كاتبة أمريكية: الفشل الأفغاني سيلاحق بايدن سنوات

طالما رآى أنصار بايدن أنه لطيف، ومعتدل ورجل عاطفي، لكن لا شيء بخصوص هذا الفشل الذريع، يوحي بالعطف أو الاهتمام بمشاعر الآخرين، فالقرار كان لا شك خطًأ فادحًا، ما يثير التساؤل: هل يستمع الرئيس لأي شخص من حوله؟ وهل حوله أشخاص ذوو وزن ومكانة، أم أنهم مجرَّد موظفين يتعاملون معه بامتنان واحترام وليس لهم أي رأي؟

كاتبة أمريكية: الفشل الأفغاني سيلاحق بايدن سنوات

ترجمات – السياق

قالت الكاتبة الأمريكية، بيغي نونان، إن الفشل الأمريكي في أفغانستان، سيظل يلاحق الرئيس جو بايدن، سنوات.

وأشارت نونان -في مقال بصحيفة وول ستريت- إلى أن الكثير من الأشياء تغيَّـرت في أغسطس المنصرم، وقالت إنه لم يكن شهرًا سيئًا فحسب، وإنما ترك أيضًا إحساسًا موجعًا سيظل مستمرًا بأن "هذه ليست الطريقة التي يجب أن نفعل بها الأشياء"، في إشارة إلى قرار بايدن، بتعجيل الانسحاب من أفغانستان، وما نتج عن ذلك من فوضى.

 

ترك الأسلحة

وسخرت نونان، من قرار انسحاب بايدن المفاجئ قائلة: "نحن لا نحدِّد تواريخ انسحاب، من شأنها أن تكون لها رمزية لالتقاط الصور مع الرئيس الذي يريد أن يبدو صارمًا، في الذكرى العشرين لأحداث الحادي عشر من سبتمبر... نحن لا نضع وقتًا في اتخاذ قرارات استراتيجية ملحمية لمقتضيات البهرجة الإعلامية، بل ننتظر انتهاء موسم القتال الصيفي، لكي ننسحب في الشتاء، عندما يرتجف مقاتلو طالبان في كهوفهم... نحن لا نغادر قاعدتنا الجوية الرئيسة منتصف الليل، من دون حتى إخبار الجيش الأفغاني"...!

وتابعت: "نحن لا نترك أسلحتنا خلفنا، حتى يتمكن الأعداء البالغون من العمر 20 عامًا من الحصول عليها... نحن لا نفشل في إخبار حلفائنا بما نقوم به، وكيف نفعل ذلك، نحن لا نرى مؤشرات على تقدُّم عدو ساحق ونعامله كمجرَّد مشكلة إدراكية، وليس مشكلة واقعية... ولا يمكنك أيضًا إخراج الجيش الأمريكي قبل مواطني الولايات المتحدة وأصدقائنا، فمَنْ سيحميهم إذا فعلتَ ذلك؟

 

لن يختفي

تعتقد إدارة الرئيس، أن كل ذلك سيختفي، ويحاولون تغيير الحديث عن الموضوع، لكنهم لا يدركون أن جوهر القصة سيظل، وستستمر ارتداداتها سنوات، بحسب الكاتبة.

وذكرت أنه "مازال هناك أمريكيون وأصدقاء أمريكيون، وراء خطوط طالبان داخل أفغانستان، ويومًا ما سيتم نشر قصصهم المؤلمة، بطرق مزعجة وأحيانًا مفجعة"، مشيرة إلى أن الضرر الذي سيلحق بالرئيس، سيكون مختلفًا وأعمق مما يعتقده مؤيدوه، لأنه أصاب سُمعته الأساسية في كيفية فهم الناس له.

وأوضحت أنه طالما رآه أنصاره على أنه لطيف، ومعتدل ورجل عاطفي، لكن لا شيء بخصوص هذا الفشل الذريع، يوحي بالعطف أو الاهتمام بمشاعر الآخرين، فالقرار كان لا شك خطًأ فادحًا، ما يثير التساؤل: هل يستمع الرئيس لأي شخص من حوله؟ وهل حوله أشخاص ذوو وزن ومكانة، أم أنهم مجرَّد موظفين يتعاملون معه بامتنان واحترام وليس لهم أي رأي؟

وتساءلت الكاتبة: ماذا حدث للقيادة العسكرية الأمريكية؟ وتضيف: "لقد كان هناك تحول أيضًا.. فهل حذَّروا الرئيس من مغادرة قاعدة باغرام الجوية؟ وهل أبلغوه بأن استراتيجية الخروج برمتها كانت معيبة وغير واقعية؟"، وتجيب: "إذا تم تحذير الرئيس ورفض النصيحة، فلماذا لم يكن هناك اهتمام عام بما يكفي للتنحي، إما مقدمًا لوقف الكارثة، أو بعد ذلك للاحتجاج عليها؟

وعادت نونان لتتساءل عن وجود القيادة العسكرية الأمريكية، قائلة: هل ذهبوا مع التيار؟ أم اعتقدوا أن عقل الرئيس لا يمكن تغييره، ومن ثم اضطروا لتنفيذ الخطة في الموعد المحدد؟ وتجيب الكاتبة: لقد كانت علاقات الرئيس بايدن بالبنتاغون باردة في أحسن الأحوال فترة طويلة، ومن ثم ربما كان بعض الجنرالات يفكرون في إمكانية تحسين العلاقات المستقبلية، بإعطاء الرئيس أكثر مما يطلب، فإذا كان هو يريد الخروج بحلول 11 سبتمبر، فيعطوه هم الخروج بحلول الرابع من يوليو، مشيرة إلى أنه من المهم معرفة الديناميكيات التي كانت تلعبها، لأنه من الواضح أن شيئًا ما حدث خطأ هناك.

 

عظمة المجنَّدين

وأشارت الكاتبة إلى المجنَّدين الأمريكيين، من الرجال والنساء في الجيش الأمريكي، أكثر المحترفين احترامًا في أمريكا، إذ يمكنهم كسر قلبك بعظمتهم، كما فعلوا في مطار حامد كرزاي الدولي، عندما ضحى 13 منهم بحياتهم لمساعدة اليائسين في الهروب، أما بخصوص كبار الضباط فيبدو أن هناك شيئًا خاطئًا، شيء كشفته أحداث أغسطس، مشيرة إلى أنهم جميعًا يتمتعون بذكاء إعلامي كبير، لكن بطريقة ما يبدو أنهم مهووسون بالتصورات، وكيف تسير الأمور بعيدًا عن الواقع.

وكشفت الكاتبة بعض الآراء في شخصية بايدين الضعيفة، قائلة: كان هناك الكثير من الحديث عن بايدن، وما الذي دفعه ليصر على تغيير جدول الانسحاب الزمني، وأضافت: لقد كان الناس يعيدون قراءة كتاب "رجلنا" لجورج باكر الرائع للدبلوماسي ريتشارد هولبروك، فهو لا شك (كتاب عظيم ليس كتاريخ فحسب، بل كأدب)، إذ يكشف الكتاب أن هولبروك التقى نائب الرئيس بايدن ذات يوم، خلال فترة ولاية أوباما الأولى، وتجادلوا بشأن أفغانستان، وحينها رفض بايدن حجج هولبروك لحماية حقوق المرأة الأفغانية.

وأضافت أن نقاشاتهم كانت "استثنائية للغاية"، إذ قال بايدن إن هولبروك لم يفهم السياسة، وإن الديمقراطيين قد يخسرون الرئاسة عام 2012 جزئيًا بسبب أفغانستان، ومن ثم علينا الخروج كما فعلنا في فيتنام.

واستطردت: لقد أمضى بايدن سنوات في اجتماعات بشأن أفغانستان، سواء في مجلس الشيوخ خلال سنوات بوش، أو بعد ذلك في البيت الأبيض نائبًا للرئيس أوباما، ومن ثم كان يرى أكثر من غيره المعلومات المتناقضة، خصوصًا أنه لا أحد يملك خطة استراتيجية مستدامة.

 

أفغانستان وبايدن

وترى الكاتبة، أن نظرة بايدن لقضية أفغانستان كانت "عاطفية" لأسباب شخصية، وربما يكون ذلك مرتبطًا بخدمة ابنه في العراق، والقلق الذي يشعر به أحد الوالدين، والأسئلة التي يطرحها أحد الوالدين، أو ربما الأشياء التي أخبره بها بو بايدن عن جولته هناك.

وتضيف: "أظن أن هناك الكثير من الأنا والغرور المطلق لدى بايدن، فقد أخبرني أحد أصدقائه القدامى ذات مرة، بأن ضعف بايدن هو أنه يعتقد دائمًا أنه أذكى رجل في الغرفة، وحين سألته عمّا إذا كانت الغرفة عادة ما تكون صغيرة، فما كان من الصديق إلا أن ضحك كثيرًا".

وعلَّقت نونان على قرار بايدن بالانسحاب المفاجئ من أفغانستان، قائلة بسخرية: أظنه كان يفكر في أنه سيكون الرجل الذي قطع الطريق أخيرًا، والذي أوقف الهراء، واعترف بالواقع، والذي لم يكن مثل الآخرين مدفوعًا بالخوف من أن يبدو ضعيفًا أو غير كفء، كان سينظر بعينيه اللطيفتين إلى التجربة ويفعل ما يلزم، إذ عليه قطع هذا الحبل، وإنهاء هذا الشيء، وليس موت أمريكي آخر، ومن هنا جاء قرار الانسحاب.

وحذَّرت الكاتبة إدارة بايدن، من إمكانية وقوع عمل إرهابي، في نوفمبر المقبل، مشيرة إلى أنه في غضون بضعة أيام، بعد هذا العمل الإرهابي -حال وقوعه- سيتضح أنهم أطلقوا مغامرتهم من ملاذ آمن داخل أفغانستان.

وطالبت بايدن، بضرورة أن يفهم الواقع جيدًا، قائلة: "لا تُصْلِح الإدراك... ركز على هذا الشيء الذي تم تجاهله، وهو الواقع".