وسط احتدام القتال... محادثات طالبان والحكومة تنتهي بلا اتفاق

نص البيان المشترك، لوفدي الحكومة الأفغانية وطالبان، على الإبقاء على تمثيل عال لوفدي الجانبين في المفاوضات، لكي يستطيعا اتخاذ القرار، فضلًا عن تقديم المساعدة للفرق الطبية، لمواجهة الارتفاع الكبير لأعداد المصابين بجائحة كورونا.

وسط احتدام القتال... محادثات طالبان والحكومة تنتهي بلا اتفاق

السياق

«لا انفراجة في محادثات طالبان والحكومة الأفغانية، القتال يحتدم»، بهذه التصريحات سلَّطت صحف غربية، الضوء على الجولة الثانية من المفاوضات بين الطرفين، التي قالت إنها فشلت في تحقيق أي اختراق.

واختتم الأحد، وفدا الحكومة الأفغانية وحركة طالبان المتشدِّدة، المفاوضات التي استضافتها العاصمة القطرية الدوحة، بإصدار بيان مشترك، أعلنا فيه توصلهما إلى اتفاق -غير محدَّد الملامح- للإسراع بمفاوضات إيجاد تسوية عادلة، للصراع الدائر في أفغانستان منذ عقود، على أن يعقدا اجتماعًا آخر قريبًا، ضمن مسار الدوحة.

ونص البيان المشترك، لوفدي الحكومة الأفغانية وطالبان، على الإبقاء على تمثيل عال لوفدي الجانبين في المفاوضات، لكي يستطيعا اتخاذ القرار، فضلًا عن تقديم المساعدة للفرق الطبية، لمواجهة الارتفاع الكبير لأعداد المصابين بجائحة كورونا.

 

لا تسويات

إلا أن البيان الختامي، الصادر عن وفدي طالبان والحكومة، لم تُحدَّد فيه أي تسويات أو اتفاقات، ولم يتم إحراز أي تقدُّم كبير حتى بعد أن قال الزعيم الأعلى لطالبان، هبة الله أخوند زاده، إنه «يفضِّل بشدة» تسوية سياسية للصراع.

ففي الوقت الذي وصل فيه كبار ممثلي حكومة كابل، بمن فيهم رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية عبد الله عبد الله، لإجراء مباحثات مكثَّفة خلال يومين، كانت حركة طالبان تشن هجومًا شاملًا في جميع أنحاء أفغانستان.

 

لا هدنة

من جانبه، قال المتحدِّث باسم المكتب السياسي لطالبان محمد نعيم، في تصريحات تلفزيونية، إن الحركة لم تقترح أي هدنة لوقف إطلاق النار، خلال المحادثات الأخيرة.

وأضاف نعيم، أن الاجتماعات مع وفد الحكومة الأفغانية ستستمر، وأن المحادثات «فرصة جيدة لتقريب وِجهات النظر».

من جانبه قال الوسيط القطري للمحادثات: إن الجانبين اتفقا فقط، على العمل لمنع وقوع إصابات في صفوف المدنيين، وهو أبعد ما يكون عن وقف إطلاق النار المتفق عليه.

 

لقاء جديد

وفي السياق ذاته، قال مطلق القحطاني، مبعوث قطر لمكافحة الإرهاب، الذي يشرف على محادثات الدوحة: اتفق الجانبان على مواصلة المفاوضات على مستوى عال، لحين التوصل إلى تسوية، ولهذا الغرض سيلتقيان مرة أخرى الأسبوع المقبل.

ومنذ أشهر، التقى الجانبان بشكل متقطع، في العاصمة القطرية الدوحة، لكنهما لم يحقِّقا أي نجاح يذكر، فالمناقشات يبدو أنها فقدت الزخم، حيث حقَّق المسلحون مكاسب هائلة في ساحة المعركة، حسب «فرانس 24».

 

سيطرة طالبان

وفي الوقت الذي يقول فيه زعيم طالبان، إن جماعته ما زالت ملتزمة بإيجاد حل لإنهاء الحرب، تسيطر الحركة المسلَّحة على ما يقرب من نِصف المقاطعات الأربعمئة في البلاد، والعديد من المعابر الحدودية المهمة، وقد فرضت حصارًا على سلسلة من عواصم المقاطعات الحيوية.

إلا أن متحدثًا باسم قوات الأمن الأفغانية، قال إن مقاتلين موالين للحكومة نفَّذوا 244 عملية، ما أسفر عن مقتل 967 من مقاتلي العدو، بمن فيهم قادة مهمون.

وأضاف أجمل عمر شينواري للصحفيين: استعدنا 24 منطقة حتى الآن. هدفنا استعادة كل الأراضي، نحن مستعدون للدفاع عن بلادنا.


جمهورية إسلامية أم إمارة إسلامية؟!

ورغم أن تصريح زعيم طالبان، جاء قبل يومين من عطلة عيد الأضحى، فإنه خلا من أي دعوة رسمية لوقف إطلاق النار، وهو على غير المتوقَّع، فالحركة المتشدِّدة طالما هدأت من عملياتها، خلال الأعياد الإسلامية.

وفي إشارة إلى مدى ضآلة تقدُّم المفاوضات، قالت صحيفة «USA Today»، إن الجانبين ما زالا يتجادلان على المصطلحات، غير قادرين حتى على الاتفاق على اسم الدولة التي عذَّبتها الحرب، فبينما تريدها طالبان «إمارة أفغانستان الإسلامية»، تصر كابل على أنها «جمهورية أفغانستان الإسلامية».

وقالت صحيفة «ذا إيشين تايمز»، إن الجولة الأخيرة من المحادثات بين الأطراف الأفغانية، فشلت في تحقيق أي انفراجة، واكتفت بالتعهد للاجتماع مرة أخرى، وتسريع محادثات السلام رفيعة المستوى.

وأشارت إلى أنه بعد دقائق من البيان المشترك، رفض المتحدِّث باسم طالبان محمد نعيم رفضًا قاطعًا، أي اتفاق لوقف إطلاق النار أو إطلاق سراح سجناء، بينما طالب زعيم طالبان أخون زاده، بنظام إسلامي، من دون أن يوضح ما يعنيه ذلك.

 

اقتراح لطالبان

وبحسب وكالات إخبارية، فإن طالبان طرحت فكرة تمديد وقف إطلاق النار، بشرط أن تحرِّر الحكومة الأفغانية سبعة آلاف آخرين من أسراهم، مشيرًا إلى أن الحركة تريد إزالة زعمائهم من قائمة عقوبات الأمم المتحدة.

لكن الحكومة الأفغانية متردِّدة في قبول هذه الفكرة، خاصة أن مقاتلي الحركة الـ5 آلاف المفرج عنهم مؤخرًا، سيعودون إلى ساحة المعركة، حسب الحكومة.

وكان التحالف العسكري، الذي تقوده الولايات المتحدة في أفغانستان، منذ ما يقرب من عقدين، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، أعلن انسحابه نهائيًا من البلد الآسيوي، بحلول سبتمبر المقبل.

يأتي ذلك بينما تتزايد المخاوف، من أن القوات الأفغانية ستنهار، من دون دعم جوي حيوي للتحالف، ما يسمح باستيلاء طالبان العسكري الكامل، أو بدء حرب أهلية متعدِّدة الجوانب، في بلد يعج بالأسلحة، بعد أربعة عقود من القتال.