تحركات بريطانية لحظر الإخوان.. والتنظيم يعود إلى العمل السري في أوروبا

وأوصت الدراسة بضرورة تجفيف مصادر التمويل، وتضييق الخناق على تنظيم الإخوان في بريطانيا.

تحركات بريطانية لحظر الإخوان.. والتنظيم يعود إلى العمل السري في أوروبا

السياق

استمرارًا لخطوات تضييق الخناق على جماعة الإخوان الإرهابية، التي اتخذها عدد من الدول، تشهد بريطانيا نقاشًا بشأن اعتبار "الإخوان" منظمة إرهابية، بعد تحركات مماثلة شهدتها النمسا لملاحقة التنظيم، الذي كشفت التحقيقات ارتباطه بعمليات إرهابية.

ويقيم أكثر من 25000 من أعضاء جماعة الإخوان في المملكة المتحدة، وفقاً لتصريحات منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي جيل دي كريترشوف في عام 2017 ، لذا فإن وجود الإسلاميون في المملكة المتحدة أعلى من أي دولة أخرى في القارة الأوروبية لحد تسمية  لندن  من قبل خبراء المخابرات الفرنسية ومكافحة الإرهاب باسم "لندنستان".

وكشفت دراسة حديثة، صدرت عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب ومقره ألمانيا، أن البرلمان البريطاني يشهد حزمة من الإجراءات، لدفع الحكومة إلى اتخاذ قرار بحظر الإخوان.

وفي مقدمة هذه المطالب البرلمانية، تقييم تعيين إبراهيم منير القيادة التاريخية بالتنظيم والموجود في لندن، في منصب القائم بأعمال مرشد الإخوان، وما يمثله هذا القرار من تهديدات محتملة للأمن القومي البريطاني والعلاقات الدولية.

كان تنظيم الإخوان أعلن في سبتمبر 2020، تعيين منير، قائمًا بأعمال مرشد التنظيم، بعدما ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على محمود عزت، القائم بأعمال مرشد التنظيم، في 28 أغسطس 2020.

كما استعرضت دراسة المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، تقريرًا حكوميًا غير منشور، لنحو 60 من أبرز المؤسسات والجمعيات الخيرية المرتبطة بالإخوان والإسلام السياسي في بريطانيا، ومنها الرابطة الإسلامية في بريطانيا (MAB) أبرز كيانات الإخوان بالمملكة المتحدة، ومنظمة الإغاثة الإسلامية والمجلس الإسلامي في بريطانيا (MCB)، والصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية، ومؤسسة قرطبة.

وأوصت الدراسة بضرورة تجفيف مصادر التمويل، وتضييق الخناق على تنظيم الإخوان في بريطانيا.

أرض خصبة

 

ويقول هاني غرابه، الباحث المصري، إن المملكة المتحدة تعتبر أرضاً خصبة لازدهار وتوسع جماعة الإخوان المسلمين.

وأضاف أن الجماعة واجهت العديد من التحقيقات والتدقيق حول أنشطتها المتطرفة والإرهابية في بريطانيا والعالم كان آخرها  في عام 2020، لكن كان مصير هذه التحقيقات دائماً أن تظل حبيسة الأدراج على الرغم من علم الحكومة البريطانية واستخباراتها بهذه النشاطات. وتابع "بحكم علاقات الحكومة البريطانية الممتدة إلى الأيام الأولى لتكوين جماعة الإخوان المسلمين في مصر، لطالما آمنت بأهمية الحفاظ على العلاقات مع الجماعة الإرهابية كورقة مساومة سياسية لاستخدامها عند الحاجة".

ورأى غرابه، أن الأهمية المتزايدة لفرع جماعة الإخوان المسلمين في المملكة المتحدة، تكمن في حقيقة أن القائم بأعمال المرشد العام للجماعة إبراهيم منير ، 83 عاماً ، يقيم الآن فيها، وقد  جاء تعيينه في أعقاب اعتقال المرشد العام السابق بالإنابة محمود عزت في مصر في 28 أغسطس /آب 2020.

وكان الاعتقال قد شكل ضربة كبيرة لأنشطة الجماعة في البلاد وفي جميع أنحاء العالم نظراً لقدرات عزت التنظيمية، ما أجبر الجماعة على اختيار مرشد عام بالوكالة يقيم خارج مصر لأول مرة في تاريخها البالغ تسعة عقود.

ويعد إبراهيم منير الرجل الذي حافظ على الأنشطة  العالمية للإخوان المسلمين بعد الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي من السلطة بثورة 30 يونيو 2013 في مصر وحظر الجماعة في ديسمبر من نفس العام.

https://alsyaaq.com/Muslim-Brotherhood-in-uk

ضربة قوية

من جانبه، قال الدكتور حسن أبو هنية، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، إن قرار بريطانيا المرتقب بحظر جماعة الإخوان، ضربة قوية للإسلام السياسي، وبه ستصبح تحركات الجماعة داخل أوروبا أكثر صعوبة، حتى داخل دول الاتحاد الأوروبي.

وأشار إلى تحركات ضد جماعة الإخوان، في العديد من دول الاتحاد الأوروبي، التي أصبحت تتعامل مع جماعة الإخوان بطريقة أكثر حذرًا، وبذلك تشهد الجماعة تضييقًا كبيرًا.

وكشف الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، أن تنظيم الإخوان سيلجأ إلى التنظيم السري والحذر، بعد حملة التضييق الدولية عليه.

وقال: "التضييق على الجماعة سيحد من تحركات أعضائها، لذلك ستلجأ إلى العمل السري"، ورأى أن الجماعة لن تشهد تحولات كبيرة خلال الفترة المقبلة، لكنها ستبقي في حالة كمون، لحين حدوث انفراج داخل تلك الدول، أو تحولات وتفاوض مع أي من الأنظمة.

وتابع: "كلنا نعلم أن وجودها في عدد من الدول مختلف عن الأخرى، وبذلك ليست هناك صيغة موحدة، فبعض الدول تتخذ إجراءات أكثر وبعضها أقل، مشيرًا إلى أن عدم وجود نظرة موحدة للتعامل مع الجماعة، يفسح لها المجال للبقاء، وإعادة التموضع وممارسة النشاط، لتبقى الجماعة في هذا الإطار، حتى حدوث نوع من المساومة أو التفاوض أو الصفقة بين الجماعة وأي من الدول التي تعمل فيها.

 

مسار طويل

يقول حسام حسن، الباحث في شؤون الإسلام السياسي بجامعة فيينا بالنمسا لـ"السياق": إن القرار الذي اتخذته بريطانيا لحظر حركة حماس بجناحيها، خطوة أولية في مسار طويل ضد جماعة الإخوان، باعتبار حماس جزءًا من كل، ولا يعني حظرًا وشيكًا للجماعة الأم في الأراضي البريطانية.

ورأى أن حظر حماس يمكن فهمه، كرسالة تحذير مبطنة للإخوان ككل، مفادها أن بريطانيا لن تتسامح مع أي أنشطة انطلاقًا من أراضيها. وأضاف: "لذلك، أرى أن خطوة حظر حماس لن تؤثر في الإخوان ببريطانيا على المدى القريب، لكنها ستدفع الجماعة إلى توفيق أوضاعها مع السياسة البريطانية الجديدة، والحد من أنشطتها في لندن على المدى المتوسط، ونقل نشاطها منها على المدى الطويل إلى بلد خارج أوروبا، ربما في آسيا".

وفي ما يتعلق بالتضييق على الإخوان، يقول حسام حسن: إن دولًا أوروبية كالنمسا وفرنسا، بدأت اتخاذ خطوات ضد الجماعة، بعد منتدى فيينا الأخير وتشكيل تحالف بين باريس وفيينا والدنمارك وبلجيكا لهذا الغرض.

وأشار إلى أن هذا التحالف، بداية نهاية الإخوان على الأراضي الأوروبية "فالجماعة لديها شبكة عملاقة ومتشعبة وعابرة للحدود، ولا يمكن مواجهتها بشكل فعال، إلا عبر تحالف قوي".