توقعات بحل حركة النهضة.. ما خيارات إخوان تونس؟
هناك قيادات في حركة النهضة انشقت منذ مدة، وأعلنت تحركها لتأسيس تنظيم جديد، منهم سمير ديلو وعبداللطيف المكي ومحمد بن سالم وغيرهم، وهذه محاولة استباقية من الحركة لتفادي سيناريو حل الحزب بالقانون

السياق
حالة من الترقب يعيشها الشارع التونسي، بعد أنباء عن اعتزام الرئيس التونسي قيس سعيد، حل حزب حركة النهضة الإخوانية، وعدد من الأحزاب الأخرى الموالية لها، أبرزها "قلب تونس"، فما السيناريوهات المتوقعة حال حل النهضة، وهل تلجأ إلى تكوين حزب جديد، أم تناهض القرار حتى وإن تطلب الأمر استخدام العنف؟
وكشف تقرير نشرته صحيفة "الشارع المغاربي" التونسية، أن الرئيس التونسي قيس سعيد، قد يصدر يوم الـ17 من كانون الأول/ ديسمبر 2021، مراسيم رئاسية تقضي بحل حركة النهضة وحزب قلب تونس.
التمويلات الأجنبية
محمد ذويب، المحلل السياسي التونسي يقول لـ"السياق": إن تقرير دائرة المحاسبات، الذي صدر قبل أكثر من سنة ونصف السنة، أثبت تورط ثلاثة أحزاب في تونس، بتلقي تمويلات أجنبية وتجاوز الحد الأقصى المصرح به قانونًا، لتمويل الحملة الانتخابية، وهذه الأحزاب هي: عيش تونسي وقلب تونس وحركة النهضة، إضافة إلى تورط الحزبين الأخيرين في الاستعانة بقوي خارجية، في ما عُرف بـ"لوبينغ" لتلميع صورة الحزبين في الداخل والخارج.
ورغم ما أثبتته التقارير، فإن القضاء يرفض تنفيذ القرار، ما دفع الرئيس قيس سعيّد، إلى الحديث عن ضرورة إصدار مراسيم تحل المجلس الأعلى للقضاء، الذي تسيطر عليه حركة النهضة الإخوانية، بحسب ذويب.
واعتبر الخطوة تتماشى مع الإجراءات الاستثنائية، التي من شأنها أن تسهم في تحرير القضاء من قبضة النهضة، وتساعد في مقاومة الفساد وحل الملفات الكبيرة، التي رفض القضاء حلها.
محاولة إنقاذ
ولفت المحلل السياسي التونسي محمد ذويب، إلى أن هناك قيادات في حركة النهضة انشقت منذ مدة، وأعلنت تحركها لتأسيس تنظيم جديد، منهم سمير ديلو وعبداللطيف المكي ومحمد بن سالم وغيرهم، وهذه محاولة استباقية من الحركة لتفادي سيناريو حل الحزب بالقانون.
وشهدت حركة النهضة الإخوانية، استقالات جماعية في ما وصف بـ"زلزال" على خلفية تمسك زعيمها راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي المجمَّد، برأيه المعرقل لحل الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.
وتقدَّم 113 عضوًا من حركة النهضة الإخوانية باستقالتهم، بينهم قيادات بالصف الأول.
وحمَّلوا الغنوشي مسؤولية ما وصلت إليه الحركة من عزلة في الساحة الوطنية، بجانب تحميله قدرًا من مسؤولية ما انتهي إليه الوضع العام بالبلاد من ترد واضح.
ولا يستبعد "ذويب" لجوء النهضة إلى العنف للدفاع عن وجودها، قائلًا: "بالطبع سيناريو تأسيس حزب جديد، لا يستبعد لجوء الحركة إلى العنف، على غرار ما حدث أواخر ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي".
كانت حركة النهضة، الذراع الإخوانية في تونس، قررت عام 1987، تحريك جهازها الخاص المعروف بـ "المجموعة الأمنية" لتنفيذ انقلاب عسكري يطيح نظام الرئيس الحبيب بورقيبة، وبلغ الصراع أوجه عام 1991 في مشهد لا ينساه الشارع التونسي، حين تحولت الشوارع إلى ساحات حرب بين الدولة والإخوان.
وفي ما يتعلق بـ "قلب تونس"، أشار المحلل السياسي إلى عدم وجود ثقل سياسي للحزب، بعد استقالة أغلب نوابه، وهو بطبيعته حزب بلا أيديولوجيا ولا فكر واضح، فهو "مجرد التقاء لمجموعة من الشخصيات في فترة الانتخابات، ولم يعد له وجود فعلي في تونس على الساحة السياسية".
وتوقع أن تتقلص فاعلية حركة النهضة، لتتحول إلى مجرد حزب ضعيف، خاصة مع تغيير القانون الانتخابي والنظام السياسي، ومراقبة التمويلات الأجنبية للحزب.
سيناريو تركي
ويطرح أحمد بان، الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية، سيناريوهين لمستقبل النهضة.
وقال أحمد لـ"السياق" إن أول السيناريوهات، تحول النهضة إلى ما يشبه حالة حزب السعادة التركي، من خلال نجاح أحد المنشقين في تأسيس حزب جديد، يضم إليه أعضاء الحركة.
إلا أن الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية، لا يستبعد -في تلك الحالة- حدوث صراع على قيادة الإسلام السياسي في تونس، بين مؤسس الحزب الجديد وراشد الغنوشي، الذي لا يقبل ترك السلطة.
ويلفت "بان" إلى سيناريو ثان، يشبه إلى حد كبير ما حدث مع جماعة الإخوان في مصر، التي وصلت إلى النهاية المحتومة بالتلاشي، لكل محاولة للجمع بين الدعوي والسياسي.
قطع الطريق
وفي قراءة لتصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد الأخيرة، تقول ضحي طليق، الكاتبة والمحللة السياسية التونسية لـ"السياق": "واضح من خلال التصريحات الأخيرة للرئيس سعيد، سواء عندما قال إنه سيعلن عن قرارات مصيرية الأيام المقبلة، وحثه القضاء على الحسم، في ما ورد في تقرير دائرة المحاسبات المتعلق بالانتخابات الأخيرة، أنه يدفع باتجاه إسقاط قامات الأحزاب التي تلقت دعمًا ماليًا أجنبيًا، كالنهضة وقلب تونس، وفي حال سقوط هذه القامات، سيكون اللجوء لانتخابات جديدة سابقة لأوانها، مؤكدًا".
وتتابع المحللة السياسية التونسية: "بطبيعة الحال القانون يسمح لكل حزب معترف به وقانوني، بالمشاركة في الانتخابات، وبالنسبة لحركة النهضة الإخوانية، حتى لو لجأت إلى تأسيس حزب جديد، لا أظن أنها ستنجح وسيقبل بها الشارع التونسي، إذا اعتمدت على القيادات والوجوه الحزبية نفسها، بصورتها الحالية التي أصبحت منبوذة".
وترى "طليق" أن حركة النهضة الإخوانية مازالت تحاول العودة إلى المشهد السياسي بشتي الطرق، سواء عبر المراوغة أو طلب الضغط الخارجي وحتى العنف، لافتة إلى ما وقع مؤخرًا من محاولات اقتحام مجلس النواب واحتلاله، إلا أن فطنة المؤسستين الأمنية والعسكرية، حالت دون وقوع حمام دم.
واعتبرت أن اجتماع الرئيس التونسي الأخير بالقيادات العسكرية، وما ورد في كلمته من تلميح إلى مَنْ يحاول الإضرار بمصالح تونس واستقرارها، دليل على أن هناك فطنة ويقظة، لعدم جر البلاد إلى مربع العنف الذي ترغب فيه النهضة، لافتة إلى أن العنف ستكون نتيجته نهاية النهضة، كما حدث في مصر مع جماعة الإخوان.