التقدم النووي الإيراني يُعقد محاولة بايدن إحياء صفقة 2015

يقدِّر المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون، أن إيران يمكنها الآن جمع ما يكفي من المواد الانشطارية، لصُنع سلاح نووي، في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر.

التقدم النووي الإيراني يُعقد محاولة بايدن إحياء صفقة 2015

ترجمات – السياق

قالت "وول ستريت جورنال" إن إيران أحرزت في السنوات الأخيرة تقدُّماً كبيراً، في قدرتها على تكديس اليورانيوم المخصَّب، ما يعقِّد جهود إدارة الرئيس جو بايدن لإحياء اتفاق عام 2015، الذي يهدف إلى كبح جماح طموحات طهران النووية.

وتسعى واشنطن، إلى إعادة تفعيل الاتفاق، الذي تخلى عنه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.

وبعد تأخير أسابيع، أبدت إيران مؤخراً، استعدادها للعودة إلى طاولة المفاوضات الشهر المقبل، بعد تولي الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي منصبه رسميًا.

ويقدِّر المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون، أن إيران يمكنها الآن جمع ما يكفي من المواد الانشطارية، لصُنع سلاح نووي، في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر.

ويقول المسؤولون الأمريكيون إنهم واثقون -على الأقل في الوقت الحالي- بأن العودة إلى شروط اتفاقية 2015 ستطيل ما يسمى وقت الاختراق، الذي تحتاجه إيران، لتكديس ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج سلاح نووي، نحو عام، كما كان عليه في يناير2016، عندما دخلت الاتفاقية، التي وافقت عليها الولايات المتحدة وإيران وخمس قوى عالمية أخرى، حيِّـز التنفيذ.

 

استحالة العودة

وقال المبعوث الأمريكي الخاص لإيران، روب مالي: "إذا استمرت إيران في تطوير برنامجها ولم يكن هناك اتفاق، سنصل إلى وقت، يكون فيه من الصعب للغاية، إن لم يكن مستحيلاً، استعادة مزايا حظر الانتشار النووي" من الصفقة الأصلية، ولتجنُّب ذلك، يجب توقيع صفقة "في المستقبل المنظور".

ووفقاً لتقرير "وول ستريت جورنال"، تختلف التقييمات الخاصة بزمن الاختراق المحتمل لإيران، اعتماداً على الفرضيات الموضوعة بشأن المعدات التي تمتلكها، وقدرتها على استخدامها، ومدى سرعة توسيع قدرتها.

ويقول بعض المسؤولين الأوروبيين، المشاركين في المحادثات، إنهم يعتقدون أن وقت حصول إيران على القنبلة النووية، إذا لم يتم إحياء الاتفاق بسرعة، قد يكون بالفِعل أقل من عام.

ويكمن القلق الرئيسي للمسؤولين الغربيين، في أن إيران أتقنت التكنولوجيا اللازمة لاستخدام أفضل، لبعض أجهزة الطرد المركزي المتقدِّمة، التي تستخدمها لتخصيب اليورانيوم.

وصارت طهران أكثر فاعلية، في استخدام مخزونها من الجيل الثاني لما تسمى آلات IR-2M، وهو ما يعني أن إيران بدأت تغذية أجهزة الطرد المركزي المتقدِّمة لتخصيب اليورانيوم، التي تم تركيبها في محطة نطنز تحت الأرض، بغاز فلورايد اليورانيوم السداسي (UF6).

وبحسب "وول ستريت جورنال" فإن هذه هي أحدث حالة انتهاك من النظام الإيراني، للاتفاق النووي الذي وقَّعته طهران مع القوى الكبرى، إذ ينص الاتفاق النووي، على أن لإيران الحق فقط في تخزين اليورانيوم المخصَّب بأجهزة الجيل الأول من"IR-1 "، وأن هذه الأجهزة فقط، هي التي يمكن أن تعمل في محطة الطاقة تحت الأرض.

وكان لدى إيران أكثر من ألف جهاز IR-2M عام 2016، لكنها مُنعت من استخدامها بموجب الاتفاق.

واعتقد الدبلوماسيون الغربيون -في ذلك الوقت- أن خبرة إيران كانت أساسية للغاية، بحيث لا تستطيع طهران نشرها بشكل فعال، للتسابق في الحصول على سلاح نووي. ويقول بعض كبار الدبلوماسيين الغربيين إن ذلك تغيَّـر الآن.

العام الماضي، نشرت إيران معظم أجهزتها من طراز IR-2M - وهي أسرع بثلاث إلى أربع مرات من أجهزة الطرد المركزي، التي تسمح إيران باستخدامها بموجب الاتفاقية، وأسرع مما توقَّعه العديد من المراقبين.

 

سرعة التخصيب

ذكر التقرير، أن الاتفاق النووي لعام 2015 حدَّد كمية اليورانيوم المخصَّب، التي سُمح لإيران بامتلاكها بـ 300 كيلوغرام، إذ تم تحديد مستوى التخصيب المسموح به عند 3.67%، بينما يتم تخصيب اليورانيوم، المستخدم في صنع الأسلحة النووية، بنسبة تصل إلى 90%.

إذ كان من المفترض أن تستمر فترة التخصيب في إيران، حتى عام 2026 على الأقل، لكن بعد أن سحب ترامب الولايات المتحدة من الصفقة، وفرض عقوبات اقتصادية على إيران، بدأت طهران توسيع أنشطتها النووية، حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن.

وأشار التقرير، إلى أن إيران تنتج الآن ما يقرب من 60% من اليورانيوم المخصَّب، المستخدم في صُنع الأسلحة النووية.

والأسبوع الماضي، أفادت وكالة الطاقة الذرية، بأن إيران مضت في خُططها لإنتاج معدن اليورانيوم المخصَّب، وهي مادة تستخدم في تشكيل السلاح النووي وصناعته، بينما تقول إيران إنها تنتج هذا المعدن للاستخدام السِّلمي.

وعمدت طهران أيضًا إلى تقييد وصول المفتشين الدوليين، إلى منشآتها النووية الرئيسية في نطنز، ورفضت تمديد اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة، لتسليم لقطات كاميرات ومواد مراقبة أخرى، إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

 

نهج جديد

بالنظر إلى التقدُّم الذي أحرزته إيران، في مجال أجهزة الطرد المركزي، والآلات الحديثة التي تصل باليورانيوم إلى درجة نقاء عالية، اقترح المسؤولون الأوروبيون نهجًا جديدًا ثلاثي الأبعاد، لإطالة فترة التخصيب في إيران.

فإضافة إلى مطالب إغلاق أجهزة الطرد المركزي، فإنهم يريدون من إيران أيضًا، تفكيك البنية التحتية الإلكترونية، التي تستخدمها حاليًا لتشغيل الآلات المحظورة بموجب الاتفاقية، وإنتاج أجهزة طرد مركزي جديدة، في مصانع التجميع الخاصة بها، كمحاولة للحد من قدرة إيران، على الوصول لأسلحة نووية.

يشار إلى أن المفاوضين كانوا على وشك الاتفاق على إرسال احتياطيات اليورانيوم الإيرانية إلى روسيا لتحليلها، إلا أن طهران أصرت على أنها لن تسمح بتدمير أي من أجهزة الطرد المركزي المتطورة لديها.

ينقسم الدبلوماسيون الغربيون إلى معسكرين، بشأن استراتيجية إيران للمفاوضات، يقول البعض إنهم يعتقدون أن طهران تريد استعادة اتفاق 2015، لكنها تؤخِّر الأمر اعتقادًا منها بأن إدارة بايدن قد تتغاضى عن بعض المطالب، خصوصًا المتعلِّقة بالعقوبات الاقتصادية.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أوروبي كبير قوله: إن المحادثات التي انتهت في 20 يونيو قد لا تستأنف حتى النصف الثاني من أغسطس المقبل.

في المقابل، يقول مسؤولون غربيون، إن إيران تستخدم الوتيرة البطيئة للمحادثات، للوصول لتقنية بشأن معدن اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي وإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، لا يمكن الرجوع عنها.

بينما يعتقد مسؤولون آخرون، أن هناك جدلًا يدور في طهران بشأن ما إذا كان يجب العودة إلى الصفقة، وإذا كان الأمر كذلك ، فما الذي يجب الحصول عليه في المقابل؟

 

دور رئيسي

وعن دور الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي، في الاتفاق النووي، تقول "وول ستريت جورنال": إن الرئيس الإيراني الجديد سبق أن أيَّد إحياء الاتفاق النووي خلال حملته الانتخابية، إلا أنه تراجع بعد فوزه، وأعلن أن فريقه سيراجع نتائج المحادثات أولاً.

وفي الداخل الإيراني، ظهرت الخلافات في الرأي العام، بشأن شروط العودة إلى الاتفاق، ففي هذا الأسبوع، انتقد الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني ، الذي قاد اتفاق 2015، علي خامنئي، لعدم سماحه بإنهاء المحادثات، بعد استئنافها في أبريل الماضي.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن روحاني قوله: "لقد سلبوا من هذه الحكومة فرصة التوصل إلى اتفاق".

وتتمسَّك إيران بأنه يجب على الولايات المتحدة أولاً، أن تلغي جميع العقوبات التي فُرضت خلال عهد ترامب، بما في ذلك العقوبات على أساس حقوق الإنسان والإرهاب، وتقديم تعويضات عن هذا القرار، مع ضمانات لعودتها إلى الاتفاق.

بينما يقول مسؤولون أمريكيون وأوروبيون، إن هذه المطالب لن تُقبل، وقال وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في بيان مشترك الأسبوع الماضي: لقد أكدنا مراراً أن الوقت ليس في صالح أحد، محذِّرين من أن تحركات إيران الأخيرة، تهدِّد نجاح محادثات فيينا، رغم التقدُّم المحرز في ست جولات، حتى الآن.