كاتبة أمريكية تتساءل: هل يجب أن يذهب بايدن إلى السعودية؟
العلاقات الأمريكية السعودية في وضع سيئ، لكنها تحسنت في الأشهر الأخيرة

ترجمات - السياق
قالت الكاتبة الأمريكية المخضرمة لورا روزن، إنه بالنظر إلى مؤشرات على تحسن جزئي في العلاقات، والهدنة في اليمن، وارتفاع أسعار النفط العالمية، فإن الإدارة الأمريكية تعمل على تقييم ما إذا كان ينبغي على الرئيس الأمريكي جو بايدن السفر إلى المملكة العربية السعودية.
وأضافت، روزن، في تقرير مطول بمدونة "دبلوماتيك"، أنه وفقاً للعديد من الخبراء الإقليميين والمسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين، فإن العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية قد تحسنت إلى حد ما في الأشهر الأخيرة، إذ إنه بعد الخطوات والمشاورات الأخيرة، التي أدت إلى التوصل لهدنة باليمن في أبريل الماضي، التقى مدير وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) بيل بيرنز ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بجدة في الشهر نفسه، كما سافر شقيق ولي العهد، نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان إلى واشنطن، الأسبوع الماضي، لإجراء مشاورات في البيت الأبيض والبنتاجون ووزارة الخارجية.
هل يسافر بايدن؟
نقلت الكاتبة عن السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل دانيال شابيرو قوله إن هذه المشاورات وغيرها من المشاورات الأمريكية السعودية الأخيرة، لتحديد ما إذا كان على بايدن أن يسافر إلى المملكة، وذلك ربما أواخر يونيو أو يوليو، حيث من المتوقع أن يسافر أولاً إلى إسرائيل.
وأشارت روزن إلى أن إسرائيل، التي تنظر إلى التطبيع مع السعودية باعتباره هدفاً استراتيجياً، هي عامل آخر يشجع جهود إدارة بايدن على التقارب مع الرياض.
ونقلت روزن عن شابيرو، وهو الآن زميل ببرامج الشرق الأوسط في "المجلس الأطلسي"، قوله في مقابلة معها في 23 مايو الجاري: "هناك نقاش داخلي الآن لكيفية التعامل مع السعوديين، خاصة ما إذا كان ينبغي على بايدن السفر إلى هناك، وأعتقد أن الفهم السائد في الإدارة، أن العلاقات الثنائية أصبحت متوترة للغاية بشكل من المحتمل أن يكون ضاراً بمصالحنا، وأن هناك حاجة إلى إعادة ضبط هذه العلاقات بشكل يدفعها إلى الاستقرار، ويضمن أن تظل المملكة متحالفة مع الولايات المتحدة بشكل وثيق، وألا تنجرف نحو روسيا والصين، وبالطبع أن تستجيب لحاجات واشنطن وحلفائها في لحظات الأزمات، لزيادة إنتاج النفط، وخفض أسعاره، وتشديد العقوبات على موسكو وتنويع إمدادات الطاقة لأوروبا، فقد أصبحت هذه المسألة قضية استراتيجية، تحتاج الإدارة إلى محاولة إصلاحه."
وأضاف: "السؤال الآن هو ما إذا كانت القيادة السعودية، لاسيما الأمير محمد بن سلمان، تريد إصلاح هذه العلاقة، أو أنها تفكر بالمثل، أن السفينة بحاجة إلى تصحيح مسارها".
أنشطة إيران
من جانبه، يؤكد البيت الأبيض أنه ليست هناك رحلة رئاسية مقررة إلى المملكة العربية السعودية في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن الدبلوماسية الأمريكية ساعدت في إرساء أول وقف لإطلاق النار في حرب اليمن منذ سنوات، كما ذكر سفر منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي للشرق الأوسط بريت ماكجورك، ومبعوث الطاقة الأمريكي عاموس هوشتاين إلى المملكة، الأسبوع الماضي، كما ذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي، لكنه قال إن "علاقة الولايات المتحدة بالمملكة العربية السعودية، أكبر من مجرد مطالبة الرياض بضخ المزيد من النفط".
ونقلت روزن عن متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، في تصريحات لها، هذا الأسبوع، قوله: "ليست لدينا رحلة إلى المملكة العربية السعودية في الوقت الحالي"، مضيفاً: "لقد ساعدت الدبلوماسية -على مدى الأشهر الأخيرة- في إرساء أول وقف شامل لإطلاق النار في اليمن، منذ أكثر من ست سنوات، وكان الهدف من زيارات بريت ماكجورك وعاموس هوشتاين للمنطقة، متابعة المحادثات في مجموعة من القضايا، بما في ذلك أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، وضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية، وقضايا إقليمية".
تقدم ملموس
كما نقلت الكاتبة الأمريكية عن فراس مقصد، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط، قوله: صحيح أن العلاقات الأمريكية السعودية في وضع سيئ، لكنها تحسنت في الأشهر الأخيرة، مضيفاً: "لقد وصلت العلاقة إلى مستوى متدنٍ، لكن يريد كلا الجانبين، خاصة الجانب السعودي، التوصل لتقدم جوهري، قبل عقد اجتماع رفيع المستوى بين البلدين، ويبدو أنه في الأسابيع الأخيرة، كان هناك هذا التقدم الملموس بالفعل".
وأشار مقصد، الذي عاد مؤخراً من زيارة لمجموعة من خبراء معهد الشرق الأوسط للأبحاث إلى المملكة، إلى أن زيارة مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بيرنز إلى الرياض، منتصف أبريل الماضي، ساعدت في تمهيد الطريق لتحسن العلاقات، كما ساعدت المشاورات التي أجراها نائب وزير الدفاع السعودي في واشنطن، الأسبوع الماضي، في استكشاف القضايا المطروحة على الطاولة التي يود الجانبان العمل عليها.
هدنة اليمن
وأشار مقصد إلى أنه بالنظر إلى الهدنة المستمرة منذ رمضان في اليمن، أصبحت صنعاء في الوقت الحالي قضية أكثر إيجابية في العلاقات الأمريكية السعودية، قائلاً: "يبدو أن الإدارة الأمريكية راضية عن التقدم المحرز هناك في الأشهر الأخيرة، فإضافة إلى استمرار وقف إطلاق النار منذ رمضان حتى الآن، فإن إنشاء مجلس رئاسي يمني أكثر شمولاً، يمكن أن يساعد الأحزاب في التغلب على بعض القضايا، التي كانت تعيق التقدم نحو إنهاء حرب اليمن، كما أن إعادة فتح مطار العاصمة اليمنية في مايو الجاري، أمام بعض الرحلات الجوية، خطوة إيجابية للغاية أيضاً".
الولايات المتحدة تجدد ترسانة السعودية من أنظمة الدفاع ضد طائرات الحوثي من دون طيار
كانت صحيفة وول ستريت الأمريكية، قد أفادت بأن إدارة بايدن زودت السعوديين بصواريخ باتريوت لصد صواريخ الحوثيين، ونقلت روزن عن مصدر، لم تكشف هويته، قوله إنه من المتوقع تجديد الإدارة المخزونات السعودية من الصواريخ "جو-جو" المستخدمة في إسقاط طائرات الحوثيين من دون طيار، التي تقدر الولايات المتحدة أن السعوديين يستخدمونها بشكل دفاعي، كما طلب السعوديون صواريخ دقيقة التوجيه، لاستهداف طائرات من دون طيار تابعة للحوثيين داخل اليمن، الأمر الذي يشير المصدر إلى أنه قد لا يكون وشيكاً، لأن الإدارة تخشى استخدامها بشكل عدواني وإلحاق الضرر بالمدنيين اليمنيين.
ورداً على طلب روزن للحصول على تعليق، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية لها: "لقد عملنا مع المملكة العربية السعودية وجيرانها، على مدى الأشهر العديدة الماضية، لمساعدتهم في تعزيز دفاعاتهم الجوية استجابة لعدد متزايد من الهجمات الجوية من اليمن".
وأضاف المسؤول: "كان هناك أكثر من 400 هجوم عبر الحدود العام الماضي، شنها الحوثيون بدعم إيراني، ما أثر في البنية التحتية والمدارس والمساجد وأماكن العمل السعودية، وعرّض السكان المدنيين، بمن فيهم 70 ألف أمريكي يعيشون في المملكة، للخطر".
وتابع المسؤول: "لدى الولايات المتحدة عدد من الأدوات المتاحة لمساعدة السعودية في تعزيز قدرات دفاعها الجوي، بما في ذلك المبيعات العسكرية الأجنبية لمعدات مثل صواريخ (جو-جو) التي تنشر من الطائرات السعودية، التي كان لها دور فعال في اعتراض الهجمات الصاروخية والأنظمة الجوية، من دون طيار، المستمرة على المملكة، كما يمكننا دعم الجهود السعودية للدخول مع جيرانها لنقل قدرات أمريكية المنشأ إضافية حسب حاجة مخزوناتهم، فقد انتهى دعم العمليات الهجومية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، بما في ذلك تعليق شحنتين من الذخائر (جو-أرض) التي كانت متوقفة".
النفط
ووفقاً لمقصد، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة جورج واشنطن بالولايات المتحدة، فإن مسألة أسعار النفط أكثر صعوبة في العلاقة بين البلدين، قائلاً إن كبار المسؤولين السعوديين يؤكدون أنه حتى لو ضخوا المزيد من النفط، سيكون هناك نقص في قدرات التكرير الغربية لتحويل الكثير من هذا النفط الخام إلى بنزين، لكن المحللين يعتقدون أن "أوبك بلس" يضخ حالياً مليوني برميل يومياً أقل مما تعهد به، نظراً لأن العديد من دول المنظمة -على ما يبدو- غير قادرة على الوفاء بحصصها، ومن المقرر أن تنتهي اتفاقيات إنتاج "أوبك بلس" الحالية في سبتمبر المقبل.
وتابع مقصد: "لقد غادرت وأنا أشعر بأنه قد يكون هناك مجال للمرونة، رغم بعض القيود الفنية"، في إشارة إلى اجتماع بين خبراء بمركز الأبحاث الأمريكي الذي يعمل لديه وكبار المسؤولين السعوديين، بمن في ذلك المسؤولون التنفيذيون في قطاع الطاقة.
من جانبه، يقول المؤرخ المتخصص في النفط والسياسة الخارجية للولايات المتحدة جريجوري برو إن السعوديين قد يكون لديهم بعض القدرة على زيادة إنتاج النفط قليلاً، أو حتى للإشارة إلى نيتهم لذلك وهو ما قد يكون مفيداً بالقدر نفسه.
وأضاف برو، وهو باحث زائر في معهد جاكسون للشؤون العالمية بجامعة ييل، لروزن، في مقابلة أجراها معها هذا الأسبوع، أن السعودية قد توافق على زيادة الإنتاج، قائلاً: "لا أعرف ما إذا كان بإمكانهم زيادة الإنتاج بأكثر من خمسمئة ألف برميل يومياً على المدى القريب، أو ربما مليون برميل يومياً على المدى الطويل، صحيح أنهم ظلوا متمسكين بجدول زيادة إنتاج (أوبك بلس) على مدى أشهر، لكن من المحتمل أن تكون لديهم طاقة فائضة أكبر".
ورأى برو أنه "حتى مجرد إعلان النية لزيادة الإنتاج سيكون له تأثير مهدئ في الأسعار"، مضيفاً: "صحيح أن هذا التأثير لن يكون كبيراً، لكنه سيؤثر بعض الشيء، لكن ستكون المشكلة هي ما إذا كانت السعودية ستجعل بقية أعضاء (أوبك بلس) يتماشون معها في هذا الأمر، فالوحدة تعد مسألة أساسية".
أمن الطاقة
من جانبه، قال البيت الأبيض إنه سيكون من الخطأ تقليص مناقشات الولايات المتحدة مع الرياض بشأن أمن الطاقة، بمطالبتهم بضخ المزيد من النفط فحسب، إذ يقول مسؤول مجلس الأمن القومي الأمريكي: "إن النظر إلى التعامل مع المملكة العربية السعودية بشأن أمن الطاقة، على أنه مجرد طلب للنفط هو ببساطة أمر خاطئ وسوء فهم لكل من تعقيدات هذه القضية ومناقشاتنا متعددة الأوجه مع السعوديين".
وأضاف مسؤول مجلس الأمن القومي: "ستتخذ (أوبك بلس) قراراتها كما كانت تفعل، ونحن نجري مشاورات مع المنتجين المعنيين بشأن ظروف السوق، بما في ذلك المملكة العربية السعودية."
وتقول داليا داسا كاي، وهي أستاذة العلوم السياسية في مؤسسة "راند"، وزميلة بارزة في مركز "بيركل" للعلاقات الدولية في جامعة كاليفورنيا: رغم هذه التفاصيل، فإن ما يمكن أن يحصل عليه كل جانب من عقد اجتماع رفيع المستوى، أمر شديد الأهمية بشكل واضح، كما لن تخلو رحلة بايدن إلى المملكة من المخاطر السياسية أيضاً.
وأضافت كاي: "رد فعلي الأول أنه من الخطورة للغاية أن يسافر بايدن إلى المملكة العربية السعودية، من دون أن يعرف ما الذي سيحصل عليه في المقابل، والحقيقة أننا نعلم ما يجب أن يكون هذا المقابل، وهو إنتاج النفط، ورغم ذلك، فإن الإدارة الأمريكية لن تقول ذلك".
وفي ما يتعلق بما إذا كانت زيارة الولايات المتحدة للسعودية، يمكن أن تكون في سياق الخطوات المحتملة لزيادة التطبيع السعودي الإسرائيلي، فإن بعض الخبراء يشيرون إلى أن المملكة ربما ليست مستعدة لاتخاذ خطوات علنية كبرى في هذه المرحلة.
أعادة التوازن
نقلت الكاتبة الأمريكية عن الصحفي الإسرائيلي، نداف إيال، الذي كان يغطي التحركات السعودية الإسرائيلية قوله لها: "لقد تحدثت مع مصدر أمريكي عاد من الرياض الأسبوع الماضي، الذي اقترح إبقاء الآمال الإسرائيلية متواضعة قدر الإمكان". وأضاف: "لا أستطيع أن أفهم سبب ذهاب بايدن إلى هناك، إذا لم يكن سيحصل على إنتاج النفط، إضافة إلى نوع من الإشارات الإقليمية الإيجابية، أما في ما يتعلق بالبنية الأمنية، فهي موجودة بالفعل، بما في ذلك هذه الاجتماعات المهمة".
بينما تقول الدكتورة سنام وكيل، نائبة مدير مركز "تشاتام هاوس"، كبيرة الباحثين في برنامجه للشرق الأوسط: "أعتقد أن إدارة بايدن تتطلع لإعادة التوازن إلى علاقتها بالمملكة، وكل هذه المناقشات التي نسمع عنها، جهود من الإدارة لإيجاد نقاط براجماتية تستطيع من خلالها إعادة ضبط العلاقات، التي ربما خرجت عن مسارها بالنسبة للجانبين."
وتابعت سنام وكيل: "أعتقد أن هناك مصالح متضاربة هنا، حيث أن لدينا وجهة النظر الإسرائيلية التي تفكر بجرأة كبيرة وعلى نطاق واسع، لدفع رواية التطبيع بوتيرة ربما تكون أسرع وأكثر طموحاً مما يرغب السعوديون فيه، لكن يجب أن يكون هذا الأمر على خطوات، فلا يمكن أن يحدث بهذه الوتيرة."
وأضافت: "أعتقد أن السعوديين يريدون إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة، لكن الشروط يجب أن تكون مناسبة للطرفين، إذ يبدو أن المملكة لم تعد تريد أن تكون مجرد ناقلة للنفط بعد الآن، كما تمثل حرب أوكرانيا فرصة للمنطقة، للتذكير وإعادة تأكيد النفوذ الذي تحظى به".
أما في ما يتعلق بالصحفي السعودي جمال خاشقجي، فإن أحد الخبراء الذين تواصلوا مع الإدارة الأمريكية، مؤخراً، قبل رحلة الخليج المحتملة، يقول إنه لا يتذكر أنه قد جرت مناقشة قتله مع الإدارة، حسب روزن.
إصلاح العلاقات
من جانبه، قال شابيرو، عبر "تويتر": إذا كان من الممكن التوصل إلى تفاهمات على القضايا الأساسية في العلاقة الثنائية مع المملكة، وقررت الإدارة المضي قدماً في الزيارة، فإن بايدن قد يجتمع مع عائلة خاشقجي، لنقل التركيز الأمريكي المستمر على الحاجة إلى المساءلة عن قتله.
بينما رأت تريتا بارسي من معهد "كوينسي" للأبحاث أن "ما يدفع إدارة بايدن لمحاولة إصلاح العلاقات مع الرياض، هو الاعتقاد بأننا ندخل عالماً جديداً من منافسة القوى العظمى، التي تتركز بشكل كبير على الصين"، مشيرة إلى أن "بعض الأشخاص في الإدارة يعتقدون أن الولايات المتحدة بحاجة للتأكد من أن السعوديين والإماراتيين متحالفون معها بشكل أكثر إحكاماً".
وتقول وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة ببناء شراكة استراتيجية مستدامة مع المملكة، إذ أكد المسؤول بالوزارة للكاتبة: "لقد تحدث كبار القادة الأمريكيين والسعوديين عن الأهمية الحاسمة للعلاقات الاستراتيجية، بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وكيف يمكنهم تقديم فوائد لكلا البلدين".