترح تغييرات غير مقبولة على مسودة الاتفاقية الحالية، حتى في الوقت الذي تمضي فيه بخطى سريعة في برنامجها النووي.

وحذر دبلوماسيون من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، من أنه إذا لم تغيِّـر طهران موقفها بسرعة، فليس هناك احتمال كبير لنجاح المفاوضات، التي عُلقت للتشاور مع الحكومات، ومن المقرر أن تستأنف الأسبوع المقبل.

وقال الدبلوماسيون الثلاثة في بيان مشترك: «منذ أكثر من خمسة أشهر أوقفت إيران المفاوضات، ومنذ ذلك الحين قدَّمت إيران برنامجها النووي بسرعة».

إلى ذلك، قال دبلوماسي أوروبي مطلع على مفاوضات فيينا، إن الفريق التفاوضي الإيراني الجديد قدَّم مقترحاً "مبالغاً فيه" لإلغاء العقوبات المفروضة على طهران، موضحاً أن قائمة العقوبات التي يطالب الإيرانيون برفعها زادت، مقارنة بمشروع الاتفاق الذي كان في يونيو مع الفريق التفاوضي السابق في عهد حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني.

وتراجعت إيران هذا الأسبوع، عن التقدم الدبلوماسي الذي تم إحرازه، بحسب الدبلوماسيين الذين قالوا إن إيران تخرق تقريبًا التسويات التي تم التوصل إليها في أشهر من المفاوضات الصعبة، وتطالب بتغييرات جوهرية في النص «الذي يقوِّض المسودة، التي تم الانتهاء من 70 إلى 80% منها».

 

خطة شاملة

تقول إيران إنها تريد العودة إلى اتفاق 2015، المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، لكن الأوروبيين قالوا إن بعض مقترحات إيران، لا تتعارض مع تلك الصفقة فحسب، بل إنها تتجاوز بنودها.

وأضافوا: «من غير الواضح كيف يمكن سد هذه الفجوات الجديدة، في إطار زمني واقعي على أساس المسودات الإيرانية»، بينما تظل الحكومات الأوروبية «ملتزمة بالطريق الدبلوماسي إلى الأمام»، رغم أن الوقت ينفد.

كانت هذه هي المجموعة الأولى من المفاوضات، بعد توقف دام خمسة أشهر أثناء تولي حكومة إيرانية جديدة السلطة، والنظر في موقفها من الاتفاق النووي، الذي تخلى عنه الرئيس السابق دونالد ترامب في مايو 2018، بحسب «نيويورك تايمز»، التي قالت إن ترامب ركز على العقوبات الاقتصادية، في محاولة لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات في موقف أضعف، أو حتى لإسقاط الحكومة نفسها، وفشلت حملة الضغط.

بينما تريد إدارة بايدن إحياء الصفقة، وتمديدها من 15 إلى 25 عامًا، لكن الحكومة الإيرانية لا تريد فقط رفع العقوبات، بل تريد أيضًا الحفاظ على بعض الاستثمارات الكبيرة التي قامت بها منذ ذلك الحين، في بناء أجهزة طرد مركزي متطورة وتخصيب اليورانيوم، الذي يتجاوز بكثير ما سمحت به الاتفاقية، بحسب «نيويورك تايمز».

ويقصد بالتخصيب، رفع نسبة الوقود وهو اليورانيوم -235، وهو أقوى أشكال العنصر، الذي يمثل في الطبيعة أقل من 1% من إجمالي اليورانيوم، وبالنسبة لمحطات الطاقة النووية، يتم تخصيبه عادة بنسبة تقل عن 5% من اليورانيوم 235، بالنسبة للقنبلة الذرية، هناك حاجة إلى أكثر من 90%، بحسب الصحيفة الأمريكية.

 

تخصيب اليورانيوم

وقال خبراء، إن إيران بدأت تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وهو مستوى ليس له استخدام مدني، مشيرين إلى أنه لم يتبق لطهران سوى شهر واحد أو نحو ذلك، لتستطيع إنتاج وقود نووي صالح للقنابل.

وتنفي إيران عزمها على صُنع سلاح نووي، لكنها تحرم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة، من الوصول إلى المنشآت النووية المهمة، التي كانت لديها بموجب اتفاق 2015.

ومع بقاء مرافق المراقبة المحدودة تحت تصرفها، قررت الوكالة أن إيران ركبت أجهزة طرد مركزي متطورة في مجمع فوردو المدفون بعمق، وتخصب اليورانيوم هناك، المحظور بموجب اتفاق 2015.

في البداية، بعد أن انسحب ترامب من الصفقة، التزمت إيران بقيودها، على أمل أن يجد الموقعون الآخرون حلاً، لكن بعد عام، فقدت طهران صبرها وبدأت انتهاك الاتفاق.

 

11 ضعفًا

وبحسب «نيويورك تايمز»، فإنه لدى طهران الآن أكثر من 2300 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، أي 11 ضعف ما سمحت به الصفقة، مؤكدة أن إيران تحول الآن اليورانيوم الغازي إلى معدن، وهي خطوة مهمة في صُنع قنبلة.

وتقول الصحيفة: ما لم يحدث تغيير مفاجئ في موقف إيران، ستواجه الولايات المتحدة وإسرائيل قريبًا أسئلة أكثر جدية عما يجب القيام به، لكبح جماح إيران والالتزام بتعهدهما، بعدم السماح لطهران بامتلاك سلاح نووي، مشيرة إلى أن أوروبا ستشعر أيضًا بأنها مضطرة إلى التفكير في عقوبات جديدة أشد قسوة.

ورغم الجهود الأمريكية والإسرائيلية للتخريب، وحتى المزيد من العقوبات الاقتصادية، فإن إيران تقترب من امتلاك المعرفة اللازمة لتصبح دولة عتبة نووية، وهو موقف غامض عن قصد، بعدم امتلاك سلاح نووي، لكن القدرة على بناء واحد في وقت قصير نسبيًا.

 

عقوبات اقتصادية

وقال المفاوضون الإيرانيون، إنهم يريدون التوصل إلى اتفاق في فيينا، لكن بعد انسحاب الولايات المتحدة، يجب أن تتحرك أولاً، ويطالبون بإزالة العقوبات الاقتصادية.

كان الموقف الغربي هو «الامتثال للامتثال» مع تسلسل يتم التفاوض عليه بعناية، بينما تقول إيران إنها تريد أيضًا ضمانات، بأن واشنطن لن تتخلى عن الاتفاق مرة أخرى، وهو وعد مستحيل سياسيًا وقانونيًا.

وقال كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كاني، لوسائل إعلام إيرانية: «صحيح أن الأطراف الأوروبية لم تكن راضية عن بعض مقترحاتنا، لكن هذه المقترحات استندت إلى مبادئ مشتركة بين الجانبين».

وقال مفاوضون أوروبيون، إن هذا الأسبوع سيشير إلى ما إذا كانت إيران جادة في العودة إلى اتفاق 2015، فمن حيث الجوهر، قد يعني ذلك قبول طهران للمشروع الذي تم إعداده بعناية مع الحكومة الإيرانية السابقة الأكثر اعتدالًا، التي توازن بين التنازلات على الجانبين.

لكن المفاوضين الأوروبيين قالوا إن المقترحات الإيرانية، خاصة في ما يتعلق بالقضايا النووية، قبلت ببساطة تنازلات من واشنطن، بينما شطب أي منها من جانبهم، وستزيل ما يصل إلى 90% مما كان المفاوضون قد وافقوا عليه قبل يونيو الماضي.

وحتى مسودة النص في يونيو، تركت القضايا الأكثر صعوبة من دون حل، حيث يقدر المفاوضون ما بين 20 و30%، مما سيكون اتفاقًا كاملاً.

وإذا قبل المفاوضون الآن النصوص الإيرانية الحالية أساسًا للمضي قدماً، فإن المحادثات ستستغرق وقتاً طويلاً لإكمالها، بينما تواصل إيران التخصيب، بحسب «نيويورك تايمز»، التي قالت إن الإيرانيين يعتقدون أنهم عززوا نفوذهم، من خلال التحرك إلى أبعد من حدود الاتفاق، لكن المسؤولين الغربيين يقولون إنهم أخطأوا في الحسابات.

 

صبر أمريكا ينفد

من الواضح أن صبر أمريكا آخذ في النفاد، فوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين قال بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن تصرفات إيران لا تبشر بالخير، لكن «لم يفت الأوان على إيران لعكس مسارها».

وقال بعد ذلك الاجتماع، في ستوكهولم، إن «روسيا تشاركنا وجهة نظرنا الأساسية في هذا الشأن»، بينما قالت وزارة الخارجية: رغم الخلافات الحادة بشأن أوكرانيا ومسائل أخرى، أشار الرجلان إلى أهمية التنسيق المستمر بشأن العلاقة الثنائية، حيث تتماشى المصالح، بما في ذلك عندما يتعلق الأمر بعرقلة مسارات إيران في الحصول على سلاح نووي.

وقلل بلينكين من أهمية دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، للتخلي عن المفاوضات في مواجهة ما سماه «الابتزاز الإيراني»، قائلًا: في المستقبل القريب جدًا، في اليوم التالي أو نحو ذلك، سنكون في وضع يسمح لنا بالحكم على ما إذا كانت إيران تنوي الاتفاق بحسن نية».